تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أسس الأمن الفكري في السنة النبوية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    Lightbulb أسس الأمن الفكري في السنة النبوية

    أسس الأمن الفكري
    في السنة النبوية


    د. جمال أحمد بادي - باحث رئيس ([·])

    د. إبراهيم آدم أحمد شوقار - باحث مشارك [*]

    ملخص البحث:
    لقد أصبح الأمن الفكري ضرورة من ضروريات المحافظة على أسس ومبادئ وقيم الثقافة الإسلامية الحضارية في مواجهة مخاطر التحديات المعاصرة، التي في مقدمتها العولمة. وتحاول هذه الورقة أن تقدم رؤية إسلامية تؤصل لأسس الأمن الفكري بمفهومه الشمولي ودلالته الواسعة، انطلاقا من سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بتوظيف ما ورد فيها من أصول وتطبيقات، تصلح أن تكون نبراسا هاديا لأجيال أمتنا الصاعدة، تحافظ باتباع هديها على هويتها وقيمها ومبادئها، وتتعرف بوضوح من خلالها على دروب الريادة والحضارة.
    تحاول هذه الورقة الإجابة على التساؤلات التالية:
    - ما المقصود بالأمن الفكري من المنظور الإسلامي؟ وما أهميته؟
    - ما أهم الأسس الواردة في السنة النبوية لتحقيق الأمن الفكري ؟
    - ما النماذج التطبيقية في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لدعم وتفعيل تلك الأسس؟
    - ما أقوال أهل العلم في بيان تلك الأسس وتوضيحها؟
    وقد سلك البحث المنهج الاستقرائي لجمع أسس الأمن الفكري من كتب السنة والسيرة النبوية، مع المنهج التحليلي لتحويل تلك الأسس إلى وسائل عملية تهدف إلى تحقيق الأمن الفكري في زماننا المعاصر.

    المقدمة:

    يعد مصطلح "الأمن الفكري " من المصطلحات المعاصرة. وقد عرفه بعض العلماء على أنه: "طمأنينة الفرد والمجتمع على معتقداته ومبادئه التي يؤمن بها والحرية في ممارستها وحمايتها والحديث عنها ". ([1])

    وقد برز هذا المصطلح، مؤخرا في المنابر الثقافية المختلفة في مواجهة تحديات العولمة باعتبارها " الامتداد الثقافي والفكري والإيديولوجي ([2]) للنموذج والثقافة والمعرفة والإنجاز الحضاري الغربي المعاصر " ([3]).
    إن موضوع الأمن الفكري في السنه النبوية، لم يكن مؤسسا بالتنصيص النظري فحسب، بل كان منهجا ومبادئ عملية تجلت في مواقف صاحب الرسالة الخالدة – صلى الله عليه وسلم -وفي تعاملاته الحكيمة مع مكونات المجتمع ([4])، ثم في سيرة أصحابه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين. فالمسلمون في هذا العصر في حاجة ماسة للعودة إلى المنهج النبوي، أكثر من أي وقت مضى، لالتماس الحلول ورسم الاسترتيجيات لمواجهة قضايا هذا العصر الشائكة. وقد جاءت السنة النبوية الشريفة، وهي التطبيق العملي للقرآن الكريم، لتحقيق المنهج القرآني على الواقع من خلال وضع دعائم الأمن الفكري وترسيخها في المجتمع المسلم. فتأمل في المنهج النبوي في تعامله صلى الله عليه وسلم مع القطاعات المختلفة في المجتمع، وبخاصة مع قطاع الشباب وما يحملونه من أفكار شاذة أحيانا ([5]) ! وتأمل في ردود أفعاله صلى الله عليه وسلم، من مواقف أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، في الأحداث اليومية المختلفة فيما بينهم أنفسهم أو فيما بينهم وبين غيرهم!
    بل تأمل في ما جاء في دستور المدينة، المعروف بـــــ "وثيقة المدينة " ([6])، وهي أهم وثيقة كتبت بعد الهجرة، وربما في التاريخ، لتقنين العلاقة والترابط الداخلي للمجتمع الواحد، في ظل تباين عرقي وثقافي وديني، من أجل تحقيق الأمن الفكري والاجتماعي للجميع!
    ستجد في ذلك كله: التوجيهات الهادية، والنصائح الهادفة، والضوابط المرشدة. التي يمكن اعتبارها قواعد وأصول منظمة، غايتها حماية القيم والأخلاق والعقائد التي أسس لها الوحي الآلهي، مع ضمان ممارستها بالشكل الصحيح الذي يشكل صمام الأمان الفكري.
    أهم أسس الأمن الفكري في السنة النبوية
    بعد دراسة وتأمل في سيرته صلى الله عليه وسلم ومنهجه في تربية المجتمع، وبعد النظر الدقيق فيما ورد عنه من أحاديث صحيحة، يمكن تلخيص أهم أسس الأمن الفكري في السنة النبوية في الآتي:

    1-التوحيد أساس الأمن:

    توحيد الله تعالى - كما هو أساس الدين والاعتقاد - هو أساس كل خير وفلاح دنيوي وأخروي. ومن ذلك أنه أساس الأمن في الدنيا والآخرة. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال: (يا غلام إني أعلمك كلمات: إحفظ الله يحفظك، إحفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله تعالى لك. وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف) ([7]) وفي رواية الإمام أحمد: (إحفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطاك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا). وهو موافق لقول الله تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام:82).
    فالتوحيد عاصم لصاحبه من أن ينزلق في مهاوي الغزو الفكري الذي يدير دفة مركبه أعداء الأمة، يرومون بذلك إعادة توجيه عقول وسلوك المسلمين لصالح مخططاتهم، بله الانسياق إلى الارتماء في أحضانهم ببيع المسلم نفسه لهم وخيانة أمته أو وطنه أو الانسلاخ من مبادئه وقيمه.
    وهذه مسألة يجب إبرازها لطلابنا في كتب المقررات الدراسية، سواء أكانت الدينية أم التربية الوطنية؛ كإجراء استباقي يرمي لتحصين عقول شبابنا، وتثبيت قلوبهم، وتوجيه عقولهم وسلوكهم.
    ومن أسس هذا التحصين لعقول المسلمين: تجانس المنهج المعرفي لدى المسلمين المهتدين بهدي الوحي قرآنا وسنة. يقول الدكتور النجار: " إن عقيدة التوحيد تجمع المسلمين على تصور موحد للوجود والكون والمصير. وهذه العقيدة الموحدة للمسلمين أيديولوجيا هي الموحدة -أيضا – لعقولهم بتشكيلها على خصال منهجية في النظر المعرفي متجانسة، وأصبحوا بها يفكرون بالطريقة ذاتها، فيتوصلون إلى رؤى وحلول متجانسة في تدبير الحياة " ([8]).
    ومن المميزات التي ينفرد بها التوحيد في هذا المجال: ضبطه لسلوك معتنقيه، لا من خلال أنظمته وحدوده فحسب، بل من خلال إيجاد رقيب داخلي في كل فرد من أفراد المجتمع يتبع به تلك الأنظمة التي قررها، ويقف عند الحدود التي رسمها.

    يقول أحد الباحثين في تقرير هذه الميزة: "إذا استبعدنا الجرائم ذات العلاقة بالأفكار، فإن المجتمع المسلم ينفرد أو يكاد، عن غيره من المجتمعات بوجود أنواع من الروادع غير تلك المألوفة عند غيره من قوة نظام وقانون وعقوبات ودقة في تنفيذها، لذا فإنه من السهل جدا إدارته أمنيا، إذا ما تحقق تحكيم الإسلام فيه والتزام أفراده بتطبيقه على وجهه الصحيح ". إلى أن يقول: " ولعل ما نشاهده من مظاهر البعد عن الالتزام بالإسلام في أرصفة وطرقات وبيوت المجتمعات الإسلامية في هذا الزمن أوجد مظاهر متعددة للجريمة وأشكالا مختلفة لما يخل بالأمن ويكدر صفو الحياة. الأمر الذي يقضي بأن تتجه الجهات المسؤولة عن الأمن في البلاد الإسلامية إلى تنمية الوازع الديني لدى الأفراد؛ لأن مهمة الإدارة الأمنية الخارجية لدى الحكومات تسهل كلما نمت الإدارة الأمنية الذاتية أو الداخلية لدى الشعوب " ([9]).

    إذا تقرر ذلك فإن أهم ما يهدد هذا الأصل هو:

    أ -ترويج الفساد الأخلاقي، مع غياب أو ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لذا جاء الأمر بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر بين المؤمنين.
    ب -ضعف الوازع الديني وانتشار المعاصي والاستهانة بها. وهو أمر قد يكون ناتجا عن سابقه. ولا عجب أن ينص علماؤنا على أن المعاصي تقدح في كمال التوحيد.
    ج -الالتقاء مع أهداف المخالف أو العدو، كما حصل من الكتاب العرب الذين وجدت كتاباتهم في النيل من الإسلام وحملته، أثناء حرب الإبادة التي شنها اليهود على مسلمي غزة رواجا عند قادة اليهود؛ فأوصوا بمنح بعض أولئك الكتبة وسام دولتهم وبنشر مقالاتهم على مواقعهم. وهو أمر يحصل لأول مرة في تاريخ المسلمين الحديث.


    2 -تعظيم الحق والانفتاح عليه وتشجيع حبه وقبوله والانقياد له:
    هذا الأساس هو أصل الأمن الفكري بشكل عام، وفيه تجاوز للتقاليد والإمعية والتعصب والتقليد الأعمى. ومن ذلك: إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للصحابيين الذين اختلفا في قراءتهما بقوله صلى الله عليه وسلم: (كلاكما محسن). ([10]) وكذا قوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة في شأن ما قاله له الشيطان: " إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح." فقال صلى الله عليه وسلم: "صدقك وهو كذوب ذاك شيطان" ([11]). ومن ذلك: إقرار النبي بأن شعر لبيد كان أصدق كلمة قالها الشاعر على الرغم من أنه غير مسلم. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أصدق كلمة قالها الشاعر: كلمة لبيد، ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم " ([12]).
    ومن ذلك: إجازة النبي صلى الله عليه وسلم الرواية عن بني إسرائيل التي لا تتعارض مع ما جاء به المصطفى؛ باعتبار أن ما روي عنهم ليس كله كذب. عن أبي سعيد الخدرى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، حدثوا عني ولا تكذبوا. قال: ومن كذب علي-قال همام: أحسبه قال متعمدا -فليتبوأ مقعده من النار". ([13])

    وهناك أسباب قد تحول دون تقبل الحق، منها: الجهل والحسد، وقد بوب ابن قيم الجوزية في كتابه " هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى " بابا عن الأسباب المانعة عن قبول الحق قال فيه: " والاسباب المانعة من قبول الحق كثيرة جدا، فمنها: الجهل به، وهذا السبب هو الغالب على أكثر النفوس فإن من جهل شيئا عاداه وعادى أهله، فإن انضاف إلى هذا السبب بغض من أمره بالحق ومعاداته له وحسده كان المانع من القبول أقوى فإن انضاف إلى ذلك ألفه وعادته ومرباه على ما كان عليه آباؤه ومن يحبه ويعظمه قوى المانع فإن انضاف إلى ذلك توهمه أن الحق الذي دعي إليه يحول بينه وبين جاهه وعزه وشهواته وأغراضه، قوي المانع من القبول جدا فإن انضاف إلى ذلك خوفه من أصحابه وعشيرته وقومه على نفسه وماله وجاهه كما وقع لهرقل ملك النصارى بالشام على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ازادد المانع من قبول الحق قوة..." إلى أن قال: " ومن أعظم هذه الأسباب: الحسد فإنه داء كامن في النفس ويرى الحاسد المحسود قد فضل عليه وأوتي ما لم يؤت نظيره فلا يدعه الحسد أن ينقاد له ويكون من أتباعه" ([14]).
    ومن الأسباب الصادة عن الحق: التعصب:" إن التحيزات المعرفية المنظمة تصاحب غالبا عملية تكوين الانطباعات عن الأشخاص الآخرين. فحينما تقوم مجموعة من الأشخاص بتكوين انطباع محدد عن شخص آخر، يغلب أن يؤدي ذلك إلى حدوث التشويهات في الإدراكات، مما يجعلهم يستجيبون غالبا لمعظم المنبهات السائدة، باستجابات مفرطة. وتؤدي هذه المحاولات نفسها إلى حدوث التعصب " ([15]). ويقول أندريه هاينال في شرح أثر هذه الظاهرة: (إننا مضطرون للملاحظة بأن الشبان ينجذبون إلى تجمعات وتكتلات دينية أو علمانية، حسب البلدان، لكنها تجمعات تعصبية أيضا. ويمكننا التساؤل عن الحاجة التي تدفعهم نحو ذلك. فقد رأينا أن التعصب يمنح الأمان المعرفي وتوطيد النرجسية، غير أننا لا نستطيع تفسيره إلا إذا أحطنا باللحظة الثقافية للحضارة. اللحظة التي يزدهر فيها التعصب) ([16]).

    3 - الأمر بالوحدة والألفة والدخول في سلك الجماعة ونبذ الفرقة والاختلاف والتشرذم :
    وهي ركيزة عظيمة في هذا الباب. وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى ضرورة أن يكونوا أمة واحدة تربطهم أواصر الأخوة والمحبة، حيث قال في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: " لا تدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا"([17]). وفي رواية مسلم: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا. المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره. التقوى ها هنا-ويشير إلى صدره ثلاث مرات -بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه" ([18]). في رواية البخاري: "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخواناً" ([19]).
    كما دلت الأحادث النبوية على وجوب تعاون المسلمين، من ذلك حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة" ([20]). ومنها: حديث النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى" ([21]).
    وقد بين الرسول أن البركة وعون الله مع الجماعة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يد الله مع الجماعة ([22]). وأن يحب المسلم لأخيه المسلم مثل ما أحبه لنفسه، فعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه – أو قال لجاره – ما يحب لنفسه" ([23]) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والاخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" ([24]).
    والاجتماع والوحدة والألفة كما قررتها السنة النبوية قررها القرآن الكريم في مواضع عديدة كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ([25])، وقوله تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) ([26]). وقوله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُو َ وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ([27]). وقوله تعالي: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) ([28]).
    فالوحدة هي أساس الأمن الاجتماعي والفكري، وأمر الوحدة والألفة والاجتماع متقرر معلوم، إلا أنه يحتاج إلي تأكيد وتكرار وغرس في عقول وقلوب أجيالنا الصاعدة، مع التحذير مما يخالفه ويهدده من تحديات، ومن أهمها:

    أ.التحزب الديني:
    ومن التعصب الذي ينبغي أن نحذر منه: التعصب للفئة أو الحزب أو للجماعة التي ينتسب إليها المسلم، تعصباً يجعله ينتصر لها بالحق وبالباطل. ومن التعصب للجماعة أو الحزب، أن يضفى عليها من الصفات ما يشبه القداسة أو العصمة، فكل ما تقوله فهو حق، وكل ما تفعله فهو جميل، وكل ما يصدر عنها فهو صواب، وكل تاريخها أمجاد، وكل رجالها ملائكة !" ثم عدد أهم مظاهر هذا التعصب كالتالي:
    1 - أن لا يذكر لجماعته أو لحزبه ، إلا المزايا والحسنات ، ولا يذكر للجماعات الأخرى إلا العيوب والسيئات ، وأن يعظم رجال مجموعته مهما يكن فيهم من تقصير أو قصور، ويحقر رجال الآخرين مهما يكن فيهم من سمو في العلم والعمل.
    2 - أن يفرح بأخطاء الآخرين ، وقد يشنع بها، ويضرب بها الطبل ، في حين يتعامى عن أخطاء فئته وجماعته ، واذا اعترف بها حاول أن يهون منها، ويعتذر لها، ويدافع عنها.
    3 - المبالغة في المحافظة على الأشكال التنظيمية للحزب أو للجماعة ، كأنها أمور تعبدية ، حتى يضحي في بعض الأحيان - بمصلحة الدعوة الإسلامية ، والأمة الإسلامية ، كيلا تخدش الصورة التنظيمية.. ومن هذه الأخلاقيات : " أن ينظر إلى القول لا إلى قائله ، وأن تكون لديه الشجاعة لنقد الذات ، والاعتراف بالخطأ، والترحيب بالنقد من الآخرين ، وطلب النصح والتقويم منهم ، والاستفادة مما عند الآخرين من علم وحكمة ، والثناء على المخالف فيما أحسن فيه، والدفاع عنه إذا اتهم بالباطل، أو تطاول عليه أحد بغير حق " ([29])

    ب - الضرب على وتيرة الطائفية:
    يشير بعض المفكرين المعاصرين إلى وجود فرق بين التعصب والطائفية بقوله : "إن هناك فرقا كبيرا بين التعصب والطائفية كحالة فكرية أو سلوكية أو نفسية سلبية تتسم بها بعض الجماعات ، وبين المذاهب الفقهية والكلامية والاتجاهات الإسلامية المختلفة التي ولدت ضمن عوامل وتطورات فكرية وتاريخية مختلفة ، ربما لا تكون العصبية الطائفية من سماتها" . إلى أن يقول : فالقبلية والنسب وأمثالهما: أمور نسبية ، قد تكون طبيعية في حدود معقولة.
    أما الخطر كله فيكمن في ما لو حاول الانسان أن يصعد بهذه الأمور إلى مستوى الأمور المطلقة والمعايير العامة، فحينئذ تكون الكارثة، وعندئذ تكون الطائفية قد تجلت بأبشع صورها وأخس اشكالها، وحينئذ يتحول النسبي النافع إلى قيد على الذهن الانساني " فيمنعه من الانطلاق الحضاري البناء، باعتبار أن هذا النسبي يرتبط بظروفه الموضوعية، فاذا جعل مطلقا لم يعد يمكن لانسان أن يتخطى هذه الظروف، وحينئذ فالجمود والانحطاط المقيت" ([30]).
    ج -التشرذم الاثني والعرقي:

    وهو انقسام المجتمع المسلم بسبب الاختلاف العرقي، فهذا عربي وذاك كردي، والآخر أمازيغي والرابع طاجيكي وغيره فارسي، وقس على ذلك. والمشكلة تكمن في استغلال الأعداء لهذا الأمر لاسيما في البلاد الإسلامية التي تعرضت للاحتلال، كالعراق وأفغانستان. كما أن بعض الشخصيات والمؤسسات المعادية للاسلام صرحت بضرورة توظيف هذه الثغرة في مواجهتها لأمة الإسلام.

    4 - التوسط والاعتدال ونبذ الغلو في الفكر والعمل:
    فلا أمان مع غلو وتطرف، ووقوف النبي صلى الله عليه وسلم في وجه الخوارج، ثم وقوع فتنتهم بعد ذلك وقتالهم للمسلمين بسبب غلوهم دليل على خطورة الغلو. وقد تمظهرت دعوة السنة النبوية إلى القصد والاعتدال والتوسط في التدين في الأمور التالية:
    - ضرورة المقاربة في الدين ([31])

    أي التوسط في العمل والعبادة وعدم التشدد فيها. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن ينجي أحداً منكم عمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة، سددوا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا" ([32]).

    وقد جاء تقرير يسر الإسلام وتوسطه في أحاديث كثيرة منها كما في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة" ([33]).
    ومن وصايا الرسول ترك الغلو في الدين: ما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم – غداة العقبة وهو على راحلته - : هات القط لي، فلقطت له حصيات، هن حصي الخذف، فلموضعتهن في يده قال: بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" ([34]).
    - تطبيقه صلى الله عليه وسلم لما أمر به أمته من الاعتدال والتوسط في أداء العبادات

    فعن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه ما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا! أما والله، إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" ([35]).
    -أمره صلى الله عليه وسلم صحابته بالتخفيف في إمامة الناس بالصلاة

    كما في قصته – عليه الصلاة والسلام – مع معاذ بن جبل – رضي الله عنه – فقد جاء عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – قال: "كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم يرجع فيؤمن قومه، فصلى ليلة مع النبي – صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم أتى قومه فأمهم، فافتتح بسورة البقرة، فانحرف رجل، فسلم، ثم صلى وحده، وانصرف، فقالوا له: أنافقت يا فلان؟ قال: لا، والله لآتين رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلأخبرنه، فأتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله، إنا أصحاب نواضح، نعمل بالنهار، وإن معاذاً صلي معك العشاء، ثم أتى فافتتح بسورة البقرة، فأقبل رسول الله – صلى الله عليه وسلم –على معاذ فقال: "يا معاذ، أفتان أنت! اقرأ بكذا، واقرأ بكذا". وفي رواية: "يا معاذ، أفتان أنت – ثلاثاً ! اقرأ" والشمس وضحاها" و"سبح اسم ربك الأعلى، ونحوهما". وفي رواية: "فتان، فتان، فتان" ثلاث مرار، أو قال: "فاتناً، فاتناً، فاتناً" ([36]).


    5 - الثبات على المبادئ :
    وردت في السيرة النبوية أحداث كثيرة ومتنوعة بينت ثباته صلى الله عليه وسلم وعدم تنازله عن ما جاء به من الحق رغم تعدد الاغراءات التي عرضها عليه صناديد قريش.
    والثبات على الحق يمثل أرضية صلبة لمواجهة طوفان الغزو الفكري وتشكيك المسلمين في دينهم ومبادئهم ونبيهم اليوم، وهو المتمثل في الهجمة الحاقدة على دين الإسلام وتشويه صورته الناصعة من قبل أعدائه.
    وقد مدح القرآن الثابتين على عقيدتهم فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) ([37]). وقد حث النبي أصحابه على الثبات علي المبدأ، فعن خباب بن الأرت قال: "شكونا إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم – وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال: (قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، فما يصده ذلك عن دينه. والله ليتمن هذا الأمر، حتي يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت، لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون" ([38]).
    وضرب صلى الله عليه وسلم لصحابته مثالاً عملياً فيما حثهم عليه من الثبات على المبادئ بعدم قبوله الشفاعة في الحدود. فعن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت. فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتشفع في حد من حدود الله! ثم قام فاختطب، ثم قال: إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" ([39]).
    ومما يهدد سلامة هذا الأصل:

    أ.تحديات العولمة : يشير أحد الباحثين المتخصصين في مجالات دراسات العولمة إلى أن إشكالات العولمة لا تكمن فقط في كونها عملية تحاول إلغاء تأثير الحدود الجغرافية بين المجتمعات والدول، والتقليص من الحواجز والاجراءات القانونية لانتقال الأفراد والسلع والأفكار والرسائل والوسائل والرموز فيما بين المجتمعات على المستوى العالمي، ولكن تتعداها لتفكيك الأطر الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وجعلها أكثر ارتباطا بعوامل خارجية، ليصعب التحكم فيها، هدفها النشر والتعميم لمفاهيم الصراع والهيمنة والسيطرة ، وما يدعونه من حقوق الانسان والديمقراطية والرأسمالية العالمية والاقتصاد الحر والخصخصة وأنماط الحياة الغربية وقيمها ([40]).

    ب.تحديات التقنية:

    يصف أحد الباحثين ذلك النوع من التحديات بالصورة التالية: "ومن الحقائق الثابتة الآن على الصعيد الثقافي، أن النظام الثقافي: المسيطر على الواقع العالمي: هو النظام السمعي البصري، فالصورة اليوم هي المادة الثقافية التي يجري تسويقها على أوسع نطاق، وهي في زماننا هذا مصدر إنتاج القيم وتشكيل الوعي والوجدان والذوق. وهناك الآف الشركات التي تتنافس في مجال تقديم ثقافة أشبه ما تكون بالسلع الاستهلاكية، كما أن هناك مئات الأقمار الصناعية التي ترسل عبر شاشات الملايين من أجهزة التلفاز، رسائل ثقافية تستهدف تغريب المواطنين في عالمنا العربي و الإسلامي عن مجتمعاتهم ، وأصبحت صناعة الثقافة في عصرنا هذا من الصناعات العملاقة التي تستهدف حياة البشر في جوانبها المختلفة ، وتعمد إلى تسطيح الأفكار والمشاعر والى تزييف أو تغييب الوعي" ([41]).

    6. المرونة في الأمور الاجتهادية المبنية على ترجح المصلحة:
    هنالك الكثير من الوقائع التاريخية في سيرته، صلي الله عليه وسلم، التي تؤكد هذا المبدأ وتشير إلى إمكان تغيير القناعات في المسائل الاجتهادية في إطار تحقيق المصالح ودفع المفاسد، مثل صلح الحديبية، والأمر بالاجتهاد في قصة إرسال معاذ إلى اليمن وإقراره صلى الله عليه وسلم لاجتهاد معاذ. وبهذا الإقرار أكد النبي صلى الله عليه وسلم على
    خصيصة عظيمة لهذا الدين، ألا وهي صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان لكونه يعطي للعقل البشري مجالا للاجتهاد في ضوء الشرع فيما لا نص فيه. فعندما أراد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يبعث معاذاً إلي اليمن قال: "كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال فبسنة رسول الله – صلي الله عليه وسلم، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا في كتاب الله؟ قال اجتهد رأيي ولا آلو. فضرب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – صدره وقال: (الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله) ([42]).

    ومن مظاهر مرونة الفكر الإسلامي: أنه يراعي طبيعة البشر فعن حنظلة الأسيدي – وكان من كتاب رسول الله – صلي الله عليه وسلم – قال – لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة. قال: سبحان الله ما تقول! قال: قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، فنسينا كثيراً. قال: أبو بكر فوالله إنا لنلقي مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلي الله عليه وسلم قلت: نافق حنظلة يا رسول الله. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: وما ذاك؟ قلت: يا رسول الله، نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيراً. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة، ساعة وساعة ثلاث مرات" ([43]). وعن عروة أنه حدثه أن عائشة حدثته أن أبا بكر الصديق دخل عليها وعندها جاريتان تضربان بالدف وتغنيان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مُسجى بثوبه، وقال مرة أخرى: مُتسج ثوبه، فكشف عن وجهه فقال: دعهما يا أبا بكر، إنها أيام عيد وهن أيام مني، ورسول الله صلي الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة ([44]).
    ومن مظاهر مرونة الإسلام: إعطاؤه الرخصة لأصحاب الأعذار فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلي جنب" ([45]). ومن الصور العملية الرائعة التي سطرتها لنا السيرة النبوية: مرونة النبي صلى الله عليه وسلم مع عامله: قال أنس: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من أحسن الناس خلقاً، فأرسلني يوماً لحاجة، فقلت والله لا أذهب. وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله – صلى الله عليه وسلم – فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد قبض بقفاي من ورائي – قال – فنظرت إليه وهو يضحك فقال: "يا أنيس أذهبت حيث أمرتك؟ قال: قلت: نعم أنا أذهب يا رسول الله ([46]). قال أنس والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعته: لم فعلت كذا وكذا؟ أو لشيء تركته: هلا فعلت كذا وكذا؟ ([47]).

    7 - تغيير زوايا النظر بالتخلص من قيود الإطار الفكري ([48]):
    لقد جاء الإسلام ليؤصل العقائد الصحيحة، ويصحح العقائد الباطلة القائمة في اي مجتمع. ومن موانع الاستجابة للحق والهدي الرباني: وجود إطار فكري قبلي تمنع قيوده صاحبه من قبول الحق والامتثال له. فالاطار الفكري - بشكله العام - هو الناظم لمجموعة القيم والمعتقدات لأي فئة أو طائفة أو فرقة. وهو الأساس الذي تقوم عليه المسارات الذهنية المتشكلة عبر الزمن والمتكررة مع مرور الأيام والسنين، والتي من خلالها يتم ترتيب المعلومات وتكوين المفاهيم والآراء، وصياغة الأفكار والرؤى، ويتم ترسيخ المعتقدات والقيم حقا كانت أم باطلا.
    وهو مرتكز الاجتهادات، وأساس اتخاذ القرارات والمواقف، وفي ضوئه يتم حل المشكلات والتعامل مع التحديات. وتتدخل عوامل كثيرة في تشكله منها: البيئة والمجتمع، ومنها: التعليم والثقافة وغيرها. ويتم تشكله في العقل الباطن أو اللا شعور" لذا يصعب التفطن إليه ، ومن باب أولى تخطيه وتجاوزه .
    والاطار الفكري وفق هذا التعريف هو السبب في تحويل الصواب إلى خطأ والخطأ إلى صواب ، والبدعة إلى سنة، والسنة إلى بدعة ، والظن إلى يقين، واليقين إلى ظن، والمتهم إلى بريء، والبريء إلى متهم ، والأوهام إلى حقائق، والخرافات إلى معتقدات ، والأباطيل والأراجيف إلى تاريخ ، والحق إلى باطل، والباطل إلى حق. وهي أمور محيرة يحتاج المؤمن إلى مجاهدة مستمرة واتصال بالله تعالى واللجوء إليه " طلبا لعونه في تجاوز كل هذه المفاوز.
    وهذا قد يفسر الدعاء الماثور الجامع : " اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه" . وهذا قد يقدم - أيضا تفسيرا – لصعوبة توبة المبتدع " وذلك لصعوبة رجوعه عن رأيه لشدة تمسكه به واعتقاده أنه حق.
    ومعظم الناس - إلا من شاء الله له السلامة - لا يرون العالم كما هو، بل كما يدركونه هم من خلال الأطر والقوالب التي يشكلونها عبر الخبرة والتجربة الذاتية المتأثرة ببيئة وثقافة معينة.
    والحال كما وصف فإن الانسان عند تعامله مع ما حوله ومن حوله لا يحس بأن نظرته للأمور مقيدة بذلك الاطار وإن ادعى أنه حر في تفكيره . وعجبا لكثير من الناس ممن يحيا ما كتب له من عمر طال أو قصر، ولم ينعم قط بطعم الحقيقة، ولم يسمح لنفسه أن يعيش الحياة كما هي في واقع الأمر، وانما عاشها كما هي في ذهنه ومساراته المتشكلة حسب ما أدركه وفق أطر معينة أعمته عن رؤية الحقيقة.

    وقد يكون هذا الغبش في الرؤية جزئياً، وفي بعض المسائل المحددة أو في اجتهاد في مجال من المجالات ، وقد يكون انحرافا عاما عن بنيات الطريق تصغر أو تكبر زاويته . ولهذا الغبش في الرؤية أسباب متمثلة في عوائق تحجب التفكير السليم ومن أهمها:

    أ - العوائق الإدراكية : نحو الاعتماد على الظن ، وفساد التصور، والشبهات، والفهم الجزئي ، والفشل في تعدد زوايا النظر، أو استعمال كافة الحواس.

    ب - العوائق النفسية : كالخوف ، والهوى وما يتبعه ، كالاعجاب، والاغترار، والغضب ، والحب ، والبغض ، والتكبر، وحظوظ النفس ، والتعصب.

    ج - والعوائق الثقافية : كالتقليد الأعمى ، ومجاراة الآخرين.

    د - والعوائق البيئية : عندما تكون البيئة على النهج ذاته والسلوك ذاته ، ولا يسمح فيها بتجاوز المتعارف عليه من الآليات ، ولا يشجع التطوير ولا مجال فيها للابداع .

    هـ- العوائق التعليمية (التربوية): نحو اعتماد منهج التلقين والاكتفاء به، وعدم السماح بالسؤال ، ولا بالتعبير عن الرأي ، بله السماح بالنقد البناء ووجهة النظر المغايرة.

    وهنا تبرز أهمية المقدرة على رؤية الأمور من زوايا نظر مختلفة، وتخطي العوائق المتنوعة . وهو أسلوب نبوي دعوي يشهد له حديث مسند الامام أحمد وفيه قصة الفتى ([49]) الذي طلب فيه الإذن بالزنا من النبي صلى الله عليه وسلم.
    أما الغضب وكونه عائقا عن التفكير السليم فقد أشارت إليه جملة من الأحاديث ، منها: حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) ([50]).
    ومنها: حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: كتب أبو بكرة إلى ابنه – وكان بسجستان – بأن لا تقضي بين اثنين وأنت غضبان، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان) ([51]).
    ومنها: حديث أبي مجلز رضي الله عنه قال: صلى بنا عمار صلاة فأوجز فيها، فأنكروا ذلك، فقال: ألم أتم الركوع والسجود؟ قالوا: بلى. قال: أما إني قد دعوت فيهما بدعاء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به (اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي، أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، ولذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، وأعوذ بك من ضراء مُضرة من فتنة مُضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهديين ([52]).
    يتبع



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    Lightbulb رد: أسس الأمن الفكري في السنة النبوية

    أسس الأمن الفكري
    في السنة النبوية


    د. جمال أحمد بادي - باحث رئيس ([·])

    د. إبراهيم آدم أحمد شوقار - باحث مشارك [*]

    8 - التثبت والتأني وعدم التسرع في إصدار الأحكام :
    التثبت في التمثل بالمسائل والتأني في اصدار الأحكام : أمر قرره القرآن الكريم في مواضع عدة، منها: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) ([53]). وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه التثبت في الأخبار وحذرهم من أن يظنوا ظن السوء قبل أن يتثبتوا من صحة وصدق الخبر. فعن صفية بنت حُيي قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفاً فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته ثم قمت فانقلبت، فقام معي ليقلبني، - وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد – فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلكما، إنها صفية بنت حُيي، فقالا سبحان الله يا رسول الله! قال إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما سوءاً أو قال: شيئاً" ([54]).
    ومنها: تثبت النبي صلى الله عليه وسلم في شأن ما وقع من حاطب بن أبي بلتعة من خطأ جسيم في مكاتبته قريشاً وبث أسرار المسلمين إلى عدوهم قبل الحكم عليه. وكان من الحوار الذي دار بينهما والذي يرويه على بن أبي طالب رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاطب: "يا حاطب ما هذا! قال يا رسول الله، لا تعجل علي، إني كنت امرأ ملصقا في قريش، ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يداً يحمون بها قرابتي، وما فعلت كفراً، ولا ارتداداً، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد صدقكم، قال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق! قال: إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم" ([55]).
    فالنبي – صلى الله عليه وسلم- لم يعجل بالحكم على حاطب حتى استدعاه ، وحاوره ، وسأله، وتثبت من وقوع الحدث ، وعن الأسباب التي دفعته إلى ارتكاب الخطأ. ثم بعد أن تأكد - عليه الصلاة والسلام - من وقوع الخطأ وعلم سببه قبل عذر حاطب ، وأحسن الظن به، وذكر أفضل مناقبه ، ألا وهي سبقه في الإسلام وشهوده بدرا.


    9 - حسن معاملة المخطئ وحفظ كرامته:

    وردت قصص كثيرة في سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تدل على أهمية حسن معاملة المخطئ ومن ذلك: حفظ كرامته عند توجيهه وبيان خطئه، حتى يكون أدعى لقبوله النصح، ولا يتمادى في خطئه، وحتى لا تكون المعاملة السيئة سبباً في عناده وإهدار كرامته. من ذلك: قصة الأعرابي الذي بال في المسجد، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس. فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوه، وهريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوباً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين" ([56]).
    ومن ذلك: معاملة النبي الحسنة للأعرابي الذي أخطأ في الصلاة كما في حديث معاوية بن الحكم السلمي قال: لما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عُلمت أموراً من أمور الإسلام، فكان فيما عُلمت أن قال لي: "إذا عطست فاحمد الله، وإذا عطس العاطس فحمد الله فقل: يرحمك الله". قال: فبينما أنا قائم معرسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الصلاة إذ عطس رجل فحمد الله، فقلت: يرحمك الله رافعاً بها صوتي، فرماني الناس بأبصارهم، حتى احتملني ذلك فقلت: ما لكم تنظرون إلى بأعين شزر؟ قال: فسبحوا. فلما قضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الصلاة قال "من المتكلم"؟ قيل: هذا الأعرابي، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: "إنما الصلاة لقراءة القرآن، وذكر الله جل وعز، فإذا كنت فيها فليكن ذلك شأنك". فما رأيت معلماً قط أرفق من رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ([57]).
    ومنها حسن معاملة النبي لثمامة بن أثال مما دعا إلي إسلامه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلاً قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال: له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي خير يا محمد، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت. فترك حتى كان الغد ثم قال له: ما عندك يا ثمامة؟ قال: ما قلت لك، إن تنعم تنعم على شاكر، فتركه حتي كان بعد الغد، فقال: ما عندك يا ثمامة؟ فقال عندي ما قلت لك. فقال: أطلقوا ثمامة، فانطلق إلى نجل قريب من المسجد فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. يا محمد، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلى من وجهك فقد أصبح وجهك، أحب الوجوه إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد إلي، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يعتمر. فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت. قال: لا، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم" ([58]).
    ومن ذلك: عفوه صلى الله عليه وسلم عن أسامة حينما قتل رجلا اجتهادا منه كما جاء عن أسامة ، بن زيد -رضي الله عنهما- قال: بعثنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة، فصبحنا القوم، فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف عنه الأنصاري، وطعنته برمحي، حتى قتلته، قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: "يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟". قال: قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوذاً. قال: فقال: "أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟" قال: فما زال يكررها علي، حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ([59]).
    نلاحظ في هذه القصص لجوء النبي صلى الله عليه وسلم للحوار لفهم تفاصيل ما وقع من أحداث مستهجنة، وفيها من الإيجابيات: شعور صاحب الخطأ بفداحة خطئه. ومع ما قد يكون في كل حوار من الشدة والحزم الذي يستدعيه المقام إلا أن ذلك لم يكن مدعاة لإهدار فضل صاحب الخطأ، ولا تقليلاً من مكانته وعلمه، ولا إعراضاً عن ما له من سابقة.
    ويمثل هذا الصنيع غاية العدل والانصاف. فخطأ أسامة رضي الله عنه لم يكن سببا في فقدان مكانته من النبي صلى الله عليه وسلم بل بقي -كما هو- حبه، وابن حبه. كما لم يكن سببا في عدم اعتبار ما لديه من مواهب وقدرات فقد أمره في آخر عمره على الجيش الذي كان فيه أكابر الصحابة -رضي الله عنهم -. وخطأ معاذ في إطالة الصلاة لم يمنع النبي – صلى الله عليه وسلم - من أن يرسله إلى اليمن قاضيا وحاكما، ومفتيا كما في الصحيحين.
    وليس كل مخطئ يعاقب على خطئه، بل قد يثاب أحيانا لا على خطئه وانما على محاولته في البحث عن الصواب . وهذا يفتح باب الرجوع للمخطئ فلا يتمادى في خطئه . بل إن الخطأ غير المقصود إذا كان بسبب البحث عن الحق نال صاحبه عليه أجرا كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله، أجران واذا حكم فأخطأ فله أجر واحد) ([60]). وهو مما يعد تثميناً للمحاولة على فعل الخير وتشجيعا على البحث عن الحق . فهو أمان فكري للمجتهد يشجعه على الاجتهاد، ولولا ذلك لما تشجع إمام على البحث العلمي لخوفه من العقاب .

    0 1 - التشجيع على إبداء الرأي:
    علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته، بسنته الفعلية العملية، التشجيع على إبداء الرأي وإن كان يبدو مخالفاً، والإذن بالاعتراض إذا كان بقصد الاستيضاح والفهم، وعدم التبرم بمن يسأل إذا كان سؤاله بقصد التعلم لا التعنت، لأن التفاعل مع تساؤلات المخاطبين يعتبر أمراً مهماً في تحقيق الأمن الفكري. من ذلك: إذنه صلى الله عليه وسلم لعائشة لأن تبدي رأيها، كما في حديث ابن أبي مليكة: أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت لا تسمع شيئاً لاتعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حوسب عُذب" قالت عائشة: فقلت: أوليس يقول الله تعالى: (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا) قالت: فقال: "إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك" ([61]).
    وكما في حديث الأسود بن يزيد عن عائشة رضي الله عنها قالت "سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الجدر أمن البيت هو؟ قال: نعم. قلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: إن قومك قصرت بهم النفقة. قلت: فما شأن بابه مرتفعاً؟ قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت، وأن ألصق بابه بالأرض" ([62]).
    ومن ذلك: إذن النبي صلى الله عليه وسلم لحفصة أن تبدي رأيها، كما في حديث أم مبشر عن حفصة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأرجو أن لا يدخل النار أحد إن شاء الله ممن شهد بدرا والحديبية) قلت: يا رسول الله، أليس قد قال الله: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا) ([63])؟ قال: أولم تسمعيه يقول: (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) ([64])؟ ([65]).
    وعن ابن عمر أن حفصة أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع. قالت حفصة: (قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شأن الناس حلوا ولم تحل من عمرتك؟ قال: إني قلدت هديي، ولبدت رأسي، فلا أحل حتي أحل من الحج) ([66]).
    ومنها: إذن النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة أن يراجعوه فيما لم يتضح لهم معناه. فعن عبد الله رضي الله عنه قال: لما نزلت: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) قلنا: يا رسول الله، أينا لا يظلم نفسه؟ قال: ليس كما تقولون، لم يلبسوا إيمانهم بظلم: بشرك، أولم تسمعوا إلي قول لقمان لابنه (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) ([67]).
    ومنها: إذن النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه أن يعبر عن رأيه وإن كان مخالفا لرأيه ورأي أبي بكر. كما في أسرى بدر في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "فلما أسروا الأسارى قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأبي بكر وعمر "ما ترون في هؤلاء الأساري؟ فقال أبو بكر: يا نبي الله، هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية، فتكون لنا قوة على الكفار، فعسي الله أن يهديهم للإسلام. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: ما ترى يا ابن الخطاب؟ قلت: لا والله يا رسول الله ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان – نسيباً لعمر – فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأبو بكر قاعدين يبكيان. قلت: يا رسول الله أخبرني، من أي شيء تبكي أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : أبكي للذي عرض على أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض على عذابهم أدنى من هذه الشجرة – شجرة قريبة من نبي الله – صلى الله عليه وسلم. وأنزل الله عز وجل (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) إلي قوله (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا) فأحل الله الغنيمة لهم ([68]).
    ومنها: إبداء عمر رأيه في مسألة اعتزال النبي نساءه، فوافق رأيه ما نزل به القرآن: ففي الحديث الطويل الذي يرويه عمر رضي الله عنه: "ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله ما يشق عليك من شأن النساء؟ فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك. وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول. ونزلت هذه الآية آية التخيير (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ) (وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَة ُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) ([69]).


    11 - حق المراجعة:
    هناك فرق بين التشجيع على إبداء الرأي الذي يكون في قول ما يراه المسلم ابتداء، وبين المراجعة في إبداء الرأي في أمر تقرر أو وجهة نظر مخالفة لما طرح من رأي من قبل الآخرين ، خاصة إذا كانوا في منصب القيادة واتخاذ القرار.
    وفي كتاب ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: أدلة تقرر أهمية الإذن بالمراجعة في شؤون الثقافة من المتلقي للآمر. وتمثل المراجعة لمانح الثقافة صمام أمان للمجتمع . كما يعد وجود من يراجع أصحاب السلطة الثقافية ، وقبول أصحابها بهذا المبدأ - أيضا - أمراً مهما هو الآخر. ويدخل في ذلك دخولا أوليا كل من له علاقة بالسلطة الثقافية يستوي في ذلك القادة والمعلمون والآباء والاعلام في زماننا هذا.
    من تلك الأدلة : مراجعة النبي الله فيما فرض عليه من الصلوات : في حديث الاسراء والمعراج الطويل عن أنس بن مالك. وفيه: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "ففرض الله على أمتى خمسين صلاة، قال: فرجعت بذلك حتى أمر بموسى، فقال موسى عليه السلام: ماذا فرض ربك على أمتك؟ قال: قلت: فرض عليهم خمسين صلاة. قال لي موسى عليه السلام: فراجع ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، قال: فراجعت ربي فوضع شطرها، قال: فرجعت إلي موسى – عليه السلام – فأخبرته. قال: راجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، قال: فراجعت ربي فقال: هي خمس وهي خمسون، لا يبدل القول لدي. قال: فرجعت إلي موسى فقال: راجع ربك. فقلت قد استحييت من ربي. قال: ثم انطلق بي جبريل حتى نأتي سدرة المنتهى فغشيها ألوان لا أدرى ما هي. قال: ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك" ([70]).
    ومنها: مراجعة النبي جبريل فيما أنزل من أحرف القرآن كما في حديث أبي بن كعب أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان عند أضاة بني غفار. قال: فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف. فقال: "أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك". ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين. فقال: "أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك". ثم جاءه الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف. فقال: "أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك". ثم جاءه الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابو([71]).
    ومنها: مراجعة عمر لرأي أبي بكر رضي الله عنهما في قتال مانعي الزكاة كما في حديث أبي هريرة، قال: لما توفى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر بن الخطاب لأبي بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فمن قال: لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه علي الله؟، فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه. فقال عمر بن الخطاب: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق ([72]).
    ومنها مراجعة زيد بن ثابت الشيخين حين كلفاه بجمع القرآن حيث قال رضي الله عنه: "فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي من ذلك، قال: قلت: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: هو والله خير، فلم يزل يراجعني في ذلك أبو بكر وعمر حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدرهما (صدر أبي بكر وعمر) ([73]).
    ويسري ذلك على قضايا الثقافة الاجتماعية ، وشؤون الدنيا العامة من باب أولى.
    مثال الأولي : ما أخرجه ابن ماجه والنسائي - واللفظ له - عن عائشة رضي الله عنها أن فتاة دخلت عليها فقالت : "إن أبي زوجني من ابن أخيه يرفع بي خسيسته ([74]) وأنا كارهة ، قالت : اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جاء رسول الله فأخبرته ، فأرسل إلى أبيها فدعاه فجعل الأمر إليها فقالت : يا رسول الله ، قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء".

    ومراجعة بريرة النبي صلى الله عليه وسلم عندما نصحها بالرجوع لزوجها الذي كان يحبها وكانت تبغضه هل هو أمر منه أم مجرد شفاعة؟
    عن ابن عباس أن زوج بريرة كان عبداً يقال له: مغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثاً! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو راجعته؟ قالت: يا رسول الله تأمرني؟ قال: إنما أنا أشفع. قالت لا حاجة لي فيه" ([75]).
    ومثاله الثانية: مراجعة الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في تأبير النخيل. كما في حديث أنس أن النبي – صلى الله عليه وسلم – مر بقوم يلقحون. فقال: لو لم تفعلوا لصلح. قال فخرج شيصاً فمر بهم فقال ما لنخلكم؟ قالوا: قلت، كذا وكذا قال أنتم أعلم بأمر دنياكم" ([76]).

    خلاصة البحث

    حاول هذا البحث إبراز وعرض أهم أسس الأمن الفكري في السنة النبوية، حيث تم بيان دور تطبيق المنهج النبوي في حماية الأمة من الغزو الفكري ومن الجنوح إلى الغلو معا في سبيل تحقيق السلام العقدي والاجتماعي والنفسي والسياسي والثقافي للمجتمع . ونستخلص من العرض والتحليل وجوب اتباع المنهج النبوي في بناء المجتمع وتنشئة الانسان الصالح " لأن هذا المنهج النبوي يضع أسس الأمن الفكري ، ويساعد على بناء وتقوية دعائمه ، وذلك من خلال :
    - تقوية وازع الدين في النفس ، وإذكاء جذوة الإيمان في القلب.
    - ربط القيم وضبط السلوك بمبادئ توحيد الله تعالى ، وإخلاص الدين والعمل له وحده سبحانه.
    - ترسيخ منهج الوسطية والاعتدال في الاعتقاد والعبادة والعمل.
    - بناء إطار واسع من حرية الرأي والتفكير، المهتدي بنور الوحي ، والمنضبط بقواعد الشرع.

    وحري بمؤسساتنا التعليمية والتربوية والاجتماعية والإعلامية أن تترجم هذه الأسس إلى واقع عملي ملموس من خلال قنواتها ووسائلها وإمكاناتها ليتم ترسيخ تلكم الأسس وتثبيتها في قلوب وعقول المسلمين ، لاسيما الناشئة منهم.
    وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    المصادر والمراجع

    البخاري ، صحيح البخاري مع فتح الباري ، تحقيق عبد العزيز بن عبد الله بن باز، ومحب الدين الخطيب (بيروت: دار الفكر، د. ت).
    أبو دود، سنن أبي داود (بيروت: دار الكتاب العربي ، د. ت).
    أحمد، المسند، تحقيق شعيب الأرناؤوط (بيروت: مؤسسة الرسالة ، ط 2، 1999م).
    ابن ماجه ، سنن ابن ماجه (بيروت: دار الجيل ، ط 1، 1998 م).
    بادي ، جمال ، وسائل ترشيد الفهم الصحيح لفقه التدين . ورقة مقدمة لمؤتمر فقه التدين (الواقع والتطلعات ) جامعة اليرموك الأردن 30/ 5/ 2008 م.
    برغوث ، عبد العزيز، ظاهرة العولمة ومساراتها بين المقاربة الإيديولوجية والمقاربة الحضارية : مجلة إسلامية المعرفة السنة الثانية عشر العدد 46 - 47 خريف 2006 م شتاء 2007 م.
    بن حميد، صالح بن عبد الله ، الأمن الفكري في ضوء مقاصد الشريعة (الرياض: كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز لدراسات الأمن الفكري ، جامعة الملك سعود، 1429 هـ).
    الترمذي ، سنن الترمذي ، تحقيق بشار عواد معروف (بيروت: دار الجيل، ط 2، 1998م .
    الزامل ، عبد الله ، الوازع الديني ، مقالة منشورة في جريدة الرياض، الاحد 20 جمادى الآخرة 1427 هـ- 16 يوليو 2006 م – العدد 13901 .
    سبيلا، محمد، الإيدولوجيا: نحو نظرة تكاملية (بيروت: المركز الثقافي العربي، ط1، 1992 م)
    العبادي ، صادق ، الفكر الطائفي وأثره في انقسام الأمة، مقالة في ندوة مستجدات الفكر الإسلامي المعاصر الرابعة، 9- 11 يناير 1995 م.
    عبد العال ، حسن إبراهيم ، التربية الإبداعية ضرورة وجود، عمان ، دار الفكر، 2004م.
    عبد الله ، معتز سيد، التعصب دراسة نفسية اجتماعية (القاهرة: دار الغريب للطباعة والنشر، ط 2، 1997 م).
    العروي ، عبد الله ، مفهوم الإيدولوجيا (بيروت: المركز الثقافي العربي ، ط 5، 1993 م).
    الطبراني ، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير (الموصل: مكتبة العلوم والحكم ، ط 2، 1983 م.
    ابن قيم الجوزية ، هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى (المدينة: مطبعة الجامعة الإسلامية ، ط 1).
    مسلم ، صحيح مسلم (بيروت: دار الجيل ، د. ت).
    النجار، عبد المجيد، دور حرية الراي في تحقيق الوحدة الفكرية بين المسلمين ، المعهد العالمي للفكر الإسلامي ، ط 1، 1992 م.
    النسائي ، سنن النساني (حلب: مكتب المطبوعات الإسلامية ، ط 2، 1986م).
    هاينال، اندريه ، ومكلوس مولنار، وجيرار دي بوميج، سيكولوجية التعصب ، ترجمة د. خليل أحمد خليل (لندن: دار الساقي ، ط 1، 1999 م).
    مواقع الشبكة الدولية:

    موقع ملتقى أهل الحديث
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=94534


    [·] أستاذ مشارك بكلية معارف الوحي والعلوم بالجامعة الإسلامية العالمية - ماليزيا.


    [*] أستاذ مشارك بكلية العلوم بالجامعة الإسلامية العالمية - ماليزيا.

    [1] بن حميد، صالح بن عبد الله، الأمن الفكري في ضوء مقاصد الشريعة (الرياض: كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز لدراسات الأمن الفكري، جامعة الملك سعود، 1429 ه) ص 16.

    [2] الأيديولوجيا هي: مجموعة منظمة من الأفكار، تشكل رؤية متماسكة، وطريقة لرؤية القضايا والأمور التي تتعلق بالأمور اليومية، أو تتعلق بمناحي فلسفية معينة السياسية منها بشكل خاص. أو قد تكون مجموعة من الأفكار التي تفرضها الطبقة المهيمنة في المجتمع على باقي أفراد المجتمع. انظر: العروي، عبد الله، مفهوم الإيدولوجيا (بيروت: المركز الثقافي العربي، ط 5، 1993 م)، ص 9. وانظر: سبيلا، محمد، الإيدولوجيا: نحو نظرة تكاملية (بيروت: المركز الثقافي العربي، ط1، 1992 م)، ص 9-10.

    [3] برغوث، عبد العزيز، ظاهرة العولمة ومساراتها بين المقاربة الإيدولوجية والمقاربة الحضارية، (الولايات المتحدة: مجلة إسلامية المعرفة، العدد 46-47، 2006-2007 م) ص 87 .

    [4] مثلا، أنه (صلى الله عليه وسلم)، كان لا يميل إلى التجريح والتشهير بالناس حتى في إصلاح الخطأ، وإنما كان يقول في توجيهه: (ما بال أقوام يقولون كذا .. وكذا)، أو يقول: (ما بال أقوام يفعلون كذا.. وكذا) ولا يذكر أحدا باسمه.

    [5] ستأتي قصة الشاب الذي استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الزنا! وكيف تعاطى معها صلى الله عليه وسلم بحكمته.

    [6] يوجد على موقع " ملتقى أهل الحديث " بحث قيم حول تخريج " وثيقة المدينة " التي اختلف أهل المغازي والسير في تسميتها (الوثيقة، الدستور، الصحيفة، الكتاب)، وخلاصته: "إن أصل الوثيقة ثابت بالحديث الصحيح عند الأئمة: البخاري ومسلم وغيرهما، وجاءت الروايات مجتزأة مختصرة بمجموعها يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار في المدينة المنورة؛ أما التفصيلات التي جاءت في رواية ابن إسحاق فلم نجدها إلا عنده ومدارها عليه، وجاءت أيضا من طريق الزهري مرسلة؛ فهي ضعيفة " . راجع البحث على العنوان التالي:
    t =94534 http://www. ahlalhdeeth. com/vb/ showthread. php?تاريخ التصفح 18/1/2010 م.


    [7] رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. (ح: 2516).

    [8] النجار، عبد المجيد، دور حرية الرأي في تحقيق الوحدة الفكرية بين المسلمين (المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط 1، 1992 م)، ص 32.

    [9] الزامل، عبد الله، الوازع الديني، مقالة منشورة في جريدة الرياض، الأحد 20 جمادى الآخرة 1427 هـ - 16 يوليو 2006 م - العدد 13901. من موقع:/ alriyadh. com //www. : http

    [10] البخاري، صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب الخصومات، باب ما يذكر في الأشخاص، والخصومة بين المسلم واليهود، رقم الحديث 2410، ج 5 ، ص 70 .

    [11] البخاري، صحيح البخاري مع فتح الباري، تحقيق عبد العزيز بن عبد الله بن باز، ومحب الدين الخطيب (بيروت: دار الفكر، د.ت)، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، رقم الحديث 3275، ج 6، ص 335. وأخرجه البخاري: من حديث أبي هريرة: كتاب الوكالة، باب إذا وكل رجلا...(ح: 2215).

    [12] البخاري، صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب مناقب الأنصار، باب أيام الجاهلية، رقم الحديث 3841، ج 7، ص 149. ومسلم، صحيح مسلم، كتاب الشعر، باب حدثنا عمرو الناقد، رقم الحديث 6026، ج 7، ص 49.

    [13] أحمد، المسند، رقم الحديث 11536، ج 18، ص 94-95.

    [14] ابن قيم الجوزية، هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى (المدينة: مطبعة الجامعة الإسلامية، ط 1)، ص 16 .

    [15] عبد الله، معتز سيد، التعصب دراسة نفسية اجتماعية (القاهرة: دار الغريب للطباعة والنشر، ط 2، 1997 م)، ص 130 .

    [16] هاينال، اندريه، ومكلوس مولنار، وجيرار دي بوميج، سيكولوجية التعصب، ترجمة د. خليل أحمد خليل (لندن: دار الساقي، ط 1، 1999م)، ص 43 – 44.

    [17] أحمد، المسند، تحقيق شعيب الأرناؤوط (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط 2، 1999م)، مسند أبي هريرة، رقم الحديث 10062، ج 16، ص 92.

    [18] مسلم، صحيح مسلم، كتاب البر والصلةوالآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله، رقم الحديث 6706، ج 8، ص 10. وأحمد المسند رقم الحديث 7727، ج 13، ص 159.

    [19] البخاري، صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب الأدب، باب ما ينهي عن التحاسد والتدابر وقوله تعالى: (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)، رقم الحديث 6064، ج 10، ص 481.

    [20] البخاري، صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب المظالم، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، رقم الحديث 2442، ج 5، ص 97.

    [21] مسلم، صحيح مسلم (بيروت: دار الجيل، دت)، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، رقم الحديث 6751، ج 8، ص 20.

    [22] الترمذي، سنن الترمذي، تحقيق بشار عواد معروف (بيروت: دار الجيل، ط 2، 1998م)، كتاب الفتن، باب لزوم الجماعة، رقم الحديث 2166، ج 4، ص 39.

    [23] مسلم، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه، رقم الحديث 179، ج 1، ص 49. والترمذي، سنن الترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب، رقم الحديث 2515، ج 4، ص 284. والنسائي، سنن النسائي، كتاب الإيمان وشرائعه، باب علامة الإيمان، رقم الحديث 5031، ج 8، ص 489.

    [24] مسلم، صحيح مسلم، كتاب الدعاء والذكر والتوبة، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، رقم الحديث 7028، ج 8، ص 71. والترمذي، سنن الترمذي، كتاب القراءات، باب، رقم الحديث 2945، ج 5، ص 60.

    [25] سورة الحجرات، الآية 10.

    [26] سورة الأنفال، الآية 46.

    [27] سورة التوبة، الآية 71.

    [28] سورة الصف، الآية 4.

    [30]العبادي ، صادق ، الفكر الطائفي واثره في انقسام الأمة ، مقالة في ندوة مستجدات الفكر الإسلامي المعاصر الرابعة ، 9 – 11 يناير 1995 م.

    [31] يقول ابن حجر العسقلاني في شرح مفهوم المقاربة في الدين: "قوله: وقاربوا أي لا تفرطوا، فتجهدوا أنفسكم في العبادة، لئلا يفضي بكم ذك إلي الملال فتتركوا العمل فتفرطوا". ابن حجر العسقلاني، فتح الباري (بيروت: دار المعرفة، 1379 ه) ج 11 ص 297).

    [32] البخاري صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل، رقم الحديث 6463، ج 11، ص 294. وأحمد، المسند، رقم الحديث 10677 ج 16 ، ص 395.

    [33] البخاري، صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب الإيمان، باب الدين يسر وقول النبي صلي الله عليه وسلم أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة، رقم الحديث 39، ج 1، ص 93.

    [34] النسائي، سنن النسائي، كتاب مناسك الحج، باب التقاط الحصى، رقم الحديث 3057، ج 5، ص 296.

    [35] البخاري، صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، رقم الحديث 5063، ج 9، ص 104.

    [36] متفق عليه.

    [37] سورة فصلت: 30.

    [38] البخاري، صحيح البخاري، مع فتح الباري، كتاب الإكراه، باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر، رقم الحديث 6943، ج 12، ص 315.

    [39] البخاري، صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما بعد باب حديث الغار، رقم الحديث 3475، ج 6، ص 513. ومسلم، صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود، رقم الحديث 4505. ج 5، ص 114.

    [40] برغوث، عبد العزيز، ظاهرة العولمة ومساراتها بين المقاربة الأيديولوجية والمقاربة الحضارية : مجلة إسلامية المعرفة السنة الثانية عشر العدد 46- 47 خريف 2006 م شتاء 7. .2 م. ص 106 بتصرف.

    [41]حسن إبراهيم عبد العال ، التربية الابداعية ضرورة وجود، عمان ، دار الفكر، 04 20. ص 9 & 10.

    [42] أبو داود، سنن أبي داود (بيروت: دار الكتاب العربي، د. ت)، كتاب الأقضية، باب اجتهاد الرأي في القضاء، رقم الحديث 3594، ج 3، ص 330. وأحمد، المسند، رقم الحديث 22100، ج 36، ص 416 – 417.

    [43] مسلم، صحيح مسلم، كتاب التوبة، باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الاخرة والمراقبة، رقم الحديث 7142، ج 8، ص 94.

    [44] النسائي، سنن النسائي، كتاب صلاة العيدين، باب الرخصة في الاستماع إلى الغناء وضرب الدف يوم العيد، رقم الحديث، 1596، ج 3، 218.

    [45] البخاري ، صحيح البخاري مع فتح الباري ، كتاب تقصير الصلاة ، باب إذا لم يستطع قاعدا فعلى جنب، رقم الحديث 1117، ج 2، ص 587.

    [46]مسلم ، صحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، باب كان رسول الله أحسن الناس خلقا، رقم الحديث 6155، ج 7، ص 74.

    [47]مسلم ، صحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، باب كان رسول الله أحسن الناس خلقا، رقم الحديث 6156، ج 7، ص 74.

    [48]مقتبسة بنوع من التصرف من ورقة بعنوان : "وسائل ترشيد الفهم الصحيح لفقه التدين " جمال أحمد بادي . ورقة مقدمة لمؤتمر فقه التدين (الواقع والتطلعات) جامعة اليرموك الأردن .3/5 /2008 م.

    [49] انظر: أحمد بن حنبل، مسند أحمد (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1999م) رقم الحديث 22211، ج 36، ص 545. قال محققه شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

    [50] ابن ماجه، سنن ابن ماجه (بيروت: دار الجيل، ط 1، 1998م)، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي، رقم الحديث 2046، ج 1، ص 660، وأحمد بن حنبل، المسند، رقم الحديث 26360، ج 43، ص 478.

    [51] البخاري، صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب الأحكام، باب هل يقضي القاضي أو يفتى وهو غضبان، رقم الحديث: 7158، ج 13، ص 136. ومسلم، صحيح مسلم، كتاب الأقضية، باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان، رقم الحديث 4587، ج 5، ص 132.

    [52] أحمد، المسند، رقم الحديث 18325، ج 30، ص 364 – 365.

    [53] سورة الحجرات: 6.

    [54] البخاري، صحيح البخاري، مع فتح الباري، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، رقم الحديث 3281، ج 6، ص 336 – 337. ومسلم، صحيح مسلم، كتاب السلام، باب أنه يستحب لمن رؤي خالياً بامرأة وكانت زوجة أو محرماً، رقم الحديث 5808، ج 7، ص 8. وأبو داود، سنن أبي داود، كتاب الصوم، باب المعتكف يدخل البيت لحاجته، رقم الحديث 2472، ج 2، ص 309.

    [55] البخاري، صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب الجهاد والسير، باب الجاسوس، رقم الحديث 3007، ج 6، ص 143. ومسلم، صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل البدر، رقم الحديث 6557، ج 7، 167. وأبو داود، سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب حكم الجاسوس، إذا كان مسلماً، رقم الحديث 2652، ج 3، ص 1.

    [56] البخاري، صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب الوضوء، باب صب الماء على البول في المسجد، رقم الحديث 220، ج 1، ص 323. والنسائي، سنن النسائي (حلب: مكتب المطبوعات الإسلامية، ط 2، 1986 م) كتاب الطهارة، باب ترك التوقيت في الماء، رقم الحديث 56، ج 1، ص 48. وأحمد، المسند، رقم الحديث 7799، ج 13، ص 209.

    [57] أبو داود، سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب تشميت العاطس في الصلاة، رقم الحديث 932، ج 1، ص 351.

    [58] البخاري، صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب المغازي، باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال، رقم الحديث 4372، ج 8، ص 87. ومسلم، صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه، رقم الحديث 4688، ج 5، ص 158.

    [59] البخاري، صحيح البخاري، مع فتح الباري، كتاب بدء الوحي، رقم الحديث 4269، ج 5، ص 183. ومسلم، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله، رقم الحديث 287، ج 1، ص 67.

    [60] الترمذي، سنن الترمذي (بيروت: دار إحياء التراث العربي، د. ت) كتاب الأحكام، باب القاضي يصيب ويخطئ، ح: 1326، ج 3، ص 615، وصححه الشيخ الألباني.

    [61] البخاري، صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب العلم، باب من سمع شيئاً فراجع حتى يعرفه، رقم الحديث 103، ج 1، ص 196 – 197.

    [62] البخاري، صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب الحج، باب فضل مكة وبنيانها، رقم الحديث 1584، ج3، ص 439.

    [63] سورة مريم، الآية 71.

    [64] سورة مريم، الآية 72.

    [65]ابن ماجه ، سنن ابن ماجه (بيروت: دار الفكر، دت) كتاب الزهد، باب ذكر البعث ، ح : 4281، ج 2، ص 1431. والطبراني ، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير (الموصل: مكتبة العلوم والحكم ، ط 2، 1983 م)، ذكر أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم منهن ، حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أخبارها، رقم الحديث 358، ج 23، ص 206. وقال الألباني : حديث صحيح.

    [66]مسلم ، صحيح مسلم ، كتاب الحج ، بيان أن القارن لا يتحلل إلا في وقت تحلل الحاج المفرد، ح : 1229، ج 2، ص 240.

    [67]البخاري ، صحيح البخاري مع فتح الباري ، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، رقم الحديث 3360، ج 6، 389. ومسلم ، صحيح مسلم، كتاب الايمان ، باب صدق الايمان واخلاصه ، رقم الحديث 342، ج 1، ص.8. والترمذي ، سنن الترمذي (بيروت: دار الجيل ، ط 2 ن 1998 م)، كتاب تفسير القرآن، باب سورة الأنعام، رقم الحديث 3067، ج 5 ، ص 152. وأحمد، المسند، رقم الحديث 4031، ج 7، ص 129.

    [68] مسلم، صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم، رقم الحديث 4687، ج 5، ص 156.

    [69] مسلم، صحيح مسلم، كتاب الطلاق، باب في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن، رقم الحديث 3764، ج 4، ص 188.

    [70] مسلم، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله إلي السماء وفرض الصلوات، رقم الحديث 433، ج1، ص 102.

    [71] مسلم، صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه، رقم الحديث 1943، ج 2، ص 203.

    [72] مسلم، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، رقم الحديث 133، ج 1، ص 38.

    [73] الترمذي، سنن الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب سورة التوبة، رقم الحديث 3103، ج 5، ص 180. وقال: هذا حديث حسن صحيح.

    [74] قولها: "ليرفع بي خسيسته" قال الأزهري: "يقال رفع الله خسيسة فلان إذا رفع حاله بعد انحطاطها".


    [75] البخاري، صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب الطلاق، باب في شفاعة النبي لزوج بريرة، رقم الحديث 5283، ج 9، ص 408.

    [76] مسلم ، صحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، باب وجوب الامتثال ما قاله شرعا دون ما ذكره من معايش الدنيا، رقم الحديث 6277، ج 7، ص 95.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •