ضد الجهل



تعليم المرأة وتثقيفها ونهضتها بصورة عامة أمر لا يعارض فيه أحد من المسلمين؛ لأنّ الإسلام يدعو إلى العلم ويشجّع عليه ويشيد به وبأهله، لكن تعليم المرأة المسلمة ما ينبغي أن يجرّها إلى شيء مِمّا حرّمه الإسلام عليها، ككشف شيء من جسمها إلاّ ما أحلّ الله كشفه، وكخلوتها بأحد من النّاس، أو اختلاطها بالشباب وما يترتب عليه من أخطار ومحظورات، فإذا أمكن أن تكون لها مدارسها ومعاهدها وجامعاتها الخاصة بها فليس في ذلك خلاف أو جدل بين المسلمين، ومهما يترتب على تعليم المرأة وتثقيفها من ارتيادها لأنواع النشاط الاجتماعي كالجمعيات الخيرية، وجمعيات الإسعاف، والتمريض، والنوادي النسائية؛ فما في ذلك بأس ولا حرج، ما دام ذلك يتم في الإطار الإسلامي الذي تحاط به المرأة المسلمة. ولْتقدم المرأة من الخدمات لبنات جنسها ولوطنها ما تشاء، ما دامت لا تخالف شيئاً مِمّا أمرها به الإسلام.
أما أن تتعلم البنت إلى جوار الشاب، وهما في سنّ الفورة والطيش؛ فإنّ ما يترتب على ذلك لا يرضاه الإسلام ولا ترضاه النفوس الكريمة ولا الأخلاق الفاضلة.
وما رأينا كاتباً مسلماً يستحق أمانة حمل القلم والتوجيه يعارض في تعليم البنت أو تثقفيها لذات العلم أو لذات الثقافة، وإنما يعارضها لما يترتب عليها من محاذير وآثام.
وأما ممارسة المرأة للعمل ومشاركتها في الحياة بما تستطيع أن تشارك به، فما منع الإسلام ذلك ولا زهّد فيه، فما دامت المرأة تخرج ساترة من جسمها ما يجب ستره، وتقوم بعمل يلائم فطرتها التي فطرها الله عليها، والمتفق مع ما تستطيع المرأة أن تؤديه بنتاً كانت أو زوجة أو أُمّاً، وما دام ذلك العمل لا يصرفها عن أداء وظيفتها التي هي من صميم فطرتها، وهي الزوجية والأمومة؛ فما يمنع الإسلام ذلك ولا يأباه، ولا يعترض عليه أحد ممّن يعتد برأيهم من المسلمين.
غير أنّ الاعتراض دائماً على ما يترتب على خروجها من بيتها للعمل من وقوع فيما يحرّم الله، فإذا انتفى الوقوع في تلك المحرمات، فماذا يمنع من أن تسهم المرأة في العمل من أجل مجتمعها ووطنها، طالما كان ذلك في إمكانها؟
وليس من بين المنادين بتعليم المرأة وتثقيفها ومشاركتها في العمل من نستطيع أن نأخذ عليه شيئاً مما يدعو إليه أو نعيبه في شيء ممّا ينادي به، ما دام ذلك في الإطار الإسلامي الذي ارتضاه الإسلام للمرأة، إنما العيب والمؤاخذة على ما يحيط بتعليم المرأة أو ممارستها للعمل من ملابسات تضع المرأة في الحرج، وتخرج بها عن كثير مما يجب أن تكون عليه، وتسعى بالمرأة في طريق الفتنة والضلال والإضلال، كما نرى الآن ونشاهد.
أما حجاب المرأة أو سفورها فهو الموضوع الذي يجب أن نقف عنده وقفة الصلابة والتشدد، وأن نرفض كلّ دعوة تشجّع على أن تكشف المرأة من جسمها شيئاً مما أوجب الإسلام ستره.
إن على كل مسلم غيور أن يدافع عن منهج الشريعة الإسلامية في ملبس المرأة وزينتها، فهو المنهج الوحيد الذي يحفظ على المرأة كرامتها وأنوثتها، وزوجيتها وأمومتها.
وليس من فقهاء المسلمين أحد يرى أن الإسلام أباح للمرأة أن تتزيّا بزي يكشف عن جسمها أو يصفه أو يشفُّ عنه.
وليس لدعاة السفور في دعوتهم إلى تقليد المرأة المسلمة للمرأة الأوربية أو غيرها ممّا لا يدين بالإسلام في كشف ما حرم الله عليها كشفه، ليس لهؤلاء الدعاة سند من عقل أو منطق أو قيم اجتماعية، وليس ما ينادون به إلا ضرباً من الخبل أصاب عقولهم، ونوعاً من الفساد ملأ قلوبهم، ورغبة شيطانية تغري عيونهم بمحارم النّاس ومحاسن الأجنبيات، وتوقعهم وتوقع بهم في مهاوي الرذيلة.
منقول