الطوارئ على الحيض (3-1)
" دراسـة فقهية مقارنـة "
د. ناهدة عطا الله الشمروخ
جاء في البيان والتحصيل : وسئل – أي مالك- عن وقت الدم فقال: ليس له عندنا وقت.
قال ابن رشد: هذا هو المعلوم من مذهبه أنه يكره الحد في مثل هذه الأشياء التي لا أصل للحد فيها في الكتاب والسنة، وإنما يرجع فيها إلى الاجتهاد[72].
أدلة القول الأول :
1- قوله تعالى " واللائي يئسن من المحيض من نسائكم"[73].
وجه الدلالة : أن الله تعالى قد وصف النساء بالإياس من الحيض، فعلم أن للمرأة حالاً تنتهي فيه إلى الإياس[74].
وهذا الدليل يصلح لكل من قال بتحديد منتهى الحيض.
2- أن عائشة رضي الله عنها قالت : " إذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض".
3- وعنها قالت : " لن ترى المرأة في بطنها ولداً بعد الخمسين سنة"[75].
ومن لا تحبل لا تحيض[76].
وهذان الدليلان يصلحان لمن حد منتهى الحيض بس الخمسين.
إلا أن ابن قدامة رد على ذلك بقوله :
وما ذكر عن عائشة رضي الله عنها لا حجة فيه، لأن وجود الحيض أمر حقيقي المرجع فيه إلى الوجود، والوجود لا علم لها به، ثم قد وجد بخلاف ما قالته ، فإن موسى ابن عبدالله بن حسن[77] قد ولدته أمه ولها ستون سنة، ووجد الحيض فيما بعد الخمسين على وجهه فلا يمكن إنكاره. فإن قيل : هذا الدم ليس بحيض ، مع كونه على صفته وفي وقته وعادته بغير نص، فهذا تحكم لا يقبل. فأما بعد الستين فقد زال الإشكال، وتيقن أنه ليس بحيض، لأنه لم يوجد[78].
إذاً استدل ابن قدامة بدليل الوجود في رده على من حدّه بسن الخمسين ونحوها، وهو يصلح دليلاً كذلك لمن حده إلى الثانية والستين كما قاله بعض الشافعية وكذلك لمن حده إلى السبعين من المالكية، فإنه في غالب الظن لم يقولوا بذلك إلا لما عرفوه في عصرهم أن من النساء من يستمر معها الحيض إلى ذلك الحد.
أدلة القول الثاني :
استدل القائمون بأن منتهى الحيض لا حد له بما يلي :
1- قوله تعالى " واللائي يئسن من المحيض "[79].
فاليأس المذكور هنا ليس هو بلوغ سن، فلو كان بلوغ سن لبينه الله ورسوله، وإنما هو أن تيأس المرأة نفسها من أن تحيض[80].
ثم إن الله تعالى قد قال : واللائي يئسن من المحيض، ولم يقل مثلاً : واللائي بلغن خمسين أو ستين سنة، فالله تعالى رد هذا الأمر إلى معقول معلل، فوجب أن يثبت هذا الحكم بوجود هذه الأمور المعقولة المعللة وينتفي بانتفائها[81].
2- قوله تعالى " ويسألونك عن المحيض، قل هو أذى"[82].
والأذى هو الدم الخارج من الرحم، فوجب أن يحمل على أنه حيض حتى يعلم أنه ليس بحيض . قال ابن رشد: وهذا ما لا أعلم فيه خلافاً[83].
3- أنه لا يوجد دليل من الكتاب ولا من السنة يدل على تحديد منتهى الحيض لدى المرأة، وإنما يرجع في ذلك إلى الوجود، وهو يختلف باختلاف حرارة البلاد وبرودتها وقوة طبيعة النساء وضعفها في تلك البلاد، بالإضافة إلى العوامل الوراثية ونحو ذلك[84].
الترجيح :
أرى أن القول الثاني القائل بأنه لا حد معين لانتهاء الحيض هو القول الراجح، فما دامت المرأة ترى الدم على صفة الحيض المعهود فإنه حيض، ولو تجاوزت الخمسين سنة أو الستين أو الحد الذي حدّه بعض الفقهاء.
والدليل على أنه لا حد لمنتهى الحيض أن القائلين به لم يتفقوا على حد معين بل اضطربت أقوالهم وتعددت حتى وصلت إلى سبعة أقوال أو أكثر، وهذا دليل على عدم وجود نص يقتضي التحديد، ولما لم يوجد نص لم يبق إلا الرجوع إلى الوجود، وإلى طبيعة النساء التي تختلف من بلد لآخر بحسب الطقس والعادات الغذائية والموروثات الجينية ونحو ذلك.
قال ابن تيمية : ولا حد لسن تحيض فيه المرأة، بل لو قدر أنها بعد ستين أو سبعين زاد[85] الدم المعروف من الرحم لكان حيضاً.
وقال في الموضع نفسه في قوله تعالى " واللائي يئسن من المحيض"[86] هو أن تيأس المرأة نفسها من أن تحيض ، فإذا انقطع دمها ويئست من أن تعود فقد يئست من المحيض ولو كانت بنت أربعين.. ومن لم يجعل هذا هو اليأس فقوله مضطرب إن جعله سناً، وقوله مضطرب إن لم يحد اليأس لا بسن ولا بانقطاع طمع المرأة في المحيض[87].
وقال ابن حزم : وإن رأت العجوز المسنة دما أسود فهو حيض[88].
وقال ابن عثيمين : متى وجد الحيض ثبت حكمه، ومتى لم يوجد لم يثبت له حكم، ويمكن أن يوجد بعد الخمسين، وهذا يشهد له الواقع[89].
وقال ابن قاسم عندما ذكر أقوال العلماء في هذه المسألة : وإنما الرجوع فيه إلى العادات في البلدان، فتجلس عادة جلوسها في عادة حيضها ، ولا تسمى آيسة حتى ينقطع لكبر أو تغير، وهو أحوط، وعليه العمل[90].
وللأطباء رأيهم في هذه المسألة حيث جاء في كتاب سن اليأس :
وليس من الممكن معرفة الوقت الذي تبدأ فيه سن اليأس عند المرأة، إذ لا يمكن تشخيص الحالة إلا بعد توقف الدورة الشهرية، كما أن تأكيدها طبياً لا يكون إلا بعد توقف الدورة الشهرية لمدة عام على الأقل.
وجاء في موضع آخر :
وفي يومنا هذا يحدث سن اليأس عندما تصل المرأة إلى سن تبلغ في المتوسط تسعة وأربعين عاماً وتسعة شهور[91].
وقال الدكتور محمد علي البار :
يرى الأطباء أن للمرأة سناً يتوقف فيه الحيض وهو سن اليأس، وهو غالباً ما بين 45 إلى 55 عاماً، ومن النادر أن يستمر الحيض بعدها.
إذاً ليس هناك سن بعينها يتوقف عندها الحيض، لكن ما ذكره الأطباء والفقهاء هو الغالب، وهو بالفعل متعارف عليه بين النساء تقريباً، لكن ذلك لا يمنع من وجود حالات يتجاوز فيها الحيض تلك السن، ويكون على صفته المعهودة كما يشهد به الواقع، فهنا يتضح الخلاف هل يعتبر دم حيض كما كان قبل هذه السن أو يعدونه دم فساد؟
وقد أوضحت الرأي الراجح وأسباب الترجيح، والله الموفق للصواب.
المطلب الثالث : غالب السن الذي يأتي فيه الحيض :
لم أجد فيما بين يدي من الكتب الفقهية سواء للمتقدمين أو المتأخرين من ذكر السن الذي يغلب على الفتاة أن تحيض فيه عدا الشيخ ابن عثيمين حيث ذكر أنه بين اثنتي عشرة سنة إلى خمسين سنة[92].
وقد ذكر هذا الأمر الأطباء حيث قال الدكتور محمد علي البار:
وأغلب وقوعه – أي الحيض – فيما بين الثانية عشرة والخامسة عشرة في البلاد الحارة، والرابعة عشرة والسادسة عشرة في البلاد الباردة، وكل ذلك يعتبر طبيعياً ولا يحتاج إلى تدخل علاجي[93].
أقول : ولعل الفقهاء اكتفوا عنه بذكر أقل سن تحيض به المرأة والسن الذي ينتهي فيه الحيض ولم يجدوا أهمية في ذكر السن الذي يغلب فيه مجيء الحيض، لعدم ترتب الأحكام الفقهية المتعلقة بالحيض على بيان هذه السن، بخلاف سن ابتداء الحيض لأنه ابتداء زمن التكليف، وسن انتهائه لتكون المرأة فيه على بينة من أمر طهارتها وما يتعلق بها من عبادات.
المطلب الرابع : انقطاع الحيض عن الآيسة ثم عودته إليها :
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على نحو اختلافهم في مسألة : هل لمنتهى الحيض سن معينة، فالذين قالوا بالتحديد أو أن للمرأة سناً معينة إذا بلغتها كانت في عداد الآيسات وأن ما تراه بعد بلوغها هذه السن فهو دم فساد، فإنهم في هذه المسألة وبلا شك يقولون أن الدم الذي تراه المرأة بعد انقطاع الحيض عنها فترة ودخولها في سن الإياس هو دم فساد لا تلتفت إليه، ولا يمنعها من الصوم والصلاة وسائر العبادات المتعلقة بالطهارة ؛لأنهم قالوا بذلك والدم يجري على عادته بعد بلوغ السن الذي حدوه ، فماذا لو أضيف له انقطاع لفترة ويأسها من الحيض.
أما القائلون بأنه لا حد لسن تحيض فيه المرأة بل هو ممكن ما دامت حية، فإنهم قالوا بأنه إذا عاد إليها بعد أن يئست منه فهو دم حيض إذا كانت على صفة دم الحيض المعهود.
وبذلك تكون الأقوال كما يلي :
القول الأول :
إذا انقطع دم الحيض وأصبحت المرأة آيسة، ثم عاد إليها وكان على صفة الدم المعهود لديها فإنه يكون دم حيض.
وهو قول الحنفية والشافعية، وقال بعض المالكية إنه قول مالك، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية[94].
إلا أن الشافعية قالوا: إن الآيسة إذا استحيضت ردّت لعادتها إن علمتها، فإن نسيتها لم يجب عليها شيء، لأن اليأس لما انضم إليه نسيان العادة ضعف الدم المرئي فيه عن كونه حيضاً[95]. وهذا القول لا يلزم ، لأن للمستحاضة طرقاً أخرى في معرفة دم الحيض، منها تمييزه عن دم الاستحاضة برائحته ولونه وكثافته.. وغير ذلك.
وقال الحنفية : وعود العادة يبطل الإياس، ثم فسر بعضهم هذا بأن تراه سائلاً كثيراً احترازاً عما إذا رأت بلة يسيرة ونحوه، وقيدوه بأن يكون أحمر أو أسود ، فلو أصفر أو أخضر.. لا يكون حيضاً[96].
والمقصود بهذا القيد أن يكون الدم العائد على صفة دم الحيض المعهود.
وقال ابن رشد في البيان : ولما لم يرد في القرآن ولا في السنة حد يرجع إليه من السنين يفصل به بين المسنة التي تشبه أن تحيض وبين العجوز التي لا يشبه أن تحيض وجب أن يرجع في ذلك إلى قول النساء كما قال مالك، فإن قلن أن هذه المرأة التي دفعت دفعة أو دفعتين من دم بعد أن كانت يئست من المحيض أن مثلها تحيض فلتعد ذلك حيضاً، وإن قلن مثلها لا تحيض فلا تعد ذلك حيضاً[97].
القول الثاني :
إذا انقطع دم الحيض عن المرأة في سن الإياس، ثم عاد إليها فإنه دم فساد لا دم حيض.
وهذا هو مذهب الحنابلة، , وحدّه بعض المالكية بسن السبعين فما فوق، قالوا: الدم بعد هذه السن ليس بحيض قطعاً[98].
إلا أن ابن قدامة قال : وإن رأت الدم بعد الخمسين على العادة التي كانت تراه فيها، فهو حيض في الصحيح، لأن دليل الحيض الوجود في زمن الإمكان ، وهذا يمكن وجود الحيض فيه وإن كان نادراً، وإن رأته بعد الستين، فقد تيقن أنه ليس بحيض، لأنه لم يوجد ذلك[99].
وقد تقدم أن ابن قدامة اختار أن سن الإياس للمرأة هو سن الستين، فلا منافاة إذاً بين قوله والمذهب، لأن المذهب هو متى بلغت السن المحددة للإياس ثم عادوها الدم بعد هذه السن فهو دم فساد، أي بغض النظر عن تحديد تلك السن لاختلاف الروايات عن الإمام أحمد – كما سبق-.
وللإمام أحمد رواية أخرى في هذه المسألة نقلها عنه ابنه عبدالله حيث قال :
سألت أبي عن امرأة، قد أتى عليها نيف وخمسون سنة، ولم تحض منذ سنة، وقد رأت منذ يومين دماً ليس بالكثير، ولكنها إذا استنجت رأته، ولم تفطر، ولم تترك الصلاة ما ترى لها؟
فقال أبي : لا تلتفت إليه، تصوم وتصلي، فإن عاودها بعد ذلك مرتين أو ثلاثاً، فهذا حيض وقد رجع[100].
فالإمام أحمد هنا اعتبر التكرار والمعاودة في ذلك الدم الذي عاد حتى يحكم بأنه دم حيض، وإلا فهو دم فساد.
الأدلة والترجيح :
أما بالنظر للأدلة فلم أجد أدلة قد نص عليها بعينها في هذه المسألة سواء للفريق الأول أم الثاني، عدا الدليل العام الذي ذكره ابن رشد في البيان والتحصيل وهو قوله تعالى " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى " ووجه الدلالة منه ما سبق ذكره في مسألة منتهى سن الحيض، ولعل الفقهاء قد اكتفوا بالأدلة التي ذكرت في تلك المسألة، وهي بالفعل صالحة للاستدلال بها في هذه المسألة[101].
وأقوى دليل استدل به القائلون بالتحديد هو دليل الوجود والعرف، حيث قالوا إنه لم يتعارف بين النساء ولم يوجد أن استمر الحيض مع المرأة إذا بلغت تلك السن المحددة، وإن وجد فهو نادر، والنادر لا حكم له.
أما القائلون بعدم التحديد فأقوى دليل لهم بأنه لا دليل على التحديد من الكتاب أو السنة وبالتالي يرد هذا الأمر إلى ما يعرفه النساء.
قال ابن تيمية : والحكم الشرعي تعلق بالاسم الدال على الواقع، فما وقع من دم فهو حيض إذا لم يعلم أنه دم عرق أو جرح، والأصل في كل ما يخرج من الرحم أنه حيض حتى يقوم دليل على أنه استحاضة[102].
وقال في موضع آخر: فإذا انقطع دمها ويئست من أن يعود فلقد يئست من المحيض ولو كانت بنت أربعين، ثم إذا تربصت وعاد الدم تبين أنها لم تكن آيسة[103].
كما أن من قال بالتحديد قد اضطربت أقوالهم كثيراً في تحديد تلك السن حتى بين أصحاب المذهب الواحد، وهذا دليل على عدم ثبوتها وعدم استنادها لدليل صريح.
وبالتالي فإن القول الراجح هو القول بأن الآيسة إذا انقطع عنها الدم ثم عاودها على صفة الحيض المعروف لديها فإنه دم حيض لا دم فساد، أما إذا كان ما تراه من دم ليس على صفة الحيض المعهود فينبغي لها في تلك الحالة مراجعة الأطباء للتاكد من طبيعة هذا الدم وما سبب رجوعه.
قال الدكتور محمد البار :
ومن النادر أن يستمر الحيض بعد سن الخامسة والخمسين، ولابد للبحث عن سبب مرضٍ للدم بعد هذه السن وخاصة إذا انقطع فترة طويلة ثم عاد، وأخطر سبب لظهور الدم مرة أخرى هو السرطان[104]. – أعاذنا الله وإياكم منه-.
وقال الدكتور عبدالله العجيمان :
وقد يتأخر الحيض إلى الخمسين ، فإذا كان منتظماً سمي حيضاً، وإلا فهو نوع من النزيف تراجع المرأة بسببه الأطباء ، وكنصيحة طبية يجب على المرأة مراجعة الأطباء عند انقطاع الدم وبدء سن اليأس[105].ومقصوده من باب الاحتياط والوقاية بإذن الله.
كما أن بعض الأطباء أوضحوا أن سن اليأس ممكن أن يمتد بالمرأة إلى سنوات عديدة حيث قالوا :
ويوصف سن اليأس بأنه الفترة الطويلة التي تبدأ بضعف نشاط المبيض، وتمتد سنوات عديدة قبل آخر دورة شهرية، وقد تستمر أعراضها سنوات أخرى بعد ذلك.
وأنه يحدث انقطاع الحيض الطبيعي بإحدى طريقتين، إما بتوقف الدورة الشهرية فجأة، وإما بامتداد مدة الدورة الشهرية لفترات متباعدة تقل معها كمية الدم المفقود في كل مرة[106].
إذاً هذا يعني أنه ممكن أن ينقطع الحيض عن المرأة في سن الأياس لفترة قد تكون لأشهراً وقد تمتد أكثر ، ثم يعود إلى وضعه الطبيعي لأنها لا زالت لم تكمل فترة سن الأياس تماماً، وبالتالي ما رأته بعد الانقطاع يعد حيضاً إذا كان بصفته المعروفة لديها.
المبحث الثاني : مدة الحيض
وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : أقل مدة الحيض :
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على عدة أقوال وأبرزها ثلاثة وهي كما يلي :
القول الأول :
أن اقل مدة الحيض هي يوم وليلة .
وهو قول الشافعي، وكثير من أصحابه، وهو مذهب الحنابلة ، وعليه أكثر الأصحاب، واختاره عامة المشايخ[107].
قال الشربيني في مغني المحتاج:
وهذا ما قاله الشافعي في عامة كتبه، ونص في موضع على أن أقله قدر يوم فقط[108].
لذا قال الشيرازي في المهذب :
فمن أصحابنا من قال: هما قولان، ومنهم قال: هو يوم وليلة قولاً واحداً، وقوله : يوم، أراد بليلته، ومنهم من قال : يوم، قولاً واحداً، وإنما قال : يوم وليلة قبل أن يثبت عنده اليوم، فلما ثبت عنده اليوم رجع إليه[109].
وقال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر أن أقل الحيض يوم وليلة:
هذا الصحيح من مذهب أبي عبدالله، وقال الخلال : مذهب أبي عبدالله لا اختلاف فيه، أن أقل الحيض يوم[110].
وقال المرداوي :
وقد قال جماعة من أصحابنا إن إطلاقه اليوم يكون مع ليلته، فلا يختلف المذهب على القول في أنه يوم وليلة[111].
القول الثاني :
أن اقل مدة الحيض هي ثلاثة أيام ولياليها.
وهي ظاهر الرواية لدى الحنفية[112].
وفي رواية أخرى لأبي حنيفة: ثلاثة أيام، وما يتخللها من الليالي وهو ليلتان[113].
وعن أبي يوسف : أقله يومان وأكثر الثالث، إقامة للأكثر مقام الكل[114].
القول الثالث : أنه لأحد لأقل مدة الحيض.
وهو قول مالك، وابن حزم، واختيار ابن تيمية، ومن العلماء المعاصرين: ابن عثيمين، والسيد سابق[115].
لكن المالكية قالوا إن هذا الأمر لا يعتد به في العدة والاستبراء.
فقد جاء في بداية المجتهد :
وأما أقل أيام الحيض فلا حد لها عند مالك، بل قد تكون الدفعة الواحدة عنده حيضاً، إلا أنه لا يعتد بها في الأقراء في الطلاق[116].
وجاء في الشرح الصغير :
وأقله في العبادة دفقة، بفتح الدال وبالقاف، ويقال دفعة بضمها وفتحها وبالعين المهملة، أي فيجب عليها الغسل بالدفقة ويبطل صومها وتقضي ذلك اليوم، وأما في العدة والاستبراء فلا يعد حيضاً إلا ما استمر يوماً أو بعض يوم له بال[117].
وقد أجاب ابن حزم عن هذا التفريق بقوله : ولا نعلم له حجة أصلاً لا من قرآن ولا من سنة ولا من إجماع ولا من قياس .. فوجب تركه[118].
الأدلــة :
أدلة القول الأول : وهم القائلون بأن أقل الحيض يوم أو يوم وليلة.
1- إن ذكر الحيض ورد في الشرع مطلقاً من غير تحديد، ولا حد له في اللغة ولا في الشريعة، فيجب الرجوع فيه إلى العرف والعادة كما في القبض والإحراز.. واشباهها[119]، وقد وجد حيض معتاد يوماً.
قال الشافعي رحمه الله : رأيت امرأة أثبت لي عنها أنها لم تزل تحيض يوماً لا تزيد عليه.
وقال الأوزاعي : عندنا امرأة تحيض غدوة وتطهر عشياً. يرون أنه حيض تدع له الصلاة.
وغير ذلك من الوقائع الثابتة التي تبين أن الحيض يمكن أن يكون يوماً واحداً أو يوماً وليلة[120].
وقول هؤلاء النساء يجب الرجوع إليه، لقوله تعالى " ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن"[121]، فلولا أن قولهن مقبول لما حرم عليهن الكتمان، وجرى ذلك مجرى قوله : " ولا تكتموا الشهادة"[122].
ولم يوجد حيض أقل من ذلك عادة مستمرة في عصر من الأعصار ، فلا يكون حيضا بحال[123].
-2- روي عن علي رضي الله عنه أنه قال" وأقل الحيض يوم وليلة"[124].
وهو صريح في الدلالة على أن أقل مدة للحيض هي يوم وليلة.
أدلة القول الثاني : وهم القائلون بأن أقل الحيض ثلاثة أيام ولياليها، واستدلوا بعدة أدلة، أذكر أهمها :
1- روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق متعددة قوله : " أقل الحيض ثلاث وأكثره عشر".
وفي رواية : " أقل الحيض للجارية البكر والثيب الثلاث وأكثر ما يكون عشرة أيام فإذا زاد فهي مستحاضة " وغير ذلك من الروايات التي تدور حول المعنى نفسه[125].
قال ابن الهمام : فهذه عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم متعددة الطرق، وذلك يرفع الضعيف إلى الحسن، والمقدرات الشرعية مما لا تدرك بالرأي ، فالموقوف فيها حكمه الرفع، بل تسكن النفس بكثرة ما روي فيه عن الصحابة والتابعين إلى أن المرفوع مما أجاد فيه ذلك الراوي الضعيف، وبالجملة فله أصل في الشرع[126].
2- قالوا : روي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، منهم عبدالله بن مسعود، وأنس بن مالك، وعمران بن حصين، وعثمان بن أبي العاص الثقفي أنهم قالوا : " الحيض: ثلاث، أربع، خمس، ست، سبع، ثمان، تسع، عشر"[127].
ولم يرد عن غيرهم خلافه فيكون إجماعاً[128].
3- استدلوا بما روته عائشة رضي الله عنها أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي صلى الله عليه وسلم قالت : إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة، فقال : لا، إن ذلك عرق، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي"[129].
وجه الدلالة من الحديث : إن أقل ما يقع عليه اسم أيام فثلاثة ، لأنه جمع، وأقل الجمع ثلاثة[130].
أدلة القول الثالث : وهم القائلون بأن أقل مدة الحيض لا حد لها.
1- قوله تعالى " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن"[131].
وجه الدلالة: إن الله تعالى قد اقتصر في إجابته عن سؤالهم عن المحيض بأنه أذى، فمتى وجد هذا الأذى ثبت الحكم، ومتى طهرت منه زالت أحكامه، أي ولم يحدد أياماً أو ليال بعينها، فدل على أنه لا حد له[132].
2- قوله تعالى : " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء "[133].
وجه الدلالة : أن الله تعالى لم يحد في أيام القرء حداً، فمن حد فيه مدة فقد وقف ما لا علم له به[134].
3- روت عائشة رضي الله عنها أن فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله إني لا أطهر ، أفأدع الصلاة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي "[135].
وجه الدلالة :
أن الرسول صلى الله عليه وسلم أناط الحكم بإقبال الحيضة وإدبارها، ولم يخص لذلك عدد، وذلك يقتضي ترك الصلاة بأقل الدم وأنه حيض بإقباله، ولو لم يكن حيضاً إلا بعد يوم وليلة أو بعد ثلاثة أيام، لما جاز ترك الصلاة إلا بعد ذلك ومجمع على وجوب ترك الصلاة بأول ما ترى من الدم، فثبت أنه حيض[136].
4- أن الأصل في هذا الأمر عدم التقدير من الشرع، فهذه التقديرات ليست موجودة في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مع أن الحاجة بل الضرورة داعية إلى بيانها، فلما لم توجد تبين أن لا تعويل عليها، وإنما التعويل على مسمى الحيض الذي علقت عليه الأحكام الشرعية وجوداً وعدماً[137].
5- أن الحيض نوع حدث فلا يتقدر أقله بشيء كسائر الأحداث، أقربها دم النفاس[138].أي كما أنه لا تقدير لأقل مدة النفاس، فكذلك ينبغي ألا يكون هناك تقدير لأقل مدة الحيض ، لأن كلاهما يعتبر حدثاً، بل إن كلاهما دم يخرج من رحم المرأة، فينبغي أن يكون حكمهما في التقدير واحداً[139].
المناقشة والترجيح :
بعد استعراض الأقوال في المسألة وأدلة كل قول، والبحث في مدى صحتها من ضعفها، وقوتها على الاستدلال، أرى أن القول الثالث وهو أنه لا حد لأقل مدة الحيض هو القول الراجح وذلك لقوة ما استدلوا به، وللرد على الأدلة التي استدل بها أصحاب القول الأول والقول الثاني وهما القائلان بتقدير لأقل مدة الحيض مع اختلاف في تلك المدة.
فنبدأ بأدلة القول الأول وهم القائلون بأن أقل الحيض يوم أو يوم وليلة، حيث قالوا إنه لم يرد في الشرع ولا في اللغة حد للحيض فوجب الرجوع للعرف والعادة. ونجيب بأن ما قلتموه من عدم وجود حد للحيض في الشرع ولا في اللغة هو صحيح ، لذا يرجع لمعرفة وجود الحيض من عدمه فهذا ما علقت عليه الأحكام الشرعية، لأن العرف هنا غير منضبط، فالنساء يختلفن في هذا الأمر اختلافاً بيناً معلوماً، وما ذكروه من الوقائع عن نساء كن يحضن بهذا المقدار لا يعني أنه لا يوجد من لا تحيض أقل منه ، وقد لا يوجد في عصرهم حقيقة لكنه قد يوجد في غيره من العصور، فعدم العلم بأقل من ذلك لا يعني العلم بعدم وجوده ، فبينهما فرق- كما يعلم-.
وأما دليلهم الآخر، وهو قول علي رضي الله عنه: " اقل الحيض يوم وليلة" فقد روي بصيغة التضعيف، وهو غير ثابت في كتب السنن والآثار ، فلا يصلح للاستدلال به.
وأما أدلة الحنفية القائلين بأن أقل الحيض ثلاثة أيام ولياليها.
فقد أجاب عن ذلك الزركشي بقوله :
وما نقل من التقدير بثلاثة أيام فإما صريح غير صحيح، وذكر بعض الروايات التي استدلوا بها على ذلك- والتي سبق ذكرها – فقال : كلها ضعيفة، بل فيها ما قيل : إنه موضوع .. وإما صحيح غير صريح كقوله صلى الله عليه وسلم " لتنظر قدر الليالي والأيام التي كانت تحيضهن "، وقوله لفاطمة بنت أبي حبيش " اجتنبي الصلاة أيام حيضك"[140]، وأن أقل الجمع ثلاثة ، فهذا ونحوه مما خرج على الغالب، إذ الغالب أن حيض النساء أكثر من اليوم، بل ومن الثلاثة أيام، والله أعلم[141].
وقال ابن حزم في هذا الدليل :
أما الخبر الصحيح في هذا فلا حجة لهم فيه، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك من كانت لها أيام معهودة ، هذا نص الخبر الذي لا يحل أن يحال عنه، ولم يأمر عليه السلام بذلك من لا أيام لها[142].
ثم إن اختلاف أقوال المحددين لأقل مدة الحيض واضطرابها يدل على أن ليس في المسألة دليل يجب المصير إليه، وإنما هي أحكام اجتهادية معرضة للخطأ والصواب، ليس أحدها أولى بالاتباع من الآخر، والمرجع عند النزاع إلى الكتاب والسنة[143].
قال ابن تيمية :
فما أطلقه الله من الأسماء وعلق به الأحكام لم يكن لأحد أن يقيده إلا بدلالة من الله ورسوله، ومن ذلك اسم الحيض، علق الله به أحكاماً متعددة في الكتاب والسنة، ولم يقدر لا أقله ولا أكثره ولا الطهر بين الحيضتين مع عموم بلوى الأمة بذلك واحتياجهم إليه، واللغة لا تفرق بين قدر وقدر، فمن قدر في ذلك حداً فقد خالف الكتاب والسنة[144].
وبذلك تبين رجحان القول القائل بأنه لا حد لأقل مدة الحيض لقوة أدلته ولضعف أدلة المخالفين.
المطلب الثاني : أكثر مدة الحيض
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على عدة أقوال قريباً من اختلافهم في المسألة السابقة وأبرز هذه الأقوال ثلاثة كسابقتها وهي :
القول الأول : أكثر الحيض خمسة عشر يوماً.
وهو قول الجمهور من المالكية[145] والشافعية[146] والحنابلة[147].
وللمالكية تفصيل في أكثر مدة الحيض بحسب أصناف النساء[148]، وقد أعرضت عن ذكره لعدم تعلق بعض الأصناف بموضوع البحث، وبعض الأصناف سآتي على ذكرها في بقية البحث لاحقاً.
وقال ابن قدامة : وقيل عنه – أي عن الإمام أحمد : أكثره سبعة عشر يوماً[149].
وقال المرداوي : والمذهب والذي عليه جمهور الأصحاب أن أكثره خمسة عشر يوماً[150].
القول الثاني : أن أكثر الحيض عشرة أيام ولياليها :
وهو مذهب الحنفية [151].
القول الثالث : أنه لا حد لأكثر الحيض
وهو إحدى الروايات عن مالك، واختيار ابن تيمية، ومن المعاصرين: ابن عثيمين ، والسيد سابق[152].
وقال ابن عبد البر في التمهيد :
وقد روي عن مالك أنه قال : لا وقت لقليل الحيض ولا لكثيره.. وأكثر الحيض عنده خمسة عشر يوماً إلا أن يوجد في النساء أكثر من ذلك ، فكأنه ترك قوله خمسة عشر، وردّه إلى عرف النساء في الأكثر[153].
وقال العمراني في كتابه البيان :
وروي عن مالك ثلاث روايات ، إحداهن: كقولنا، والثانية: لاحد لأكثره، والثالثة : أكثره سبعة عشر يوماً[154].
الأدلة :
الأدلة التي استدل بها كل فريق في هذه المسألة أغلبها قد سبق الاستدلال بها على المسألة السابقة أقل مدة الحيض لأنها صالحة للاستدلال بها هنا، وبالتالي سأذكرها باختصار أو أحيل على ما سبق.
أدلة القول الأول : وهم الجمهور القائلون بأن أكثر الحيض خمسة عشر يوماً.
1- استدلوا بما سبق أن استدل به الشافعية والحنابلة في مسألة أقل الحيض، وأن الحيض ورد في الشرع مطلقاً من غير تحديد فوجب الرجوع إلى العرف والعادة[155].
ثم ذكروا وقائع تثبت أن من النساء من كان حيضها خمسة عشر يوماً لا تزيد عليه ومن ذلك: قول عطاء[156]: " رأيت من النساء من تحيض يوماً، وتحيض خمسة عشر " [157].
وقول شريك [158]: " عندنا امرأة تحيض كل شهر خمسة عشر يوماً حيضاً مستقيماً"[159].
وغير ذلك من الوقائع التي ثبت فيها أن النساء قد يزيد حيضهن عن العشرة أيام وأكثر، لكن أكثره خمسة عشر يوماً.
2- روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما رأيت ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن، أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، وأما نقصان دينها فإنها تمكث شطر عمرها لا تصلي "[160].
وجه الدلالة : أن الشطر : النصف ، والظاهر أنه أراد منتهى نقصانهن[161]. أي أن أقصى ما تمكث المرأة من الشهر في حيضها لا تصلي هو نصفه وهو يعدل خمسة عشر يوماً.
3- قالوا : إن كان الحيض أكثر من خمسة عشر يوماً، فإنه يجب من ذلك أن يكون الحيض أكثر من الطهر، وهذا محال[162].
أدلة القول الثاني : وهم الحنفية القائلون بأن أكثر الحيض عشرة أيام ولياليها.
واستدلوا بما سبق لهم الاستدلال به من أحاديث وآثار تبين أن اقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام[163].
أدلة القول الثالث : وهم القائلون بأنه لا حد لأكثر الحيض.
وكل ما استدل به القائلون بأن أقل الحيض لا حد له سواء من الكتاب أو السنة أو القياس، فإنه يصلح للاستدلال به في أنه لا حد لأكثر الحيض، لأن وجه الدلالة من هذه الأدلة هو عينه في كلا المسألتين[164]. عدا قياس الحيض على النفاس فهم مختلفون كذلك في أكثر مدة النفاس.
المناقشة والترجيح :
أرى أن القول الثالث وهو القول القائل بأنه لأحد لأكثر مدة الحيض هو القول الراجح ؛ وذلك لقوة أدلته ولضعف أدلة المخالفين، ومن ذلك ما استدلوا به في المسألة السابقة أقل مدة الحيض وقد سبق الرد عليها، فمثلاً الجمهور استدلوا بالوقائع التي تثبت أن الحيض ممكن أن يصل إلى خمسة عشر يوماً، وأنه لم ترد واقعة تثبت زيادته عن هذا الحد.
وقد رد على ذلك ابن حزم فقال : وهذا باطل، وذكر أن ثقة أخبره أن امرأة كانت تحيض سبعة عشر يوماً، قال : ورويناه عن أحمد بن حنبل قال : أكثر ما سمعنا سبعة عشر يوماً[165]، وعن نساء آل الماجشون[166] أنهن كن يحضن سبعة عشر يوماً[167].
ومقصود ابن حزم أنه وردت وقائع تدل على أن الحيض قد يكون أكثر من خمسة عشر يوماً فيصل إلى سبعة عشر يوماً.
ويجاب أيضاً : عدم العلم بوجود من حاضت أكثر من هذه المدة لا يدل على العلم بعدم وجودها، ولو وجدت امرأة تحيض ثمانية عشر يوماً مثلاً أو أكثر حيضاً منتظماً فما الدليل على أن ما زاد عن السبعة عشر يوماً هو استحاضة ما دام أنه بصفة الحيض المعهود.
وأما دليلهم الآخر وهو الحديث الذي رواه ابن عمر وفيه أن المرأة تمكث شطر عمرها لا تصلي، فقد تبين بطلانه وأن الحديث الصحيح ليس فيه لفظ الشطر، ولو صحّ فليس فيه دلالة على أن أكثر الحيض خمسة عشر يوماً.
قال السرخسي بعد أن ذكر استدلال الجمهور بهذا الحديث :
ليس المراد حقيقة الشطر ففي عمرها زمان الصغر ومدة الحبل وزمان الإياس، ولا تحيض في شيء من ذلك[168].
وقال ابن الهمام : وهو لو صح – أي الحديث – لم يكن فيه حجة لما يذكر، لكن قال البيهقي : إنه لم يجده، وقال ابن الجوزي في التحقيق : هذا حديث لا يعرف[169].
وأما استدلالهم بأن الحيض إذا كان أكثر من خمسة عشر يوماً فإنه يكون أكثر من الطهر، وهذا محال.
فقد أجاب ابن حزم بقوله :
من أنى لكم أنه محال، وما المانع إن وجدنا ذلك ألا يوقف عنده؟ فما نعلم منع من هذا قرآن ولا سنة أصلاً ولا إجماع ولا قياس ولا قول صاحب[170].
أما أدلة الحنفية فقد سبقت الإجابة عنها في المسألة السابقة وتبين ضعفها فلا تقوى على الاستدلال لما ذهبوا إليه.
فتبين إذاً ضعف تلك الأقوال القائلة بالتحديد، واتضح رجحان من قال بأن الحيض لا أكثر لحده.
قال ابن رشد :
وهذه الأقاويل كلها المختلف فيها عند الفقهاء في أقل الحيض وأكثره وأقل الطهر لا مستند لها إلا التجربة والعادة، وكلٌ إنما قال من ذلك ما ظن أن التجربة أوقفته على ذلك، ولاختلاف ذلك في النساء عسر أن يعرف بالتجربة حدود هذه الأشياء في أكثر النساء، ووقع في ذلك هذا الخلاف الذي ذكرنا، وإنما أجمعوا بالجملة على أن الدم إذا تمادى أكثر من مدة أكثر الحيض أنه استحاضة[171].
وقال ابن تيمية بعد أن ذكر الأقوال في تقدير أقل الحيض وأكثره :
والقول الثالث أصح : أنه لا حد لا لأقله ولا لأكثره ، بل ما رأته المرأة عادة مستمرة فهو حيض .. وإن قدر أن أكثره سبعة عشر استمر بها على ذلك فهو حيض، وأما إذا استمر الدم بها دائماً فهذا قد علم أنه ليس بحيض، لأنه قد علم من الشرع واللغة أن المرأة تارة تكون طاهراً وتارة تكون حائضاً، ولطهرها أحكام ، ولحيضها أحكام.
وقال في موضع أخر :
والأصل في كل ما يخرج من الرحم أنه حيض حتى يقوم دليل على أنه استحاضة، لأن ذلك هو الدم الأصلي الجبلي وهو دم ترخيه الرحم، ودم الفساد دم عرق ينفجر، وذلك كالمرض، والأصل الصحة لا المرض[172].
وقال ابن قاسم النجدي بعد أن ذكر قول ابن تيمية في هذه المسألة واختياره : واختاره كثير من الأصحاب وكثير من أهل العلم، وقال طوائف من المحققين : إذا وجد ولو أقل من يوم وليلة، أو أكثر من خمسة عشر يوماً، فالأوجه : الاعتماد على الوجود، وقد حصل[173].
المطلب الثالث / غالب مدة الحيض :
اتفق الفقهاء على أن غالب النساء يحضن في كل شهر ستة أيام أو سبعة[174].
واستدلوا لذلك :
1- بقوله صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش لما سألته عن استحاضتها: " إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله تعالى .. وهكذا افعلي في كل شهر كما تحيض النساء ويطهرن لميقات حيضهن وطهرهن"[175].
فهنا الرسول صلى الله عليه وسلم رد هذه المستحاضة إلى غالب عادات النساء وهي ستة أيام أو سبعة [176].
2- المعول عليه في تحديد هذه الحدود هو الاستقراء، أي التتبع والفحص، والمقصود به استقراء عادات النساء، فوجد أن غالبهن يحضن في كل شهر ستاً أو سبعاً[177].
جاء في الشرح الممتع :
وهذا أيضاً هو الواقع، فإنه يكون عند غالب النساء ستاً أو سبعاً[178].
ويذكر الأطباء أن المدة المعتادة للحيض هي من أربعة إلى ستة أيام ، وقد تزيد إلى سبعة[179].
[1] الذاريات : 56 .
[2] المجموع 2/182 .
[3] البحر الرائق 1/ 199 .
[4] طبقات الحنابلة 1/268 بتحقيق : محمد حامد الفقي.
[5] جاء في المصباح المنير – ص141: طرأ فلان علينا يطرأ، مهموز بفتحتين طروءاً: طلع، فهو طارىء، وطرأ الشيء يطرأ أيضاً طرآنا، مهموز : حصل بغتةً.
وجاء في معجم لغة الفقهاء – ص287: الطارىء : بكسر الراء: الحادث فجأة، خلاف الأصلي، والحوادث الطارئة: الأمور الخارجة عن العادة التي تحدث فجأة دون توقع لها. أنتهى.
وهذا هو المقصود بالبحث.
[6] ولكن للأسف لم أطلع على الكتاب رغم حرصي على الحصول عليه، ربما لنفاد طبعاته.
[7] القاموس المحيط – ص 826 .
[8] المصباح المنير – ص61.
[9] المغرب في ترتيب المعرب 1/237 .
[10] أنيس الفقهاء ص63، وانظر : المغرب 1/ 236 .
[11] وللاختلاف بين الوصفين أثر في الحكم على وجود الحيض أو عدمه- سأوضحه لاحقاً في الفصل الثاني من البحث-
[12] المصباح المنير – ص61 .
[13] انظر : النهاية في غريب الحديث – ص247، المطلع على أبواب المقنع –ص40.
[14] تحرير ألفاظ التنبيه –ص44.
[15] انظر : مغني المحتاج 1/108 .
[16] بداية المجتهد 1/52، وانظر : الإجماع/ ابن عبد البر – ص36.
[17] كنز الدقائق مع شرحه تبيين الحقائق 1/158، فتح القدير وبهامشه الشروح المذكورة 1/ 141.
[18] انظر : المراجع السابقة.
[19] القوانين الفقهية – ص31 .
[20] الحيض والنفاس/ الدبيان 1/20 .
[21] الشرح الصغير 1/78 بهامش بلغة السالك.
[22] انظر : المرجع السابق نفسه.
[23] تحرير ألفاظ التنبيه – ص44 .
[24] مغني المحتاج 1/108.
[25] انظر : المرجع السابق نفسه.
[26] المغني 1/386 بتحقيق د. عبدالله التركي ود. عبد الفتاح الحلو.
[27] شرح الزركشي 1/ 405.
[28] الروض المربع 1/370 مع حاشية ابن قاسم عليه، وعرفه صاحب نيل المآرب بتعريف قريب من تعريف البهوتي والشربيني. انظر : المعتمد في فقه الإمام أحمد 1/83 .
[29] انظر : المغني 1/386، شرح الزركشي 1/405، المبدع / ابن مفلح 1/258، الشرح الممتع/ ابن عثيمين 1/399.
[30] د. محمد علي البار – ص381 – ص382 .
[31] انظر : المبسوط/ السرخسي 3/149، المحيط البرهاني 1/283، فتح القدير 1/142، حاشية ابن عابدين 1/285.
[32] انظر : مواهب الجليل 1/367، حاشية الدسوقي 1/168، الشرح الصغير 1/78 .
[33] انظر : المهذب 1/38 ، حلية العلماء 1/280، المجموع 2/373، مغني المحتاج 1/108.
[34] انظر : المغني 1/477، المبدع 1/267، الإنصاف 1/334 .
[35] انظر : فتح القدير، حاشية ابن عابدين: المواضع السابقة.
[36] انظر : المجموع، مغني المحتاج : المواضع السابقة.
[37] انظر : المغني، المبدع، الإنصاف: المواضع السابقة نفسها.
[38] انظر ِ: مواهب الجليل 1/367، المجموع 2/273، مجموع فتاوى ابن تيمية 19/140، المسائل الفقهية من اختيارات ابن تيمية – ص74، الشرح الممتع 1/400، الحيض والنفاس/ الدبيان 1/70، رسالة في الدماء الطبيعية/ الشيخ ابن عثيمين – ص6، الفتاوى السعدية نقلاً عن سلسلة فتاوى علماء البلد الحرام 9/17.
[39] الموضع السابق.
[40] الطلاق: 4 .
[41] المغني : 1/ 447.
[42] أخرجه الترمذي في سننه- أبواب النكاح- باب ما جاء في إكراه اليتيمة على التزويج 3/417، والبيهقي في السنن الكبرى – كتاب الحيض- باب السن التي وجدت المرأة حاضت فيها 1/319، وأورده ابن الجوزي في التحقيق 2/267، وذكر الألباني في الإرواء 1/199 أنه موقوف على عائشة رضي الله عنها.
[43] المغني 1/447، المبدع 1/267 .
[44] المبسوط 3/146، المحيط البرهاني 1/ 238، والحديث رواه البخاري في صحيحه – كتاب النكاح- باب إنكاح الرجل ولده الصغار 9/189 بشرح فتح الباري، ومسلم في صحيحه- كتاب النكاح – باب تزويج الأب البكر الصغيرة 9/206 بشرح النووي.
[45] المبدع 1/167 وانظر : المجموع 2/ 374، المغني 1/ 447 .
[46] المبسوط : الموضع السابق.
[47] المغني : الموضع السابق.
[48] البقرة : 222 .
[49] انظر : مجموع فتاوى ابن تيمية 19/241، الشرح الممتع 1/402 .
[50] انظر : مجموع فتاوى ابن تيمية ، الشرح الممتع : المواضع السابقة، الحيض والنفاس / الدبيان 1/81 .
[51] انظر : المراجع السابقة نفسها.
[52] مجموع فتاوي ابن تيمية 19/ 338 .
[53] انظر على سبيل المثال : المبسوط 3/ 149، فقد ذكر بعض تلك الوقائع.
[54] خلق الإنسان بين الطب والقرآن – ص89 .
[55] ذكر ذلك الشيخ جاسم الياسين في كتابه: الطهارة عند المرأة – ص14 نقلاً عن الطبيب عبدالله العجيمان.
[56] إحداهن في الهند، وأخرى في اليمن. ذكره الشيخ الدبيان في كتابه : الحيض والنفاس 1/83 .
[57] انظر : موقع منتديات الحصن النفسي – موضوع: التلوث الكيميائي سبب البلوغ المبكر لدى الفتيات، موقع : http://Forum.brg8.com موضوع: سبب البلوغ المبكر عند الأطفال.
[58] الدر المختار مع حاشية ابن عابدين عليه 1/ 304 .
[59] انظر : فتح القدير 1/ 442 ، حاشية ابن عابدين 1/ 304 .
[60] الكفاية 1/442 بهامش فتح القدير.
[61] المبسوط 3/149، وانظر : المحيط البرهاني 1/238.
[62] انظر : مواهب الجليل 1/367، حاشية الدسوقي 1/16، حاشية الصاوي على الشرح الصغير 1/78 .
[63] في كتاب العدة وطلاق السنة 2/426 .
[64] انظر : حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب 1/148، حاشية الجمل على شرح المنهج 1/235 .
[65] المغني 1/ 445 .
[66] المرجع السابق 1/ 446 .
[67] الإنصاف 1/ 334، وانظر : الشرح الكبير 2/386 ، المبدع 1/ 267 .
[68] شرح الزركشي 1/ 452 ، وانظر : الشرح الكبير 2/ 388 ، المبدع 1/ 268 .
[69] انظر : حاشية ابن عابدين 1/303 ، البيان والتحصيل / ابن رشد 1/126، مواهب الجليل 4/ 148، المجموع 2/ 374، حاشية الشرقاوي 1/ 148، حاشية الجمل 1/ 235، المبدع 1/ 268 .
[70] المغني 1/ 211 .
[71] انظر : المحلى 2/ 190، مجموع فتاوي ابن تيمية 19/ 240، الشرح الممتع 1/ 402، الفقه الإسلامي وأدلته/ د. الزحيلي 1/ 456، حاشية الروض المربع / ابن قاسم 1/372 ، فقه السنة 1/83، رسالة في أحكام الحيض والنفاس/ الجكني – ص22، الفتاوى السعدية 9/17 نقلاً عن فتاوى علماء البلد الحرام.
[72] الموضع السابق.
[73] الطلاق : 4.
[74] انظر : المغني 1/ 446 ، الشرح الكبير 2/ 388 ، المبدع 1/ 268 .
[75] لم أقف على تخريج لهذين الأثرين، رغم أن الزركشي في شرحه ذكر بأن الدارقطني قد روى الأثر الأول، وأن أحمد قد ذكر الأثر الثاني في رواية حنبل عنه، وكذلك قاله البهوتي في الروض المربع 1/ 372، وقد ذكر هذين الأثرين كذلك ابن قدامة في المغني : الموضع السابق لكنه لم يذكر من رواهما من أهل السنن.
وقد ذكره الألباني في الإرواء 1/200 وقال : لم أقف عليه، ولا أدري في أي كتاب ذكره أحمد، ولعله في بعض كتبه التي لم نقف عليها.
[76] شرح الزركشي 1/ 453 .
[77] هو موسى بن عبدالله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وأمه هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة ابن الأسود بن المطلب، تزوج بأم سلمة بنت محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق فولدت له محمداً وإبراهيم وعبدالله وفاطمة وزينب ورقية وكلثم وخديجة. ذكر ترجمته هذه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1/ 381.
[78] المغني 1/ 446 .
[79] الطلاق: 4 .
[80] مجموع فتاوى ابن تيمية 19 /204 ، المسائل الفقهية من اختيارات ابن تيمية – ص74، وانظر : حاشية ابن قاسم على الروض 1/ 372 .
[81] انظر : الشرح الممتع 1/ 403 .
[82] البقرة : 222 .
[83] البيان والتحصيل 1/ 105، وانظر : الشرح الممتع 1/ 402 .
[84] انظر : المحلى 2/191 ، مجموع فتاوي ابن تيمية 19/ 241، الحيض والنفاس/ الدبيان 1/ 98، حاشية ابن قاسم : الموضع السابق.
[85] هكذا كتبت، ولعلها رأت .
[86] الطلاق : 4 .
[87] مجموع الفتاوى 19 /240 .
[88] المحلى 2/ 190 .
[89] الشرح الممتع 1/ 403 .
[90] حاشية الروض المربع 1/ 372 .
[91] سن اليأس / د. جون ستد، د. مر جريت ثوم – ترجمة : سيد علي قنصوه – ص 7، ص6 .
[92] رسالة في الدماء الطبيعية – ص6، وذكره الدكتور خالص جلبي في كتابه الطب محراب الإيمان- ص68.
[93] خلق الإنسان بين الطب والقرآن – ص 89 .
وذكر الشيخ جاسم الياسين نقلاً عن الدكتور عبدالله العجيمان دكتور قسم النساء في مستشفى الولادة في الكويت: أنه تبين من الإحصائيات التي عملوها أن متوسط سن الحيض في الكويت من تسع سنوات إلى ثلاث عشرة سنة، ولذلك يجب على المرأة أن تفحص إذا تأخر ظهور الحيض لديها عن السن السابع عشر. انظر : الطهارة عند المرأة – ص15 .
[94] انظر : المبسوط 3/150 ، فتح القدير 1/142، حاشية ابن عابدين 1/304، مواهب الجليل 4/148، مجموع فتاوي ابن تيمية 19/ 240، المحلى 2/191 .
[95] حاشية الشرقاوي 1/ 157 .
[96] حاشية ابن عابدين 1/304، وانظر : المبسوط ، فتح القدير : المواضع السابقة.
[97] 1/ 104 وانظر : مواهب الجليل : الموضع السابق.
[98] انظر : مواهب الجليل 1/ 367، حاشية الدسوقي 1/ 168، المغني 1/ 211، الإنصاف 1/ 355.
[99] المغني : الموضع السابق.
[100] مسائل الإمام أحمد – رواية ابنه عبدالله –ص46، وانظر : الشرح الكبير 2/ 388، المبدع 1/ 268 .
[101] انظر : ص22 من البحث .
[102] مجموع فتاوى ابن تيمية 19/ 238، 241 .
[103] المرجع السابق 19/ 240 .
[104] خلق الإنسان – ص131 .
[105] انظر : الطهارة عند المرأة/ الياسين – ص15.
[106] سن اليأس – ص6 ، ص10 .
[107] انظر : الأم 1/ 67، الإقناع / ابن المنذر 1/74 ، حلية العلماء 1/ 281، المجموع 2/ 377، المغني 1/388، شرح الزركشي 1/ 406، المبدع 1/ 269 .
[108] 1/ 109 وانظر : المجموع : الموضع السابق.
[109] 1/ 39 وانظر : حلية العلماء : الموضع السابق.
[110] الموضع السابق وانظر : الإنصاف 1/ 336 .
[111] الإنصاف : الموضع السابق.
[112] انظر : الأصل 1/ 458، بدائع الصنائع 1/40، المحيط البرهاني 1/236، تبيين الحقائق 1/159.
[113] انظر المبسوط 3/147، تبيين الحقائق: الموضع السابق.
[114] المبسوط 3/ 147، الهداية وشرحها العناية 1/ 142، 143 مع فتح القدير، الاختيار/ الموصلي 1/26، المحيط البرهاني 1/236، تبيين الحقائق 1/ 159 .
[115] انظر : المدونة الكبرى 1/50، الكافي / ابن عبد البر – ص31، المنتقى/ الباجي 1/123، بداية المجتهد 1/53، القوانين الفقهية – ص31، البيان/ العمراني 1/345، المحلي 2/191، مجموع فتاوى ابن تيمية 19/237، الشرح الممتع 1/ 406 ، فقه السنة 1/84، موسوعة مسائل الجمهور 1/111 .
[116] الموضع السابق.
[117] 1/ 78 بهامش بلغة السالك، وانظر : القوانين الفقهية – ص31 .
[118] انظر : المحلى 1/ 193 .
[119] قال ابن قدامة في المغني 6/188: القبض مطلق في الشرع فيجب الرجوع فيه إلى العرف.. ثم قال وقبض كل شيء بحسبه، فإن كان مكيلاً أو موزوناً.. فقبضه بكيله ووزنه.. إلى آخر كلامه.
وقال في 12/427: والحرز ما عد حرزاً في العرف، فإنه لما ثبت اعتباره في الشرع من غير تنصيص على بيانه، علم أنه رد ذلك إلى أهل العرف.. ثم ذكر حرز الأشياء كالذهب والفضة والثياب والحيوان.. وغير ذلك في الموضع نفسه.
[120] انظر : المهذب 1/38، البيان/ العمراني 1/343، حاشية الشرقاوي 1/147، المغني 1/389، الشرح الكبير 2/ 293، شرح الزركشي 1/406، المبدع 1/269.
وقول الشافعي أخرجه البيهقي في سننه الكبرى – كتاب الحيض- باب أقل الحيض 1/ 320، وقول الأوزاعي أخرجه الدارقطني في سننه- كتاب الحيض 1/ 209، والبيهقي في الموضع السابق نفسه.
[121] البقرة : 228 .
[122] البقرة : 283 .
[123] انظر : المغني، الشرح الكبير : المواضع السابقة.
[124] لم أقف على تخريج لهذا الأثر عن علي رضي الله عنه بهذا اللفظ مع طول البحث في مظانه من كتب السنن والآثار- والتي بين يدي- لكن ابن حجر أورده في التلخيص الحبير 1/172 وقال : حديث علي : أقل الحيض يوم وليلة كأنه يشير إلى ما ذكره البخاري تعليقاً عن علي وشريح أنهما جوزا ثلاث حيض في شهر. انتهى كلامه.
والحديث الذي يقصده أورده البخاري معلقاً في صحيحه في كتاب الحيض – باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض.. 1/424 بشرح فتح الباري، لكن دلالته تختلف عن الحديث المذكور الذي فيه نص على تحديد أقل الحيض، بينما هذا الحديث ليس فيه نص على ذلك، بل أن البيهقي في السنن الكبرى 1/320 قال فيه : وروينا عن علي وشريح أنهما جوزا ثلاث حيض في شهر.. قال الشافعي : ونحن نقول بما روي عن علي رضي الله عنه لأنه موافق لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يجعل للمحيض وقتا.
وقد استدل بهذا الأثر ابن قدامة في المغني 1/390 لكنه أورده بصيغة التمريض ، وتبعه صاحب الشرح الكبير 2/394، وابن مفلح في المبدع 1/269. وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوي 21/ 623 بعد أن ذكر قول من قال بأن أقل الحيض يوم وليلة وأكثره خمسة عشر: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه في هذا شيء.
[125] رواه الدارمي في سننه عن أنس بن مالك رضي الله عنه في كتاب الحيض – باب ما جاء في أكثر الحيض، وباب في أقل الحيض 1/229، 231، والدارقطني في سننه عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه في كتاب الحيض 1/218، وقال : لا يثبت، فقد ضعف اثنين من رواته في السند، وضعفه ابن قدامة في المغني 1/309 وقال في سنده مجهول، وسئل ابن تيمية عن نص الحديث " الحيض للجارية البكر ثلاثة أيام ولياليهن، وأكثره خمسة عشر " فقال : أما نقل هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو باطل، بل هو كذب موضوع باتفاق علماء الحديث . مجموع الفتاوى 21/ 623، وانظر : التحقيق/ ابن الجوزي 1/161، والدراية 1/84 فقد ذكروا بعض روايات هذا الحديث وضعفوها ، ونصب الراية 1/191 فقد ذكر الروايات المتعددة لهذا الحديث وأقوال العلماء فيها.
[126] فتح القدير 1/ 143، وانظر : المبسوط 3/147 .
[127] رواه الدارمي في سننه عن أنس رضي الله عنه في كتاب الحيض – باب في أكثر الحيض 1/230، والدارقطني في سننه عن ابن مسعود وأنس رضي الله عنهما في كتابه الحيض 1/209، 210، وقد ضعف تلك الروايات لضعف بعض رواتها في السند، ورواه البيهقي في السنن الكبرى عن أنس رضي الله عنه في كتاب الحيض باب أكثر الحيض 1/322، وقد ضعفه لضعف أحد رواته، وكذلك ضعف هذه الرواية ابن عبد البر في التمهيد 16/ 81، والزيلعي في نصب الراية 1/192 .
[128] بدائع الصنائع 1/40 .
[129] الحديث أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الحيض – باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض 1/ 425 بشرح فتح الباري، ومسلم في صحيحه. كتاب الحيض – باب المستحاضة 4/16 بشرح النووي.
[130] انظر : المحيط البرهاني 1/ 236، التمهيد/ ابن عبد البر 16/81، شرح الزركشي 1/409، المحلى 1/195.
[131] البقرة : 222 .
[132] انظر : الإشراف على نكت مسائل الخلاف / ابن نصر المالكي 1/ 186، المنتقى/ الباجي 1/123، رسالة في الدماء الطبيعية – ص7 .
[133] البقرة : 228 .
[134] المحلى 1/ 192 .
[135] الحديث رواه البخاري في صحيحه – كتاب الحيض – باب الاستحاضة 1/409 بشرح فتح الباري، ومسلم في صحيحه- كتاب الحيض – باب غسل المستحاضة وصلاتها 4/16 بشرح النووي.
[136] انظر : المنتقى / الباجي 1/123، المحلي 1/192، الحيض والنفاس 1/156 .
وقد ذكر البيهقي في السنن الكبرى 1/320 أن الشافعي قد احتج بهذا الحديث في أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل للحيض وقتاً.
[137] انظر : مجموع فتاوى ابن تيمية 19/237، المحلى 1/192، فقه السنة 1/84، رسالة في الدماء الطبيعية – ص8.
[138] هذا الدليل ذكره السرخسي في المبسوط 1/147، وقال : إنه احتج به مالك رحمه الله تعالى ، وانظر كذلك : العناية/ البابرتي 1/142 بهامش فتح القدير.
[139] بعد أن ذكرت هذا التعليق على إيراد السرخسي لدليل المالكية، وجدت أن الباجي قد ذكره مختصراً في المنتقى 1/124 حيث قال : ودليلنا من جهة القياس أن هذا دم يسقط فرض الصلاة ، فلم يكن لأقله حد كدم النفاس.
[140] سبق تخريجها.
[141] شرح الزركشي 1/ 408، 409 ، وانظر : التمهيد 16/ 81، الأم 1/64، المغني 1/ 390، المحلى 1/197، 198 .
[142] المحلى 1/ 196 .
[143] رسالة في الدماء الطبيعية – ص10 وانظر : التمهيد : الموضع السابق.
[144] مجموع الفتاوى 19/ 236، 237 .
[145] انظر : المدونة الكبرى 1/50، الإشراف على نكت مسائل الخلاف 1/187، الكافي / ابن عبد البر – ص31، التمهيد 16/71، المنتقى / الباجي 1/124، بداية المجتهد 1/53، الشرح الصغير 1/78 .
[146] انظر : الأم 1/67، المهذب 1/38، حلية العلماء 1/281، البيان / العمراني 1/346، مغني المحتاج 1/109، حاشية الشرقاوي 1/147، حاشية الجمل 1/237 .
[147] انظر : المغني 1/388، الشرح الكبير 2/392، شرح الزركشي 1/409، المبدع 1/270 .
[148] انظر على سبيل المثال : القوانين الفقهية – ص31، المراجع السابقة للمالكية: المواضع نفسها.
[149] المغني : الموضع السابق.
[150] الإنصاف 1/ 336، وانظر : شرح الزركشي : الموضع السابق.
[151] انظر : الأصل 1/458، المبسوط 3/147، المحيط البرهاني 1/236، تبيين الحقائق 1/159، فتح القدير 1/343.
[152] انظر : مجموع الفتاوى 19/ 237، الشرح الممتع 1/407 ، فقه السنة 1/84 .
[153] 16/72 .
[154] الموضع السابق ، وانظر : موسوعة مسائل الجمهور 1/112 .
[155] انظر : ص33 من البحث.
[156] هو عطاء بن أبي رباح المكي، من أئمة التابعين ، مفتي الحرم، كان أعلم أهل زمانه بمناسك الحج، ولد في أثناء خلافة عثمان رضي الله عنه، وتوفي سنة 114هـ ، وقيل : 115هـ . انظر : سير أعلام النبلاء 5/78، شذرات الذهب 1/147 .
[157] الأثر أخرجه الدارمي في سنه – كتاب الطهارة – باب ما جاء في أكثر الحيض وباب في أقل الحيض 1/229، 231، والدارقطني في سننه – كتاب الحيض 1/208، والبيهقي في السنن الكبرى – كتاب الحيض – باب أقل الحيض وباب أكثر الحيض 1/320، 321، وأورده البخاري في صحيحه معلقاً في كتاب الحيض – باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض.. وقال ابن حجر : وصله الدارمي بإسناد صحيح 1/424 بشرح فتح الباري.
[158] هو شريك بن عبدالله النخعي الكوفي، القاضي بواسط ثم الكوفة، كان عادلاً فاضلاً شديداً على أهل البدع، صدوق، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، أخرج له البخاري معلقاً ومسلم في صحيحه وأصحاب السنن الأربعة. توفي سنة 177هـ أو 178هـ. انظر : تقريب التهذيب 1/ 351 .
[159] أخرج هذا الأثر الدارقطني في سننه – كتاب الحيض 1/209، والبيهقي في سننه الكبرى – كتاب الحيض – باب أكثر الحيض 1/321 .
[160] نقل الزركشي في شرحه 1/ 410 عن البيهقي قوله : إنه لم يجد هذا الحديث في شيء من كتب الحديث، وكذلك نقله عنه ابن حجر في التلخيص 1/162 ، وقال بعد أن أورد الحديث : لا أصل له بهذا اللفظ.
وقال ابن الجوزي في التحقيق 1/263 بعد أن أورد لفظ تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي : وهذا لفظ لا أعرفه.
وقال عنه ابن الملقن في الخلاصة 1/77 : لا أصل له، قاله ابن منده والبيهقي وابن الجوزي وغيرهم، وهو في المتفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري بلفظ : أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم. انتهى . فأصل الحديث إذاً متفق عليه، وإنما الذي لا أصل له وروده بلفظ تمكث شطر عمرها.
وقال عنه ابن كثير في تحفة الطالب – ص361: لم أره في شيء من الكتب الستة ولا غيرها.
ونقل الزيلعي في نصب الراية 1/192 قول ابن الجوزي عنه : وهذا حديث لا يعرف.
[161] شرح الزركشي 1/410، وانظر : إخلاص الناوي / المقرىء 1/96، المبدع 1/270 .
[162] المحلى 1/199، وانظر : المنتقى / الباجي 1/124 .
[163] انظر : ص34 في البحث.
[164] انظر : ص36 من البحث.
[165] انظر : المغني 1/ 388، الشرح الكبير 2/392، شرح الزركشي 1/410، المبدع 1/270، الإنصاف 1/336.
[166] جاء في تهذيب التهذيب 11/340 : الماجشون لقب ليعقوب بن أبي سلمة التيمي مولى آل المنكدر، أبو يوسف المدني، روى عن أبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس وعمر بن عبد العزيز وغيرهم، وروى عنه ابناه عبد العزيز ويوسف وآخرون.
سمي بالماجشون هو وولده يوسف، وكان فيهم رجال لهم فقه ورواية للحديث والعلم، والماجشون بالفارسية : الورد، توفي سنة 124هـ.
[167] المحلى 1/199، وانظر : الشرح الكبير ، شرح الزركشي ، المبدع : المواضع السابقة.
[168] المبسوط 3/ 148، وانظر : العناية / البابرتي 1/ 143 بهامش فتح القدير.
[169] فتح القدير 1/ 144، وانظر شرح الزركشي 1/ 410، المبدع 1/270، كشاف القناع 1/ 203.
[170] المحلى 1/200 .
[171] بداية المجتهد 1/54 .
[172] مجموع الفتاوى 19/ 237 ، 238 .
[173] حاشية الروض المربع 1/ 374 وانظر : الفروع / ابن مفلح 1/ 267 .
[174] قال النووي في المجموع 2/ 378: وغالب الحيض ست أو سبع بالاتفاق .
[175] رواه الشافعي في مسنده من كتاب الحيض 1/310، وأحمد في مسنده 6/439، وأبو داود في سننه – كتاب الطهارة – باب من قال إذا أقبلت الحيضة.. 1/76، والترمذي في سننه – أبواب الطهارة – باب ما جاء في المستحاضة 1/225 وقال : هذا حديث حسن صحيح، قال : وسألت محمداً – أي البخاري – عن هذا الحديث، فقال : هو حديث حسن صحيح وهكذا قال أحمد بن حنبل هو حديث حسن صحيح ، وابن ماجه في سننه – أبواب الطهارة – باب ما جاء في البكر إذا ابتدأت مستحاصة.. ص88، والدارقطني في سننه – كتاب الحيض 1/214، والبيهقي في السنن الكبرى – كتاب الحيض – باب المبتدئة لا تميز بين الدمين 1/338، وانظر : تلخيص الحبير 1/163، وقال مجد الدين في منتقى الأخبار: رواه أبو داود وأحمد والترمذي وصححاه. انظر : نيل الأوطار 1/271، وحسنه الألباني في الإرواء 1/202 ، 224 .
[176] انظر : المهذب 1/ 39 ، البيان / العمراني 1/ 346 ، المجموع 2/ 393 ، مغني المحتاج 1/109، مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبدالله –ص49، المغني 1/ 411، شرح الزركشي 1/419، المبدع 1/271، كشاف القناع 1/203، مجموع فتاوى ابن تيمية 19/ 238 .
[177] انظر : حلية العلماء 1/284،ـ حاشية البيجوري 1/215، حاشية الشرقاوي 1/ 147، حاشية الجمل 1/237.
[178] الشرح الممتع 1/ 408 .
[179] انظر : طب النساء بقلم عشرة اساتذة – ص47 ، ص52 .