تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 18 من 18

الموضوع: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    174

    افتراضي بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري!!

    كتب: خباب بن مروان الحمد

    كثيرا ما يفكر المسلم المهموم بما يصيب المجتمعات المسلمة من حالات الحروب والدمار، وكثرة الهرج والقتل والمآسي المتوالية، والتخلف الحضاري، والارتكاس الاقتصادي، والتبعية السياسية، وكأنَّ قدر الأمَّة المسلمة في هذه الحقب الزمنيَّة أن تعيش تحت ذلك الركام المأساوي، بسبب تفريط السابقين في استعادة نهضة الأمة، وتهاون الحاضرين في اللحاق بسنَّة من نصروا دين الله، وأقاموا شرعه بينهم .
    لكن ماذا عسى المرء أن يقول وهو يرى كثيراً من المنتسبين للعلم في واقعنا المعاصر في مؤخرة الرحل، وفي آخر القافلة، وهم الذين تعودنا أن يكونوا في المقدمة، والسادة الهواصر في قيادة الأمَّة قيادة واعية تجمع بين العلم والحكمة والجرأة وفقه العلاقات الدوليَّة واستحضار الفقه السياسي في قراءة الأحداث، وتحليل الوقائع دون تهور أو تهاون!
    هذا ما عرفه المسلمين في عهود زاهرة مضت، وما يرغبون أن يبقى متواصلا في هذا الزمان، لم يقم به إلاَّ قلة قليلة حملت هذا الهم، والبقية يغرقون في جزئيات ودقائق من العلوم، ليست أولى من البحث في هموم ونوازل فقهية وسياسية معاصرة!
    كيف لا أدري لماذا ربما *** أنني يوماً عرفت السببا
    عالم يدعو بدعوى جاهل *** وليوث الحرب ترجو الأرنبا
    نشهد في عالمنا الإسلامي قلَّة قليلة أخذت على نفسها ضرورة الازدياد من غرف بحور الحكمة، وموارد العلم، ومع كثرة أهل العلم في واقعنا الإسلامي،إلاَّ أنَّ أهل العمل والتطبيق وأصحاب الحكمة والرأي، فإنَّهم وإن كانوا قلَّة قليلة لا زالوا يعملون بغض النظر عن مستوى أداء عملهم، بيد أنَّ ما يجب أن تمليه عليه أنفسنا لمراجعتها حيناً بعد حين، ضرورة الجمع بين العلم الشرعي، والحكمة والحصافة في معالجة الأمور، وتقليب الفكر، وإدارة العقل، ومطارحة الرأي في تقديم الحلول النافعة، والأفكار الناجعة للأزمات التي تمر بها أمَّتنا المسلمة، وعدم الإبقاء على حالة الركود الفكري، أو الاستهلاك الذي لا يسمن ولا يغني من جوع!
    إنَّ أمَّتنا الآن بحاجة لرجال الأزمات الحقيقيين، وكما هو معلوم فإنَّ لكل واقعة أو مدلهمة تقع نازلة بنا بأمَّتنا من جميع النواحي سواء شرعية أو سياسية او اقتصادية أو بيئية ؛ فإنَّها ستبرز لنا رجال أزمات، وفقهاء الصعائب، ممَّن يسبرون غور ذلك الحدث المريب، والواقعة الخطيرة، فتحتاج أمَّتنا لرجال أزمات، يجيدون فنون إدارة الأزمات، وتقليب الفكر في ما سنقدمه لأمَّتنا خلال خطةَّ متكاملة تربويَّة تسعى للنهضة بها من جديد من وهدة الانكسار، وانثناء الهمم!

    • بين الرقود وطاقة الوقود العملي!

    أمتنا الآن تعاني ما تعاني من ظلامات التردي، والانكفاء على الذات، إلاَّ ما رحم ربي، بل لقد وصل الوضع بالكثير من الناس لكي يتنادوا بينهم كما قال ذلك الأول: انج سعد فقد هلك سعيد!
    وتلك هي مسألة هروب من الواقع النكد، وتفخيخ للأزمة أكثر من إصلاحها، والعجيب أن كثيراً من أهل الفكر ودعاة الإصلاح، قد سرت في نفوسهم دواخل اليأس من الواقع المؤلم ـ وحقاً إنَّه مؤلم ـ وانتقلوا من عملية الإصلاح الاجتماعي والحضاري، إلى الاعتناء بالذات مواصلة للقراءة، أو تحقيق المخطوطات القديمة، أو جمع كتب التراث، وكل ذلك نحن بحاجة إليه، ولكن الأهم صار لديهم هو المهم وليس الأهم حقاً وواقعاً، كالستار الذي أسدل فلم نعد نرى ضرورة ما خلفه!
    وكما يقول أحد المفكرين : وكان طبيعياً أن يؤدي الفكر النقلي الخامل إلى الانشداد إلى «الماضي»، فيعيـش العقل المسلم حالة اجترار فكري لمنقولات أثرية تقادم بها العهد، ولم تعد في عدد من عناصرها صالحة في أزمان تغيرت في كل شيء (باستثناء جوهر العقيدة وأصول الشريعة).
    نجد أناساً حين ترى الناس أو عموم جموع الصحوة تسألهم : كيف يتقدم المسلمون وينتصرون على عدوهم؟
    فتجدهم يقولون : عليكم بالتوبة إلى الله، والرجوع إليه، وهذا جواب عظيم، ولكن يا أيها المرشدون للمسترشدين : بالله عليكم أهذا جواب يقوله المفتي للمستفتي والعالم للجاهل؟
    إنَّ كل الأمَّة بأشكالها وأنواعها تعلم ضرورة الرجوع إلى الله، وأهمية التوبة لديه، بل إنَّ كبارهم قادرين على صناعة موعظة رنَّانة يحدث بها الآخرين بضرورة الرجوع إلى الله والتوبة إليه.
    فليس الحل بإلقاء كلمات من هذا القبيل، وإن كان ذلك من الضروري أن يقال كمقدمة للجواب، كما يخطب الخطيب يوم الجمعة بالمصلين فيذكرهم بتقوى الله في بداية خطبته ، ثمَّ يذكرهم بتقوى الله، ويعقب ذلك الحديث بذكر المقصد والشاهد من خطبته للموضوع الذي قد تجهز به ليتحدث به أمام الحاضرين.
    شاهد الذكر أنَّ إشكالية الاجترار والاستهلاك الفكري ينتشر وبشكل عجيب بين من يتزعمون الفكر أو يتصدون للكتابة، وصاروا في حقيقة أمرهم معزولين عن الفكر الخلاَّق والإبداع التواق لمعرفة الجديد والبحث في العقل عن صناعة التراكيب والنقد الفكري.
    إنَّها عملية استهلاك فكري، وليس تقليباً للفكر وارتحالاً بين مساحات الفكر الشاسعة لالتقاط ومضة تضيء الطريق، أو إضاءة تنير الدرب المظلم الطويل، ورسم لطريقة العودة للنهضة المرادة .
    إنَّ من أكابر المشكلات التي نعاني منها ذلك الدوران في فلك واحد من الكلام والحلول والوعظ، ونظن حينها أنَّنا بهذه الكلمات سنوقظ أمجاد الأندلس بعد أن سقطت منذ عام 1492م، ولا زلنا نتأسف على ماضيها الذي طمسته ظلامات الجاهليَّة الأسبانيَّة الحديثة!

