تدبر في معنى السهو عن الصلاة


أحمد كمال قاسم


طالما تفكرت في علاقة السهو عن الصلاة - بالمعنى المشهور وهو إهمال مواعيدها وتأخيرها عنها - وموضوع سورة الماعون الذي يحدثنا عن ذلك الإنسان الثري الذي انغمس في ملذات الدنيا ونعيمها ونسى أو تناسى المسكين والفقير فلم يوفهم حقهم الذي كتبه الله لهم من أموال الأثرياء.
بيد أن الله قد وفقني لزاوية لم أفكر فيها سابقا وهو أن الآيات لا تحدثنا عن من يؤخر الصلوات، بل تحدثنا عن هؤلاء المصلين - المنتظمين في صلواتهم - الذي يسهون عن صلواتهم بمجرد أن ينتهوا منها فلا يخرجون منها بأي معنى عملي يحيون به في هذه الدنيا، فكأنهم لم يصلوا!
إنهم يقطعون الصلة بين الصلاة والحياة، فالصلاة ينبغي ألا يقتصر دورها على وصل الإنسان بالله صلة مؤقتة خمس مرات يوميا، لكن الحق أن الصلاة ينبغي أن تكون حلقة الوصل بين الله والإنسان والحياة، فتكون الحياة حياة ربانية.
لكنَّ هؤلاء المصلين الذين يسهون عن الصلاة فينفضوا أيديهم من أي أثر عملي لها بمجرد ترك الصلاة - فيخرجوا من الصلاة كما دخلوها - لم يستفيدوا حقًا من صلواتهم.
إن هؤلاء - الذين تمتلئ وجوهُهم بغبرة الباطل رغم أنهم وقفوا بين يدي الحق - يسرقون حق المسكين والفقير بأن يحبسوا المال ويمنعوا الماعون.
إن التصديق بالدين هو أن تطابق حياة المرء مع ما تستوجبه صلته بالله في الصلاة التي هي عماد الدين.. أما أن يسهى عن صلاته فيخرج منها صفر اليدين، ليس على سلوكه أي أثر عملي إيجابي منها، فهذا هو عين التكذيب بالدين.

اللهم اجعلنا من الواصلين حيواتهم بالله عن طريق الصلاة، فلا نكون من الساهين عنها المكذبين بالدين.