الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن استن بسنته واهتدى بهديه واقتفى أثره وسار على نهجه إلى يوم الدين.
وبعد: فعن أبي بكر ـرضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ، وسأدلك على شيء إذا فعلته أذهب عنك صغار الشرك وكباره تقول : " اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم، تقولها ثلاث مرات" . أخرجه الإمام أحمد ، والطبراني ، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والمنذري في الترغيب والترهيب ،وذكره الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير. وإن أشد ما يبغضه الله تعالى الشرك ، لأنه ظلم عظيم، وجريمة نكراء لاتغتفرالا من تاب .قال الله تعالى"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" النساء: 48، 117".
ولخطورة الشرك فإن الله حرم الجنة على المشرك به، قال تعالى: "إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار" "المائدة: 72".
ولشناعته فإن الله يحبط جميع أعمال المشرك ، ولوكان رسوله قائد الموحدين صلى الله عليه وسلم قال تعالى ""وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ " الزمر: 65- 66".
بل وقال الله جل وعلا عن صفوة خلقه كلهم " وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ "الأنعام/88
ومن مات وخرج من الدنيا موحداً لله غير مشرك بالله فإن الله سيدخله الجنةففي الصَّحِيحَيْنِ عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال "كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ فَقَالَ يَا مُعَاذُ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا , وَإِنَّ حَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ ؟ قَالَ لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا.أي خوفا من الإثم.
يستفاد مما سبق أمور منها:
_ ضرورة المحاسبة الدقيقة المستمرة للنفس واتهام النفس بعدم الإخلاص.
-الحفاظ على الأعمال المبرئة من الشرك كقراءة الدعاء المذكورفي أول الحديث .
-عدم الاقتصار على القول والدعاء دون العمل والإخلاص في كل صغيرة وكبيرة لله
عزوجل.