تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: عبادة الطاعة ... بين أهل التوحيد وأهل التنديد

  1. #1

    افتراضي عبادة الطاعة ... بين أهل التوحيد وأهل التنديد

    عبادة الطاعة ... بين أهل التوحيد وأهل التنديد
    أبو يونس العباسي
    الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه , وسلم تسليما كثيرا , وبعد ....
    - صعدت يوما فوق سطح بيتي , وكان القمر في هذا اليوم بدرا , والجو عليلا , إلا أن السرور كان لا يعمر صدري , أفكر في هذه الأمة , في همومها , في قضاياها , فيمن يهدم في بنيانها , وهو يظن نفسه يبني ,فيمن يفسد وهو يظن نفسه مصلحا , فيمن يخرب وهو يظن نفسه معمرا , وقلت في نفسي : من أين أتيت أمتي ؟ فكرت وفكرت وفكرت .... ثم هديت إلى الإجابة : إن أمتي أتيت من طاعتها للمخلوق في معصية الخالق - سبحانه وتعالى - , وجدت امتي عزت في الزمان السابق : لما أطاعت الله , وقدمت طاعته على طاعة غيره , قدمت محابه على محاب غيره , قدمت رضاه على رضى غيره , بذلت وضحت وقدمت في سبيله - جل وعلا - الغالي والنفيس , الثمين والرخيص , وعجبت أكثر من أبناء الأمة في هذه الآونة , الذين عرفوا داءهم وأين يكمن , ودواءهم أين يكمن , ثم هم بعد ذلك مقصرين في وضع الدواء على الداء ليبرأ بإذن الله - تبارك وتعالى - .
    - أحبتي في الله : طاعة الله تبارك وتعالى , هي عبادته , والعبادة لا يقبلها الله إلا إذا كانت له وله وحده , فما هو المقصود بتوحيد الله في طاعته ؟ ... إن توحيد الله في طاعته يعني : أن يكون المطاع لذاته في امتثال الأمر واجتناب النهي هو الله , والله وحده , أما طاعة غيره فهي تابعة لطاعته - جل جلاله - , وإن الواحد منا لو أطل برأسه على واقع المسلمين , لوجد الكثيرين من المسلمين قد جعلوا المخلوق هو المطاع لذاته , وأما طاعة غيره - حتى لوكان هذا الغير هو الله - فهي تابعة لطاعته , وما أكثر الآلهة التي تطاع في معصية الله وأعد منها : الدرهم والدينار والنفس الأمارة بالسوء , والهوى , والدنيا وملذاتها وشهواتها , والشيطان وحزبه وجنوده , والأحزاب والتيارات والحركات , والزعماء والقادة والمخاتير , والمرجعيات والشيوخ والفقهاء , والعائلات والعشائر والحواميل , والمنظمات والمؤسسات والمجامع , وغيرها الكثير الكثير ......
    - إخوة التوحيد والإيمان : وإذا كان امتثال الأمر واجتناب النهي هو عينه عبادة الله , والتي لا يقبلها الله إلا بالإخلاص فيها له , وبأن تكون على سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بناء عليه هناك شرك يغفل عنه الكثير من المسلمين الا وهو ما يسمى بشرك الطاعة , وهذا الشرك يكون عندما يطيع الواحد منا مخلوقا ما طاعة ذاتية , أو أن يطيعه في معصية الله تعالى , ويدل على هذا الفهم قول ربنا جل جلاله :"وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُم ْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ" , نعم : إن طاعة المخلوق في معصية الخالق عبادة لهذا المخلوق , وما اكثر من يعبد المخلوق ويترك عبادة الخالق , بل ما أكثر من يعبد الشيطان ويترك عبادة الرحمن , قال الله تعالى :" أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ " , وفي الحقيقة أنا ما رأيت أحدا في يوم من الأيام يسجد أو يركع للشيطان , إذ نحن لا نراه لا هو ولا من يماثله في الجنس , قال الله تعالى :" إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ" , وعلى ما سبق , يكون المقصد من كلام ربنا :" لا تعبدوا الشيطان " أي : لا تطيعوا الشيطان , , وهذا التأصيل آنف الذكر ينطبق على قول النبي - صلى الله عليه وسلم - كما عند البخاري من حديث أبي هريرة : "تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع " , وينطبق كذلك على قوله تعالى :" أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ" وقوله كذلك :" أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا " , وينطبق هذا التأصيل أيضا على قول الله تعالى :" اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ " , ولقد جلى الرسول الكريم المقصود من هذه الآية في ذلكم الحديث الذي أخرجه الترمذي في سننه وحسنه الأباني من حديث عدي بن حاتم قال : " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال يا عدي اطرح عنك هذا الوثن وسمعته يقرأ في سورة براءة { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله } قال أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه " , وعليه نقول آسفين : إن العالم اليوم يضج بالأرباب التي تحلل الحرام وتحرم الحلال, وترد الحق , وتقبل الباطل وتدافع عنه , عبر منظمات تشارك الله في تشريع الأحكام , وعبر حكومات تترك تحكيم الشريعة وتحكم القوانين الوضعية , ثم بعد ذلك تراها تدعي الإسلام , وعبر مشائخ يدافعون عن عروش الطواغيت , ويحيطونها بهالة من الشرعية , وعبر أؤلئك المخدوعين " انصار التيارات المنحرفة" الذين يدافعون عن حركاتهم لا بالحجة , ولكن بالسباب والشتام , وتسفيه المخالف لهم , وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا , لكل هؤلاء نقول : " يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ " لكل هؤلاء نقول : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ " , حقا إن من ينظر إلى العالم اليوم لا يملك إلا أن يردد قول الله تعالى :" وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ " وقوله كذلك :" وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ "

  2. #2

    افتراضي رد: عبادة الطاعة ... بين أهل التوحيد وأهل التنديد

    لمن يرغب بالمزيد : الجزء الثاني من المقال

    *
    *
    *
    *
    *

  3. #3

    افتراضي رد: عبادة الطاعة ... بين أهل التوحيد وأهل التنديد

    عبادة الطاعة ... بين أهل التوحيد وأهل التنديد (2)
    أبو يونس العباسي

    - أمتي الغالية : إن النجاح والفلاح مربوط بطاعة الله - تبارك وتعالى - والفشل والطلاح مرهون بالإعراض عنها , قال الله تبارك وتعالى :" لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ " , " فيه ذكركم " يعني : فيه شرفكم وعزتكم وسؤددكم إن أنتم امتثلتم أوامره واجتنبتم نواهيه , وإن تاريخ هذه الأمة فضلا عن نصوص الوحيين , أثبت ولمرات متكررة أن هذه الأمة لا يمكن أن تعز إلا بطاعة الله تبارك وتعالى , قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه : " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله " , وكما عند مالك والحاكم موصولا بإسناد حسن أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال : " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما : كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض " , وإن البلاء الذي نزل على هذه الأمة إنما كان بسبب عصيانها لله وتركها لطاعته , ولقد صدق العباس بن عبد المطلب يوم قال : إنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا ينكشف إلا بتوبة " والتوبة في مسألتنا هذه في لزوم طاعة الله في كل صغيرة وكبيرة , في كل أمر وكل نهي , قال الله تعالى :" إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ " , ومن سنن الله في هذا الكون : أن التغيير لا بد أن يأتي من قاعدة الهرم , وأما الرأس فسيتغير تلقائيا إذا تغيرت القاعدة , إذ إن الأمر كما قيل يوما :" مثلما تكونوا يولى عليكم " , لذلك فإن كل مشروع لا يقوم عل طاعة الله - تبارك وتعالى - فهو مشروع سيبوء بالفشل , قال الله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ " , إذن : فسيبقى كل مشروع أسس على طاعة الله- قولا وعملا - وسيسقط وسيهدم وسينهار كل ما بني على غير ذلك , قال الله تعالى :" أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " , وأما من قال بأنه سيطيع ربه , يوم أن كان مستضعفا , فلما مكن الله لهم , تركوا طاعة ربهم , تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , تركوا تحكيم الشريعة , بل حكموا القوانين الوضعية , فأولئك - إن لم يتوبوا إلى الله - فسينطبق عليهم ما انطبق على من أسس بنيانه على شفا جرف هار , إن أمثال هؤلاء يصح فيهم قول الله تعالى :" ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين*** فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون***فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون***ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب "
    - أحبتي في الله : وهنا لا يجوز لنا ان ننسى بأن طاعتنا لله تعالى مربوطة بالأجر وأن عصياننا له مربوط بالوزر , فالطاعة تعنى جنة تجري من تحتها الأنهار, فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر , قال الله تعالى : "يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون" , والمعصية تعني نارا تلظى أوقد الله عليها ثلاثة آلاف سنة حتى أصبحت سوداء مظلمة , نسأل الله السلامة , وإنك لن تكون مسلما إلا إذا أطعت ربك - تبارك وتعالى - لأن الإسلام هو الاستسلام لله تعالى , وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه , فالحلال عند المسلم الحقيقي ما أحله الله , والحرام ما حرمه الله , والازم ما ألزم به الله , والمباح ما أباحه الله تعالى , ليس للمسلم الحقيقي