تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 6 123456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 103

الموضوع: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبده

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    1,125

    افتراضي كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبده

    الدكتور عبدالرحمن بدوي أضاع عمره الطويل في نصرة فلاسفة اليونان وأوربا وملاحدة الإسلام، على حساب دين الإسلام. ولكن يُحمد له أنه يتصف بالصراحة والوضوح، وإذا رأى رأياً ألقاه غير مُجمجم ولا مُبالٍ براضٍ أو ساخط.

    فلما كتب ترجمة المستشرق رينان، تطرق إلى الحوار الذي وقع بينه وبين جمال الدين الأفغاني (أو على الأصح: الأسد أبادي -- كذا قال بدوي)، وقرأ ما نشره جمال الدين باللغة الفرنسية، فاتضح له أن جمال الدين هو في حقيقة أمره أقرب إلى ملاحدة أوربا، مثل فولتير ورينان، منه إلى الإسلام!

    ثم عقَّب قائلاً:
    وهذه الآراء في غاية الجرأة، ولهذا أفزعت الشيخَ محمد عبده، وأصحابَ الشيخ جمال الدين في بيروت، فامتنعوا عن ترجمتها ونشرها، بعد أن كانوا قد بعثوا إلى باريس يطلبون إرسال نسخة من هذا المقال الذي نشر في جريدة الديبا بتاريخ يوم الجمعة 18 مايو 1883 ممهوراً بتوقيع "جمال الدين الأفغاني" ...
    والمسؤول عن تصويره الزائف بصورة "المصلح الديني" هو الشيخ محمد عبده، وأصحاب مجلة المنار، ومن شايعهم من السطحيين في مصر والشام. ولا بد من تحطيم هذه الأسطورة الموغلة في الزيف، أسطورة "جمال الدين الأفغاني المصلح الديني الإسلامي" .
    وشهد شاهدٌ من أهلها!

    انظر (موسوعة المستشرقين، 318 - 319)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    5

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    اذكر لنا هذه الاراء

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    5

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    واذكر لنا ما تنقمه على الافغاني من افكار واراء
    ولو كان له عندك مزايا فاذكرها

  4. #4

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    فولتير كان مضطرباً فهو أحياناً مؤمن وأحياناً ملحد ... ختم حياته بالإيمان بالله عز وجل والكفر بالمسيحية ...
    فهو لم يكن ملحداً بالمعنى الدقيق للكلمة ... وهو القائل : لو لم يكن الله موجوداً لتعين اختراعه . والقائل : يثير الرأي القائل بوجود إله بعض المشكلات الفلسفية ولكن الرأي القائل بعدم وجود إله يثير أموراً مستحيلة .
    د. أحمد إدريس الطعان - كلية الشريعة - جامعة دمشق

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    1,125

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رضا رضا ب مشاهدة المشاركة
    واذكر لنا ما تنقمه على الافغاني من افكار واراء
    ولو كان له عندك مزايا فاذكرها
    نقلت لك كلاماً موثَّقاً بالمصدر والصفحة، وهو موجود على الشبكة، والللائق بك أن تقرأ وتُبدي رأيك!
    فالكرة في ملعبك أيها الفاضل!

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    ليعذرني الفاضل "خزانة الأدب" إذا ما قلت له: إنَّ كلام عبد الرحمن بدوي ليس موثَّقًا فيما نسبه إلى الأفغاني أو فهمه من كلامه. وذلك للاعتبارات التالية:
    1_ مع إتقانه للغة الفرنسية، لم ينقل بدوي عن جريدة "le Journat des Débats"، بل نقل عمَّن نقل عنها؛ أي السيدة "غواشون" في ترجمتها لكتاب "الرد على الدهريين". وهذه ثغرة منهجية ما كان ينبغي له أن يقع فيها.
    2_ يشير بدوي إلى ترجمة حسن أفندي عاصم لرد الأفغاني على رينان؛ لكن الراجح أنه لم يطّلع عليها، إذ لو اطلع عليها لاعتمد عليها في نقله عن جمال الدين.
    3_ يقول بدوي: "وهذه الآراء في غاية الجرأة، ولهذا أفزعت الشيخَ محمد عبده، وأصحابَ الشيخ جمال الدين في بيروت، فامتنعوا عن ترجمتها ونشرها، بعد أن كانوا قد بعثوا إلى باريس يطلبون إرسال نسخة من هذا المقال". وقوله "امتنعوا عن ترجمتها" خطأ محض، لأن المقال إنَّما كتبه الأفغاني بالعربية، ثم تُرجِم إلى الفرنسية.
    4_ قوله "أفزعت الشيخ محمد عبده... فامتنعوا عن..." كلام غير موثَّق. فمن أين أتاه هذا الخبر؟ وعلى أي مصدر استند؟
    هذا فيما يتعلّق بالتوثيق؛ لا توثيق نسبة الكلام إلى عبد الرحمن بدوي، بل توثيق ما نسبه هو إلى محمد عبده وأصحاب الأفغاني...
    أمَّا ما فهمه هو من المقال، فتلك مسألة أخرى، سأعود إليها بعد حين بإذن الله.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    (...تابع)