    • الرأي قبل شجاعة الشجعان:

    الرأي قبل شجاعة الشجعان * هو أول وهي المحل الثاني
    فإذا هما اجتمعا لنفس حرة * بلغت من العلياء كل مكان
    ولربما طعن الفتى أقرانه * بالرأي قبل تطاعن الأقران
    لولا العقول لكان أدنى ضيغم * أدنى إلى شرف من الأزمان
    هكذا قال لنا المتنبي، وقد كان صادقاً فيما قال، فإنَّ الحرب مبدؤها كلام، والمرجع في ذلك إلى الرأي الحصيف، والفكر المنيف، وكثيراً ما يقول الناس الكلام، وتشتعل بعد تلك الكلمات الحروب والمعارك الطاحنة لأجل كلمة قيلت دون وعي أو فكر أو رأي ثاقب درس الكلمة قبل أن يخرجها من لسانه، وليس عبر فكرة متداولة او معروفة وقد تكون في حقيقتها خطأ، وما أكثر المفاهيم الشائعة في الحاضر ولكنها عارية عن الصحة تماما!
    إنَّ القرار الصحيح حين يكون منطلقاً من العلم الشرعي، ووهج المعرفة المتنوعة، ودراسة التجارب المختلفة، وامتلاك أدوات الحكم الصحيح من ثقابة الرأي، وعمق الفكرة، وحصافة المنهج، فإنَّها ستكوِّن لنا موطئ قدم لكي نسير على هدى وبينة وبرهان بلا تخبط أو تعسف!
    فأين رجالات الأمَّة الكبار ومن يرمزون لأنفسهم بـ :(المفكر) أو( خبير التخطيط الاستراتيجي) أو:(البروفيسور الناقد) أين هؤلاء عن تقديم خلاصة فكرهم، ونتاج تجاربهم وإهداءها لهذه الأمَّة المتعطشة.
    إنَّ الكلام التقليدي قد ملَّت الناس منه، وإنَّ من التجديد أن تحيي القديم بروح جديدة، والتماس للأفكار، وتدقيق في الاستنباط لكي تكون الحقائق مشرعة مترعة أمام من يقصد طريق النجاة وما أكثرهم في عالم التيه!
    أمتنا المسلمة، وإن كانت بتكوينها الحالي هشَّة ضعيفة، فإنَّ فيها ولا يزال كثير من حملة التخصصات العلمية، لكنَّ الضرورة القصوى تقضي بأن نقول إننا بحاجة إلى العقلاء الحكماء الحصفاء الذين يكونون بحق رجال أمَّة، وأدوات بناء فعليَّة، وقادة أزمات، ولا يعني ذلك أنَّ هؤلاء ليسوا موجودين، ففي الأمة خير... ولكنَّ الأمَّة المسلمة بحاجة للمزيد والمزيد من وجود هؤلاء الذين يقربون بين وجهات نظر المسلمين، ولا يتحزبون لفئة على أخرى، ويتصرفون في أوقات الفتن بحكمة ودهاء وذكاء مع الزكاء الإيماني والهدي النبوي والمنهج الصالح لسلفنا ، ويجمعون الأمَّة بكل طاقاتها من الجماعات والأحزاب والمجاهدين على الهدى ودين الحق، ويلقنونهم دروس التسامي عن الأحقاد، وخطورة أمراض النفوس، وطامة الخلافات الحادة التي تفرق بين القلوب، ويشعرونهم بخطورة الوقوع بما قال تعالى عنه:(كل حزب بما لديهم فرحون) ويقولون بالحق ويصدحون به في زمن يردد فيه الضعفاء:
    خل جنبيك لرامٍِ *** وامض عنه بسلام
    مت بداء الصمت *** خير لك من داء الكلام
    هؤلاء العقلاء الحكماء النجباء المفكرون، هم الذين يقولون بالحق وبه يعدلون، لا ترهبهم سطوة سلطان، ولا ضغوط الجماهير، بل إنَّهم لله وفي الله وعلى الله متوكلون في حركاتهم وسكناتهم.
    هؤلاء حقاً وحقيقة هم الذين نحتاج لهم في هذا الزمان، الذين يفنون وقتهم في التفكير لصالح أمَّتهم ، ويمضون الساعات الطوال لتفكيك الأزمة التي تحيق بهم وتحيط من ورائهم،وإذا كان الإمام مالك يتحدث عن نفسه بأنَّه يجلس أكثر من 11 سنة وهو يفكر في حل مسألة فقهية عرضت عليه ولا يجد في كل سنة من تلك السنوات لها حلا، فإنَّ أزمات أمَّتنا من الصعب أن نقول بأنَّ حلَّها يسير، بل لقد ارهقت كاهل المفكرين والعلماء وهم يتحدثون عن سبيل الإصلاح، وطرق النهضة بهذه الأمَّة المسلمة، وكثير من أبناء الأمَّة سادرون في لهوهم، قابعون في غرف نومهم، ولكنَّ أولئك المصلحون المفكرون ينامون في أول الليل البهيم، ولكنَّهم يقومون في أواخر الليل البهيم الأليل، ليكون نصفه لله تعالى لكي يستعينوا على طاعته فلا مفر من الله إلاَّ إليه، فليس لهذه البلايا من دون الله كاشفة، وبعدها يفكرون بمأساة أمَّتهم ويصنعون الحلول ويتواصون فيما بينهم على البر والتقوى.
    ولقد نبَّه الله عز وجل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم فقال له:(يا أيها المزمل* قم الليل إلا قليلاً * نصفه أو انقص منه قليلاً * أو زد عليه ورتِّل القرآن ترتيلاً* إنَّا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً * إنَّ ناشئة الليل هي أشدُّ وطئاً وأقوم قيلاً* إنَّ لك في النهار سبحا طويلاً * واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلاً).
    فهم قيام لربهم يستعينون به على حلول حوائج أمَّتهم، ويقومون لله لكي يغفر لهم ولكي يعينهم على إصلاح الأمَّة وردها لسالف مجدها وعزها.
    إنَّ هؤلاء الحكماء الفقهاء النجباء ليسوا مفكرين فحسب بل هم إضافة لذلك عابدون لله قانتون له، ويقلبون فكرهم، ويعيدون بصرهم ونظرهم في الإشكاليَّة مرة بل مرتين بل تزيد، ويستعينون بالله في قضاء حاجتهم، ويستخيرونه في الحلول الأنسب.
    إنَّهم لا يستهلكون أفكار غيرهم، ويجيبون الجواب على السؤال المحير بكل سهولة، بل إنَّهم يدركون أنَّ أسئلة النهضة وأنَّ استشارات الإصلاح لوضع الأمَّة بحاجة ماسَّة إلى تقليب الفكر، والاستفادة من معطيات الحاضر، وأخبار الماضي، لبناء جيل مستقبلي نهضوي، فهم يصنعون الفكر بكدِّهم وعرق جبينهم ، والمضي ليل نهار لتقديم المعلومة المتعوب عليها لتكون نبراس هداية ومسلك نجاة.
    إنَّ المجتمعات أيا كانت وفي مختلف صنوف نشاطاتها تسعى لكي تكون منتجة للأفكار وليست مستهلكة لها ولكي ترتقي المجتمعات عليها أن تنتج أفكارا وأن يكون رأس مالها وثروتها العقول التي تصنع كل شيء ولا تستهلك إلا ما يساهم في قدراتها على إنتاج الأفكار الخلاقة.
    وحقاً كم ذكر التاريخ في صفحاته من أقوام؟! فإنَّه لا يسطر في صفحاته إلاَّ الأماجد والماجدات، ولو أردنا أن نحصي العظماء الذين مروا بتاريخ أمَّتنا وسطروا بجهودهم وجهادهم وكفاحهم أنصع الصفحات، فلن نجد إلاَّ قلَّة قليلة، لأنَّ ما كان لله أنقى فهو أبقى، وأمَّا (الزبد فإنَّه سيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال).
    إنَّ دولاب التاريخ، وقوانين الحضارة لن تنظر للثرثارين المهاذير الذين لا يقدمون إلاَّ بضاعة كاسدة في سوق الفكر، أو ككثير من الوعاظ الدراويش النقلة!
    وإنَّ من صفات المجددين قيامهم بما يأمره الله تعالى بهم من قضايا الدين والدنيا، ومما يُفهم من معنى التجديد العمل لهذا الدين بروح وثَّابة، ونفس تواقة لإنتاج الجديد والمفيد في عالم الأنفس، ولقد قال المفكر الغربي سدني هوك:(الرجل الصانع للأحداث والأعمال فهو رجل أحداث، وأفعاله هي نتائج طاقات وملكات، ذكاء حاد وإرادة قوية وشخصية بارزة أكثر مما هي نتائج حوادث عارضة ناجمة عن مركزه)

    • هل ينطق من في فمه ماء !

    هناك إشكاليَّة يقع فيها بعض الذين ينتدبون أنفسهم للصناعة الفكرية، والنهضة التوعوية، فالكثير من هؤلاء يستهلك فكر غيره، فتراه ناقلاً أكثر من أن يكون مقدماً لفكرة معينة، أو مستنبطاً لمبدأ قيم، وحين نفتش في بعض البحوث المقدمة للمؤتمرات العلمية أو الندوات الفكرية، التي يحضرها النخب والمفكرون، نجد قلَّة قليلة من هؤلاء المفكرين الإسلاميين من تعبوا على إنتاج بحوثهم وورقة أعمالهم، وقدَّموا خلاصة وعصارة فكرههم بأفكار منظمة، وليس كما يفعل الكثير يرتجل الكلمة ارتجالا، وكأنَّه في محاضرة أمام عموم الناس أو المصلين في المسجد وما إلى ذلك.
    مع أنَّ الشخص المدعو لمؤتمر علمي أو ندوة فكرية يحضرها النخب والطاقات الفكرية، ينبغي أن يحذو حذو المنهج العلمي في تقدم بحثه القَّذَّة بالقذَّة، ولا مانع من أن تختلف وجهات النظر في المسائل التي يسع فيها الاختلاف مما ليس من قضايا أصول الدين أو القضايا الكبرى في الكون والحياة، بل في مفاهيم يعتاد على أن يختلف المفكرون فيها، والأهم من هذا وذلك أن نعتني بكلتا الفكرتين، وألاَّ تكون هذه الاختلافات ـ بالطبع فيما لا يمس مسائل الاعتقاد وأصول الدين ـ بوابة للافتراق، فاختلاف العقول ثراء واختلاف القلوب وباء كما يقال!
    ويؤسفني أن نجد جمعاً من طلاب العلم وأهل الفكر لا يستقصون أويتعبون في جمع وتقصي المعلومة، وتحليل القضية التي يريدون أن يقدموها، بل صار البعض يريد أن تقدم الفكرة له على طبق من ذهب وهي جاهزة، ولهذا فإنَّ من البلايا التي اعتادت عليها أمَّتنا أنَّها لا تعرف التصدير للفكر بقدر ما تستورد الأفكار والمعاني، إلاَّ قلة قليلة نستطيع أن نحسبهم ونعدهم عددا.
    بل وجدنا أنَّ هناك أناساً لا يتعبون في الفكرة فيقومون باستئجار باحثين لكي يقوموا بجمع مادة بحث الماجستير أو الدكتوراة، لكي يأخذوا بناء على رسالتهم هذه وسام(الماستر أو الدكتور) وقد يكونون من أجهل الناس برسالتهم.
    قالت الضفدع قولاً *** فسَّرته الحكماء
    في فمي ماء وهل ***ينطق من في فيه ماء !
    ومن بلايا الزمان أن نجد داءً يسري انتشاره وهو الكتابة لمجرد الكتابة والسرعة في نشر المادة المكتوبة دون التعب عليها وعلى إنتاجها والتفكير في صحتها مع أنَّنا لو سبرنا كم حصل في اليوم من مقال او دراسة أو أطروحة لوجدناها كمَّا هائلا جداً، ينقصه الإبداع الفكري، والتفكير الحضاري، والدقة في العرض، والأصل أن يعلم من أراد أن يكتب أنَّ الكتابة النافعة هي التي تكتب لا لتكتب وإنما لتنفع ويقال عمَّن كتبها أو قالها لقد أتحفنا صاحبها بفكرة جديدة أو شرح فكرة ضرورية، ولهذا كان علماؤنا يقولون : من صنَّف فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس، والمقصد أنَّنا نكتب لكي نتعب عقولنا ونكدها لاستخراج أفكار جديدة او علاج مهم أو لمجرد التذكير ولكن بأسلوب وطريقة شيقة مناسبة.
    والإشكال يقع كذلك عند بعض الخطباء أو الوعاظ ، وهو أنًَّ بعضهم صارت له شهوة أفضل ما نستطيع أن نسميها به:(شهوة الكلام) حيث تجده مستغرقاً في كل يوم بخطاب وعظي مستهلك ومكرر بلا ذائقة أو رائحة، والمهم أن يتكلم لظنه أنَّ ذلك موافق للهدي النبوي بالدعوة والإصلاح المجتمعي، مع أنَّ هذا في حقيقة الأمر مخالف للهدي النبوي حيث أنَّ ابن مسعود أخبرنا كما في صحيح البخاري أنَّ رسول الله صلى الله عليهم وسلم كان يتخول صحابته بالموعظة خشية السآمة عليهم والملل.
    ولهذا صارت تأتي كلمات بعض الناس بدون رونق ولا تجديد، بل إنَّ كثيراً من هؤلاء المتكلمين أو الكتاب أو من يظنون أنفسهم عقلاء وحكماء هم أبعد ما يكونون عن ذلك، وقد يكون أحدهم قد ابتعد عن القراءة عقوداً من الزمن ولا يتحدث إلا بما استقر في ذهنه منذ سنين، أو بما يسمعه من هناك وهنالك بثقافة التلطيش!

