http://www.tariqabdelhaleem.com/coldetails.php?id=343

تحدّثَتْ إلى نفسي أن لا أقْرُب هذا الموضوع الذي أنا بصدده، وأن أقنع بما قنعت به كثرة من الدعاة والعاملين في الحقل الإسلاميّ المخلصين لله ورسوله ودينه، بأن أصبغ على النظم العربية اسم الخيانة ووصف العمالة والتبعية والتواطؤ على مصلحة الشعوب، وما إلى ذلك من هذه الأوصاف التي لا تستند إلى كتاب أو سنة ومن ثم لا يتعلق بها عمل شرعيّ. قالت لي نفسي: وما عليك ألا تتبع هؤلاء الدعاة والعاملين في الحقل الإسلامي وكل محب للإسلام منهم في الرضا بهذا القدر، فأنت تعلم أن هذه الأنظمة العربية قد مدّت حدود قبولها للإهانة في الآونة الأخيرة على قدر جرمها وشناعة فعلها، فلن تكون عبرة بين الناس في هذة الأقوال، كما أنه إن خَرَجْتَ على الناس بتوصيف شرعيّ مستند إلى الكتاب والسنة، فهل سيغير هذا من الأمر شيئاً، إلا أن تتعرض وأهلك للرصد ثم الحصد، وأنت تعاني بالفعل من جراء ذلك ما يعلمه الله سبحانه؟ لكن القلب والعقل ردّوا على نفسي مخاوفها وأوهامها، وذكروها بما يتعرض له أبناء غزة الأبطال، وابناء أفغانستان والعراق، ثم عادوا بها إلى ما مرت به صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ما تعرض له هو ذاته، بأبي هو وأمي، في سبيل كلمة الحق، ثم قول الله تعالى "لتبيننه للناس ولا تكتمونه" فأبيت إلا أن أشارك بهذا القدر الضئيل من الإيضاح للموقف الحالي التي تمر به أمتنا.

والحق أن هذا الموقف الحاليّ ليس غريباً أو مفاجئاً بحال من الأحوال، بل هو تداعِ منطقيّ لما حدث ويحدث على أرض العرب والإسلام منذ عقود طويلة، من هجر للشريعة واستبدال الشرع الوضعي الذي هو أدنى بحكم الله سبحانه الذى هو الخير كله، وما زالت أمم من الدعاة تلفت النظر إلى حقيقته الشرعية التي غفلت عنها أمم أخرى من الجماعات الإسلامية الكبرى، وسارت وراء مبررات تبعدها عن خيمة "التكفير" وكأن "الكفر والردة" لا يوجدان على سطح الأرض أو أنهما ليسا حكمين شرعيين من أحكام ديننا الحنيف!

على كل حال، فإن التكييف الشرعيّ لمن يحكم بغير ما أنزل الله تشريعا وتأصيلا، ويقدم حكم البشر على حكم الله راضيا راغبا غير مكره إكراها ملزماً، ثم يوالي من عادى الله ورسوله ولاء مناصرة ومظاهرة، ويدل على عورات المسلمين ويمنع عنهم العون في حربهم مع عدو الله وعدوهم، كما تفعل رؤوس هذه الأنظمة الحاكمة وأتباعهم ومعاونيهم، فقد خلع الربقة وخرج عن دين الإسلام جملة واستعلن بالردة والكفر.

ذلك أنّ توحيد الله سبحانه يقوم اساساً على إفراده بالعبادة دون غيره، والعبادة هي الخضوع والتذلل وقبول حكم الله في كل الأمر، لا في بعضه، كما حكى الحق تعالى عن حال المشركين بأنهم "يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض" وقال تعالى في سورة محمد: "إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سوّل لهم وأملى لهم ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم"، وقال تعالى "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون". كذلك فإن الولاء لله سبحانه ولرسوله وللمؤمنين هو الركن الثاني في إقامة التوحيد، ثم إقامة النسك والشعائر لله تعالى كالصلاة والزكاة والحج وغيرها من الشعائر التي تندرج تحت عنوان التوحيد.

