بسم الله، الحمد لله، و الصلاة و السلام على رسول الله، و آله و صحبه و من والاه، أما بعد:
فأشارككم بقصيدتي هذه التي أعارض بها قصيدة حسان بن ثابت رضي الله عنه في رثاء نبينا محمد عليه الصلاة و السلام و التي يقول في مطلعها:
(بطيبة رسم للرسول و معهد *** منير و قد تعفو الرسوم و تهمد)

العسجد في حب أحمد

بِمَكَّـةَ آثارٌ لِأَحْمَـدَ تُـورَدُ *** بِهِـنَّ لقد هَـام المُحِـبُّ المُسَـهَّدُ
خَلِيلَـيَّ كُفَّـا عن مَلامِـيَ إنني *** قَتِيلٌ بِنارِ الشَّـوْقِ غُصْـنِيَ أَمْلَـدُ
في حُـبِّ أَحْمَـدَ قد نَثَـرْتُ لآلئي *** فَشَـدا بِتَهْيامِي الجَنانُ و مِـذْوَدُ
أَسْرَجْتُ خَيْلِي في المديح فَأَنْشَـدَتْ *** شِـعْري بِحـارٌ و الجبالُ و فَدْفَـدُ
و تجارتي مِقَـةُ النبي و صَـنْعَتي *** ثِقَـةٌ به فَتِجارتي لا تَكْسُـدُ
حتى أَنَخْـتُ مَطِيَّـتي عند الذي *** أَسَـرَ القلوبَ و بابُهُ لا يُوصَـدُ
هَلَّا قرأتمْ في حِـراءٍ سِـرَّهُ *** إذْ أُنْزِلَـتْ (اقرأ) و حانَ الموعدُ
لا تنسوُا الذكرى على جبل الصَّـفا *** إذْ قام يُنْـذِرُ قومَه كي يَرْشُـدوا
هَلَّا سألتمْ كعبةً عن أَوْحَـدٍ *** قدْ هدَّم الأصنام فهو مُوَحِّـدُ
فَبِـدينه نارُ اليقيـنِ تَضَـرَّمَتْ *** و الكفرُ معْ شكٍ تلاشى يَخْمُـدُ
يا من أَمَمْـتَ الأنبياء جميعَهم *** في ليلة الإسراء مجدٌ يَخْلُـدُ
و عَرَجْـتَ مُشْـتاقاً إلى ربِّ الورى *** بِمَعارجِ الإيمانِ قلبُـكَ يَصْـعَدُ
شُرِّفْتَ بالصلوات في أسمى سَـما *** فَسَـما اللقاءُ لَنِعْـمَ ربٌّ يُعْبَـدُ
و اخترتَ إذ خُيِّـرْتَ لُقْيا ربِّنا *** هل يستوي تُـرْبٌ و تِبْـرٌ مُتْلَـدُ
عَلَّمْتَنا أن نشتري ماسَ البَقا *** و الزهدَ في خَـزَفِ الفَنا إذْ يَنْفَـدُ
صِـنْوُ الخليلِ إمامُنا و شفيعُنا *** يومَ القيامة تحتَ عَـرْشٍ يَسْـجُدُ
فيقولُ سُـؤْلاً (أمتي) ذاك الرَّجا *** إذا قال (سَلْ تُعْـطَ) الكريمُ الأَجْـوَدُ
شمسُ الهدى قمر التُّقى عَلَمُ النقا *** بابُ الشفا نبعُ الوفا و مُسَـدَّدُ
إن الرسولَ لَقِبْلَـةٌ لِمكارمٍ *** عِقْـدٌ فريدٌ في المعالي عَسْـجَدُ
دينُ النبي كنخلةٍ أو سِـدرةٍ *** هيَ فـي السماءِ مكانُها لا تُعْضَـدُ
رَحَـلَ النبي و نورُهُ يبقى لنا *** سَـكَنَ الرسول قلوبَنا لا يُفْقَـدُ
الجذعُ حَـنَّ إلى الحبيبِ المصطفى *** بعضُ القلوبِ من الجفا هي جَلْمَـدُ
يا عـينُ هَلَّا تمطرين و أَغْـدِقي *** يا قلبُ هَلَّا بالجوى تَتَوَقَّـدُ
يا أمةَ الإسلامِ أين محمدٌ *** فَبِحُبِّـهِ أعمالنا هل تَشْـهَدُ
يا قومِ قوموا لاتباع نبينا *** فعن الرسول مُحِبُّـهُ لا يَبْعُـدُ
أَمحمدٌ تَفْـدِيكَ رُوحي و الغِنى *** ما ضَـرَّ مَـوْتي حين يحيا أَحْمَـدُ
يا لَيْتَني ألقى النبيَ و صحبَه *** في جنةِ الفِـرْدَوْسِ طاب المَقْعَـدُ
و قصيدتي تلك العَـروسُ أَزُفُّها *** لنبينا مَهْرُ الغرام زُمُـرُّدُ
ضَـمَّخْتُها بِطُيُـوبِ ذِكْـرِ محمدٍ *** فاحت شمائلُه فحبي سَـرْمَدُ
صلى عليك الله يا بحر الندى *** نجمٌ يضيءُ به الظلامُ يُبَـدَّدُ