    • أسباب الاستهلاك الفكري:

    هنالك أمور أرى أنَّها تبعث على نمطية الاستهلاك الفكري، وإعادة تكرير المعلومة بشكل يفقد المتابع للساحة الفكرية أو الثقافية الطعم الذي يريد أن يتذوقه، من رؤى التجديد والإبداع في النقاش الفكري والثقافي الأصيل المرتبط بعقيدة الإسلام.
    لكننا يمكن أن نقول أنَّ من الأسباب ما يلي ذكره:
    1) ضعف القراءة الفكرية العميقة، والركون إلى قراءات سابقة أو معلومات عتيقة أكل الدهر عليها وشرب، ولقد أثار عجبي في يوم من الأيام وأنا أبحث في بعض القضايا الفكرية أو الحضارية أنَّ كاتباً كتب كتاباً جديداً وكانت المراجع والمصادر التي رجع لها أثناء بحثه لم تتجاوز سنة 1988م وأما ما بعدها فلم يرجع لشيء! وليس يدل ذلك إلاَّ على ضعف المتابعة الفكرية والثقافية أو الاكتفاء بالكتب التي كانت لديه في مكتبته العتيقة!
    2) الكسل والملل من متابعة دقائق الأمور ودراسة الأحداث دراسة عميقة متوازنة، وذلك أن الكتاب أو المثقفين يستطيعون أن يكتبوا لأكثر من 20 مقالاً في الشهر، ولكن أن تكلفهم بدراسة عميقة ذات مستوى رفيع وراق، فإنَّ هذا أمر عسير عليهم وبالكاد ينجزونه في شهر أو أكثر لأنَّهم يعلمون قيمة الدراسة أو المقال المتعوب عليه من المقالات أو الأفكار التي تظن في البال فتكتب في الحال!
    3) حب الكتابة أو الحديث كشهوة لكي يبقى الاسم دوماً على الساحة الإعلامية والصحافية والفكرية أو الثقافية، بدون إتقان أو جودة وحسن أداء.
    4) قلَّة الداعين بين صفوف المثقفين والمفكرين بضرورة الازدياد الثقافي وأخذ الدورات الجادة في مجال التفكير الإبداعي، والابتكار العقلي، والارتكاز على قانون النظرية المعرفية المتجددة.
    5) غياب الرؤية والتصور الكامل المتكامل للتفكير في قضايا الدين الإسلامي، والفكر الحضاري المعتمد على القرآن والسنَّة على فهم سلفة الأمَّة، ولهذا نجد أناساً يكررون ويزيدون في خطبهم وكتاباتهم حول ضرورة الشعائر الإسلامية من الصيام والصلاة والزكاة وهذا بحد ذاته أمر رئيس وضروري، ولكن أن يقتصر في الحديث على ذلك من دون استكمال الدائرة الإسلامية المحتوية للشعائر والأخلاق والمعاملات والحضارة والقيم والتنمية وما إلى ذلك فهنالك يبدو الحديث والتفكير فيه خلل ونقص.
    6) النقص والقصور في التربية العامة سواء في الأسرة أو المدرسة أو الجامعة أو المجتمع بجميع مؤسساته ومنظماته، بعد تدريس مبادئ الإبداع وطرق التفكير، وضرورة الاجتهاد المنضبط على وزان الشريعة!

    • وأخيراً:

