1904 - " الشاهد يرى ما لا يرى الغائب " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 527 :
أخرجه أحمد ( 1 / 83 ) و عنه الضياء في " المختارة " ( 1 / 248 ) و البخاري في
" التاريخ " ( 1 / 1 / 177 ) عن يحيى بن سعيد عن سفيان حدثنا محمد بن عمر بن
علي بن أبي طالب عن علي رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله إذا بعثتني
أكون كالسكة المحماة ، أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ؟ قال : فذكره . و خالفه
أبو نعيم فقال : أخبرنا سفيان به إلا أنه زاد : " عن أبيه عن علي " . أخرجه
الضياء ( 1 / 233 ) و قال : " رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " عن أبي نعيم "
. لكن أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 7 / 92 ) : حدثنا سليمان بن أحمد ( هو
الطبراني ) حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان به دون الزيادة
و لذلك قال أبو نعيم عقبه : " رواه عصام بن يزيد : جبر ، فوصله " . ثم أسنده من
طريقين عن محمد بن يحيى بن منده حدثنا محمد بن عصام بن يزيد عن أبيه عن سفيان
عن محمد بن عمر بن علي عمن حدثه عن علي قال : " بلغ النبي صلى الله عليه وسلم
عن نسيب لأم إبراهيم شيء ، فدفع إلي السيف ، فقال : اذهب فاقتله ، فانتهيت إليه
، فإذا هو فوق نخلة ، فلما رآني عرف ، و وقع ، و ألقى ثوبه ، فإذا هو أجب ،
فكففت عنه ، فقال : أحسنت " . و قال : " جوده محمد بن إسحاق و سماه " . ثم ساقه
هنا مختصرا و في ( 3 / 177 - 178 ) بتمامه من طريق يونس بن بكير عن محمد بن
إسحاق عن إبراهيم بن محمد بن علي بن الحنفية عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب
كرم الله وجهه قال : " أكثر على مارية أم إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم
في قبطي - ابن عم لها - كان يزورها و يختلف إليها ، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم لي : خذ هذا السيف فانطلق إليه ، فإن وجدته عندها فاقتله . فقلت : يا
رسول الله أكون في أمرك إذا أرسلتني كالسكة المحماة لا يثنيني شيء حتى أمضى لما
أرسلتني به ، أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ؟ قال : ( فذكره ) ، فأقبلت
متوشحا السيف فوجدته عندها فاخترطت السيف ، فلما أقبلت نحوه عرف أني أريده ،
فأتى نخلة فرقى فيها ، ثم رمى بنفسه على قفاه ، و شفر برجليه ، فإذا هو أجب
أمسح ، <1> ما له ما للرجال قليل و لا أكثر ، فأغمدت سيفي ، ثم أتيت النبي صلى
الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال : الحمد لله الذي يصرف عنا أهل البيت " .
و قال : " هذا غريب لا يعرف مسندا بهذا السياق إلا من حديث محمد بن إسحاق " .
قلت : و من هذا الوجه أخرجه البخاري في " التاريخ " و أبو عبد الله بن منده في
" معرفة الصحابة " ( 42 / 531 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 1 / 232 / 1 )
و الضياء في " المختارة " ( 1 / 247 ) و صرح البخاري و ابن منده بتحديث ابن
إسحاق ، فزالت شبهة تدليسه و سائر رجاله ثقات ، فهو إسناد متصل جيد . و روى
الخطيب في " التاريخ " ( 3 / 64 ) من هذا الوجه حديث الترجمة فقط دون القصة .
و قد وجدت له شاهدا يرويه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب و عقيل عن الزهري عن
أنس مرفوعا به . أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " ( 9 / 2 ) من طريق الطبراني
. و هذا إسناد لا بأس به في الشواهد . و القصة وحدها دون الحديث لها طريق أخرى
عند مسلم ( 8 / 119 ) و أحمد ( 3 / 281 ) من طريق ثابت عن أنس نحوه . و استدركه
الحاكم ( 4 / 39 ) على مسلم فوهم كما وهم بعض المعلقين على " المقاصد الحسنة "
في جزمه بأن حديث الترجمة من حديث أنس عند مسلم . و أخرجه الحاكم من حديث عائشة
أيضا و فيه أبو معاذ سليمان بن الأرقم الأنصاري و هو ضعيف جدا و سيأتي تخريجه
و بيان ما فيه من الزيادات المنكرة برقم ( 4964 ) من الكتاب الآخر .
قلت : و الحديث نص صريح في أن أهل البيت رضي الله عنهم يجوز فيهم ما يجوز في
غيرهم من المعاصي إلا من عصم الله تعالى ، فهو كقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة
في قصة الإفك : " يا عائشة ! فإنه قد بلغني عنك كذا و كذا ، فإن كنت بريئة
فسيبرئك الله و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله و توبي إليه .. " . أخرجه مسلم
. ففيهما رد قاطع على من ابتدع القول بعصمة زوجاته صلى الله عليه وسلم محتجا
بمثل قوله تعالى فيهن : *( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم
تطهيرا )* جاهلا أو متجاهلا أن الإرادة في الآية ليست الإرادة الكونية التي
تستلزم وقوع المراد و إنما هي الإرادة الشرعية المتضمنة للمحبة و الرضا و إلا
لكانت الآية حجة للشيعة في استدلالهم بها على عصمة أئمة أهل البيت و على رأسهم
علي رضي الله عنه ، و هذا مما غفل عنه ذلك المبتدع مع أنه يدعي أنه سلفي !
و لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رده على الشيعي الرافضي ( 2 / 117 ) :
" و أما آية التطهير فليس فيها إخبار بطهارة أهل البيت و ذهاب الرجس عنهم ، و
إنما فيها الأمر لهم بما يوجب طهارتهم و ذهب الرجس عنهم ، ... و مما يبين أن
هذا مما أمروا به لا مما أخبر بوقوعه ما ثبت في " الصحيح " أن النبي صلى الله
عليه وسلم أدرك الكساء على فاطمة و علي و حسن و حسين ثم قال : " اللهم هؤلاء
أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا " . رواه مسلم . ففيه دليل على أنه
لم يخبر بوقوع ذلك ، فإنه لو كان وقع لكان يثني على الله بوقوعه و يشكره على
ذلك لا يقتصر على مجرد الدعاء " .
------------------------------------------
[1] الأصل ( أشح ) . و التصويب من " المختارة " . اهـ .