تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 16 من 16

الموضوع: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

    بسم الله الرحمن الرحيم

    في رد شبهة قبوري بآية :
    ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾ [ الكهف : 21 ]


    بقلم : فضيلة الشيخ الدكتور محمد علي فركوس - حفظه الله -



    الحمدُ لله ربِّ العالمين ، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين ، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين ، أمَّا بعد :


    ففي محاولة الهجوم على دعوة التوحيد وتحقير الدعاة إليه وتهوين مكانتهم ، وجعل قضية المساجد التي بها قبور قضية فقهية فرعية لا ترقى في أن تكون سببًا للتهوين في التفريق بين المسلمين والتنابز بالألقاب والتباعد والهجران ، وفي ظل تعظيم القبور والمشاهد والأضرحة تولى من يؤيِّد تشييد المساجد عليها واعتبار أن الصلاة فيها تصل إلى درجة الاستحباب بالانتصار لهذا المعتقد بشبهة من آية من سورة الكهف في قوله - تعالى - : ﴿ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾ [ الكهف : 21 ] ، حيث قال - هداه الله - :

    « ووجه الاستدلال بالآية أنَّها أشارت إلى قصَّة أصحاب الكهف ، حينما عثر عليهم الناس ، فقال بعضهم : نبني عليهم بُنيانًا ، وقال آخرون : لنتَّخذنَّ عليهم مسجدًا .
    والسياق يدلُّ على أنَّ الأَوَّل : قول المشركين ، والثاني : قول الموحِّدين ، والآية طرحت القولين دون استنكار ، ولو كان فيهما شيء من الباطل لكان من المناسب أن تشير إليه ، وتدلُّ على بطلانه بقرينة ما ، وتقريرها للقولين يدلُّ على إمضاء الشريعة لهما ، بل إنَّها طرحت قول الموحِّدين بسياقٍ يفيد المدح ، وذلك بدليل المقابلة بينه وبين قول المشركين المحفوف بالتشكيك ، بينما جاء قول الموحِّدين قاطعًا ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ ﴾ نابعًا من رؤية إيمانية ، فليس المطلوب عندهم مجرَّد البناء ، وإنَّما المطلوب هو المسجد . وهذا القول يدلُّ على أنَّ أولئك الأقوام كانوا عارفين بالله معترفين بالعبادة والصلاة .

    قال الرازي في تفسير ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴾ :نعبد الله فيه ، ونستبقي آثارَ أصحاب الكهف بسبب ذلك المسجد ( «تفسير الرازي» (11/106) ) .

    وقال الشوكاني : ذكر اتخاذ المسجد يُشعر بأنَّ هؤلاء الذين غلبوا على أمرهم هم المسلمون ، وقيل : هم أهل السلطان والملوك من القوم المذكورين ، فإنهم الذين يغلبون على أمر من عداهم ، والأوَّل أولى («فتح القدير» في التفسير للشوكاني (3/277) ) .

    وقال الزجاجي : هذا يدلُّ على أنَّه لما ظهر أمرهم غلب المؤمنون بالبعث والنشور ؛ لأنَّ المساجد للمؤمنين . هذا بخصوص ما ذكر في كتاب الله فيما يخصُّ مسألة بناء المسجد على القبر » .


    وبعد الأمانة في النقل أقول - وبالله التوفيق والسداد - :

    فلا دلالة في الآية على جواز الصلاة بالمسجد الذي به ضريح أحدِ الأنبياء عليهم السلام أو الصالحين ، بَلْهَ أن تصل إلى درجة الاستحباب ؛ لأنَّ غاية ما يدل عليه أنَّ الذين اتخذوا مسجدًا على قبور الصالحين كانوا من النصارى الذين لعنهم النبيُّ - صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم - كما صرَّح به غير واحدٍ من أهل التفسير ، وقد بَيَّن النبيُّ - صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - إنكاره هذا الصنيع المسنون لليهود والنصارى في أربعة عشر حديثًا منها :


    - حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - في مرضه الذي لم يقم منه : « لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ » . لَوْلاَ ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ خُشِيَ أن يُتخذَ مَسجدًا ( أخرجه البخاري : كتاب الجنائز ، باب ما جاء في قبر النبي وأبي بكر وعمر فأقبره : (1324) ، ومسلم : كتاب المساجد ومواضع الصلاة : (1184) ) .

    - وعن عائشة وابن عباس - رضي الله عنهم - قَالاَ : لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولَ اللهِ ، طَفِقَ يَطْرَحُ خمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ ، فَقَالَ وَهُوَ كَذلِكَ : « لَعْنَةُ اللهُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارى . اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ » يُحَذِّرُ مِثْلَ الَّذِي صَنَعُوا ( أخرجه البخاري : كتاب المساجد ، باب الصلاة في البيعة : (425) ، ومسلم ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة : (1187) ) .

    - وعن جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - أنه سَمِعَ النَّبِيَّ ، قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ ، وَهُوَ يَقُولُ : « ... أَلاَ وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ ، أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ . إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذٰلِكَ » ( أخرجه مسلم ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة : (1188) ) .

    - وعن عائشة - رضي الله عنها - : لَمَّا كانَ مَرَضُ رسولِ الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - تَذَاكَرَ بعضُ نسائِهِ كنيسةً بأرضِ الحَبَشَةِ يقال لها مَارِيَةُ ، وقد كانتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ حَبِيْبَةَ - رضي الله عنهما - قد أَتَتَا أرضَ الحَبَشَةِ فَذَكَرْنَ من حُسْنِهَا وتصاوِيْرِهَا قالتْ : فقالَ النبيُّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - : « إنَّ أُولَئِكِ إِذَا كَانَ فِيْهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا ثُمَّ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ ، أُولِئَِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللهِ » ( أخرجه البخاري : كتاب المساجد ، باب الصلاة في البيعة : (424) ، ومسلم ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة : (1181) ، واللفظ للبيهقي في « السنن الكبرى » : (7321) ).

    قال القرطبي - رحمه الله - : « قال علماؤنا : ففعل ذلك أوائلهم ليتأنَّسوا برؤية تلك الصُّوَر ويتذكَّروا أحوالهم الصالحة فيجتهدون كاجتهادهم ويعبدون الله - عزَّ وجلَّ -عند قبورهم ، فمضت لهم بذلك أزمان ، ثمَّ أنهم خَلَف من بعدهم خلوف جهلوا أغراضهم ، ووسوس لهم الشيطان أنَّ آباءكم وأجدادكم كانوا يعبدون هذه الصورة فعبدوها ؛ فحذَّر النبيُّ - صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم - عن مثل ذلك ، وشدَّد النكير والوعيد على من فعل ذلك ، وسدَّ الذرائع المؤدِّية إلى ذلك ، فقال : " اشتدَّ غضب الله على قوم ٱتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد " »( « تفسير القرطبي » (2/85) (10/380) ) .

    وقال ابن رجب - رحمه الله - : « هذا الحديث يدلُّ على تحريم بناء المساجد على قبور الصالحين ، وتصوير صورهم فيها كما يفعله النصارى ، ولا ريب أنَّ كُلَّ واحدٍ منهما محرَّم على انفراد ، فتصوير صور الآدميِّين محرَّم ، وبناءُ القبور على المساجد بانفراده محرَّم كما دلَّت عليه النصوص أخرى يأتي ذكر بعضها ... فإن اجتمع بناء المسجد على القبور ونحوها من آثار الصالحين مع تصوير صورهم فلا شكَّ في تحريمه ، سواء كانت صورًا مجسّدة كالأصنام أو على حائطٍ ونحوه ، كما يفعله النصارى في كنائسهم ، والتصاوير التي في الكنيسة التي ذكرتها أم حبيبة وأم سلمة أنهما رأتاها بالحبشة كانت على الحيطان ونحوها ، ولم يكن لها ظل ، وكانت أم سلمة وأم حبيبة قد هاجرتا إلى الحبشة .

    فتصوير الصور على مثل صور الأنبياء والصالحين ؛ للتبرك بها والاستشفاع بها محرم في دين الإسلام ، وهو من جنس عبادة الأوثان ، وهو الذي أخبر النبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - أنَّ أهله شرار الخلق عند الله يوم القيامة .
    وتصوير الصور للتآنس برؤيتها أو للتَّنَزُّه بذلك والتلهي محرَّم ، وهو من الكبائر وفاعله من أشدِّ الناس عذابًا يوم القيامة ، فإنه ظالم ممثل بأفعال الله التي لا يقدر على فعلها غيره ، والله - تعالى - ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [ الشورى : 11 ] ، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله سبحانه وتعالى » ( «فتح الباري» (3/197) ).

    وقال الألوسي - رحمه الله - : « هذا ، واستدلَّ بالآية على جواز البناء على قبور الصلحاء واتخاذ مسجد عليها وجواز الصلاة فيها وممَّن ذكر ذلك الشهاب الخفاجي في حواشيه على البيضاوي وهو قول باطلٌ عاطلٌ فاسدٌ كاسدٌ فقد روى أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - : « لَعَنَ اللهُ تَعَالَى زَائِرَاتِ القُبُورِ وَالمُتَّخِذِين َ عَلَيْهَا المَسَاجِدَ وَالسُّرَجَ » ( أخرجه أبو داود (3236) ، والترمذي (320) ، والنسائي (2043) ، وأحمد (3108) ، من حديث أبي صالح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ، والحديث بهذا السياق ضعيف ، قال ابن رجب الحنبلي في « فتح الباري » (3/201) : « وقال مسلم في كتاب التفصيل : هذا الحديث ليس بثابت ، وأبو صالح باذام قد اتقى الناس حديثه ، ولا يثبت له سماع من ابن عباس » . لكن ورد له شواهد تقويه في « لعن زائرات القبور » ، مثل الحديث الذي أخرجه الترمذي (1056) وغيره : « لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ زَوَّارَاتِ القُبُورِ » ، وأخرى في « اتخاذ المساجد على القبور » وقد تواتر ذلك عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - . انظر: « الإرواء » (3/212) ، و « السلسلة الضعيفة » (1/393) للألباني )... إلى غير ذلك من الأخبار الصحيحة والآثار الصريحة .

    وذكر ابن حجر في « الزواجر » ( « الزواجر » للهيثمي (194) في الكبيرة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتسعون : اتخاذ القبور مساجد وإيقاد السرج عليها واتخاذها أوثانًا ، والطواف بها واستلامها والصلاة إليها ) : « أنه وقع في كلام بعض الشافعية عدّ اتخاذ القبور مساجد والصلاة إليها واستلامها والطواف بها ونحو ذلك من الكبائر » ( « تفسير الألوسي » (11/196) ) .

    قلت : وليس النهي منقولاً عن الشافعية فقط بل عند كافَّة المذاهب ، فمن ذلك ما قاله القرطبي المالكي - رحمه الله - في معرض إيراده حديث عائشة - رضي الله عنها- : « قال علماؤنا : وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد » ( « تفسير القرطبي » (10/380) ) .

    وقال ابن قدامة الحنبلي - رحمه الله - : « ولا يجوز اتخاذ المساجد على القبور لهذا الخبر ، ولأنَّ النبيَّ - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - قال : « لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ » يحذر ما صنعوا ... ، ولأنَّ تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها ، والتقرُّب إليها ، وقد روينا أنَّ ابتداء عبادة الأصنام تعظيم الأموات باتخاذ صورهم ومسحها والصلاة عندها » ( « المغني » (1/360) ) .

    وقال الزيلعي الحنفي - رحمه الله - : « ويكره أن يبنى على القبر أو يقعد عليه أو ينام عليه أو يوطأ عليه أو يقضى عليه حاجة الإنسان ... أو يصلى إليه أو يصلى بين القبور ... ونهى - عليه الصلاة والسلام - عن اتخاذ القبور مساجد » ( « تبيين الحقائق » للزيلعي (1/246) ) .

    وهكذا صرَّح عامَّة الطوائف بالنهي عن بناء المساجد عليها مُتابعةً منهم للسُّنَّة الصحيحة الصريحة من غير اختلافٍ بين الأئمة المعروفين ، قال ابن تيمية - رحمه الله - : « ويحرم الإسراج على القبور ، واتخاذ المساجد عليها وبنيها ويتعيَّن إزالتها، ولا أعلم فيه خلافًا بين العلماء المعروفين » ( « اختيارات ابن تيمية » للبعلي (81) ) .

    هذا ، وإن كان المنقول عن طائفة أهل العلم أطلقت الكراهة على بناء المساجد على القبور ، فإنه ينبغي أن تحمل على الكراهة التحريمية إحسانًا للظنِّ بالعلماء لئلاَّ يُظنَّ بهم أنهم يجوزون نهيًا تواتر عن رسول الله - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - أنّه لَعَن فاعله وشدَّد النكير والوعيد على فعله .

    فالحاصل أنه اجتمع في اتخاذ القبور مساجد فتنتين وقع بسببها الضلال والانحراف العقدي :

    الأولى : فتنة القبور ، وهي أعظم الفتنتين ومبتدأها حيث عظموها تعظيمًا مبتدعًا آل بهم إلى الشرك .

    الثانية : فتنة التماثيل والصور التي وضعت للتأسي والتذكار ثمَّ نسي القصد وآل بهم الأمر إلى عبادتها .

    فكان المغضوب عليهم والضالون يبنون المساجد على قبور أنبيائهم وصالحيهم ، وقد جاءت النصوص الصحيحة والصريحة متواترة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بنهي أُمَّته عن ذلك والتغليظ فيه في غير موطن حتى في وقت مفارقته الدنيا .

    قال ابن القيم - رحمه الله - : « وبالجملة فمن له معرفة بالشرك وأسبابه وذرائعه ، وفهم عن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - مقاصده ، جزم جزمًا لا يحتمل النقيض أنَّ هذه المبالغة منه باللعن والنهى بصيغتيه : صيغة : « لا تفعلوا » ، وصيغة : « إني أنهاكم » ليس لأجل النجاسة ، بل هو لأجل نجاسة الشرك اللاحقة بمن عصاه ، وارتكب ما عنه نهاه ، واتبع هواه ، ولم يخش ربه ومولاه ، وقلّ نصيبه أو عدم عن تحقيق شهادة أن لا إله إلاَّ الله . فإنَّ هذا وأمثاله من النبيِّ - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - صيانةً لحمى التوحيد أن يلحقه الشرك ويغشاه ، وتجريد له وغضب لربه أن يعدل به سواه . فأبى المشركون إلا معصية لأمره ، وارتكابًا لنهيه ، وغرَّهم الشيطان . فقال : بل هذا تعظيم لقبور المشايخ والصالحين . وكُلَّما كنتم أشدّ لها تعظيمًا ، وأشدّ فيهم غلوًّا ، كنتم بقربهم أسعد ، ومن أعدائهم أبعد .

    ولعمر الله، من هذا الباب بعينه دخل على عبَّاد يغوث ويعوق ونسر ، ومنه دخل على عباد الأصنام منذ كانوا إلى يوم القيامة . فجمع المشركون بين الغلو فيهم ، والطعن في طريقتهم وهدى الله أهل التوحيد لسلوك طريقتهم ، وإنزالهم منازلهم التي أنزلهم الله إياها : من العبودية وسلب خصائص الإلهية عنهم ، وهذا غاية تعظيمهم وطاعتهم » ( « إغاثة اللهفان » (1/189) ) .

    هذا، وعلى فرض أنَّ الذين غلبوا على أمرهم - في الآية - لم يكونوا نصارى فلا يتمُّ التسليم بأنهم كانوا مؤمنين ، بل هم الملوك والولاة كما ذكر ذلك ابن رجب وابن كثير والآلوسي وغيرهم ( انظر : « روح المعاني » للآلوسي (15/236). « فتح الباري » لابن رجب (3/194). و « تفسير ابن كثير » (3/78) ) ، وقد كانوا أهل شرك أو فجور ، حيث إن لفظة « لَنَتَخِذَنَّ » تلائم أهل القهر والغلبة من الملوك والولاة ، دون « اتخذوا » بصيغة الطلب المعبر بها الطائفة الأولى ؛ ذلك لأنَّ مثل هذا الفعل تنسبه الولاة إلى نفسها ، وضمير « أَمْرهِمْ » هنا للموصول المراد به الولاة ، ومعنى غلبتهم على أمرهم : أنهم إذا أرادوا أمرًا لم يتعسَّر عليهم ، ولم يحل بينه وبينهم أحد ، كما قال - تعالى - : ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ [ يوسف : 21 ] .

    قال ابن رجب - رحمه الله - : « فجعل اتخاذ القبور على المساجد من فعل أهل الغلبة على الأمور ، وذلك يشعر بأن مستنده القهر والغلبة واتباع الهوى ، وأنه ليس من فعل أهل العلم والفضل المتبعين لما أنزل الله على رسله من الهدى » ( « فتح الباري» (3/194)).


    قلت : وليس في الآية إقرار على فعلهم ، بل فيها إنكار ، لأنه يكتفى في الردِّ على الكفار أو الفجار عزو حكاية القول إليهم ، إذ المعلوم - أصوليًّا - أنَّ من شرط الإقرار أن لا يكون المسكوت عنه صادرًا من كافر أو فاجر فلا عبرة فيه لما علم بالضرورة إنكاره - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - لما يفعله الكفار والفجار ، كما أنَّ من شرط الإقرار أن لا يكون الشارع قد بَيَّن حكمه بيانًا يسقط عنه وجوب الإنكار وقد لعنهم الله - تعالى - على لسان نبيِّه - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - فأيُّ إنكار أوضح من هذا ؟
    وإذا سلَّمنا - جدلاً - أنهم كانوا مسلمين فلا يتمُّ التسليم بأنَّ فعلهم محمودٌ شرعًا ورد - على وجه الصلاح - تمسُّكًا بشريعة نبي مرسل .

    قال ابن كثير - رحمه الله - بعد ما حكى عن ابن جرير القولين : « والظاهر أن الذين قالوا ذلك هم أصحاب الكلمة والنفوذ ، ولكن هل هم محمودون أم لا ؟ فيه نظر ؛ لأنَّ النبيَّ - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - قال : « لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ واَلنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ » يحذر ما فعلوا ، وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه لما وجد قبر دانيال في زمانه بالعراق ، أمر أن يخفى عن الناس ، وأن تدفن تلك الرقعة التي وجدوها عنده ، فيها شيء من الملاحم وغيرها » ( « تفسير ابن كثير » (3/78) ) .

    وعلى تقدير أنهم أهل إيمان وصلاح ، ووقع صنيعهم محمودًا بالنظر لتمسكهم بشريعة نبي مرسل ، فجوابه من جهتين :

    الجهة الأولى : لا يلزم الأخذ بمضمون الآية الدالة على جواز بناء المسجد على القبر ؛ لأنَّ ما تقرر - أصوليا - « أنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعٌ لَنَا » ، ولا يحلُّ الحكم بشريعة نبيّ مَن قبلنا لقوله - تعالى - : ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [ المائدة : 48 ] ، ولقوله - صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم - : « فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ » فذكر منها : « أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً ، وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - بُعِثَ إِلَى الأَحْمَرِ وَالأَسْوَدِ وَالنَّاسِ كَافَّةً » ( أخرجه مسلم ، كتاب «الصلاة» (1167) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ، ورواية «الأحمر والأسود» أخرجها : الدارمي في «سننه» (2375) ، وأحمد (20792) ،من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - ، وأحمد كذلك : (2737) ، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - . قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8/261) : « رجال أحمد رجال الصحيح غير يزيد بن أبي زياد وهو حسن الحديث » ، وصححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد» (4/261) ، والألباني في «الإرواء» (1/316) ) ، فدلَّ ذلك على أنه لم يبعث الله - تعالى - إلينا أحدًا من الأنبياء غير محمَّد - صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم - ، وإنما كان غيره يبعث إلى قومه فقط لا إلى غير قومه .

    الجهة الثانية : وعلى تقدير أنَّ شرع من قبلنا شرع لنا فمشروط بعدم التصريح في شرعنا ما يخالفه ، ويبطله ، فإن ورد في شرعنا ما ينسخه لم يكن شرعًا لنا بلا خلاف ، كالأصرار والأغلال التي كانت عليهم في قوله - تعالى - : ﴿ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾ [ الأعراف : 157 ] ، وقد جاءت النصوص الحديثية متضافرةً ومتواترة تنسخ هذا الحكم وتنهى عن بناء المساجد على القبور وتغلِّظ النكير .

    قال ابن تيمية - رحمه الله - : « فإنَّ الله تعالى قد أخبر عن سجود إخوة يوسف وأبويه وأخبر عن الذين غلبوا على أهل الكهف أنهم قالوا : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِدًا ونحن قد نهينا عن بناء المساجد على القبور » ( « مجموع الفتاوى » (1/300).) .

    وقال ابن كثير - رحمه الله - : « وهذا كان شائعاً فيمن كان قبلنا ، فأمَّا في شرعنا فقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله - صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم - أنه قال : « لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يحذر ما فعلوا » ( « البداية والنهاية » (2/116)) .

    قال الآلوسي - رحمه الله - : « مذهبنا في شرع من قبلنا وإن كان أنه يلزمنا على أنه شريعتنا ، لكن لا مُطلقًا ، بل إن قصَّ اللهُ - تعالى - علينا بلا إنكار ، وإنكارُ رسوله - صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم - كإنكاره - عزَّ وجلَّ - ، وقد سمعتَ أنه - عليه الصلاة والسلام - لَعَنَ الذين يتخذون المساجد على القبور ، على أن كون ما ذكر من شرائع من قبلنا ممنوع ، وكيف يمكن أن يكون اتخاذ المساجد على القبور من الشرائع المتقدمة مع ما سمعت من لعن اليهود والنصارى حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، والآية ليست كالآيات التي ذكرنا آنفًا احتجاج الأئمة بها ، وليس فيها أكثر من حكاية قول طائفة من الناس وعزمهم على فعل ذلك ، وليست خارجة مخرج المدح لهم والحض على التأسِّي بهم ، فمتى لم يثبت أنَّ فيهم معصومًا لا يدل على فعلهم - فضلاً عن عزمهم - على مشروعية ما كانوا بصدده . وممَّا يقوِّي قِلة الوثوق بفعلهم القول بأنَّ المراد بهم الأمراء والسلاطين كما روي عن قتادة » ( « روح المعاني » (5/31) ) .

    فالحاصل: إن كان بناء المساجد على القبور سُنَّة النصارى ، فإن كان شرعًا لهم فقد نسخه الإسلام بما نطقت الأخبار الصحيحة والآثار الصريحة ، وإن كان بدعةً منهم فأجدر بتركها والتخلي عنها إذ « كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلُّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ » ( أخرجه أبو داود ، كتاب السنة، باب في لزوم السنة (4607) ، والترمذي ، كتاب العلم ، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع (2676) ، وابن ماجه ، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين (42) ، وأحمد (17608) ، من حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - ، والحديث صححه ابن الملقن في «البدر المنير» (9/582) ، والألباني في «السلسلة الصحيحة» (2735) ، وحسَّنه الوادعي في «الصحيح المسند» (938) ) ، ولا يستدلُّ بالآية بمعزل عمَّا تقتضيه الأحاديث الثابتة اكتفاءً بالقرآن الكريم واستغناءً عن السُّنَّة المُطهَّرة فإنَّ هذا من صنيع أهل الأهواء والبدع ، وأهلُ الحقِّ يؤمنون بالوحيين ، ويعلمون أنَّ طاعة الرسول من طاعة الله - تعالى - ، ويعملون بمقتضاهما، قال - تعالى - : ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ ﴾ [ النساء : 80 ] ، وقال - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - : « أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ القُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ » ( أخرجه أحمد (16722) ، من حديث المقدام بن معدي كرب - رضي الله عنه - . وأخرجه أبو داود كتاب السنة ، باب في لزوم السنة (4604) بلفظ : « أَلاَ إِني أُوتِيتُ الكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ » ، والحديث صححه الألباني في «المشكاة» (1/57) ) ، وفي روايةٍ : «أَلاَ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ مِثْل مَا حَرَّمَ اللهُ » ( أخرجه أحمد (16743) ، والدارمي (592) ، من حديث المقدام بن معدي كرب - رضي الله عنه - . والحديث صححه الألباني في «صحيح الجامع» (8186) ) ، وفي سياق تمثيل من يكتفي بالقرآن ويستغني عن السُّنَّة ، يقول الألباني - رحمه الله - : « وما مثل من يستدلُّ بهذه الآية على خلاف الأحاديث المتقدِّمة إلاَّ كمثل من يستدلُّ على جواز صنع التماثيل والأصنام بقوله - تعالى - في الجِنِّ الذين كانوا مُذَلَّلِين لسليمان - عليه السلام - : ﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ﴾ [ سبأ : 13 ] ، يستدل بها على خلاف الأحاديث الصحيحة التي تحرم التماثيل والتصاوير ، وما يفعل ذلك مسلمٌ يؤمن بحديثه - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - » ( «تحذير الساجد» للألباني (83) ).
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليمًا.

    الجزائر في : 16 المحرم 1430ﻫ
    الموافق ﻟ :13 جانفي 2009م

    « الحمد لله وحده »

  2. #2

    افتراضي رد: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

    كلام نافع، بارك الله فيكم.

    أسأل الله أن يردنا للإسلام ردا جميلا.
    كلام النبي يُحتَجُ به، وكلام غيره يُحتَجُ له
    صلى الله عليه وسلم
    ليس كل ما نُسِبَ للنبي صلى الله عليه وسلم صحت نسبته، وليس كل ما صحت نسبته صح فهمه، وليس كل ما صح فهمه صح وضعه في موضعه.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

    وفيكم بارك الله أخي الكريم أبا هارون ،،،
    « الحمد لله وحده »

  4. #4

    افتراضي رد: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

    أوَ ليسُ المفتي الآخَـرُ يقول:
    بناء المساجد على القبور سُـنِّـهْ.!

    إنما المحرَّم ايـْـــهْ..؟

    المحرم: السجود على القبور!!

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

    قال الشيخ العلامة ابن سعدي - رحمه الله - في " تفسيره " ( ص 447 ) :

    ( وقال من غلب على أمرهم - وهم الذين لهم الأمر - : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾ أي : نعبد الله - تعالى - فيه ، ونتذكر به أحوالهم ، وما جرى لهم . وهذه الحالة محظورة ؛ نهى عنها النبي - صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - وذم فاعليها ، ولا يدل ذكرها هنا على عدم ذمها ؛ فإن السياق في شأن تعظيم أهل الكهف والثناء عليهم ، وأن هؤلاء وصلت بهم الحال إلى أن قالوا : ابنوا عليهم مسجدا ، بعد خوف أهل الكهف الشديد من قومهم ، وحذرهم من الاطلاع عليهم ، فوصلت الحال إلى ما ترى ) .
    « الحمد لله وحده »

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

    فائدة : رد على هذه الشبهة أيضا الشيخ صالح بن مقبل العصيمي التميمي - وفقه الله - في كتابه النافع " بدع القبور : أنواعها وأحكامها " ( ص 187 - 190 ط دار الفضيلة ) ،
    « الحمد لله وحده »

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    174

    افتراضي رد: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

    بحث قيم جزى الله الشيخ محمد فركوس خيرا.
    أخي طالب العلم: أتشرف بك صديقاً مُشاركاً في صفحتي على الفيس بوك :
    http://www.facebook.com/khabab.al.hamad

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    964

    افتراضي رد: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

    بارك الله فيكم يا أهل ( التوحيد ) ..

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

    الأستاذ الكريم خباب الحمد والشيخ الفاضل سليمان الخراشي : بارك الله فيكما ونفع بجهودكما وجزاكما خير الجزاء وأوفاه وأجزله ...
    « الحمد لله وحده »

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

    فائدة أخرى : رد على هذه الشبهة أيضا الشيخ الفاضل عبد العزيز بن فيصل الراجحي - وفقه الله - في كتابه القيم " مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد وعند القبور " ( ص 127 - 131 ط مكتبة الرشد ) ، والكتاب قدم له فضيلة الشيخ العلامة صالح الفوزان - حفظه الله - .
    « الحمد لله وحده »

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

    للفائدة ...
    « الحمد لله وحده »

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

    للفائدة ،،،
    « الحمد لله وحده »

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    80

    افتراضي رد: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

    جزاك الله كل خير،، الموضوع مطروح هذه الايام على قناة المستقلة وتسمع العجب العجاب من تأويلات جاهلة وفاسدة تجعلني عاجز عن شكر الواحد الأحد أن طهر قلبي من هكذا أدران لا ترتضيها فطرة التوحيد التي وهبها الله لنا بفضله ومنه وكرمه.. والحمد لله رب العالمين

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    149

    افتراضي رد: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

    بارك الله فيك وجزى الله الشيخ محمد فركوس خيرا

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    المشاركات
    189

    افتراضي رد: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾

    السؤال : كيف نجيب على من يستدل بقوله تعالى (قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا ) على جواز البناء على القبور ؟ .