قال تعالى في سورة الأنعام مقررا مباني توحيد العبادة – الحكم والولاء والنسك:


أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا الأنعام 114

قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا الأنعام 14
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا الأنعام 164
"وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ" المائدة 44
"وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" المائدة 45
"وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" المائدة 47
"وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ" المائدة 49
"أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" المائدة 50
"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا النساء" 60
"إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" يوسف 43
"أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" الأعراف 54
فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا النساء 65
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ التوبة 31
"لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيئ إلا أن تتقوا منهم تقاة، ويحذركم الله نفسه"آل عمران 28
"الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا"النساء 76
"ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله" النساء 89
"الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، أيبتغون عندهم العزة ،فإن العزة لله جميعا" النساء 139
"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أةلياء من دون المؤمنين" النساء 144
" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين" المائدة 151
"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم أولياء" المائدة 57.
"ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل اليه ما اتخذوهم أولياء" المائدة 81.
"والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" الأنفال 73.

وأمر هذه المباني الثلاثة، التحاكم إلى شرع الله سبحانه والولاء لله سبحانه، والتوجه بالنسك والشعائر لله سبحانه (كالصلاة والصيام وغيرهما من الشعائر) هو أمرالتوحيد الذي تنتشر دلالاته في القرآن من أوله إلى آخره. ولا يقول قائل: من أين أتيتم بهذه التقاسيم التي ما أنزل الله بها من سلطان؟ فنقول: الأمر ليس أمر تقسيم متعسّف، وإنما أمر إحصاء واستقصاء، فهذه المعاني الثلاثة لا ينقض عمومها ولا دلالتها على التوحيد مسلم باقٍ على إسلامه. وهي منتشرة مقررة بما يجعلها قاعدة القواعد وأصل الأصول. والقواعد العامة تتقرر بطريقين كما بيّن الشاطبيّ رحمه الله:

1- النصوص إذا وردت، كما في:


الجمع المعروف بأل: كقوله تعالى: { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله}.
الجمع المُعرف بالإضافة: كقوله تعالى: { للذكر مثل حظ الأنثيين}.
ألفاظ الشرط: كقوله تعالى: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.
الأسماء الموصولة: كقوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرًا}.
النكرة في سياق النفي: كقوله تعالى: { لا يسخر قومٌ من قوم}
النكرة في سياق الشرط: كقوله تعالى: { إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}.
ما سبق بلفظ كل: كقوله تعالى: { كل امرئ بما كسب رهين}, وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام). وغير ذلك من الصيغ المذكورة بمواضعها.

والجمهور على أن للعموم صيغ مُعتبرة، وأنك تستطيع أن تعبر عن معنى عام بلفظ معين, وخالف المُرجئة وأكثر الأشاعرة، فلم يجعلوا للعموم صيغ إلا بالقرائن والحُجة قائمة عليهم لغةً وشرعًا. كقوله صلى الله عليه وآله وسلم وإقراره لعمرو بن العاص في موضوع التيمم: {ولا تقتلوا أنفسكم}.

2- إستقراء مواقع المعنى حتى يحصل منها معنى كليّ عام يجرى مجرى الصيغ في العموم. والحق كما بيّن الشاطبيّ أنّ هذا الطريق لإثبات العموم أقوى من مجرد الصيغ إن وردت، رغم أنّ النظر العابر القاصر قد لا يرى ذلك، إذ إن استقراء المعنى في مواضع عدّة وجزئيات متكررة أقوى من وروده في صيغة واحدة وجزئية فردة. وهذا هو موضع القوة في الإجماع وفي التواتر، ولذلك يطلق عليه العلماء التواتر المعنوي. وهذا المعنى قد غاب عن هؤلاء الأدعياء ممن لا يرى الشريعة إلا جزئيات مفتتة لا يربطها رابط، فتراه يعرج على الأدلة واحداً واحداً يفندها بما يراه حقاً ولا يرى ما في تواترها على معنى واحد من قوة. وهو موضع الدليل في قضية الحكم بغير ما أنزل الله. فتواتر الآيات على أن الحكم لله وحده وأن الولاء لله وحده وأن الشعائر والنسك هي لله وحده يجعلها أصل الأصول ويرفعها للتواتر المعنوي وإن جهد جاهد أن يتحايل على مفرداتها بسبب نزول أو مماحكة لغوية.

وقد حلت هذه الكارثة بالعالم الإسلامي في مدخل القرن العشرين بسقوط الخلافة، مما أفقد المسلمين "الدولة المحورية"[1] التي يجتمع حولها جهد الأمة وإمكاناتها، والتي لم تواجهها الأمة في تاريخها إلا لفترة محدودة أيام غزو التتار للعالم الإسلامي.

ودون الدخول في تفصيل وقع هذا الحدث وآثاره على الأمة، فقد كان من نتيجته ووسائل مقاومته إحياء المبدأ الشرعي "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بعد أن انعدمت السلطة المركزية التي تحميه وتقيمه، فنشأ ما عُرِف بالجماعات الإسلامية، وهو ما يعيد للذاكرة حركات مماثلة كحركة خالد الدريوش وصالح بن سلامة الأنصارى في بغداد عشية مقتل الأمين العباسي وعهد تولى المأمون العباسي للخلافة [2].

وسرعان ما اكتشفت هذه الحركات، أو ما خرج من تحت عباءتها[3] أن الخلل ليس فقط في عدم وجود الدولة المحورية أو فقدان وظيفة "الإمامة العظمى" كما يطلق عليها فقهاء الإسلام، وإنما في أن البلاد قد وقعت تدريجيا تحت حكم "لا ديني" علماني[4] ينحّى شريعة الله عن الحكم في أمور الناس بعد أن مهد لتقبل هذا الأمر ذلك الغزو الثقافي الإجتماعي الغربي في واقعهم.

وكان من نتيجة ذلك أن اختلطت على الناس أحكام الفقه وأحكام فقه الواقع اللذان يحكمان الفتوى بوجه عام وفقه هذا الأمر بوجه خاص.

ولابد هنا من الإشارة إلى نقطة تتعلق بالشكل السياسي قد أغفلها الكتاب والمحللوّن فيما تناولوه بشأن حكم "الخلفاء" في العصور المختلفة وطرق الحكم في العصر الحديث، مما يبينّ الفرق بين مناطيّ الحكمين بشكل لا يدع مجالا للخلط بينهما. وهذه النقطة تكمن في فهم طريقة "تطبيق الشريعة" خلال العصور السابقة لسقوط الخلافة، وهي التسليم العملي لفتاوى و"قرارات" الفقهاء والمجتهدين والعلماء. لم يكن هناك "قانون" مدون أو "دستور" ينصّ على أن الشريعة هي المرجع الأوحد للأحكام، وإنما هو فهم التوحيد وحدوده ومبادئه التي تملى على الخليفة وعلى الشعوب المسلمة أن يستسلما لحكم الشرع كما يصدر عن العلماء والفقهاء. ومن ثمّ فإن الخليفة "الحاكم" إن أراد أن يتخطى حكم الشرع فإنه يصدر قرارا "تنفيذيا" بعمل ما يريد دون أن يكون لذلك العمل سندٌ "تشريعيٌ" من السلطة التشريعية المتمثلة في العلماء والفقهاء. فالقانون المدوّن كان هو الفقه وموسوعاته وإن لم يطلق عليه لفظ القانون، فكان تجاوزه والخروج عليه خروج عن "القانون".