اختيار امام اختيار الله تعالى , قال الله تعالى :" وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا " وقال سبحانه :" إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " , إن كثيرا من المسلمين وخاصة من المتحزبين , يقولون بأن محمدا هو رسولهم , في نفس الوقت الذي يخالفونه فيه , تعصبا لأحزابهم وتياراتهم وقيادتهم , وإن من شهد أن محمدا هو رسول الله , فيجب عليه أن يطيعه في كل ما جاء به من عند ربه , قال الله تعالى :" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ", وقال سبحانه :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ", نسأل الله ألا يكون قولي كقول الشاعر : لقد أسمعت لو ناديت حيا ****ولكن لا حياة لم تنادى , ولا حول ولا قوة إلا بالله .
    أحبتي في الله : لا بد أن نعلم علم اليقين بأن جيل النصر الموعود له صفات , ومن أبرز صفات جيل النصر : المسارعة في طاعة المولى - سبحانه وتعالى - وعدم التلكؤ والتباطؤ في تنفيذ هذه الطاعة , وكيف لا يسارع المسلم في طاعة ربه والله يقول :" وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ " , كيف والمسارعة إلى الطاعة صفة المرسلين من قبل رب العالمين , قال الله تعالى : " فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ " وقال الله عن موسى :"وعجلت إليك رب لترضى " قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - : " العجلة مذمومة في كل شيئ إلا في أمور الآخرة " , ويؤكد هذا المعنى الحديث الذي أخرجه الحاكم في مستدركه وصححه الألباني من حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :"اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك" , وتعالو لنضرب أمثلة مباشرة لمسارعة الصحابة في الطاعات , والتي استحقوا وبسببها النصر في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة : أولا : أخرج البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر قال :"بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة" , ثانيا : أخرج البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني : قال أنس : "قال أنس : ما كان لأهل المدينة شراب حيث حرمت الخمر أعجب إليهم من التمر والبسر فإني لأسقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم عند أبي طلحة مر رجل فقال إن الخمر قد حرمت فما قالوا متى أو حتى ننظر قالوا يا أنس أهرقها ثم قالوا عند أم سليم حتى أبردوا واغتسلوا ثم طيبتهم أم سليم ثم راحوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا الخبر كما قال الرجل قال أنس فما طعموها بعد" . ثالثا : أخرج أبو داوود في سننه وصححه الألباني عن عائشة - رضي الله عنها أنها قالت :"يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله وليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن أكنف قال بن صالح : أكثف مروطهن فاختمرن بها " , نعم هكذا كان سلفنا , كانوا إذا فعلو طاعة لم يسألوا أفرض هي أم سنة , بل يسألون : هل فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم - فإذا فعلها فعلوها ولم يلو منهم أحد , وإذا تركها تركوها ولم يلو منهم أحد كذلك , ولقد كان من جميل ما تعلمناه , قول أحد مشائخنا : " المسلم لا يفرق بين الفرض والمندوب إلا لضيق الوقت " وانا أزيد فأقول : المسلم لا بد أن يميز بين المندوب والفرض ليعلم الطاعة التي تقضى من الطاعة التي لا تقضى , أما أن يكون التفريق بين المندوب والفرض سببا للتقصير في المندوبات , سبحانك ربنا ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين , ولقد سمعت شيخا من شيوخي مرة يقول : إن التزام المسلم لا يقاس بتأديته للفرائض , بل بتأديته للسنن , وصدق - سلمه الله وثبته -