    هنالك أزمات حادة ومنعطفات شديدة الالتواء أرى أنَّنا نواجه شيئاً كبيراً منها في ساحات العلم والمعرفة والأداء الفكري، ومن ذلك هذا الاستهلاك الفكري الممل الذي نسمعه ونراه في شاشاتنا الفضية، والشبكة العنكبوتية، والكتب المقروءة، وغيرها من وسائل الإعلام.
    نعم ! لا نريد المرء أن يتحدَّث بما لا يحسن أو يتكلم في غفير فنه، فقديماً قال علماؤنا: من تكلم في غير فنه أضحك الناس على عقله أو أتى بالعجائب، ولكنَّننا نريد ذلك التجديد في الحديث، والإبداع في الطرح، والعمق في الأداء الفكري، والجودة والتميز والإتقان في عرض المعلومة، حتى لا يقول قائل: لم يأتنا هذا بجديد بل كلامه في هذا الوقت ككلامه قبل عقد او عقدين من الزمان!
    إنَّ أمتنا بحاجة للطرح الراقي والخطاب الإسلامي الأصيل الذي يتجدد مع الأيام والأزمان، ولقد كان القرآن الكريم ينزل منجَّماً أي مفرقاً بحسب الوقائع والأحداث، بعبارات جميلة، وأدء لغوي فريد، وقوة في الدلالة، وهكذا ينبغي على الدعاة والمفكرين والمثقفين أن يكونوا متقاربين مع ضرورات مجتمعهم ومشاكله، ويعالجون الأمور برويَّة وعمق وحسن عرض وطرح، حتى لا يقال لقد صار الكلام معروفاً والطرح الفكري متكرراً، مع أنَّ الحاجة أمَّ الاختراع والضرورة تقول بما أنَّنا بحاجة لعلاج كثير من الإشكاليات فنحن بحاجة لتقليب الفكر من جديد والإبداع في عرض الحلول والنماذج المفيدة والأفكار الفريدة النيرة، بعيداً عن العبارات الضخمة التي لا مدلول لها، أو الكبيرة التي تعتريها الصحة، مع ضرورة سعة الأفق وبعد النظر ودقة الهدف، ومعرفة ما الذي نريد الحديث عنه والتركيز من أجل خدمته ولقد كان يقول" كينيث ووتس " وهو كاتب أمريكي معروف: " إن الصياد عندمــا يدخل الغابة ولم يكن لديه هدف محدد فحتى لو أصاب عين الثور فلا يعرف أنه قد أصابها لأنه ينظر في كل مكان" فالهدف من معرفة ماذا نقول ولمن نقول وعن أي شيء نقول أمر ينبغي ألاَّ يغيب عن البال، ، بالتزامن مع الإتقان في المعالجة الفكرية، والجودة في التفكير، لكي تفيض علينا العقول من سحائب الفكر، وسوانحه لتكون الكلمات أعراساً من الشموع جامدة حتى إذا مات المرء وضحَّى من أجلها انتفضت حيَّة وعاشت بين الأحياء.
    أخي طالب العلم: أتشرف بك صديقاً مُشاركاً في صفحتي على الفيس بوك :
    http://www.facebook.com/khabab.al.hamad

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    174

    افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    .....
    أخي طالب العلم: أتشرف بك صديقاً مُشاركاً في صفحتي على الفيس بوك :
    http://www.facebook.com/khabab.al.hamad

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    174

    افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    وفق الله الجميع
    أخي طالب العلم: أتشرف بك صديقاً مُشاركاً في صفحتي على الفيس بوك :
    http://www.facebook.com/khabab.al.hamad

  4. #4

    افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    مقال مهم
    جزاك الله خيرا

  5. #5

    افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    ولى تعليقات عليه

  6. #6

    افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    وددت لو كنت وضعت المقال وسمحت للنقاش حول مادته لأهميته
    وعلى كل فانا لى أراء حول يعض فقراته فان أذنت لى فى ابدائها والا فلاحرج

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    174

    افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    نعم أخي خالد تفضل وقل ما لديك...
    بدون استئذان!!
    أخي طالب العلم: أتشرف بك صديقاً مُشاركاً في صفحتي على الفيس بوك :
    http://www.facebook.com/khabab.al.hamad

  8. #8

    افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    تعليقاتى الاتية مجرد توضيح لما أُجمل - نظرا لهمية الموضوع - فاحببت ان تعم الفائدة
    وانا حزين لعدم وجود تعليقات من الاخوة على الموضوع بل ان الشيخ المقدم قال فى مطبوعات المدرسة السلفية عام 1397هجرية 1977م بضرورة تخصص طائفة لدراسة ما يكسبهم الخبرة الكافية فى سبعة اشياء عدها ومنها واقع التيارات الفكرية المناوئة الخ
    بيد ان بعض علماء السنة المعاصرين يدعوا الاخوة والخطباء لترك الجرائد والمجلات وعدم الكلام فى السياسة ولاحول ولاقوة الابالله
    المهم

  9. #9

    افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    وانتقلوا من عملية الإصلاح الاجتماعي والحضاري، إلى الاعتناء بالذات مواصلة للقراءة، أو تحقيق المخطوطات القديمة، أو جمع كتب التراث، وكل ذلك نحن بحاجة إليه، ولكن الأهم صار لديهم هو المهم وليس الأهم حقاً وواقعاً، كالستار الذي أسدل فلم نعد نرى ضرورة ما خلفه!
    ان من لايعرفك يا شيخنا قد يرتاب من هذا الكلام لكن الشيخ احمد القاضى قال ما هو أشد منن هذا وأدعى للارتياب بل انا كنت أجزم بانه قول اهل البدع ان لم أقراه للشيخ احمد القاضى وهذا فى مقاله
    الخواء العقدى وانظروا الكلام الملون
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الخواء العقدي
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . أما بعد :
    فإن العقيدة (روح) تُنفخ في كثافة البدن، و (نور) يسري في ظلمات القلب، فيصبح للحياة معنى، وغاية، وثمرة. وحين تُفقد العقيدة، أو تضعف، تظهر أعراض الموات، أو المرض، فتستحيل الحياة بهيميةً، شقيةً، نكِدة. قال تعالى : (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [الأعراف/179] . هكذا تتعطل الحواس عن أدائها الصحيح، وتضيع في العماء، والخواء.

