*(عاش ثمانين سنة ، أربعين سنة جاهلاً، وأربعين سنة عالما، بل عمدةً ومرجعا في الفقه الشافعي)*

وقد ذكر قصته مفصلة ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان ٥/١١٦ فإنه قال لما تكلم عن مرو الشاهجان:

وإليها ينسب *أبو بكر القفال المروزي* ، وحيد زمانه فقهاً وعلماً ، رحل إلى الناس، وصنف ، وظهرت بركته ، وهو أحد أركان مذهب الشافعي ، وتخرج به جماعة ، وانتشر علمه في الآفاق ، وكان ابتداء اشتغاله بالفقه على كبر السن .

حدثني بعض فقهاء مرو ، أن القفال الشاشي صنع قفلاً وزنه دانق واحد ، فأعجب الناس به جداً ، وسار ذكره ، وبلغ خبره إلى القفال المروزي ، وصنع قفلاً مع مفتاحه ، وزنه طسوج ، وأراه الناس فاستحسنوه ، ولم يشع له ذكر.
فقال يوماً لبعض من يأنس إليه: ألا ترى كل شيء يفتقر إلى الحظ ؟ عمل الشاشي قفلاً وزنه دانق، وطنت به البلاد، وعملت أنا قفلاً بمقدار ربعه، ما ذكرني أحد !

فقال له صاحبه: " إنما الذكر بالعلم، لا بالأقفال "

فرغب في العلم واشتغل به، وقد بلغ من عمره أربعين سنة، وجاء إلى شيخ من أهل مرو، وعرَّفه رغبته فيما رغب فيه، فلقنه أول كتاب المزني، وهو : (هذا كتاب اختصرته) ، فصعد إلى سطح منزله وأخذ يكرر على نفسه هذه الألفاظ الثلاثة من العشاء إلى أن طلع الفجر، فغلبته عينه فنام، ثم انتبه وقد نسيها، فضاق صدره، وقال : أيش أقول للشيخ ؟

وخرج من بيته ، وقالت له امرأة من جيرانه: يا أبا بكر ، لقد أسهرتنا البارحة في قولك: هذا كتاب اختصرته. فتلقنها منها ، وعاد إلى شيخه ، وأخبره بما كان منه ، فقال له : لا يصدنك هذا عن الاشتغال، فإنك إذا لازمت الحفظ والاشتغال صار لك عادة .

فجَدَّ ولازمَ الاشتغال حتى كان منه ما كان ، *فعاش ثمانين سنة ، أربعين سنة جاهلاً ، وأربعين سنة عالماً،* وقال أبو مظفر السمعاني عاش تسعين سنة ، ومات سنة ٤١٧ هـ .

اهـ كلام ياقوت الحموي.

منقول