هل تقوى رواية مجهول الحال بمثله؟
هل تقوى رواية مجهول الحال بمثله؟
وجاء في كتاب: الدرر في مسائل المصطلح والأثر: (صـ 33): وهو عبارة عن سؤالات الشيخ المأربي للشيخ الألباني:
السؤال: مسألة الاستشهاد بالمنقطع ومجهول العين؟
الجواب: كذلك تارة وتارة بالقرائن.
السؤال: يعني من الممكن أن يكون طريق منقطع وآخر منقطع، أو مجهول عين ومجهول عين؟
الجواب: نعم لكن لا يكونوا في طبقة واحدة؛ كي لا يكون المخرج واحدًا، والرجل واحدًا.
بارك الله فيك أبا البراء، وجزاكم خيرًا على هذا النقل النافع.
هل هناك كلام لأحد من أهل العلم المتقدمين أو المتأخرين يوافق هذا التفصيل الذي ذكره العلامة الألباني؟
وجدت ما يشير إلى ذلك هو ما قال الإمام النووي رحمه الله في الإرشاد (145/1) :
الحسن وفيه مسائل:
الأولى في حده، قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله: الحديث عند أهله ثلاثة أقسام. صحيح وحسن وضعيف فالحسن ما عرف مخرجه واشتهر رجاله وعليه مدار أكثر الحديث وهو الذي يقبله أكثر العلماء وتستعمله عامة الفقهاء هذا كلام الخطابي.
وقال أبو عيسى الترمذي: إنه يريد بالحسن أن لا يكون في إسناده من يتهم، ولا يكون حديثًا شاذًا، ويروي من غير وجه نحوه.
وقال بعض [أراد به ابن الجوزي، انظر: الموضوعات له 1/ 35.] المتأخرين: الحديث الذي فيه ضعف قريب محتمل هو الحسن ويصلح للعمل به.
قال الشيخ [مقدمة ابن الصلاح، ص 27.] رحمه الله: وكل هذا مستبهم. وقد اتضح لي من كلام الأئمة: أن الحسن قسمان.
أحدهما: أنه الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور [مجهول الحال] لم تتحقق أهليته، وليس مغفلًا كثير الخطأ، فيما يرويه، ولا ظهر منه تعمد الكذب في الحديث ولا سبب آخر مفسق، ويكون متن الحديث قد عرف بأن روى مثله أو نحوه من وجه آخر.)
ثم قال في [السادسة]:
إذا كان راوي الحديث متأخرًا عن درجة الحافظ الضابط وهو مشهور بالصدق والستر فروى حديثه من غير وجه فقد اجتمعت له القوة من الجهتين فيرتفع حديثه من درجة الحسن إلى درجة الصحيح، كحديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلوة.
فمحمد بن عمرو مشهور بالصدق والصيانة، وليس من أهل الاتقان فحديثه إذًا لم يتابع حسن. فلما روى حديثه هذا من أوجه أُخر انجبر عدم اتقانه فصار صحيحًا.
-قد يقال: نجد أحاديث محكومًا بضعفها مع أنها مروية من وجوه كثيرة كحديث الأذنان من الرأس وكراهة الماء المشمس فهلا انجبر بعضها ببعض فصارت حسانًا كما تقدم في حده. والجواب أنه ليس كل ضعف يزول بمجيء الحديث من وجوه، بل ما كان ضعفه لضعف حفظ راويه الصدوق الأمين زال بمجيئه من وجه آخر لدلالة ذلك على عدم اختلال ضبطه، وكذا إذا كان الضعف لكونه مرسلًا زال بمجيئه من وجه آخر إما مسندًا وإما مرسلًا كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى ووجهه ما ذكرناه).
والله أعلم.
......
أخى محمد
المجهول أو غير المجهول للتحقق من صحة أو عدم صحة الحديث .. قد يكون أمراً غاية فى الصعوبة ( وخاصة لمن لايملك الآلة فى البحث والفحص ) .
...
فلقد تم تدوين سنن وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عهد الخليفة الأموى عمر بن عبد العزيز رحمه الله
وقام الفقهاء وأئمة الدين بهذا التدوين طبقاً لمنهج علمى وتبعاً لأسس وأصول وقواعد .. أولها وأهمها :
أنها لم تكن مخالفة للتعاليم والأحكام فى كتاب الله .. ثم اعتراها ما اعتراها ..
..
إن أبواب العلم فى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لاتحصى ولاتستقصى من أراد السبيل إلى استقصائها لن يبلغ إلى ذلك وصولا
ومن رام الوصول إلى إحصائها فلن يجد إلى ذلك سبيلا .. فعلى حسب ما أُوتى المرء من العلم والفضل وما أوتى من الكمال والعقل سيقع له
اليقين والبيان .. فإن حرم الوصول فبسبب تضييعه للأصول .. يقول عز وجل :
{ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ }
......
قال الإمام الصَّنعاني في: توضيح الأفكار: (190/1):(أمَّا المجهول فليس يقوى حديثه بمتابعة مثله).
.
قلت "نبيل" : هذا هو الأصل عندهم. وهو غير الإستشهاد لأن الإستشهاد يرجع لمن اشتهر لا يروي إلا عن ثقة وهنا يكون الراوي الغير مجهول هو المقصود لديهم.
.
ورواية المجهول مردودة . مجهول العين منتفي نهاية .
.
ولكن الإستهشاد يجعله هو ويضمر من روى عنه ؟ فيكون شرطه كما هو معلوم الثقة وتعني الصلاح في هذا المجهول الذي روى عنه الثقات ولم يصلوا لترجمته من بعدهم ؟
وشرط هذا النوع هو أن يكون مات الراوي الثقة والحافظ ولم يروي عن غير هذا المجهول ؟ أي لم يكمن له طريق غير هذا الطريق ولم يكن نفس الطريق وأسقط المجهول وجاء بغيره وهو المحفوظ.
.
هكذا يكون عمل المحقق والمتابع للإسناد.
شرط الصلاح وشرط بموت الحافظ ولم يسقطه من سنده.
وهذا شرط أصول حديثي. ولهذا يصلح الإستشهاد ويصلح معنى المتابعة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «نزهة النظر» (ص130): «ومتى توبع السيء الحفظ بمعتبر؛ كأن يكون فوقه، أو مثله، لا دونه، وكذا المختلط الذي لم يتميز، والمستور، والإسناد المرسل، وكذا المدلَّس؛ إذا لم يُعرف المحذوف منه، صار حديثهم حسنًا، لا لذاته، بل وصفه بذلك باعتبار المجموع، من المتابع والمتابع؛ لأن كل واحد منهم احتمال أن تكون روايته صوابًا، أو غير صواب، على حد سواء، فإذا جاءت من المعتبرين رواية موافقة لأحدهم رجح أحد الجانبين من الاحتمالين المذكورين، ودل ذلك على أن الحديث محفوظ؛ فارتقى من درجة التوقف إلى درجة القبول»اهـ.
فبيَّن الحافظ رحمه الله أن المجاهيل إنما تُقبل أحاديثهم إذا توبعوا بمعتبر، وما سوى ذلك فلا تُقبل.