  4. #4

    افتراضي رد: عبادة الطاعة ... بين أهل التوحيد وأهل التنديد

    لمن أراد المزيد : الجزء الثالث من المقال


    *
    *
    *
    *
    *

  5. #5

    افتراضي رد: عبادة الطاعة ... بين أهل التوحيد وأهل التنديد

    عبادة الطاعة ... بين أهل التوحيد وأهل التنديد (3)
    أبو يونس العباسي
    -أحبتي في الله : صرنا في زمان يقسم فيه بعض الناس طاعة الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - إلى قشر ولب وشيئ لازم وشيئ مش لازم , وأشياء مهمة وأشياء تافهة , وطاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - واجبة في كل أمر صغر أم كبر , دق أم عظم , طاعته واجبة في النقير والقطمير , في القليل والكثير , قال الله تعالى :" ادخلوا في السلم كافة " , إن الحياة كلها لا بد أن تكون محراب طاعة لله تبارك وتعالى :" قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *** لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ " , ولا عجب في ذلك فإن العمل المباح إذا خالطته النية الصالحة تحول إلى طاعة لله جل وعلا , قال معاذ بن جبل : إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي " , وعند أحمد وصححه الألباني من حديث أبي ذر : أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال : "وفي بضع أحدكم صدقة قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر قال أرأيتم لو وضعها في الحرام أليس كان يكون عليه وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له أجر" , وإن سبب الخزي والعار والشنار والتبار الذي أصابنا , هو بسبب طاعتنا لله في جانب ومعصيتنا له في جوانب , قال الله تعالى : " أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" , وبعد هذا يتبين لنا خبث صنيع العلمانيين , وقبح أثرهم على أمتنا المباركة , أولئك الذين قصروا طاعة الرسول على مجال العبادة - ويا ليت -.
    - قصروا طاعة الرسول في مجال العبادة مع أن الله يقول :" الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" , أسأل الله الهداية لنا ولهم , اللهم آميين .
    - أحبتي في الله : إن الإعراض عن طاعة الله تعالى وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ظاهرة خطيرة , وعلامة من علامات النفاق , فإن المؤمن لا يستطيع أن يسمع نداء الله - سبحانه وتعالى - أو نداء الرسول : - صلى الله عليه وسلم - ثم يتخلف عنه , ما يستطيع ذلك إلا منافق أو رجل على وشك الانزلاق في مستنقع النفاق , قال الله تعالى :" وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا " , وإن المنافق ولو قال بلسانه بأنه مطيع لله , أو سيطيع الله فهو كلام باللسان لا يجاوز الآذان , وكم يوجد بيننا من مدعين للطاعة , ولاتباع الرسول ولكن زورا وبهتانا , قال الله تعالى :" وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِين َ *** وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ *** وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ *** أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ "
    - أحبتي في الله : وهنا لا احب أن يفوتني قضية بالغة في الأهمية ألا وهي : إذا تعارضت طاعة الله مع طاعة المخلوق أيا كان , فأيهما نقدم ؟ بالتأكيد لا بد من تقديم طاعة الخالق - تبارك وتعالى - , لأننا أسلفنا القول بأن المطاع لذاته هو الله - جل وعلا - وطاعة غيره تابعة لطاعته , عندما تتعارض الطاعات , يتبين الحب الحقيقي من الحب المزيف , فمن كان حبه لله حقيقيا فسيقدم طاعة الله , ومن كان حبه مزيفا سيقدم طاعة المخلوق , ورحم الله سعدبن أبي وقاص لما قدم طاعة الله وقال لأمه : " والله لو كان لك مائة نفس تخرج نفس بعد نفس ما تركت دين محمد " , فنزل قوله تعالى :" وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " , ورحم الله أبا عبيدة الذي قتل أباه طاعة لربه وذلك لما وقف أبوه عثرة في طريق الدعوة ألى الله تعالى , فنزل قوله تعالى:" لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " , إلى كل من يقدم طاعة المخلوق على طاعة الخالق ( وليراجع كل واحد منا نفسه ) : أذكرهم بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما عند النسائي وصححه الألباني من حديث علي - رضي الله عنه - : إنما الطاعة في المعروف , والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول في موضع آخر :" لا طاعة لمن عصى الله" وفي موضع ثالث :" لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " , ألا فليينبه كل منا لنفسه , وليعدل من اعوجاجها, قبل أن يندم ولات حين مندم , ومن باب قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - أ:"الدين النصيحة " , أذكره بهذه الآيات لعله يتذكر : قال الله تعالى :" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ *** إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ *** وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ " , وأذكره بقول الله تعالى :" وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا *** يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا *** لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا " وأذكره بقوله تعالى :" إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا *** خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا*** يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ *** وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ*** رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا " ........
    -أحبتي في الله : وبناء على ما سبق , أقولها وبكل قوة : إنني أكفر بالإملاءات الأجنبية على أبناء أمتنا , وأكفر بالطواغيت الذين يستجيبون لهذه الإملاءات , وأقول للأمة : اكفري بهذه الإملاءات , ثم اصبري على البلاءات التي ستصيبك بعد ذلك , فإن البلاء ولا محالة سيعقبه تمكين , هذه هي سنة الله في عباده , ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة اله تحويلا , قال الله تعالى :" فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا " وقال جل شأنه :" فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا" , وقال سبحانه :" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِي نَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ", إنني عندما أقرأ هذه الآيات وأكتبها , أستشعر مقدار الجرم الذي يقع فيه طواغيت العرب , أولياء اليهود والصليبيين , وإذا سألتهم لماذا تطيعون اليهود والصليبيين ؟ قالوا لك : ضغوط الواقع العالمي , فيرد الله عليهم حينها قائلا :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ*** فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ".
    - وإذا كانت طاعة الله بهذه المكانة وتركها بهذه الخطورة , فما هي عقوبة من ترك طاعة المولى - جل وعلا - ؟ إن عقوبة من ترك طاعة الله : العذاب الأليم في الدنيا والآخرة والانزلاق في مستنقع الكفر والنفاق , وما أعظمها من عقوبة , لمن كان له قلب , أو ألقى السمع وهو شهيد , قال الله تعالى :" فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" , قال الإمام أحمد : "لعله يرد قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيزيغ قلبه فيهلك , قال ابن القيم رحمه الله : إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها , ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها , نسأل الله السلامة , قال الفضيل بن عياض - رحمه الله - : " إني لأعرف أثر معصيتي في خلق دابتي وامرأتي "
    - أحبتي في الله : وأخيرا أختم بالخيرات التي ستعود على الأمة إن أطاعت ربها سبحانه وتعالى : الثمرة الأولى : مرافقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين , وحسن أولئك رفيقا , يدل على هذا قول المولى جل جلاله :" وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا *** ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا " , الثمرة الثانية : الحصول على النعيم المقيم من الله رب العالمين - سبحانه وتعالى - , ويدل على هذا الفهم قوله تعالى :" وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم ", الثمرة الثالثة : الحياة الحقيقية وليست الحياة البهيمية , قال الله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ" , ومعلوم ان ما يحيينا في طاعته , سبحانه وتعالى , الثمرة الرابعة : الهدايه إلى الخير لنصيب منه , وإلى الشر لنجتنبه , قال الله تعالى : " وإن تطيهوه تهتدوا "
    - إخواني الموحدين : هذه كلمات آمنت بها , واعتقدت أن الحق في قولها ونشرها, ولا أدعي العصمة , فهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وللمنهج الذي جاء به من عند ربه حال حياته ومن بعده , ما كان في هذا المقال من صواب فمن الله وحده , ما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان , ما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء,إلا ما رحم ربي , وأستغفر الله إنه كان غفارا, وأما الخطأ فأرجع عنه ولا أتعصب له , إذا دل الدليل الساطع عليه , وأسأله تعالى أن يلهمني رشدي والمسلمين , وأن يثبتني على الحق إلى ان ألقاه , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    أخوكم : أبو يونس العباسي
    مدينة العزة غزة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •