بسم الله الرحمن الرحيم
هل قبلة المسلمين قبل الكعبة هي صخرة القدس ؟
وممن جزم من العلماء بأن القبلة الأولى كانت صخرة بيت المقدس، وأنها كانت قبلةاليهود: شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه العلامة ابن القيم – رحمهما الله تعالى -.
كما أن الإمام ابن كثير – رحمه الله- عند تفسيره للآيات السابقة قد جزم بأن تلكالقبلة كانت الصخرة .
فقد قال – رحمه الله- بعد كلام تقدّم: ( وحاصل الأمرأنه قد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أمر باستقبال الصخرة من بيت المقدس،فكان بمكة بين الركنين، فتكون بين يديه الكعبة، مستقبل صخرة بيت المقدس، فلما هاجرإلى المدينة تعذر الجمع بينهما، فأمره الله بالتوجه إلى بيت المقدس، قاله، ابن عباسوالجمهور)
وأخيراً : لا شك أن اعتقاد كون الصخرة خاصة قبلة المسلمين الأولى يحتاج إلىدليل قطعي يعتمد عليه، ومهما كان الأمر، فعلى افتراض صحة ذلك فإن الأمر لا يعدوالقول بأن صخرة المقدس كانت قبلة للمسلمين فترة وجيزة، ثم نسخت بالكعبة .
حكم تقديس الصخرة
لا يجوز .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذه الصخرة (كانت قبلة، ثم نُسخت، وهي قبلة اليهود،فلم يبق في شريعتنا ما يوجب تخصيصها بحكم، كما ليس في شريعتنا ما يوجب تخصيص يومالسبت) (22 ).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- : ( لا تُستحب زيارة الصخرة، بل المستحب أنيصلى في قبليّ المسجد الأقصى الذي بناه عمر بن الخطاب للمسلمين)(24 ).
لقد وردت عدة أحاديث وآثار في فضل الصخرة، منها المرفوع والموقوف والمقطوع .
ولكن بعد التأمل فيها ودراسة أسانيدها اتضح أنها لا تنهض دليلاً على أنالصخرة مزية تُعظم لأجلها، ولهذا قطع العلامة ابن القيم – رحمه الله- بأن كل حديثفي الصخرة فهو كذب مُفترى(31 ).
إن تعظيم الصخرة وتقدسيها فيه مشابهة لليهود(27)، وقد أُمرنا بمخالفة الكفار،ونُهينا عن التشبه بهم وخاصة أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى .
ولهذا فإنعمر بن الخطاب – رضي الله عنه- حين كان في بيت المقدس لما أشار عليه كعب الأحبار أنيصلي خلف الصخرة أنكر عليه ذلك وقال: ( ضاهيت اليهودية، لا. ولكن أصلي حيث صلى رسولالله – صلى الله عليه وسلم-، فتقدم إلى القبلة فصلى) (28 ). مسند الإمام أحمد 1/38)
قال الإمام ابن كثير: إسناده جيد (البداية والنهاية 7/58 ). وقد أخرج القصة أيضاًمن طريق الإمام أحمد الحافظ ضياء الدين المقدسي في فضائل بيت المقدس ص87 .
ما فعله عمر ابن الخطاب رضي الله عنه عندما كنس عنها القمامة بردائه لا يدل على تعظيمها
قال الإمام ابن كثير – رحمه الله- بعد سياقه قصة عمر – رضي الله عنه-: (فلم يعظّمالصخرة تعظيماً يصلي وراءها وهي بين يديه، كما أشار كعب الأحبار - وهو من قوميعظمونها حتى جعلوها قبلتهم، ولكن منَّ الله عليه بالإسلام فهُدي إلى الحق – ولهذالما أشار بذلك قال له أمير المؤمنين عمر (ضاهيت اليهودية) ولا أهانها إهانةالنصارى، الذين كانوا قد جعلوها مزبلة، من أجل أنها قبلة اليهود، ولكن أماط عنهاالأذى، وكنس عنها الكناسة بردائة .
فائدة :
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية – عند كلامه عن بناء تلك القبة وسبب ذلك- أنه لم يكن علىعهد الخلفاء الراشدين على الصخرة قبة، بل كانت مكشوفة في خلافة عمر وعثمان وعليومعاوية ويزيد ومروان، ولكن لما تولى ابن عبدالملك الشام، ووقع بينه وبين ابنالزبير الفتنة المعروفة، كان الناس يحجّون فيجتمعون بابن الزبير، فأراد عبدالملك أنيصرف الناس عن ابن الزبير، فبنى القبة على الصخرة، وكساها في الشتاء والصيف ليرغّبالناس في زيارة بيت المقدس، ويشتغلوا بذلك عن اجتماعهم بابن الزبير(36 ).
فائدة :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- منكراً ذلك وأمثاله: ( وما يذكره بعضالجهال فيها – أي الصخرة - من أن هناك أثر قدم النبي – صلى الله عليه وسلم-، وأثرعمامته، وغير ذلك؛ فكله كذب، وأكذب منه من يظن أنه موضع قدم الرب) (37 ).
هذا مختصر من بحث للجديع