بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير المرسلين وامام الموحدين ,,, وبعد
رسالة من جوال زاد طالب العلم نصها : ( استشكل بعض الاخوة كلام البلوطي: " القائل اذا قال <ان عيسى رسول الله وكلمته> ولم يصل ذلك بأن يقول: <ألقاها الى مريم وروح منه> اوجب ان كلام الله مخلوق : لأن عيسى مخلوق , واذا كان عيسى مخلوقا وهو كلمة الله فكلمة الله مخلوقه! وتعالى الله عن ذلك .. وفي القول بهذا إيجاب القول بخلق القرآن "
ولتوضيحه يقال : ان المنع من قول : ان عيسى كلمته دون وصله بـ <ألقاها الى مريم وروح منه> هو منع لا لذات الاطلاق بل لما قد يترتب عليه من الايهام في بعض الاحوال وقد كان ذلك من جهتين :
1/ المعتزلة القائلين بخلق القرآن [وهي الجهة التي ذكرت في الرسالة]
2/ النصارى بادعائهم إلزامنا بأن عيسى غير مخلوق !
والخلاصة : ان قطع الطريق على تمويه تينك الطائفتين الملبستين يكون بوصله بما بعده ، والمنع من الشيء الجائز في ذاته سدا لمفاسد حادثة بعد زمن التشريع طريقة صحيحة بضوابطها ) ا.هـ
وقد رأيت ان ازيد على كلام الاخوة في جوال زاد فائدة للإمام احمد بن حنبل وشرح لإبن تيمية:
قال الامام احمد رحمه الله تعالى في "الرد على الزنادقة" :( وكذبت النصارى والجهمية على الله تعالى في امر عيسى وذلك ان الجهمية قالوا: عيسى روح الله وكلمته الا ان كلمته مخلوقه .
وقالت النصارى: عيسى روح الله من ذات الله وكلمة الله من ذات الله كما يقال: ان هذه الخرقة من هذا الثوب .
وقلنا نحن : ان عيسى بالكلمة كان وليس عيسى هو الكلمة واما قول الله :{ وروح منه } يقول : من امره كان الروح فيه كقوله:{وسخر لكم ما في السماوات وما في الارض جميعا منه} يقول من امره ) ا.هـ
قال شيخ الاسلام رحمه الله ( ان النصارى الحلولية والجهمية المعطلة اعترضوا على اهل السنة فقالت النصارى : القرآن كلام الله غير مخلوق والمسيح كلمة الله فهو غير مخلوق ، وقال الجهمية : المسيح كلمة الله وهو مخلوق والقرآن كلام الله يكون مخلوقا !!
واجاب احمد وغيره : بأن المسيح نفسه ليس هو كلاما فإن المسيح انسان وبشر مولود من امرأة وكلام الله ليس بإنسان ولا بشر ولا مولود من امرأة ولكن المسيح خلق بالكلام ، واما القرآن فهو نفسه كلام الله ، فأين هذا من هذا ؟! وقد قيل : اكثير اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الاسماء وما من عاقل اذا سمع قوله تعالى في المسيح - عليه السلام - : انه كلمته ألقاها الى مريح الا يعلم انه ليس المراد ان المسيح نفسه كلام الله ولا انه صفة الله ولا خالق ) انتهى كلامه من "الجواب الصحيح" .
ثم قال رحمه الله "درء التعارض" (فإن الجهمية النفاة يشبهون الخالق تعالى بالمخلوق في صفات النقص كما ذكر الله تعالى عن اليهود انهم وصفوه بالنقائص ، وكذلك الجهمية النفات اذا قالوا : هو في نفسه لا يتكلم ولا يحب ونحو ذلك من نفيهم ) ا.هـ
من كتاب الرد على الزنادقة والجهمية بتحقيق دغش العجمي .