    أمَّا ما فهمه عبد الرحمن بدوي من مقال الأفغاني، فأقل ما يمكن أن يقال عنه إنه غريب من فيلسوف، محقق للكتب، يتقن عدة لغات، سبق له أن مارس الترجمة!
    وهنا أودّ التنويه إلى أنه ينبغي التمييز بين إنصاف الناس والحكم عليهم. والإنصاف يقتضي تقرير المسائل التالية:
    1_ المقال لم يكتبه الأفغاني بالفرنسية، بل تمَّت ترجمته.
    2_ رجَّح بعض الباحثين أنّ جمال الدين الأفغاني لم يكتب المقال (بالمعنى الدقيق للكلمة)، بل أملى أفكاره ردًّا على رينان، والذي تولّى تحرير تلك الأفكار هو خليل غانم (توفي سنة 1903م)، أحد الناقمين على الخلافة العثمانية، وأنَّ هذا الأخير تصرَّف في رد الأفغاني وخلطه بأفكاره الخاصة. وكان غانم قوميَّ النزعة علماني الميول...
    3_ كان خليل غانم متقنًا للّغة الفرنسية. لكن، الترجمة مهما حاولت الوفاء، تظل خائنة...
    4_ ما نقله بدوي (بترجمته، على ما يبدو) من كلام الأفغاني يبدو مربكًا، ومردُّ الإرباك كله إلى استعمال كلمة "الإسلام". فأنت حين تقرأ –مثلا- قول الأفغاني: "الحقُّ أنّ الدين الإسلامي حاول خنق العلم ووقف تقدُّمه..."، لا تملك إلا أن تحكم على قائله بأنه يقرِّر معاداة الإسلام للعلم. لكن هذا النص المترجَم نفسه ترجمه غيره على النحو التالي: "أُقِرُّ أنَّ الإسلام حاول خنق العلم وعرقلة تطوُّره". وهنا لا بد من وقفة:
    كلمة "إسلام" (Islam) تُستَعمل في اللغة الفرنسية ويُراد بها: الدين الإسلامي، كما يُراد بها الواقع التاريخي للمسلمين، سواء كان في مجال الاجتهاد أو الحكم السياسي، كما يُراد بها أيضا واقع المجتمع الإسلامي الغابر أو الحاضر. والأمر نفسه ينطبق على لفظة "المسيحية"... وقد انتقل هذا الاستعمال إلى بعض الباحثين العرب المعاصرين، مثل قولهم "الإسلام السياسي" أو "الإسلام التقدمي"...إلخ.
    ولمزيد من التوضيح: عندما يقول أحدهم، مثلًا: "هذه هي المجازر التي ارتكبتها الماركسية"، فهو لا يقصد المذهب الماركسي، بل الواقع التاريخي لهذا المذهب.


    (يتبع...)

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    (... تابع)

    5_ تأمُّل النص الفرنسي والترجمات العربية، على السواء، يجعلنا نجزم أنَّ المترجم لم يستوعب بعض أفكار الأفغاني، بل لم يدرك دلالة بعض ألفاظه؛ لذا جاءت بعض الفقرات مضطربة، وبعضها يشي بخطأ المترجم في اختيار عباراته في مواضع أخرى من النص نفسه...
    [COLOR="Red"]6_[/COLOR] يقول عبد الرحمن بدوي " والمسؤول عن تصويره الزائف بصورة "المصلح الديني" هو الشيخ محمد عبده، وأصحاب مجلة المنار، ومن شايعهم من السطحيين في مصر والشام"، ليس انتقاصا من الأفغاني فحسب، بل من الشيخ محمد عبده أيضًا ومن رشيد رضا. وملخص هذا الرأي تحامل قديم متجدد، فحواه أنَّ الأفغاني لبَّس على القوم وبهر محمد عبده، فجعله يزكِّيه مجّانًا ويتبعه غاتباعًا أعمى. وهذا فيه ما فيه من تجاهل لعلم محمد عبده وحدَّة ذكائه وسعة معارفه.
    7_ كلام بدوي بناه أساسًا على مفهومه هو للإصلاح الديني، وكأنَّه يميِّز بين الديني والسياسي. والمطَّلع على آثار الأفغاني يتبين له خلاف ذلك. بل إنّ رد الأفغاني نفسه على رينان (إذا قرأناه بالشكل السليم) يؤكِّد أنّ مفهومه للإصلاح يزاوج بين الاجتهاد الديني والنهضة السياسية.
    8_ غفل بدوي عن كون الأفغاني فلسفي المشرب، وهذه غفلة لا تُحمَد من متفلسف! والأفغاني في ردِّه على رينان إنَّما انطلق من مشربه الفلسفي الذي استقاه من التراث الإسلامي، القائل بازدواجية الطريق إلى الحق، والمقرِّر أنَّ الحكمة والشريع تؤديان –كلٌّ حسب منهجه- إلى الحقيقة. وهو –وفقا لهذا المنطلق- عندما يقرِّر أنّ الواقع التاريخي للإسلام "خنق العلم" إنما يقصد الفكر الفلسفي والفكر العقلاني. والمترجم الذي ساغ أفكاره ثم ترجمها (بعجمة مزدوجة!) أثبت مكان العقل والعقلانية لفظة "العلم". والأفغاني كان رهينًا لتكوينه الفلسفي القائم على الفلسفة الإسلامية؛ وهي عمومًا ترى العلوم لصيقة بها أو متطوِّرةً إلى جوارها، كما كان الشأن بالنسبة للفلسفة اليونانية.. ومن هنا كان حكمه على علاقة الواقع التاريخي للإسلام بالعلم... وفي استشهاده بمحاربة الخليفة الهادي للفلسفة والفلاسفة ما يؤكِّد ذلك.
    9_ خاتمة رد الأفغاني على رينان، رغم التشوهات الناتئة على ألفاظ من ترجمها إلى الفرنسية، تؤكِّد أنه إنَّما قرّر ما قرَّره ابن رشد مِن قبل...
    10_ لو تأمَّل عبد الرحمن بدوي قليلا في الكتاب الذي نقل عنه مقتطفات من مقال الأفغاني، لتبيَّن له أنَّ ما فهمه من كلام الأفغاني خاطئ. فهو ينقل عمَّا ألحقته المستشرقة "غواشون" بترجمتها لـ "الرد على الدهريين". و"الرد على الدهريين" إنما كُتِب أساسًا ردًّا على سيِّد أحمد خان، الذي كان ادَّعى أنّ العلم أهمّ من مبادئ الدين في نهضة الحضارات. وهذا ما حيّر بعض الباحثين، فاعتبره من "تناقضات الأفغاني". والأمر ليس كذلك؛ بل التناقض نشأ عن الخلط الواقع في نقل أفكاره، ثم في ترجمتها إلى الفرنسية.
    وعليه، فإنَّ مقال الأفغاني جنت عليه الترجمة من جانب، كما جنى عليه سوء الفهم لمنطلقاته ومشاربه من جانب آخر. وكل اللغط الذي وقع فيه عبد الرحمن بدوي إنما أتاه من هذين الجانبين...

    (يتبع...)

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    (... تابع)

    كا ما سبق من كلام، إنَّما كان إنصافًا للرجل، وتوضيحًا للأوهام التي وقع فيها عبد الرحمن بدوي. وأعني بالإنصاف: توثيق نسبة النص إلى الأفغاني، ثم فهم النص على ما أراده هو. وإذا كان أسلوب الأفغاني صعبًا ومعقَّدًا بالعربية ذاتها، فما بالك إذا تُرجِم إلى الفرنسية، بقلم عربي! ثم ما بالك إذا كان هذا العربي المفرنس سياسيًا جاهلا بمصطلحات الفلاسفة ولغتهم! ثم ما بالك إذا كان هذا السياسي سياسيًا في ترجمته؛ استغل اسم الأفغاني وموافقته ليمرِّر أفكاره هو وأحلامه "النهضوية"! ثم ما بالك إذا كان هذا المترجم نصرانيا حاقدًا على الخلافة العثمانية!
    وقد يقول قائل: "استنكر بعض المقيمين في فرنسا مقال الأفغاني إثر صدوره، فلماذا لم يصدر عنه تكذيب؟"
    والجواب: أنَّه كانت تربطه بخليل غانم علاقة أقوى من المقال، وهي مرتبطة بمشروعه الإصلاحي. وكان قد بلغ خريف العمر، وهو في سباق مع الزمن لتحقيق ذلك المشروع.. فلم يكن الوقت متسعًا لتحرير التكذيبات والدخول في خصومة مع من اعتبرهم أصدقاء...
    كذلك: لعلَّه قال في نفسه "رُبَّ رمية مِن غير رامٍ"، لأنَّ المقال -على الصورة التي حُرِّر بها- كان مطمئنًا للأنتلجنسيا الفرنسية، وكان الأفغاني يراهن سياسيًا على فرنسا...
    هذا بالنسبة للإنصاف.
    فكونه مخالفًا، لا يعني أنّ حكم مخالف آخر له حق. وقد يكون كلام المخالف عن مخالف آخر مخالفًا للصواب والإنصاف...
    أمَّا عن الحكم عليه وعلى أفكاره، فرأيي أنَّ أفضل من انتقد "مدرسة الإصلاح" المصرية وحلّل جذورها ونبّه إلى انزلاقاتها هو الشيخ مصطفى صبري، في كتابه "موقف العقل والعلم والعالم مِن ربِّ العالمين وعباده المرسَلين". وقد قرأته منذ فترة طويلة، ومع ذلك لم تغب عن ذاكرتي هذه الكلمات التي دبَّجها في الحكم على محمد عبده وشيخه، وحفظتها عن ظهر قلب. يقول:
    "أمَّا النهضة الإصلاحية المنسوبة إلى الشيخ محمد عبده، فملخّصها أنه زعزع الأزهر عن تمسُّكه بالدين؛ فقرَّب كثيرًا من الأزهريين إلى اللادينيين خطوات، ولم يقرِّب اللادينيين إلى الدين خطوة"!!
    وفي كتابه هذا يتهم جمال الدين الأفغاني بأنه هو الذي أدخل الماسونية إلى الأزهر!
    لكن ينبغي التنبيه إلى الحذر من الإدانات القاطعة والكُلِّيَّة في حق هؤلاء، إذ في تراثهم خير عميم.. واللبيب هو الذي يحتضن ما يفيد ويجانب ما يضر، ثم بعد ذلك يتكلم بلسان الإنصاف.
    والله الهادي إلى سواء السبيل.
    _ ملاحظة: خليل غانم موظف نصراني في عهد الخلافة العثمانية، فرَّ إلى باريس "ليمارس المعارضة". وهو أحد الأعضاء المؤسسين لحزب "تركيا الفتاة"...

