بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل الخلق سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين .

المقدمة:

إما صراطٌ مستقيم ، وإما سبلٌ متفرقة . الصراط المستقيم قرآنٌ وسنة وهو الحق ، فمن زاغ أزاغ الله قلبه . والفرق الضالة من أهل الملل والنحل والأهواء والبدع ضلوا بعدولهم عن صراط الله .

تعددت سبل الضلال وإن ركبت دركاتها بعضاً . فمن بعد الكفر: إما مستغنٍ بالإطلاق عن الكتاب والسنة ، وإما متجوزٌ لنفسه الخروج عليها ، وإما ملتزمٌ إياها مع انحرافٍ متفاوت في الأخذ بها على كل الأحوال ، وإما امرؤٌ دخل عليه الشيطان من مدخل خبيث حديث وهو : النظر في الواقع ، ثم في الشرع.

العقيدة الواسطية تمكِّن من إدراك أسباب الانحراف عن ذات اليمين وذات الشمال والمقابلة بينهم بسهولة . ومن منهج شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ضرب أقوال أهل البدع بعضها ببعض .

فمن أساس الانحراف وهو الزيغ عن صراط الله ، ومن هداية الله : العقيدة الواسطية ؛ نعرف الضلالات (أسباب الانحراف المشتركة) . فهي قابلةٌ للحصر شرط النظر والتدبر في كتاب الله لمعرفتها وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لمعرفة كيفية إسقاطها على الواقع والهدي النبوي في معاملتها.

رأيت واحدةً ، أطرحها . هي : "طاعة الكبراء".

طاعة الكبراء:

قال تعالى : {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} (الأحزاب:67)

تتفاوت بقدر التزامها . فعلى مستوى الضلال المبين توجد لدى : الضالين : النصارى .

قال تعالى : {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (التوبة:31)

وعلى مستوى الضلال وُجِدَت لدى فرقٍ كثيرة . بقيت منها اثنتان عظيمتان : الشيعة والصوفية. هناك مستوياتٌ بعدها ، لكن استقراءً من الهدي النبوي : يكون التعامل مع الضلالات مستوىً مستوىً .

* كيف ندعو المصابين بهذه الضلالة ؟

استقراء حول دعوة الناس إلى الحق :

- الطريقة : بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير.
التزام هذه الطريقة يؤدي إلى نتيجتين لا ثالث لهما :
1- اهتداء الضالين .
2- استبدال الله إياهم بقومٍ آخرين .

وكلاهما يحتاج إلى قيام الحجة البالغة عبر التذكير المستمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير .

لماذا؟

بعد القيام بالطريقة المذكورة فإن النفس إما ستتهاوى أهواؤها أمام الحق الذي تراه وهذا سيؤدي إلى هدايتها أو انهزامها أمام الحق أو سيضعف كيدها لاقتناعها أنها ليست على الحق . وإما أنها ستتكبر على الحق بعد استيقانها إياه وهذا يسرِّع عملية أخذ الله لها حتى لا يبقى لها تأثير على الأرض لفترةٍ أطول ، فيستبدل الله بهم قوماً آخرين . وفي هذا بشرى من ثلاثة جهات:

1. الدعوة إلى الله لا تفشل أبداً ؛ إنما يفشل الداعي لخللٍ في عقيدته أو في نيته –شرطا قبول العمل- .
2. الدعوة إلى الله لا تتطلب أكثر من إعداد النفس . فإن شخصاً واحداً يمكن أن يغير أمةً بأكملها ، ولكن بشرط : سلامة العقيدة والنية . لأن الواحد على الحق جماعة ، والمجتمعون على الباطل فرقة بضم الفاء وكسرها.
3. على الداعي أن يكثر من ذكر الله تعالى فإن هذا وقوده . فإن كان واحداً فبالتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير وسواها من الأذكار الشرعية . وإن كانت جماعة فعليهم بذكر الله بـ"التواصي بالحق والتواصي بالصبر" . وليحذر المعاصي فهي عونٌ لعدوه عليه .
4. في حال وجود خلل ولو قليل في العقيدة فإن الدعوة وإن واجهت نجاحاً فستفشل . وكم من دعواتٍ رأيناها أبهجت ثم لم يعد لها بعد زمنٍ قليلٍ ذكر . فهي فتنة . وكذا الخلل في النية إلا أنها تستكمل بالاستغفار وسؤال الله الدائم القبول ومراقبة النفس.

- مدة الدعوة :
ظهور الدعوة وتثبيتها : 13 سنة . الفئة العمرية المستهدفة (12-25) سنة.
السبب : الفرق بين (12-25) سنة 13 سنة .
بعد 13 سنة سينتج أن صاحب الـ(25) سنة قد أصبح (37) سنة . ومن كان في الـ(12)
قد أصبح في الـ(25) سنة . وبهذا يُضمَنُ لدعوة الحق مكانٌ في عمق جيلٍ بأكمله مع أقل جهدٍ ممكن . كل هذا باستهداف "الشباب" كفئة أساسية والفئات الباقية هي ثانوية .

وهذا استقراءٌ من السنة النبوية باعتبارها الطريقة الأمثل وبالإيمان بثبات سنن الله .

- أسلوب الدعوة:
سؤال : كيف دعا القرآن وتعامل مع أصحاب ضلالة "طاعة الكُبَراء" ؟

هذا السؤال لا طاقة لي بإجابته ، وإنما هو للباحثين فيه من الدعاة –فقيهاً أو غير فقيه- . ومن فهِم الأسلوب استحق تطبيقه .
لكن تلوح لي بعض الإشارات فأضيفها علّها تنفع :

1. التحريض على السادات والكبراء :

قال تعالى : {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} (الأحزاب:67)
باستثارة الإباء على التحكم والتسلطن بغير حق وبمجرد الهوى . فهؤلاء الكبراء ليسوا سوى بشر . فأنى لهم أن يشرعوا من الدين ما لم يأذن به الله ؟
وهذه تظهر فضيلة علماء أهل السنة والجماعة ، فكل قولٍ عندهم يُحتجُ له إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتج به.
ملاحظة : واضحٌ أن هذه أكثر تأثيراً على الشباب من غيرهم .

2. طاعة الآباء :
{بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} (الزخرف:22)
ملاحظة : واضحٌ أن هذه أكثر تأثيراً على الشباب من غيرهم أيضاً.

ومن تأمل في القرآن وجد مبتغاه .

الخاتمة:

في هذا المقال لون من ألوان الخطاب الذي ينبغي دعوة الشيعة والصوفية به . وكل من استخدم هذا الخطاب بشروطه سيفلح بإذن الله تعالى . فالعبرة باتباع القرآن والسنة بحذافيرها لا باستحداث الأساليب الجديدة من الغرب والواقع والعقل . وهو كما نرى لا يستلزم أكثر من شخصٍ واحدٍ فقط . كل من أراد مخاطبة الشيعة أو الصوفية فعليه عمل شيئين :
1. خطابهم بخطاب : النهي عن "طاعة الكبراء" و"عبادة الأحبار" .
2. استهداف الشباب في خطابه .

وله أن يستنبط من القرآن ما يفتح الله عليه به من أساليب حوار الضالين بهذه الضلالة . وله أن يستنبط الضلالات الأخرى المذكورة في القرآن الكريم والتي تتعلق بكل فرقة ضالةٍ .

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.ولا تبخلوا علي بـ"النصيحة" . أسأل الله لنا ولكم القبول والإخلاص والعفو والعافية في الدنيا والآخرة .