    الجواب الحمد لله وبعد ،،
    استدل هؤلاء وأمثالهم بقول الله تعالى ( قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا ) [الكهف :21] وقد استدلوا بها من وجوه :
    الوجه الأول :قالوا إن الذين قالوا هذا القول كانوا نصارى ، وهذا قول أكثر المفسرين [انظر رسالة البناء على القبور ص19 للمعلمي رحمه الله ].،فيكون اتخاذ المسجد على القبر من شريعتهم ، وشريعة من قبلنا شريعة لنا إذا حكاها الله تعالى ، ولم يعقبها بما يدل على ردها كما في هذه الآية الكريمة .
    و يجاب عليه من ثلاثة وجوه:
    الأول : إن الصحيح المتقرر في علم الأصول أن شريعة من قبلنا ليست شريعة لنا لأدلة كثيرة
    فإذا تبين هذا فلسنا ملزمين بالأخذ بما في الآية لو كانت تدل على قولكم . [انظر : الأدلة المختلف فيها ص 532 ] .
    الثاني : هب أن الصواب قول من قال " شريعة من قبلنا شريعة لنا " فذلك مشروط عندهم بما إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه ، وهذا الشرط معدوم هنا ، لأن الأحاديث تواترت في النهي عن البناء المذكور ، فذلك دليل على أن ما في الآية ليس شريعة لنا .
    الثالث : لا نسلم أن الآية تفيد أن ذلك كان شريعة لمن قبلنا ، غاية ما فيها أن جماعة من الناس قالوا ( لنتخذن عليهم مسجدا ) فليس فيها التصريح بأنهم كانوا مؤمنين ، وعلى التسليم فليس فيها أنهم كانوا مؤمنين صالحين ، متمسكين بشريعة نبي مرسل ، بل الظاهر خلاف ذلك .قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : ( وقد دل القرآن على مثل ما دل عليه هذا الحديث وهو قول الله عز وجل في قصة أصحاب الكهف :
    ( قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا) [الكهف:21] فجعل اتخاذ القبور على المساجد من فعل أهل الغلبة على الأمور ، وذلك يشعر بأن مستنده القهر والغلبة واتباع الهوى وأنه ليس من فعل أهل العلم والفضل المتبعين لما أنزل الله على رسله من الهدى ) [انظر في هذه الشبهة والقائل بها والرد عليهم : جهود علماء الحنفية (3/1650) ، وانظر عمارة القبور ص298 ] ، فتح الباري لابن رجب (3/193) ، وانظر كلام ابن جرير وابن كثير والألوسي تحت هذه الآية .
    الوجه الثاني : قالوا ( الدليل من هذه الآية إقرار الله تعالى إياهم على ما قالوا ، وعدم رده عليهم .)
    هذا الاستدلال باطل من وجهين :
    الأول : أنه لا يصح أن نعتبر عدم الرد عليهم إقراراً لهم ، لأن حكاية القول عن الكفار والفجار ـ وهو الظاهر من حالهم ـ يكفي في رده عزوه إليهم فلا يعتبر السكوت عليه إقرارا كما لا يخفى .
    الثاني : أن هذا الاستدلال باطل ظاهر البطلان ، لأن الرد الذي نفاه قد وقع في السنة المتواترة كما سبق ، فكيف يقول : إن الله أقرهم ولم يرد عليهم ، مع أن الله لعنهم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، فأي رد أوضح وأبين من هذا ! ؟
    الوجه الثالث : قالوا إن الله أرشدنا بهذه الآية إلى ما ينبغي أن نعمله إذا مات فينا رجل صالح ، أي أننا على الأقل نبني على قبره بنيانا ، والأكمل أن نتخذ عليه مسجدا ) . [رسالة البناء على القبور ص22 ] .
    الجواب : أن الحق عكس ذلك ..ولو كان ما زعمته مراد الله عز وجل ، لكان فهمَه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل به في حياته في حق أصحابه الذين توفوا في حياته كعثمان بن مظعون وسعد بن معاذ وعمه الحمزة ومن معه من الشهداء وأولاده صلى الله عليه وسلم. وعدم فعله صلى الله عليه وسلم ذلك كاف في إبطال هذا الزعم ، فكيف والواقع أنه ثبت عنه النهي عن البناء على القبور ، والأمر بتسويتها مطلقا ، وتواتر عنه لعن من اتخذ القبور مساجد ، وفي بعض الروايات الصحيحة التصريح بأن المراد باتخاذها مساجد بناء المساجد مشتملة عليها ..ثم جاء من بعده أصحابه ، فلزموا طريقته ، وثبت عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه بعث صاحب شرطته لتسوية كل قبر مشرف مطلقا ، واستمر الحال على ذلك في القرون الأولى المشهود لها بالخير ، حتى جاء بعض المتشبعين بعد الألف يزعم أن الآية تدل على خلاف ذلك كله ـ سبحانك هذا بهتان عظيم ..) . [عمارة القبور للمعلمي ص309 ت ماجد الزيادي ] .


    كتاب الألوهية .. باب حماية جناب التوحيد
    الشيخ : محمد بن عبدالله الهبدان


    ..

    باركَ الله فيكم ..
    نقلٌ موفَّق ..

    { وإذا الدَّعَاوَى لَم تَقُمْ بِدَلِيلِهَا بالنَّصِّ فَهِِيَ عَلَى السِّفَاهِ دَلِيلُ ..

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: رد شبهة قبوري بآية : ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴾


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •