تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: التوحيد والوحدانية عند الأشاعرة

  1. #1

    افتراضي التوحيد والوحدانية عند الأشاعرة

    التوحيد والوحدانية عند الأشاعرة
    إن الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ,وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد :
    لعل أخطر القضايا التي أخطأ بها المتكلمون كالأشاعرة قضية تقرير الوحدانية لله سبحانه وتعالى والتي لا يتعدى هذا التقرير إثبات الربوبية لله سبحانه وتعالى ؛ وفيه إغفال عظيم لتوحيد الألوهية والعبودية لله سبحانه وتعالى الذي هو الهدف والمقصد الأول من دعوة الرسل والأنبياء .
    فجعلوا أخص صفات الإله القدرة على الاختراع ومعلوم أن هذا لا يتعدى توحيد الربوبية ومعلوم أن العرب الذين بعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا لا يشكون بكون الرب سبحانه هو الخالق والرازق.

    أمثلة لأقوال المتكلمين في تقرير الوحدانية لله .
    قال أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري: إذا كان الخالق على الحقيقة هو الباري تعالى لا يشاركه في الخلق غيره فأخص وصفه تعالى هو: القدرة على الاختراع. قال: وهذا هو تفسير اسمه تعالى الله .
    الملل والنحل (1/93)
    وقال الجويني : صانع العالم واحد عند أهل الحق والواحد الحقيقي هو الشيء الذي لا ينقسم ,والدليل على وحدانية الإله أنا لو قدرنا إلهين اثنين وفرضنا عرضين ضدين وقدرنا إرادة أحدهما لأحد الضدين وإرادة الثاني للثاني فلا يخلو من أمور ثلاثة إما أن تنفذ إرادتهما أو لا تنفذ إرادتهما أو تنفذ إرادة أحدهما دون الآخر .
    واستحال أن تنفذ إرادتهما لاستحالة اجتماع الضدين واستحال أيضا ألا تنفذ إرادتهما لتمانع الإلهين وخلو المحل عن كلا الضدين .
    فإذا بطل القسمان تعين الثالث وهو أن لا تنفذ إرادة أحدهما دون الآخر فالذي لا تنفذ إرادته فهو المغلوب المقهور المستكره , والذي نفذت إرادته فهو الله القادر على تحصيل ما يشاء .
    لمع الأدلة (86)
    وقال الرازي في كتابه الإشارة : في أن الله تعالى واحد لا شريك له
    اتفق العقلاء على استحالة موجودين متماثلين واجبي الوجود , والثنوية أثبتوا النور والظلمة ونسبوا الخيرات كلها إلى النور والشرور كلها إلى الظلمة ...
    والحجة المشهورة في إثبات الوحدانية أن يقال لو قدرنا إلهين لكان لا يخلو إما أن يصح اختلافهما في الإرادة .. فذكر نحو ما ذكره الجويني .
    الإشارة في أصول الكلام (234)
    وفي شرح العقائد النسفية للتفتازاني عند قول الماتن :والمحدث للعالم هو الله تعالى الواحد .
    قال :يعني صانع العالم واحد ولا يمكن أن يصدق مفهوم واجب الوجود إلا على ذات واحدة والمشهور في ذلك بين المتكلمين برهان التمانع المشار إليه بقوله تعالى :{ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } وتقريره أنه لو أمكن إلهان لأمكن بينهما تمانع بأن يريد أحدهما حركة زيد والآخر سكونه ... .

    نقد تقريرهم في الوحدانية
    قال شيخ الإسلام : وبهذا وغيره : يعرف ما وقع من الغلط في مسمى التوحيد فإن عامة المتكلمين الذين يقررون التوحيد في كتب الكلام والنظر : غايتهم أن يجعلوا التوحيد ثلاثة أنواع فيقولون : هو واحد في ذاته لا قسم له وواحد في صفاته لا شبيه له وواحد في أفعاله لا شريك له .
    وأشهر الأنواع الثلاثة عندهم هو الثالث وهو ( توحيد الأفعال ) وهو أن خالق العالم واحد وهم يحتجون على ذلك بما يذكرونه من دلالة التمانع وغيرها ويظنون أن هذا هو التوحيد المطلوب وأن هذا هو معنى قولنا لا إله إلا الله حتى قد يجعلوا معنى الإلهية القدرة على الاختراع .
    ومعلوم أن المشركين من العرب الذي بعث اليهم محمد صلى الله عليه وسلم أولا : لم يكونوا يخالفونه في هذا بل كانوا يقرون بأن الله خالق كل شيء حتى أنهم كانوا يقرون بالقدر أيضا وهم مع هذا مشركون .
    فقد تبين أن ليس في العالم من ينازع في أصل هذا الشرك ولكن غاية ما يقال : إن من الناس من جعل بعض الموجودات خلقا لغير الله كالقدرية وغيرهم لكن هؤلاء يقرون بأن الله خالق العباد وخالق قدرتهم وإن قالوا إنهم خلقوا أفعالهم .
    وكذلك أهل الفلسفة والطبع والنجوم الذين يجعلون أن بعض المخلوقات مبدعة لبعض الأمور هم مع الإقرار بالصانع يجعلون هذه الفاعلات مصنوعة مخلوقة لا يقولون أنها غنية عن مشاركة له في الخلق فأما من أنكر الصانع فذاك جاحد معطل للمصانع كالقول الذي أظهر فرعون .
    والكلام الآن مع المشركين بالله المقرين بوجود فإن هذا التوحيد الذي قرروه لا ينازعهم فيه هؤلاء المشركون بل يقرون به مع أنهم مشركون كما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع وكما علم بالاضطرار من دين الإسلام .
    وكذلك ( النوع الثاني ) - وهو قولهم : لا شبيه له في صفاته - فإنه ليس في الأمم من أثبت قديما مماثلا له في ذاته سواء قال أنه يشاركه أو قال : أنه لا فعل له بل من شبه به شيئا من مخلوقاته فإنما يشبه به في بعض الأمور .
    وقد علم بالعقل بامتناع أن يكون له مقل في المخلوقات يشاركه فيما يجب أو يجوز أو يمتنع عليه فإن ذلك يستلزم الجمع بين النقيضين كما تقدم ...
    وكذلك ( النوع الثالث ) وهو قولهم : هو واحد لا قسيم له في ذاته أولا جزء له أولا بعض له لفظ مجمل فإن الله سبحانه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فيمتنع عليه أن يتفرق أو يتجزأ أو يكون قد ركب من أجزاء لكنهم يدرجون في هذا اللفظ نفي علوه على عرشه ومباينته لخلقه وامتيازه عنهم ونحو ذلك من المعاني المستلزمة لنفيه وتعطيله ويجعلون ذلك من التوحيد فقد تبين أن ما يسمونه توحيدا : فيه ما هو حق وفيه ما هو باطل, ولو كان جميعه حقا ؛فإن المشركين إذا أقروا بذلك كله لم يخرجوا من الشرك الذي وصفهم به في القرآن وقاتلهم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بل لا بد أن يعترفوا أنه لا اله إلا الله .
    وليس المراد ( بالإله ) هو القادر على الاختراع كما ظنه من ظنه من أئمة المتكلمين حيث ظن أن الإلهية هي القدرة على الاختراع دون غيره وأن من أقر بأن الله هو القادر على الاختراع دون غيره فقد شهد أن لا إله إلا هو .
    فإن المشركين كانوا يقرون بهذا وهم مشركون كما تقدم بيانه بل الإله الحق هو الذي يستحق بأن يعبد فهو إله بمعنى مألوه لا إله بمعنى آله والتوحيد أن يعبد الله وحده لا شريك له والإشراك أن يجعل مع الله إلها آخر .
    وإذا تبين أن غاية ما يقرره هؤلاء النظار أهل الإثبات للقدر المنتسبون إلى السنة إنما هو توحيد الربوبية وإن الله رب كل شيء ومع هذا فالمشركون كانوا مقرين بذلك مع أنهم مشركون ...
    ومعلوم أن هذا هو تحقيق ما أقر به المشركون من التوحيد ولا يصير الرجل بمجرد هذا التوحيد مسلما فظلا عن أن يكون وليا لله أو من سادات الأولياء .
    التدمرية (108)
    دليل التمانع أورده الله لتقرير الألوهية والربوبية وليس فقط لتقرير الربوبية كما يظن المتكلمون
    وقال شيخ الإسلام : ومن عبد من دونه شيئا من الأشياء فهو مشرك به ليس بموحد مخلص له الدين وإن كان مع ذلك قائلا بهذه المقالات التي زعموا أنها التوحيد حتى لو أقر بأن الله وحده خالق كل شئ وهو التوحيد في الأفعال الذي يزعم هؤلاء المتكلمون أنه يقر أن لا إله إلا هو ويثبتون بما توهموه من دليل التمانع وغيره لكان مشركا وهذه حال مشركي العرب الذين بعث الرسول إليهم ابتداء وأنزل القرآن ببيان شركهم ودعاهم إلى توحيد الله وإخلاص الدين له فإنهم كانوا يقرون بأن الله وحده هو الذي خلق السموات والأرض كما أخبر الله بذلك عنهم في القرآن كما في قوله{ ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله} .. .
    بيان تلبيس الجهمية (1|479)

    ولعل قولهم أن التوحيد معناه : واحد في ذاته لا قسم له ... متأثر بقول الفلاسفة فأفلاطون :" كان يقول عن الوجود الأول أو الواحد : هو واحد من جميع الوجوه، واحد فـي التصور الذهني، وواحد في الواقع، لا توجد فيه كثرة بأي اعتبار، والتركيب لا يتطـرق إليه بأي وجه من الوجوه ".
    دراسة في الفلسفة اليونانية (42) للدكتور صالح الرقب
    وكقول الكندي من فلاسفة المسلمين عن الرب : أزلي واحد بإطلاق لا يسمح بأية كثرة، ولا تركيب .
    والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    964

    افتراضي رد: التوحيد والوحدانية عند الأشاعرة

    بارك الله فيكم ..
    حبذا جمع مقالاتكم عن " الأشاعرة " في ملف واحد ، يُضاف عليه بعد حين وآخر .

  3. #3

    افتراضي رد: التوحيد والوحدانية عند الأشاعرة

    وفيكم بارك الله شيخنا الفاضل

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    214

    افتراضي رد: التوحيد والوحدانية عند الأشاعرة

    جزاك الله خيرا وأوافق رغبة الشيخ الخراشي

  5. #5

    افتراضي رد: التوحيد والوحدانية عند الأشاعرة

    جزاك الله خيرا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •