] الحلم الذي يراود رئيس «حركة العدل والمساواة» الدارفورية خليل إبراهيم هو أن يكون الحاكم الفردي المطلق لإقليم دارفور تحت حماية عسكرية فرنسية، لذا فإنه يعارض أي تفاوض مع الحكومة السودانية يجمعه مع قادة الحركات المسلحة الدارفورية الأخرى لأنه في هذه الحالة لن يكون بوسعه إبراز أوراق اعتماد ليثبت أنه الممثل الشرعي الأوحد ولا حتى الممثل الأوحد للقبيلة التي ينتمي إليها إذ أن هناك شخصيات أخرى تشاركه هذا الإدعاء
للالتفاف حول هذا العائق من أجل تحقيق حلمه الذاتي يفضل زعيم «العدل والمساواة» عملية تفاوضية على المستوى الثنائي محصورة في حركته فقط والحكومة تكون أقرب إلى التواطؤ منها إلى التفاوض بحيث لا يتاح لزعيم دارفوري آخر أو أكثر مشاركته في الحصول على الغنائم، هكذا نفهم معارضته المتشددة للتفاوض متعدد الأطراف.

ولم يكن خليل إبراهيم بحاجة إلى أن يعلن رفضه للتوصيات التي تضمنها البيان الختامي لملتقى «مبادرة أهل السودان» التي تشتمل على دعوة إلى تفاوض شامل بمشاركة كل الحركات الدارفورية المسلحة وغيرها من ممثلي أهل دارفور، فقد رفض فكرة اللقاء من أصلها حتى قبل أن ينعقد.

وإذا كان منطق خليل ينطبق على قادة الحركات المسلحة الأخرى بإدعاء كل منها بأنها الممثل الأوحد لدارفور فهل يخطئ أي مراقب موضوعي إذا استنبط سلفاً أن قادة الحركات جميعاً بما في ذلك خليل إبراهيم سوف يقاطعون المفاوضات المرتقبة في إطار المبادرة العربية الإفريقية التي تقودها قطر؟

لكن منطق «العدل والمساواة» مفضوح، في تجاوب مع توصيات «مبادرة أهل السودان» أعلنت الحكومة السودانية وقفاً لإطلاق النار في دارفور. وبالإضافة إلى أن هذا الإعلان صدر على لسان رئيس الجمهورية في حضور شخصيات دولية تمثل الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي وهيئة الأمم المتحدة فإن الحكومة دعت أيضاً إلى تشكيل آلية دولية فاعلة لمراقبة وقف إطلاق النار تتكون من كل الأطراف والقوات المشتركة للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، ماذا نستخلص؟

الاستخلاص مرئي لمن يدقق النظر. فقيادات الحركات المسلحة وظفت نفسها لخدمة أجندة استراتيجية فرنسية ذات مضمون عنصري.. رغم الخلافات التي تفرق بين هذه القيادات على المستوى التنظيمي. ويقضي المشروع الفرنسي بتحويل إقليم دارفور إلى قاعدة عنصرية من القبائل «الإفريقية» بهدف خلق حالة مستديمة من زعزعة الاستقرار في الشمال السوداني ذي الأغلبية العربية وصولاً إلى فصم السودان عن محيطه العربي الإسلامي.