ولمزيد إيضاح هذه النقطة، فإن النظر في تطور ظهور القوانين المدونة خلال القرن التالي لغزو نابليون لمصر حيث أدى الغزو لتبنى سياسة "التحديث" بجلب المستشارين، وأكثرهم من المستشرقين، في كافة المجالات لتطوير الدولة بما في ذلك القانون. وقد كانت الدول التي تصدّر هؤلاء "الخبراء" من القوة بحيث فرضت أن لا يتبع مواطنوها تشريعات الدولة المصرية فكان أن نشأت المحاكم المختلطة، وكان أن صدرت مجلة "الأحكام العدلية" والتي بدأ فيها تدوين القانون وتقسيمه إلى مدني وجنائي وغير ذلك متابعة لشكل القوانين الأوروبية. ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى، وبعد سقوط الخلافة، كانت سلطة الدولة قد ضعفت إلى أقصى حدّ وبدأ الناس في اللجوء إلى المحاكم المختلطة وبحلول منتصف الخمسينيات من القرن العشرين صارت المحاكم المختلطة هي المتصرفة في أمور المسلمين وأُلغيت المحاكم الشرعية بالكلية [5].

ومن الواضح الجليّ أن شرع الله كان هو المتحكم في حياة المسلمين حاكما ومحكوما برغم اقتراف بعض الحكام إنحرافات "تنفيذية" لا "تشريعية" قد صنّفها أهل السنة والجماعة لهذا السبب ذاته على أنها "معاصى" و"ذنوب" لا تخرج حاكما ولا محكوما من الملّة. إلا أن الأمر كما رأينا تطوره التاريخيّ قد تحول إلى تنحية كاملة "مقننة" للشريعة الإسلامية عن برامج حياة المسلمين وهو ما يمثل "مناطا" مختلفا أشدّ الإختلاف عما كان عليه الأمر سابقا. ولا شك أن العجز عن التفرقة بين المناطين يؤدى إلى خلط شديد في الأوراق وغبش في تقدير حقيقة الأوضاع السالفة القائمة جميعاً.

لا شك أن المسلمين ممن يخشون الله ورسوله، ودع عنك من رضي منهم بالحياة الدنيا واطمأن بها، قد استبانت لهم طريق الخلاص من هذا الخوان والإستغمار الذي يعيش فيه المسلمون في بلادهم، فإن العدو الحقيقي هو هذه النظم العربية الخارجة عن الشرعية الإسلامية خاصة منها التي تجاور الشعب الفلسطيني الباسل، بعد أن أفصحوا عن كل الولاء والمظاهرة والنصرة للصهاينة بل ألبوهم عليهم وعملوا على تجويعهم ومنع الماء والدواء والسلاح عنهم، فليس بعد هذا من نصرة ومظاهرة للمشركين. كما أن محمود عباس ميرزا وعصابته قد دلوا اليهود على مواقع حماس، وهو كشف لعورات المسلمين يدل على الكفر كما ورد في قصة الصحابيّ حاطب بن أبي بلتعة، الذي أراد عمر أن يقطع رأسه لأنه حذر المشركين من أن يخالفوا عن أمر محمد صلى الله عليه وسلم لأنه ذلك سيطزن حسرة عليهم إذ إن رسول الله متوجه اليهم بجنود لا قبل لهم بها، فكان هذا التحذير محل التكفير ومدعاة للقتل، لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر عن ربه أن أهل بدر ومنهم حاطب، قد غفر الله لهم، ولا نعلم أن محمود عباس ميرزا من أهل بدر حتى يلحقه هذا الإستثناء من الكفر.

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى


--------------------------------------------------------------------------------

[1] راجع دور الدولة المحورية في كتاب "صراع الحضارات" صمويل هانتجتون ص 207.
[2] راجع "تاريخ الدولة العباسية للشيخ الخضري ص191.
[4] تعبير العلمانية يتطابق مع "اللادينية" لا مع العلم كما هو معلوم
[5] إلا في المملكة السعودية التي لا تزال سلطة المحاكم الشرعية قائمة فيها إلى حدّ ما فيما أحسب.