    وفي هذا العصر الذي اكتنفت البشرية سحب الشهوات، والشبهات، والغفلات، وأصاب لفحها بعض مسلمة الوراثة، بتنا نرى، ونسمع، أموراً لا عهد لأهل الإسلام بها، نبتت كما تنبت الفطريات في الماء الآسن، وربما ظن أهلها ألا شأن لها بأمر الإيمان والاعتقاد. والواقع أنها أثر، وعرض لمرض (الخواء العقدي) و(التصحر الروحي)، وفقد الصلة بالله العظيم. وكان أشد فئات المجتمع تأثراً بها، الناشئة؛ من فتيان، وفتيات، ممن خضعوا لتأثير مكثف، وتلويث مخ، لا غسيل مخ، من الآلة الإعلامية الغربية، والشرقية، عبر مختلف الوسائط؛ من فضائيات، ومواقع انترنت، وغيرها.
    ومن تلك المظاهر :
    1- الولع بالاتجاهات الفكرية، والفلسفية، والأدبية، المنافية لحقيقة الإسلام، وأصل الدين؛ من علمانيةٍ، وليبرالية، وحداثةٍ، وغيرها، وحسبانها مسالك موازية للتدين الشخصي، لا تتنافى مع رسومه، ولا تتعارض مع مقاصده.
    2- التعلق بالأوهام الحديثة التي تقذف بها آلة الظن، والكهانة المعاصرة، تحت أسماء مزخرفة، مثل (الطاقة الكونية)، و(قوة الجذب)، بل وبعض صور (البرمجة اللغوية العصبية) الخ ، فتستهوي أصحاب العقول الضعيفة، وتجرجرهم في ظلمات الظن، والتخمين، وإثبات أسبابٍ لم ينصبها الله أسباباً؛ لا حساً، ولا شرعاً. حتى باتت رفوف المكتبات تجيش بهذا اللون من الكتب العبثية، التي تتلاعب بعقول الناس، وتبيعهم الوهم صِرفاً. ثم لا يشعر كثير من هؤلاء، أن الأمر يتصل بأمر الاعتقاد، أو يدانيه.
    3- الانخراط في الجماعات ذات الطقوس الغريبة، والممارسات المريبة؛ كجماعات (الإيمو) التي تستغل (الحرمان العاطفي) و (فقر المشاعر) لدى المراهقين، والمراهقات، لتستدرجهم إلى ما يشبه عبادة الشيطان؛ من حيث يعلمون، أولا يعلمون، فيتزيَّون بأزياء منكرة، ويتكلمون بلغة تنبو على السمع، وتفضي إلى الكفر، دون أن يشعر من حولهم بأن ذلك يمس جناب العقيدة، ويهدم بنيانها.
    4- الانغماس في الشذوذ الجنسي، ومناقضة الفطرة السوية، وانتماء بعض الفتيان، علانيةً، إلى فئة (الجنس الثالث) من المخنثين، وانتماء بعض الفتيات، علانيةً، إلى فئة (الجنس الرابع) من المسترجلات، أو من يُسمَّين، بالرطانة (البويات). وقد يتوهم بعض المراقبين، ألا صلة لذلك بأمر الاعتقاد، وأنه لا يعدو أن يكون انحرافاً سلوكياً.
    إن هذه الممارسات، والانتماءات، جميعها، لتكشف عن (قصور) بالغ في فهم حقيقة الدين، لدى كثير من المنتسبين إليه، وتكشف عن (تقصير) بالغ لدى حملة العلم والعقيدة، في بيانه للناس، وكشف ما ينافيه.
    إن على الراسخين في العلم والإيمان، والمتخصصين في علوم العقيدة، أن يعيدوا النظر في اهتماماتهم، ويرتبوا أولوياتهم، ويتنبهوا للخطر الداهم الذي يجتاح الجيل الجديد، ولا يضيعوا أوقاتهم في استحياء رفات صراعات تاريخية، أو تحقيقات تراثية تجاوزها الزمن. على حملة العقيدة أن يرتقوا إلى أفق العقيدة، ويبصروا المشهد الواقعي، بمختلف تجاذباته، لكي تكون جهودهم في محلها، وتؤتي أكلها، وتحمي الأمة، وتصون بيضتها.ونحن على ثقة مطلقة، من أن جميع هذه المظاهر السلبية،ما كانت لتطل برأسها، وترفع عقيرتها، إلا في غياب الطرح الواعي، والمعالجة المستنيرة، والاستدلال بالنص المعصوم، والعقل السليم، والفطرة السوية. و( إذا جاء نهر الله، بطل نهر معقل ) .
    --------------
    وذكلك هذا اسلوب دعوة مشايخ اسكندرية ولذلك عزوا وسادوا وشهد لهم الاعدار كوزير الاوقاف وهو يوزع كتاب محمد عنارة عن السلفية اجباريا لخطباء الاوقاف ويقول ان المد السلفى فى مصر ظاهرة سكندرية تولى كبرها محمد اسماعيل ثم ياسر برهامى واحمد حطيبة وباقى مشايخنا الاجلاء
    وليت بعض العلماء الداعين بلسان حالهم ان لم يكن مقالهم الى العزلة عن المجتمع يتعلمون من تجربة مشايخ اسكندرية بل ومن واقع الداعين للعزلة وذلك انه ريهتم بهم احد ممن فى قريته او مدينته ولا اقول النخبة بل العوام اى والله ولاحول ولاقوة الا بالله

  10. افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    إنَّ كل الأمَّة بأشكالها وأنواعها تعلم ضرورة الرجوع إلى الله، وأهمية التوبة لديه، بل إنَّ كبارهم قادرين على صناعة موعظة رنَّانة يحدث بها الآخرين بضرورة الرجوع إلى الله والتوبة إليه.
    وهذا ياشيخ خباب ممادعى العامة فضلا عن النخبة أن تعلن كرهها للدين بلسان حالهم وانا سمعت من اعلنه بلسان قالهم _ من الفلاحين اهل الطبقة الوسطى ماليا - ولم يقف شعرى من مقالهم لأننى اعلم الجذور التى ادت اليه وأعلم انه لو يُسر لهم عالم متنور او على الاقل يجل المتنورين ويستفد منهم وان كان يخالفهم لكان هؤلاء هم اول انصاره اذا فهم لايكرهون الدين ولكن يكرهو مايعتقده عالمهم الغير متنور

  11. افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    ) غياب الرؤية والتصور الكامل المتكامل للتفكير في قضايا الدين الإسلامي، والفكر الحضاري المعتمد على القرآن والسنَّة على فهم سلفة الأمَّة، ولهذا نجد أناساً يكررون ويزيدون في خطبهم وكتاباتهم حول ضرورة الشعائر الإسلامية من الصيام والصلاة والزكاة وهذا بحد ذاته أمر رئيس وضروري، ولكن أن يقتصر في الحديث على ذلك من دون استكمال الدائرة الإسلامية المحتوية للشعائر والأخلاق والمعاملات والحضارة والقيم والتنمية وما إلى ذلك فهنالك يبدو الحديث والتفكير فيه خلل ونقص.
    وقد بين العلامة الربانى ابو الحسن الندوى مساوئ تلك الجماعة التى تدعو الى العزلة عن المجتمع مقضاياه ففى كتابه ترشيد الصحوة الاسلامية قال فى مواضع وأنقل لكم قوله فى موضع واحد فقط لصعوبة رجوعى للكتاب الان
    لا بد من التوسع في الدراسة الدينية، وتغذية الشباب المثـقـف بالغذاء الفكري الـصالح القـوي الدسم
    :


    والمعيارالثاني أن تتصف هذه الصحوة بشيء من التوسع والتعمق في الدراسة الدينية، وفي فهم الكتاب والسنة
    .