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    1,125

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    لم أجد مَقْنَعًا في كلامك أيها الأخ الكريم، لأنك ترمي باللائمة على المترجم والمستشرقة الفرنسية وعبدالرحمن بدوي، وصعوبة لغة الأفغاني ومشربه الفلسفي، وتفسير كلامه بطريقة خاطئة ... إلخ.
    وكل خطأ في الدنيا يمكن تخريجه على هذا المنهج!
    والحقيقة أن الأفغاني مسؤول عن الكلام المنشور بتوقيعه، ولا أعتقد أن مثله يرسل المقال قبل مراجعة الترجمة والاطمئنان إلى صحتها.
    ولا يخفى أن مقالة مهمة كهذه، لرجل بهذا الوزن، لا يمكن أن تمرّ من غير أن يستشكلها مريدوه في البلاد العربية، فهل سبقك أحد منهم إلى اتهام المترجم؟ الظاهر من كلامك هو العكس! وهو أن بعض الناس قد استنكروا كلام الأفغاني ولم يستنكروا تحريف الترجمان له!
    فهلاّ قلت مثلاً (لم يفزع الشيخ محمد عبده كما زعم بدوي، ولم يتستر على مضمون المقالة، بل نشره وأوضح حقيقته في حينه)؟!
    على أنك لم تصرِّح بأنك وقفت على أصل كلام الأفغاني باللغة العربية، وعلى أصل الترجمة الفرنسية.
    ثم إنك - حفظك الله - لم تفطن إلى التناقضات المنهجية في كلامك! فإذا كان المترجم الأول قد أساء الترجمة فليس لك أن تتهم القارئين للكلام بالغباء وسوء الفهم، كالمستشرقة وعبدالرحمن بدوي!


    والغريب أن تقول:
    وقد يقول قائل: "استنكر بعض المقيمين في فرنسا مقال الأفغاني إثر صدوره، فلماذا لم يصدر عنه تكذيب؟"
    والجواب: أنَّه كانت تربطه بخليل غانم علاقة أقوى من المقال، وهي مرتبطة بمشروعه الإصلاحي. وكان قد بلغ خريف العمر، وهو في سباق مع الزمن لتحقيق ذلك المشروع.. فلم يكن الوقت متسعًا لتحرير التكذيبات والدخول في خصومة مع من اعتبرهم أصدقاء...
    كذلك: لعلَّه قال في نفسه "رُبَّ رمية مِن غير رامٍ"، لأنَّ المقال - على الصورة التي حُرِّر بها - كان مطمئنًا للأنتلجنسيا الفرنسية، وكان الأفغاني يراهن سياسيًا على فرنسا...
    فكيف جعلت رضاه بالترجمة دليلاً على زيفها؟!
    وكيف عرفت أن المترجم تعمد إساءة الترجمة للغرض الذي ذكرته؟ وأن الأفغاني قد استاء منها؟ وأنه لم يجد الوقت لإيضاح رأيه؟ وأنه اختار السكوت لتطمئن (الإنتلجنسيا الفرنسية)؟
    وأنا أطرح هذه الأسئلة لأنك تقول (كيف عرف بدوي كذا

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    الفاضل "خزانة الأدب": السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    قبل أن أتناول جملة المسائل التي تكرمت بتقريرها في تعقيبك، دعني أقرِّر هنا شيئا واحدًا:
    لم "أتّهم" عبد الرحمن بدوي بالغباوة، بل حكمت عليه بأمور ثلاثة:
    1_ غياب التوثيق في بعض ما أرسله من كلام.
    2_ إعفاء نفسه من أي جهد لتفسير ملابسات صدور كلام بمثل هذه الخطورة عن مثل الأفغاني.
    3_ تعمُّد إساءة فهم كلام جمال الدين الأفغاني، لحاجة في نفسه.
    وهذه العناصر الثلاثة لم تتوفَّر عفوا أو سهوًا، بل هي ركائز طائفة من بعض المتأدِّبة والمتفكِّرة في مصر، اتخذت من مقال الأفغاني مطيَّة للترويج للعلمانية. وعلى رأس هؤلاء: مصطفى عبد الرازق، الذي ألقى محاضرة بمناسبة ذكرى تكريمية لرينان، وهي لا تختلف عمَّا قرّره المتأرِّخ المتفلسف عبد الرحمن بدوي؛ وقد ردَّت عليه المنار حينئذ بسلسلة من المقالات..
    ثم دعني أضيف شيئًا آخر في رؤيتي لكلام بدوي، واسمح لي بأن أصف ذلك الكلام كلَّه بالفجاجة، والتساهل في النقد، والإسهال في اللفظ.
    تأمَّل معي هذا الكلام في الموضع نفسه من الكتاب:
    "وما يقوله رينان ها هنا عن الإسلام يتأيَّد بموقف المتشددين من أهل السنة والسلفية ودعاة العودة إلى "الإسلام الصحيح" في العصر الحاضر في مختلف بلاد المسلمين. فابن تيمية يقرر أنَّه لا علم سوى العلم الموروث عن النبي –صلَّى الله عليه وسلَّم- وما عداه فليس علمًا وليس جديرًا باسم العلم"
    ثم قل لي: هل هذا كلام باحث وناقد يوثق بأحكامه؟ أم هذيان جاهل اختلطت عليه الأقوال والأزمنة؟!
    ثم تأمّل مقارنته لجمال الدين الأفغاني بفولتير. وهي لعمري من الأعاجيب! وهي تنمّ عن أنه لم يقرأ برويَّة "الرد على الدهريين"، أو فعل ذلك لكن تجاهل مضمونه، ليحافظ على "غرائبية" المقارنة بينه وبين الأفغاني! فهذا الأخير انتقد بشدة، في الكتاب نفسه، نهج فولتير ومآلات أفكاره...
    أمَّا قوله: "لا بد من تحطيم هذه الأسطورة الموغلة في الزيف، أسطورة "جمال الدين الأفغاني المصلح الديني الإسلامي"، فهي لا تعدو كونها شطحة من شطحاته الوجودية، مع كل ما تحمله الوجودية من فراغ عدمي.. ولو شئنا الاستعارة من قاموسه، لقلنا: التاريخ مَدِين للعديد من الأساطير...

    (يتبع...)

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    (... تابع)

    أخي الفاضل:
    بحكم بشريتنا، لا يخلو كلامنا من تناقض يعتريه. ولكنني لا أرى تناقضا في الذي حرَّرتُه آنفًا من كلام. ولعل تتالي الكلام وإعراضي عن تصنيفه إلى محاور هو الذي أوهَم بطروء التناقض عليه. ولمزيد من الإيضاح:
    الرد على إطلاقات عبد الرحمن بدوي كان على ثلاث مستويات:
    1_ توثيق كلام الأفعاني، والتأكُّد من نسبته إليه بحروفه ومعانيه.
    2_ التسليم بصحة الوثيقة، ثم محاولة تفسيرها بشكل ينسجم مع هيكل المقال ومضامينه، ثم مع الآراء الفكرية السابقة واللاحقة للأفغاني.
    3_ محاولة تفسير إعراض الأفغاني عن تكذيب ما جاء في المقال أو تصحيحه.
    وهذا الذي كان ينبغي للمحقق الباحث الدكتور المفكر الفيلسوف عبد الرحمن بدوي أن يقوم به، قبل أن يخرج علينا بأعجوبته التي يكذِّبها تاريخ الأفغاني وفكره!
    وقد تساءلتَ إن كنتُ اطَّلعتُ على الترجمة العربية لرد الأفغاني على رينان. وأطمئنك إلى أنني لم أشرع في مشاركتي الأولى في هذا الموضوع إلا ونص المقالات الثلاث تحت عيني.
    ونص المقالات الثلاث يشي بأحد أمرين: إمَّا أنّ بدوي تساهل في أحكامه "لكثرة انشغالاته".. وإمَّا أنه تعمَّد التدليس لتقرير قناعة تنسجم مع توجهاته الفكرية..
    يقول جمال الدين الأفغاني في ردِّه:
    "ولم أطَّلع على هذه المحاضرة إلا من خلال ترجمة تقريبية لمعانيها، فلو كنت قادرا على قراءتها بالفرنسية لأحطت بأفكار هذا الفيلسوف بأفضل مما فعلت."
    ويقول رينان في ردِّه على الأفغاني:
    "لقد تعرَّفت على الشيخ جمال الدين منذ شهرين تقريبا، وتم ذلك بفضل معاوننا العزيز السيد غانم."
    وهنا ملاحظتان:
    1_ أكَّد الأفغاني على أنَّه لم يطَّلع على مقال رينان إلا من خلال "ترجمة تقريبية لمعانيها". وكان من شأن هذه الجملة أن تستوقف البحّاثة الناقد بدوي، وكان من واجبه العلمي أن يتساءل: هل يمكن نقل محاضرة فلسفية ألقيَت في السربون من خلال "ترجمة تقريبية لمعانيها"! وإذا أجابك أحدهم بالإيجاب، فاحكم عليه دون أدنى تردُّد أنه لا علاقة له بالفلسفة والفكر الفلسفي؛ لأنّ الفلسفة قائمة أساسًا على مناقشة المفاهيم وإبداعها، وهذا لا يتم إلا بألفاظ تحمل بدقة متناهية تلك المفاهيم، ومن هنا استغلق الفكر الفلسفي على الأذهان...
    2_ أشار رينان إلى "السيد غانم". وكان يفترض أن يلفت هذا الغانم (المغتنم للفرص) انتباه فيلسوفنا المصنِّف للمقالات وأربابها، المتجرِّئ على تزييف حال حركات التاريخ وأصحابها.. لكنه تجاهله، وكأنَّ الأمر متعلِّق بنادل مقهى أو سائق تاكسي! وسواء كان ذلك منه تجاهل عارف أو تجاهل جاهل، فالنتيجة واحدة...
    وعبد الرحمن بدوي، بحكم تجربته في الترجمة، كان ينبغي أن يتساءل عن المترجم، وملابسات الترجمة؛ هل كتب الأفغاني النص بالعربية؟ أم بالفرنسية؟ أم أملاه على مترجم؟...إلخ. لكنه لم يسلك هذا الدرب وتهرَّب من علامات الاستفهام، لأنها لا تنسجم مع ما تقرّر في ذهنه أو أراد تقريره في أذهان قرَّائه...

    (يتبع...)

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    (... تابع)

    وقبل أن أعود إلى ما نحن فيه من كلام، أسمح لنفسي بسرد هذه القصة التي عثرت عليها في مخطوط لا وجود له:
    "وقد ثبت أنَّ سيبويه زار الهند في عام 168 هـ، والتقى بعالم من علمائهم كان يقول إنَّ العرب لا نحو لكلامهم. وممّا جاء في ردِّ سيبويه عليه، وترجمه أحد مرافقيه إلى لغة ذلك العالِم، قوله: "ومثال ذلك: "كان"، فهي ضمير متَّصل، تدخل على الجملة الاسمية، فتنصب المبتدأ وترفع الخبر. والشاهد على ذلك قول الخنساء:
    قد كان حصناً شديدَ الرُّكْن ممتنعاً --- لَيْثاً إذا نزَل الفِتْيانُ أو رَكِبُوا"
    الآن، لنفرض أنَّنا راجعنا المصادر التاريخية، وتأكّد لدينا أنّ سيبويه التقى بذلك العالم الهندي. لكن الكلام المنقول عن سيبويه مشكل! فكيف نحلُّ الإشكال؟
    لا ريب أنّنا سنتساءل عن صحة الترجمة، ثم عن مدى تحكُّم المترجم في اللغتين، ثم عن مدى استيعابه للغة النحويين ومصطلحاتهم.
    فإذا غاب عنَّا كل ذلك، عُدنا إلى النص المنقول وحاوَلنا تصويبه بالقرائن التي يتضمَّنها النص نفسه.
    وإذا لم تسعفنا القرائن، رجعنا إلى مؤلَّفات سيبويه وجعلناها حكمًا على النص تصديقًا أو تكذيبًا..
    ثم إذا عجزنا عن كل ذلك، اعتبرنا المعيار في تقييم تراث ابن سيبويه ما كتبه قبل ويعد زيارته للهند، وحكمنا على ذلك النص أنه مبهم مشكل لا تفسير له.
    أمَّا أن نتمسَّك بذلك النص وحده، ونقرأ من خلاله كل ما كتبه سيبويه، فهذا ممّا يأباه الإنصاف والمنهج العلمي في تقييم آراء الرجال...
    وقس على ذلك قصة مقال جمال الدين الأفغاني في ردِّه على رينان...
    لو قال كافر: "أقرّ بأن الإسلام حاول خنق العلم وعرقلة تطوّره، فنجح في تعطيل حركة الفكر والفلسفة وأثنى العقول عن البحث عن الحقائق العلمية." لما فاجأنا...
    ولو قالها عبد الرحمن بدوي، أو أي عامِّيٌّ جاهل من المسلمين، لأخذنا بيده وعلَّمناه، وأثبتنا له بالبرهان خطأ مقالته وخطورتها...
    ولكن أن يصدر هذا الكلام عن عالم رفع شعار الإصلاح الإسلامي، وانضوى تحت لوائه عدد لا يستهان به من العلماء في العالم الإسلامي كله؛ فهذا من شأنه أن يستوقفنا، خاصة إذا كان كل ما كتبه ذلك العالِم يناقض هذه المقولة...
    بيد أنّ هذه المقولة لم تستوقف بدوي كما كان ينبغي أن تستوقفه، فانتشلها من قارعة طريق التاريخ، ثم رفعها راية وعلَمًا على فكر الأفغاني كلِّه، وبعد ذلك أراد أن يبني عليها تاريخ الإصلاح الحديث!

    (يتبع...)

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    (... تابع)

    كنت ذكرتُ رجحان أن يكون الأفغاني أملى أفكاره على المترجم، واحتمال أن يكون هذا الأخير تصرّف فيها. ولهذا الكلام قرائن، وهي:
    1_ مقال رينان يدور حول محورين أساسين هما: اضطهاد الإسلام للعلم والفلسفة، وإنكار أن يكون للعرب فضل في انتشار العلوم لأنها إنما أُسِّست وتطورت بفضل الأعاجم (الفرس تحديدًا) الذين اعتنقوا الإسلام.
    وإذا تأمّلنا الرد المنسوب إلى جمال الدين الأفغاني، وجدناه يكرِّس ثلثيه للدفاع عن العرب، ولا يحفى الدفاع عن اللإسلام فيه إلا بالثلث! وبلغة الأعداد:
    عدد كلمات المقال: 2079 كلمة.
    _ الديباجة: 369 كلمة.
    _ الشق الأول (المخصص للحديث عن علاقة الإسلام بالعلم): 620 كلمة.
    _ الشق الثاني: 1090 كلمة!!
    وهذا التقسيم مستغرَب من علِم دين فارسي! وهو ممّا يرجِّح أنّ "الغانم" (القومي، النصراني، العلماني) كانت له اليد الطولى في تحرير المقال.
    2_ في المقال اضطرابات تؤيِّد كون المترجم لم يستوعب كلام الأفغاني، ونقله بشكل محرَّف؛ إمَّا لجهله بلغة الفلاسفة، أو لجهله بما يقابل مصطلحاتهم في اللغة الفرنسية، أو لحاجة في نفسه. ولن أسترسل كثيرًا في هذه المسألة، بل أكتفي بنقل خاتمة رد الأفغاني. حيث يقول:
    "والعلم، على ما به من بهاء، لا يرضي الإنسانية كل الإرضاء؛ وهي المتعطشة إلى المثل العليا التواقة إلى التحليق في الآفاق المبهمة البعيدة، التي لا عهد للفلاسفة برؤيتها أو ارتيادها."
    وهذا الكلام لا ينسجم تمامًا مع أوّل المقال، بل يقرِّر فيه جمال الدين الأفغاني حدود العلم، ويؤكِّد أنّه لا يكفي وحده لهداية البشرية.
    ثم تأمَّل أيضًا قوله: "أجل، أخذ العرب عن اليونان فلسفتهم كما جرّدوا الفرس عن ما اشتهروا به في العصور القديمة. لكن هذه العلوم التي اغتصبوها بحقّ الفتح قد طوّروها ووضحوها ووسعوها ونسقوها بذوق كامل ودقة نادرة." وقارنه بما نقله بدوي...
    3_ أشرت سابقا إلى أنَّ منشأ اللغط كله هو سوء الترجمة إلى الفرنسية، ثم سوء ترجمة النص المفرنس إلى العربية، وأنَّ كل ذلك مرتبط بكلمة الإسلام. وهذا توضيح ذلك:
    يقول رينان في مقاله:
    "الواقع إن الإسلام قد عمل باستمرار على اضطهاد الفلسفة والعلوم وانتهى به الأمر إلى وأد هذه المعارف. لكن من الجدير أن نميّز في هذا المجال بين فترتين من تاريخ الإسلام، تمتدّ الأولى من بدايته إلى القرن الثاني عشر وتمتد الثانية من القرن الثالث عشر إلى أيامنا هذه. كان الإسلام في الفترة الأولى ملغوما بالملل والنحل ومعتدلا بفضل المعتزلة الذين هم بمثابة البروتستانت، وكان أقلّ تنظما وتعصبا من الفترة الثانية عندما سقط بين أيدي أعراق التتار والبربر وهي أعراق ثقيلة وعنيفة وفاقدة للسمو العقلي".
    وهذا يؤكِّد أنّ استعمال رينان لكلمة "الإسلام" ثم استعمال المترجم لرد الأفغاني لها إنما أريدَ به: واقع التاريخ الإسلامي.
    وقد أشار إلى ذلك الشيخ محمد عبده في رده على فرح أنطون، وأوضح أنّ المراد به المقلدون من الفقهاء؛ وهو أدرى بكلام صاحبه.


    (... يتبع)

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    (... تابع)
    4_ في الرد المنسوب إلى الأفغاني نفَس تطوُّري سبنسري. وقد كان للداروينية والسبنسرية رواج في تلك الفترة. وأنصار فكرة "الاتحاد والترقي" (وغانم منهم) كانوا من أشد المتأثرين بها. بينما نجد الأفغاني حاربها بشدة في كتابه "الرد على الدهريين...
    وأرى أنَّني قد أطلت، مع أنّ المقام يقتضي الإطالة؛ ولهذا سأختصر..
    لكن، قبل ذلك، لا بد من توضيح:
    يقول الأخ الفاضل "خزانة الأدب": "وكيف عرفت أن المترجم تعمد إساءة الترجمة للغرض الذي ذكرته؟ وأن الأفغاني قد استاء منها؟ وأنه لم يجد الوقت لإيضاح رأيه؟ وأنه اختار السكوت لتطمئن (الإنتلجنسيا الفرنسية)؟
    والجواب: كل ذلك كان جملة احتمالات حول مسألة غابت عنَّا. لكنها ليست تخمينات، ولا تعسُّفات على طريقة عبد الرحمن بدوي، بل هي مبنية على قرائن تاريخية. وكل مَن درس حياة جمال الدين الأفغاني يعلم أنه كان يراهن على التأثير في فرنسا، ضمن مواجهته للاستعمار البريطاني في مصر والهند...
    وليس رضاه بالترجمة هو الدليل على زيفها، وإنما مجموع ما كتبه قبل وبعد ذلك الرد...
    كما أنّني لم أتَّهم المستشرقة غواشون بالغباء، بل حكمت على بدوي بسوء الفهم لكلامها وللكلام الوارد في المقال منسوبًا إلى الأفغاني، واعتبرت اكتفاءه بما نقلته دون الرجوع إلى أصل المقال خطأ منهجيًّا..
    أمّا عن سؤالك: هل سبقك أحد منهم إلى اتهام المترجم؟ فالجواب: نعم؛ الشيخ محمد عبده. وهو لم يتهم ترجمة كلام الأفغاني فحسب، بل اتهم ترجمة كلام رينان نفسه، وذلك في ردوده على فرح أنطون.
    وحتى لو لم يسبقني إلى ذلك، تأمّل كلامي؛ فإن وجدتَه مقنعًا، اعتبرني رائد هذا الاتهام..(ابتسام )
    (يتبع...)

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    وبعد؛
    أكرِّر وأؤكد أنّ هدفي ليس الدفاع عن نهج "مدرسة المنار"، بل التصدي لما قاله عبد الرحمن بدوي.
    إنّ الذي حداني إلى الإطالة هو التنبيه إلى الجهل المنهجي لعبد الرحمن بدوي في تناوله لرد جمال الدين الأفغاني على رينان، ثم كشف الحجاب عن دافعه الحقيقي وراء إخراجه الأفغاني من دائرة الإصلاح الديني...
    لم يكن حكم بدوي التقدي هذا من بنات أفكاره، بل ما هو إلا صدى لمحاضرة مصطفى عبد الرازق في ذكرى رينان.. وهذا الحكم كما كان له صدى قبل "الشخصيات القلقة"، سيظل له أثر بعدها...
    وهي حيلة لجأ إليها المتنصلون من الإسلام بمفهومه الشامل، وملخصها: تفريغ الرموز التاريخية وتحويلها إلى معسكرهم الفكري، لكسب المصداقية للأفكار التي يروِّجون لها في مجتمعنا المسلم... تمامًا مثلما فعل الجابري مع ابن رشد...
    نعم أخطأ جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده في مسائل عديدة؛ ولكن، مهما تكن أخطاؤهم فإنها لن تكون مبرِّرًا ليتسلَّل من خلالهما المنسلخون المتسترون برداء التنوير والتجديد...
    عندما يقول بدوي إنّ اعتبار الأفغاني مصلحًا دينيا أسطورة يجب أن تُلْغى، ثم يقرر أنه كان مفكِّرًا حرًّا شبيها بفولتير، هو لا يهاجمه بل يدافع عنه وفق نظرته هو للأشياء. ومؤدّى كلامه: الأفغاني لم يكن مصلحًا دينيا، بل رائدا للفكر الحر. وإذا كان له تأثير في العالم الإسلامي، فهذا يعني أنَّ "الفكر الحر" بإمكانه التأثير فيه من جديد، وهو يعني أيضًا أنّ "المتنوِّرين" ليسوا يتامى، بل لهم سلف قريب هو: جمال الدين الأفغاني!
    ومن هنا يبدأ تزييف التاريخ، وتحريف الحقائق...
    إنّ كلام بدوي ساقط علميًّا، وتاريخيا، ودينيًّا...
    إنه كالعدم. وكذلك كان عبد الرحمن بدوي يتصوّر وجوده، عندما تتصاعد إلى دماغه أخلاط الوجودية...
    والله الهادي إلى سواء السبيل.

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    1,125

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي مشاهدة المشاركة
    أمّا عن سؤالك: هل سبقك أحد منهم إلى اتهام المترجم؟ فالجواب: نعم؛ الشيخ محمد عبده. وهو لم يتهم ترجمة كلام الأفغاني فحسب، بل اتهم ترجمة كلام رينان نفسه، وذلك في ردوده على فرح أنطون.
    فضلاً توثيق هذا القول باسم الكتاب والصفحة والطبعة

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    2

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    اول ما يجب ان يعرفه الاخوة عن عبد الرحمن بدوي انه رجل مهووس بذاته..ولا يرى لاحد فضل..اقرا كتابه سيرة حياتي وانت تعرف ان بدوي كان بينه وبين ترجمة الشخصيات حجاب..

  19. #19

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    ماشاء الله !
    حوار رائع وماتع ، قرأتُ جميع ما خطه يراعكم هنا .
    وقد كنتُ أقرأ كثيرًا للشيخ علي الطنطاوي ، وكان يشير - رحمه الله - إلى جهود لجمال الدين ومحمد عبده ، على ما نفسي من الثناء على تلك الجهود من حرج لما سمعتُ شيئًا من أخبارهم ، والواقع أنه لم تتبلور صورة كاملة واضحة في ذهني عن منهجهم وأفكارهم ؛ الأمر الذي يفرض شيئًا من الاطلاع على ما كتب في ذلك ، وقد أشار الفاضلُ الواحديُ إلى شيء منها ، فهل من مزيد ؟

    بقي نقطة واحدة ، وأود من الأخ الواحدي توضيحها :
    بالنسبة للواقع التاريخي للمسلمين ، والذي كان سبب الخلط - كما تقول - ؛ أظن أنه لا ينفك عن أمرين :
    1.التصرفات الفردية والبشرية من المسلمين ؛ إن حكامًا أو علماء أو غيرهم .
    2.المنهج الإسلامي ، كتابًا وسنة ، واجتهادًا مع عدمها .
    بالنسبة للأول ؛ فلا منازعة في كون التصرفات يدخلها الخطأ .
    ولكن الإشكال - عندي - يتجه للشق الأول من النقطة الثانية ؛ إذ أن وصف " رينان " للإسلام بأنه يقف في وجه العلم؛ لا ينفك عن اتهام مباشر للمنهج الإسلامي ؛ وذلك لكون المسلمين إنما يتعبدون باتباع ذلك المنهج فحسب .
    وأما أن يقصد رينان أو الأفغاني التصرفات الفردية ، ثم يطلقون وصف الدين أو الإسلام عليها ؛ فهو في نظري إجحاف ، وتصرف يفقد للإنصاف ، وهذا الأمر يدعوني لفهم كلامهم على أنه موجه للمنهج والدين ذاته .

    ما رأيكم ؟


    وفقك الله .
    «وأصل فساد العالم إنما هو من اختلاف الملوك والفقهاء، ولهذا لم يطمع أعداء الإسلام فيه في زمن من الأزمنة إلا في زمن تعدد الملوك المسلمين وانفراد كل منهم ببلاد، وطلب بعضهم العلو على بعض» ابن القيم.

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    1,125

    افتراضي رد: كلام أبلغ من كل كلام، لعبدالرحمن بدوي، عن حقيقة جمال الدين ومُريده الشيخ محمد عبد

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اشرف الحزمري مشاهدة المشاركة
    اول ما يجب ان يعرفه الاخوة عن عبد الرحمن بدوي انه رجل مهووس بذاته..ولا يرى لاحد فضل..اقرا كتابه سيرة حياتي وانت تعرف ان بدوي كان بينه وبين ترجمة الشخصيات حجاب..
    لا علاقة لذلك بالموضوع بارك الله فيك، ومشكلة عبد الرحمن بدوي هي مع معاصريه، وليس محمد عبده ورشيد رضا من معاصريه!

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •