قال ابن القيم -رحمه الله- في مفتاح دار السعادة ، (1/ 189 - 190) : (وجعل حاسة البصر في مقدمه ؛ ليكون كالطليعة والحرس والكاشف للبدن ، وركب كل عيني من سبع طبقات ، لكل طبقة وصف مخصوص ، ومقدار مخصوص ، ومنفعة مخصوصة ، لو فُقدت طبقة من تلك السبع الطباق أو زالت عن هيئتها وموضعها لتعطلت العين عن الإبصار. ثم أَركز سبحانه داخل تلك الطبقات السبع خلقا عجيبا ، وهو إنسان العين ، بقدر العدسة ، يبصر به ما بين المشرق والمغرب والأرض والسماء ، وجعله من العين بمنزلة القلب من الإعضاء ، فهو مَلِكُها ، وتلك الطبقات والإجفان والأهداب خَدَمٌ له وحُجَّابٌ وحُرَّاس ، فتبارك الله أحسن الخالقين. فانظر كيف حسَّن شكل العينين وهيأتَهما ومقدارَهما ، ثم جمَّلهُما بالأجفان غِطاءً لهما وسِترا وحِفظًا وزينة ؛ فهما يَتَلَقَّيَان عن العين الأذى والقَذَى والغُبار، ويُكِـــنَّانِه ِمَا من البارد الْمُؤْذي والحارِّ المؤذي ، ثم غرس في أطراف تلك الأجفان الأهداب جمالا وزينة ، ولمنافعَ أخر وراء الجمال والزينة ، ثم أودعَهُما ذلك النور الباصر والضوء الباهر الذي يخرِقُما بين السماء والأرض ، ثم يخرق السماء مجاوزا لرؤية ما فوقها من الكواكب ، وقد أودع سبحانه هذا السرَّ العجيب في هذا المقدار الصغير بحيث تنطبع فيه صورة السموات مع اتساع أكنافها وتباعد أقطاوها).