    ويُعنى بالشباب المثقـف
    (الذين يزداد عددهم في هذه الصحوات) عناية خاصة، فيغذوا بالغذاء الفكري الصالح القوي الدسم الذي ينور عقولهم، ويعيد فيهم الثقة بصلاحية الإسلام للقيادة وحل مشاكل الحياة، ويجب أن يُحَثوا على الارتباط القوي العميق الإيماني والعملي بالقرآن الكريم ودراسة السيرة النبوية وتاريخ الإسلام الأول وتاريخ الإصلاح والتجديد وقادتهما، الذي يشعل مواهبهم، وينير لهم السبل لتوجيه طاقاتهم توجيهاً قيادياً سليماً، والاعتماد على نجاحه وإثماره إذا كان عن صدق وإخلاص وإنابة إلى الله.


    ويُعنى كذلك بسلوكهم الفردي والاجتماعي والعائلي وأخلاقهم الفردية والجماعية، فإن ذلك من صفات الدعاة إلى الله والعاملين في مجال الدعوة والإصلاح الاجتماعي، وقد وقع في ذلك انحطاط ملحوظ في المجتمع الإسلامي بصفة عامة، وكان للعاملين في مجال الدعوة نصيب قليل أو كثير منه، كان له رد فعل وانعكاسات سلبية في المحيط ودليل للناقدين والمعارضين
    .


    *
    يقـترن بالصحـوةِ الوعيُ المدني وفهم القضايا المعاصـرة والحركات والتيارات العاملة النـشيطة:


    ويرافق الصحوة ويقترن بها الوعيُ المدني وفهم القضايا المعاصرة والحركات والتيارات العاملة النشيطة، وموقفها من الإسلام، وأثرها في الحياة، وخطرها على مستقبل هذا الدين والجيل الإسلامي، والاطلاع على أهداف القيادات التي تريد أن تسيطر على هذه البلاد والبيئات، وتتسلم زمام توجيه المجتمع وفق عقائدها وقيمها ومثلها، وسبك الحياة سبكاً جديداً، فإن التغاضي عن هذه القوات والطاقات، والحركات والقيادات، وانطواء الجماعات الإسلامية على نفسها، معتمدة على تمسكها بالدين والدعوة إليه، والاشتغال بأداء الفرائض والواجبات الدينية، وحياة الطهر والعفاف والعبادات والطاعات، يحول بعد مدة من الزمن بينها وبين حرية العمل بالدين، وتطبيق أحكام الشريعة، ويضيق الخناق حولها، حتى ينطبق عليهم قول الله
    -تعالى-:((حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم))[].


    ويعيشون في المستقبل تحت رحمة هؤلاء المارقين من الدين أو المحاربين له، والتقنين غير الإسلامي، والتدخل في الشريعة الإسلامية، وقانون الأحوال الشخصية الخاص بالمسلمين، وتحت مبدأ المجتمع الغربي المسيحي الذي يقول
    :"إن الدين قضية شخصية وقضية بين الفرد والخالق، لا شأن له بالحياة والتشريع والسياسة".


    *
    نتائج التغاضي عن الحقائـق وواقع الحياة، والانطواء على النفس والذوق الخـاص:


    ومعذرة إلى لفيف من الإخوان الذين يرون أن لا داعي إلى الوعي، ولا داعي إلى التطبيـق بين الصحوة الإسلامية وبين واقع الحياة وقضاياها الشاغلة للعقول والمؤثرة في تشكيل المجتمع ونظام التربية ومنهج التفكير، وقد نشأ في بعض البلاد الإسلامية رجال متحمسون قد أهملوا هذا الجانب، وقالوا لا داعي إلى العناية بالقضايا المحيطة بنا، الشاغلة للعقول والنفوس، وإلى النظر إلى المجتمع، هل يتجه إلى الفساد، ويتجه إلى الانحراف والتحرر والتفسخ، أو يتجه إلى الصلاح والرشاد؟، ما دمنا نحن نصلي ونصوم، فالحمد لله على ما أنعم به علينا من نعمة الإسلام والعمل بأحكامه ؛ فليس هذا بالفهم الصحيح للإسلام، فلا بد من تنمية الوعي الصحيح وتربيته، والفهم للحقائق والقضايا، والتمييز بين الصديق والعدو، وعدم الانخداع بالشعارات والمظاهر، حتى لا تتكرر مآسي وقوع هذه الشعوب فريسة للهتافات الجاهلية والنعرات القومية، أو العصبيات اللغوية والسلالية والإقليمية، ولعبة القيادات الداهية والمؤامرات الأجنبية، فتذهب ضحية سذاجتها وضعفها في الوعي الديني والعقل الإيماني، وتذهب جهود تكوين الجو الإسلامي ومحاولات تطبيق الشريعة والنظام الإسلامي سدى، أو تتعرض لخطر تطبيق النظام العلماني والتحرر و
    "التقدمية" الغربية، المقبولة في العصر الحاضر والمطلوبة من الجماهير التي لم تتلق تربية إسلامية، ونشأت في ظلال نظام التربية الغربي، الذي طبقه الحكم الأجنبي الطويل (الذي يسمى "الاستعمار") وتحت تأثير وسائل الإبلاغ المسلية الماجنة[].

  12. افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    وكنت قد قرات فى مقالك الكلام على الدعاة النقللة الذين يكررون الكلام لكننى لم أستطع العثور على نص الكلام من هالمقال الان
    ولكننى اقول من باب التوضيح لمن لايفهم الامر
    قال البهى الخولى رحمه الله فى كتاب تذكرة الدعاة ما معناه ان لايسئم الداعية من التكرار فان الحقيقة لايضرها تكرارها
    وقال لى احد الاخوة متنقصا من غير المبدعين فقال لى المهم الابداع واقول ان بعض الناس قد يقصر معنى الابداع عن معناه العام
    فليس معنى الابداع الاتيان بما يات به الاقدمون فقط ان هذا خطأ
    كان عليه فى المنهج حفظ المعلقات السبع فسألوه عن سؤال - انا نسيته وقد كنت قراته فى موقع التغيير ولم أستطع دخول الموقع الان - وكان عليه ان يجاوب من حفظه للمعلقات فكانت اجابتة على بيت شعر فاستدلوا باختياره على انه سيكون له مستقبل عظيم فقالوا له لم يحسن الاختيار كما اخترت انت الا الشيخ محمد عبده منذ خمسين سنة وسيكون لك مستقبل عظيم - طبعا مع علمنا بما فى منهجهما من الضلال
    وكذلك التخريج على كلام الاقدمين هو من الابداع

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    174

    افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    بارك الله فيك يا أخي خالد المرسى
    أخي طالب العلم: أتشرف بك صديقاً مُشاركاً في صفحتي على الفيس بوك :
    http://www.facebook.com/khabab.al.hamad

  14. افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    يتعلمون من تجربة مشايخ اسكندرية
    انا اسف
    هى ليست تجربة ولكنه منهج النبى وصحبه
    فان النبى كان يعلم اغلب احوال العالم
    وكذلك الحسن لما سأل عن حال اهل العراق فقيل له قلوبهم معك وسيوفهم عليك فتلك ادلة على ان السلف الصالح لم يكونوا منعزلين عن المجتمع وكيف ينعزلون وهم حكام العالم ؟!!

  15. افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خباب الحمد مشاهدة المشاركة
    هذا ما عرفه المسلمين في عهود زاهرة مضت، وما يرغبون أن يبقى متواصلا في هذا الزمان، لم يقم به إلاَّ قلة قليلة حملت هذا الهم، والبقية يغرقون في جزئيات ودقائق من العلوم، ليست أولى من البحث في هموم ونوازل فقهية وسياسية معاصرة!
    كيف لا أدري لماذا ربما *** أنني يوماً عرفت السببا
    عالم يدعو بدعوى جاهل *** وليوث الحرب ترجو الأرنبا
    الى ان قال
    وتلك هي مسألة هروب من الواقع النكد، وتفخيخ للأزمة أكثر من إصلاحها، والعجيب أن كثيراً من أهل الفكر ودعاة الإصلاح، قد سرت في نفوسهم دواخل اليأس من الواقع المؤلم ـ وحقاً إنَّه مؤلم ـ وانتقلوا من عملية الإصلاح الاجتماعي والحضاري، إلى الاعتناء بالذات مواصلة للقراءة، أو تحقيق المخطوطات القديمة، أو جمع كتب التراث، وكل ذلك نحن بحاجة إليه، ولكن الأهم صار لديهم هو المهم وليس الأهم حقاً وواقعاً، كالستار الذي أسدل فلم نعد نرى ضرورة ما خلفه!
    وكما يقول أحد المفكرين : وكان طبيعياً أن يؤدي الفكر النقلي الخامل إلى الانشداد إلى «الماضي»، فيعيـش العقل المسلم حالة اجترار فكري لمنقولات أثرية تقادم بها العهد، ولم تعد في عدد من عناصرها صالحة في أزمان تغيرت في كل شيء (باستثناء جوهر العقيدة وأصول الشريعة).
    نجد أناساً حين ترى الناس أو عموم جموع الصحوة تسألهم : كيف يتقدم المسلمون وينتصرون على عدوهم؟
    فتجدهم يقولون : عليكم بالتوبة إلى الله، والرجوع إليه، وهذا جواب عظيم، ولكن يا أيها المرشدون للمسترشدين : بالله عليكم أهذا جواب يقوله المفتي للمستفتي والعالم للجاهل؟
    إنَّ كل الأمَّة بأشكالها وأنواعها تعلم ضرورة الرجوع إلى الله، وأهمية التوبة لديه، بل إنَّ كبارهم قادرين على صناعة موعظة رنَّانة يحدث بها الآخرين بضرورة الرجوع إلى الله والتوبة إليه.
    فليس الحل بإلقاء كلمات من هذا القبيل، وإن كان ذلك من الضروري أن يقال كمقدمة للجواب، كما يخطب الخطيب يوم الجمعة بالمصلين فيذكرهم بتقوى الله في بداية خطبته ، ثمَّ يذكرهم بتقوى الله، ويعقب ذلك الحديث بذكر المقصد والشاهد من خطبته للموضوع الذي قد تجهز به ليتحدث به أمام الحاضرين.
    --------
    إنَّ من أكابر المشكلات التي نعاني منها ذلك الدوران في فلك واحد من الكلاموالحلول والوعظ، ونظن حينها أنَّنا بهذه الكلمات سنوقظ أمجاد الأندلس بعد أن سقطتمنذ عام 1492م، ولا زلنا نتأسف على ماضيها الذي طمسته ظلامات الجاهليَّةالأسبانيَّة الحديثة!


    .
    أنا أعدت قراءة هذا المقال
    ووالله وأقسم بالله انا لااشمت فى احد
    واقسم بالله العظيم اننى كلما ازداد فى العلم فأعرف اشياء تسوئنى مثل هذا المقتبس فليتفطر قلبى من الكمد
    يا شيخ خباب هل ترى مثل ما أظن أو أكاد أوقن انا ( بحسب ما قرأت لهم ) بأن مواقفهم هذه له خلفيات عقدية ومنهج فى التغيير ينظرون له
    فلابد لنا من ايراد ادلتهم وكلامهم وعرضه على الشرع الحنيف ليعلم طلبة العلم الحق من الخطأ فيسيروا فى الطريق الصحيح

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    174

    افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    بارك الله في الجميع
    أخي طالب العلم: أتشرف بك صديقاً مُشاركاً في صفحتي على الفيس بوك :
    http://www.facebook.com/khabab.al.hamad

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    20

    افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    أشكر من كل قلبي وبكل ما أملك من كلمات أيها الداعية الاستاذ خباب الحمد,
    وسأضرب أمثلة على تقليب الفكر الاستهلاك الفكري الموجود:
    عدم معرفة مصادر الاخبار الصحيحة والسليمة من قبل بعض الاسلاميين
    الخوف من الاتهام بقضية المؤامرة من طرح بعض المواضيع الخطيرة عل أمتنا
    عدم وجود مواقع اليكترونية اخبارية اسلامية إلا ما ندر (موقع لجينيات يعتبر موقع فردي)
    قلة الاهتمام بقضايا إجتماعية من قبل بعض دعاة السلفية
    عدم الظهور في الإعلامي من قبل بعض كبار العلماء المسموعة آراءهم حتى تهموا بالسلعمانية
    قلة الاكتراث للخطر الشيعي والاسرائيلي(من الأمثلة عدم الكلام عن تهديد الاقصى في الايم الاخيرة )
    ودمت يا أخينا الفاضل خباب وكذلك الاخ خالد

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    174

    افتراضي رد: بين تقليب الفكر والاستهلاك الفكري(دعوة للتأمل)

    نايف المعمر
    ما كتبته اوافقك في اغلبه
    جزيتم الجنة
    أخي طالب العلم: أتشرف بك صديقاً مُشاركاً في صفحتي على الفيس بوك :
    http://www.facebook.com/khabab.al.hamad

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •