تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: من درر الرسائل (4): رسالة للشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله

  1. #1

    افتراضي من درر الرسائل (4): رسالة للشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله

    من درر الرسائل (4)
    رسالة
    الشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله تعالى
    (1267-1349)
    إلى بعض أجلة علماء الدعوة السلفية
    فيها التذكير والترهيب من موالاة المشركين
    اعتنى بها ونشرها
    الفقير إلى عفو ربه العلي
    بدر بن علي بن طامي العتيبي
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    أما بعد:
    فهذه رسالة من درر الرسائل لشيخ مشايخنا العلامة سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله تعالى، ومضمونها تذكير أجلة علماء الإسلام الترهيب من موالاة المشركين ووجوب بيان ذلك والتصريح به.
    وباب موالاة المشركين فتح على مصراعيه في هذا الزمان عند الخاص والعام!، ولا يكاد يوجد من يجرؤ على النداء بمعاداة المشركين، و وجوب مفاصلتهم، ومن تكلم بشيءٍ من ذلك رمي بأبشع التهم، وأقبح الأوصاف، جهلاً منهم بحقيقة من تكلم في هذا الباب، وخلطاً بين من يتكلم عن أصلٍ شرعي ينادي وينافح من دونه، ومن ينادي لمقاصد شخصية حزبية، ورغبة في الخروج على السلطان وتلمس عثراته، وليس هذا الباب من ذلك الشأن، فالقصد هو تمام النصح بمفاصلة المشركين، ونصيحة الراعي والرعية بذلك، وعدم نزع اليد من الطاعة، ولا حمل السلاح على السلطان ولا تأليب الناس عليه، وهذا مقام العدل بين الفريقين، ومنهاج الحق بين الطائفتين، فقد بلينا اليوم بفكي ضلالة تلتهم الدين والبلاد والعباد!.
    إما خارجي مارد، يستبيح المحرمات، وينتهك الحرمات، ويكفر المسلمين، ويخرج على ولي أمرهم.
    وإما مرجئ لعين، يلعب بالدين، ويقرّب المشركين، ويهدم حدود الشريعة، ويزين الحرام بل الكفر والإجرام لعموم الناس تحت شعارات شيطانية بليت به الأمة اليوم من "عصرية المواجهة" و" الرأي والرأي الآخر" و"وفاق الحضارات والثقافات" وغير ذلك من الرايات الشيطانية التي منتهاها تكذيب قول الله وقول رسول الله ، والله تعالى يقول بأنهم لن يرضوا عنا ولو فرشنا لهم الأرض ذهباً، وظللنا عليهم بمهج أعيننا، وأعطيناهم كل ما نملك حتى نرجع عن ديننا، فالحرب حرب أديان، قال تعالى: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ(البقرة:120)
    وقال تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(البقرة:109).
    وأنشدوا:
    كل العداوة قد تُرْجى مودتها ****** إلا عداوة من عاداك في الدين
    وإلا ماذا كان في يد بلال بن رباح ررر من جاه وملك؟!.
    عبد مملوك، ومسكين كسير، يباع ويُشترى!، يُلحِقُون به أشد النكاية، ويعذبونه أشد التعذيب، هو وأمثاله من أصحاب رسول الله وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ(البروج:8).
    وإن العزة كل العزة في إعلان مفاصلة المشركين والبراءة منهم، وهي ملة الحنفاء الموحدين كما قال تعالى: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ العَدَاوَةُ وَالبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَن َّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ (الممتحنة:4).
    وبذلك تكون علامة سلامة التوحيد لرب العالمين، وحقيقة الإتباع لسيد المرسلين، صدق الانتماء لهذا الدين.
    قال أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي: (إذا أردت أن تعرف محل الإسلام من أهل الزمان ، فلا تنظر على ازدحامهم في أبوب المساجد، ولا إلى ضجيجهم بلبيك، ولكن انظر إلى مواطئتهم لأعداء الشريعة).
    وصدق فيما قال رحمه الله تعالى، كيف وقد أعد الله تعالى للصادقين المخلصين الذين فاصلوا المشركين، وتبرءوا من الملحدين بهبات زكيّة، ومناقب عليّة، فقال عز وجل: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ المُفْلِحُونَ (المجادلة:22).
    قلت في كتابي "المحصول شرح ثلاثة الأصول"(1): وقد منح الله عز وجل من بلغ هذه المنزلة في هذه الآية خاصة بتسع هبات وهي :
    الأولى : كتب الله في قلوبهم الإيمان.
    والثانية: أيدهم الله ونصرهم.
    والثالثة: منحهم الله عز وجل الجنة.
    والرابعة: أنها جنان لا جنة واحدة.
    والخامسة: كتب الله لهم الخلود.
    والسادسة: رضوان الله عنهم.
    والسابعة: رضاهم عن الله.
    والثامنة: كتب الله لهم الفلاح في الدنيا والآخرة.
    والتاسعة: كون الله عز وجل أضافهم إلى حزبه، انتهى.
    فما أعظم ما وقع على كثيرٍ من الذل في الدنيا والدين، والحرمان من فضل الله الثمين، والله المستعان.
    ولن أترجم للشيخ سعد بن عتيق لشهرته وجلالته، وقد ترجمتُ له بتوسع في مقدمة تحقيقي لإجازته لشيخ مشايخنا الشيخ العلامة محمد بن عبداللطيف، وهو مطبوع، ولله الحمد والمنة.
    والرسالة التي بين أيدينا طبعت ضمن "الدرر السنية" (14/355-362) و"المجموع المفيد من رسائل وفتاوى الشيخ سعد بن حمد بن عتيق" (ص:99-104).
    وقد قمتُ بتعديل بعض ما فيها من تصحيف، والتعليق المختصر عليها، والقصد نشرها عبر الشبكة العنكبوتية ليستفيد منها من نظر فيها من إخواني المسلمين.
    واللهَ أسأل أن يجعل هذا العمل لوجهه خالصاً، منجياً من غضبه، جالباً لعفوه ورضوانه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    وكتب
    بدر بن علي بن طامي العتيبي
    صبيحة يوم الخميس 24 صفر 1430هـ
    *******
    بسم الله الرحمن الرحيم
    من سعد بن عتيق، إلى الإخوان المكرمين، الشيخ: عبد الله بن عبد اللطيف، وإبراهيم بن عبد الملك، وصالح بن محمد الشثري، وزيد بن محمد آل عمر آل سليم، جعلهم الله من المتبعين للسنة والقرآن، المجاهدين في الله باليد والقلب واللسان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    وبعد: فأحمد إليكم الله الذي لا إله غيره، ولا رب سواه، وأسأله أن يصلي على عبده ورسوله محمد، الذي اختاره واصطفاه، وجعل الهدى والسعادة في اتباع ما جاء به والأخذ بهداه، وحكم بالضلال والشقاوة، على من خالف هديه واتبع هواه.
    وقد عرفتم ما حصل في هذه الأزمنة من غربة الدين، وترادف الشرور وكثرة المفتونين، الذين اجتالتهم الشياطين عن دينهم، حتى إن العاقل يخاف من اجتثاث أصل الإسلام، واستئصاله بالكلية، حتى لا يبقى منه شيء.
    وسبب ذلك هو الإعراض عما جاء به محمد من السنة، والخروج عن حكم الكتاب الذي أنزله الله هدى ورحمة، وجعله مخرجا للناس من الظلمة، وتوعد بالعذاب من صدف عنه وخالف حكمه.
    وفي الحديث، عن علي ررر قال: قال رسول الله : (ستكون فتن)، قلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟.
    قال: (كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله) الحديث.
    وأعظم أنواع الإعراض أو أكبر أسباب الفتنة في الأرض والفساد الكبير: ما صدر من بعض الخلوف، من موالاة المشركين واتخاذ الولايج من دون الله ورسوله والمؤمنين، فإنهم صاروا فتنة للمفتونين، ومحنة على المؤمنين.
    ولأجل ذلك صار الناس بين مأجور ومعذور، وآخر قد غره بالله الغرور.
    فمن الناس من عرف الحق وترك بيانه، وأطاع في معصية ربه نفسه وشيطانه، وكتم ما أنزل الله من البينات والهدى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (البقرة: 140).
    ومنهم: مَن اعتقد الباطل حقاً، والخطأ صواباً، واستحسن موالاة أهل الكفر والارتياب، وعمي عما تضمنته نصوص الكتاب: وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (فصلت: 41-42).
    وقد حرم الله موالاة الكافرين، في غير موضع من كتابه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (المائدة:51).
    وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ (الممتحنة:1).
    وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (المائدة:57).
    وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آَبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (التوبة:23).
    وقد نفى الله الإيمان عمن تولاهم، وأخبر أنه من الفاسقين والظالمين، وتوعده بمسيس النار، فقال تعالى: تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُون (سورة المائدة: 80-81).
    وقال تعالى: وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (هود:113).
    وأعظم من هذا قوله: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (محمد: 25-28)(1).
    وهذه الآيات وأشباهها: تدل على التغليظ، والتشديد في موالاة من كفر بالله.
    وقد ذكر بعض العلماء: أن هذه الآيات، تتناول من ترك جهادهم، وسكت عن عيبهم، وألقى إليهم السلم، فإن انضم إلى ذلك: إظهار الثناء عليهم، ونشر فضائلهم، والدخول في طاعتهم، وإعانتهم على أهل الإسلام، وحماية حماهم، فالأمر أشد وأعظم.
    ولا يخفى على عارف أن هذه الأمور من أكبر أسباب هدم الإسلام والإيمان، وأعظم الذرائع إلى هجر السنة والقرآن، وظهور الشرك والكفر بالملك الديان، وتعطيل أسمائه وصفاته، وإلغاء حججه وبيناته.
    وقد قصر كثير من الناس، في بيان ما أوجب الله عليهم بيانه، وتركوا الانتصار لله، والدعوة إلى سبيله، والنصيحة لله، ولكتابه ولرسوله.
    ومن أعظم الواجبات: مناصحة ولي أمر المسلمين ودعوته إلى ما فيه صلاحه وفلاحه، من القيام بأمر الله، والدعوة إلى توحيده وطاعته، وإحياء شعائر الإسلام، التي قد عطلت على كثير من الرعايا.
    ومن أعظم الواجبات أيضاً: بيان ما أوجبه الله من جهاد المشركين، ومعاداة الكافرين، والحرص على مراغمتهم، وإدخال الحزن عليهم، وإيصال المكروه إليهم، أخذا بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً (التوبة:123).
    وقوله تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ (المائدة:54).
    فإن حصل منه ذلك، فهو ذروة السنام، وبه الصلاح في الدين والدنيا، لا كما زعم كثير من الجهال والطغام.
    فإن لم يحصل منه، رضينا منه بالمقاطعة، وترك الهدايا، وعدم الموالاة.
    فإن كان ولا بد قنعنا من الأمير بتركهم ومن أرادهم بسوء من أهل الإسلام.
    ثم انظروا هل وراء ذلك حبة من خردل من إيمان.
    وهذا كتاب الله وسنة رسوله وسيرة خلفائه الراشدين، فيها الهدى والنور، وقد كتبنا للأمير شيئا مما ذكرنا في بعض الخطوط(1)، إجمالا وتفصيلاً، ولما اجتمعنا نحن وهو في سنة ست وثلاثمائة وألف، أكثرنا عليه في ذلك، وذكرنا له شيئاً من الأدلة: لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (الأنفال:42).
    وقد رأى كثير من الناس: السكوت عن الحق، والإعراض عن بيان ما بينه الله في كتابه رأيا متيناً!، وظنوا حصول السلامة لهم مع ذلك، كأنهم لم يسمعوا قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ (البقرة: 159).
    وقد قيل:
    وقد أخذ الرحمن جل جلاله **** على من حوى علم الرسول وعلما
    بنصح جميع الخلق فيما ينوبهم **** ولا سيما فيما أحل وحرما
    فناصح بني الدنيا في ترك ابتداعهم ***** فقد صيروا نـور الشـريعة مظلما
    فينبغي لكم مناصحة الأمير سلمه الله(1)، وبذل الجهد في دعوته إلى أسباب الفوز والسعادة مما ذكرنا، فإنه ربما اغتر بسكوت من يحسن بهم الظن من أهل العلم والدين.
    وقد عرفتم أنه لا صلاح للدين، ولا استقامة له، إلا بذلك، وأرجو أن ذلك قد صدر له منكم، وتكرر؛ فإن الظن بكم جميل، فقد من الله عليكم، ووهبكم من العلم به، وأسمائه وصفاته، والبصيرة في حججه وآياته، ما برزتم به على من سواكم.
    والأمر على أهل العمل والإيمان، أعظم منه على غيرهم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ (المائدة: 67).
    وقال: فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً (الفرقان:52).
    وقد علمتم ما كان عليه مشايخكم وقراؤكم الذين مضوا، رحمهم الله، من السيرة المرضية، والحمية الدينية، وبذل الوسع في نصرة الملة الحنيفية، والنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، بإقامة الحجج والبراهين، وبيان ما وجب من معاداة الكافرين، والنهي عن موالاة المشركين.
    وقد ابتلاكم الله تعالى بأن جعلكم خلائف في الأرض من بعدهم لينظر كيف تعملون، وسوف يسألكم عما تعملون.
    وقد اشتد البلاء بعد أولئك الأفاضل، وتواترت الفتن، وعظمت الخطوب والمحن، وهجر كثير من السنن، وغلب الجهل والهوى، وكثر الخوض والمراء، وحُطِّمَت ألوية الهدى، وحكمت الطواغيت، وضيعت الحدود، وهدمت الأركان، وعزل كثير من أحكام السنة والقرآن، ووضعت القوانين، واستحكمت غربة الدين، وانتشرت مسبة المؤمنين.
    وعظمت الفتنة بعباد الأوثان والأصنام، وظهرت موالاتهم من كثير من أهل الإسلام، وصار المعروف منكراً والمنكر معروفاً، والبدعة سنة، والسنة بدعة، ونزل بربوع الإسلام، وحل بمعاقل الإيمان، ما حلَّ نظام الإسلام، وشتتَ شمل الإيمان.
    فاتقوا الله عباد الله: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله (البقرة:281). وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (الحديد: 16).
    وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم حرر في شهر الصوم سنة تسع وثلاثمائة وألف، انتهى.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: من درر الرسائل (4): رسالة للشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله

    بارك الله فيكم وفي الشيخ بدر ، وأسأله - جل وعلا - أن ينفع بجهودكم ،،،
    « الحمد لله وحده »

  3. افتراضي رد: من درر الرسائل (4): رسالة للشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله

    جزاك الله خيرا

  4. افتراضي رد: من درر الرسائل (4): رسالة للشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله

    جزاك الله خيرا

  5. #5

    افتراضي رد: من درر الرسائل (4): رسالة للشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله

    في مطلع الرسالة كتب
    ""بسم الله الرحمن الرحيممن سعد بن عتيق، إلى الإخوان المكرمين، الشيخ: عبد الله بن عبد اللطيف، وإبراهيم بن عبد الملك، وصالح بن محمد الشثري، وزيد بن محمد آل عمر آل سليم، جعلهم الله من المتبعين للسنة والقرآن، المجاهدين في الله باليد والقلب واللسان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.""

    لا حظ ما تحته خط وباللون الأحمر أسماء سقط منها اسم "" محمد"" حيث كتبت هكذا
    "وزيد بن محمد آل عمر آل سليم، "

    والصحيح

    " زيد بن محمد و محمد آل عمر آل سليم "

    فآمل من الأخ الناقل أو المعتني بالسالة التنبه لهذا الأمر

    حيث أن زيد بن محمد عالم
    و محمد آل عمر آل سليم عالم آخر

    ولذا وجب التنبيه

    وشكرا

  6. #6

    افتراضي رد: من درر الرسائل (4): رسالة للشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الحسن الأزهري مشاهدة المشاركة
    ومن أعظم الواجبات: مناصحة ولي أمر المسلمين ودعوته إلى ما فيه صلاحه وفلاحه، من القيام بأمر الله، والدعوة إلى توحيده وطاعته، وإحياء شعائر الإسلام، التي قد عطلت على كثير من الرعايا.ومن أعظم الواجبات أيضاً: بيان ما أوجبه الله من جهاد المشركين، ومعاداة الكافرين، والحرص على مراغمتهم، وإدخال الحزن عليهم، وإيصال المكروه إليهم، أخذا بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً (التوبة:123).
    وقوله تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ (المائدة:54).
    فإن حصل منه ذلك، فهو ذروة السنام، وبه الصلاح في الدين والدنيا، لا كما زعم كثير من الجهال والطغام.
    فإن لم يحصل منه، رضينا منه بالمقاطعة، وترك الهدايا، وعدم الموالاة.
    فإن كان ولا بد قنعنا من الأمير بتركهم ومن أرادهم بسوء من أهل الإسلام.
    ثم انظروا هل وراء ذلك حبة من خردل من إيمان.
    بارك الله فيكم ورحم الإمام الشيخ سعد بن حمد بن عتيق
    سُبْحَانَ رَبّكَ رَبّ الْعِزّةِ عَمّا يَصِفُونَ * وَسَلاَمٌ عَلَىَ الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ للّهِ رَبّ

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي


    انشروا مثل هذه الرسائل النافعة في زمان انتفخ فيه الرويبضات وتعاون البعض مع الروافض وتحالف مع الصليبيين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •