تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: صفات الله -عز وجل

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي صفات الله -عز وجل

    صفات الله -عز وجل (1)


    د.أمير الحداد




    – لا يختلف عالمان على أن أشرف العلوم ما تعلق بالله -عز وجل-؛ ولذلك كان علم التوحيد أشرف العلوم.

    أسماء الله وصفاته، هذا العلم من دخله كان في جنة الدنيا، ومن تمكن من قلبه كان في روضة مقدسة، بهذا العلم يتعرف العبد على ربه، بأسمائه وصفاته، من أخلص فيه أورثه الله طمأنينة في الدنيا، وأمانا في البرزخ ونجاة يوم القيامة.

    – وما الفرق بين أسماء الله، وصفات الله -عز وجل-؟

    كنت وصاحبي في جلسة هادئة بانتظار آخرين في لقائنا الأسبوعي بعد صلاة عشاء يوم الثلاثاء.

    – أسماء الله الحسنى التي وردت في كتاب الله -عز وجل- وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، كل اسم يحمل منها صفة لله -عز وجل-، بمعنى أن كل اسم من الأسماء الحسنى يشتق منه صفة لله -عز وجل-، فهو -سبحانه- (السميع)، فمن صفاته السمع، سمع يليق بجلاله، يسمع كل شيء، وعلى سبيل المثال، يقال: «يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء»، فهو يسمع كل شيء، وسمعه يليق به -سبحانه-، لا يشبه ولا يقاس بسمع المخلوقات {ليس كمثله شيء}، وكذلك من أسمائه (الرحيم)، فمن صفاته الرحمة فهو -سبحانه- يتصف بالرحمة، رحمة تليق به -سبحانه-، لا تشبه رحمة المخلوقين؛ لأنه {ليس كمثله شيء}، ومن أسمائه (القوي)، فيشتق من ذلك أنه -سبحانه- يتصف بالقوة، قوة تليق به -سبحانه- لا تشبه قوة المخلوقين، وهكذا في كل اسم من الأسماء الحسنى، نشتق صفة لله -عز وجل- أما صفات الله -عز وجل- فلا نشتق منها أسماء له، مثلا من صفات الله -عز وجل-، {أنه يحيي الموتى}؛ فلا نشتق من ذلك اسم (المحيي) لله -عز وجل-، ومن صفات الله -سبحانه- أنه {يعز من يشاء ويذل من يشاء}، فلا نشتق من ذلك أسما لله بأنه (المعز) أو اسما آخر أنه (المذل)، ومن صفاته -سبحانه- أنه {بديع السموات والأرض}، (أي أبدع صنعهما)؛ فلا نشتق من هذه الصفة اسم (المبدع) لله -عز وجل-، وهكذا القاعدة الأولى: «كل اسم صحيح ثابت من الأسماء الحسنى يدل على صفة لله -عز وجل- وصفات الله -عز وجل- لا نشتق منها أسماء لله -عز وجل-».

    – جميل والقاعدة الثانية؟

    بدأ أهل الديوان بالتوافد.

    – لا أريدك أن تأخذ الأمر على أن هذه القواعد لها ترتيب معين القاعدة الثانية بعد الأولى، والثالثة بعد الثانية، ولكنها قواعد يجب الالتزام بها، حتى لا يقع المرء في محظور في هذا الباب العظيم من أبواب العقيدة.

    ابتسم وهز رأسه موافقا.

    – نعم أعلم ذلك، ولكن قصدت أن نكمل هذه القواعد.

    تابعت حديثي:

    – ومن القواعد الأساسية في صفات الله -عز وجل- أن نؤمن بالصفة كما جاءت، فلا نسلب الله صفة نسبها لنفسه -سبحانه وتعالى-، ولا نضيف صفة لله ينسبها هو -سبحانه- لنفسه، ونفهم الآيات التي وردت فيها صفات لله -عز وجل- كما فهمها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، يكفينا ما كفاهم، وقد كانوا أعلم منا، وأتقى منا، وكان معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنزل عليه الوحي من السماء ليعلمهم ما يحتاجون لمعرفته.

    – كلام جميل ومنطقي وسليم، وهل خالف في ذلك أحد؟

    – نعم، كثير من الطوائف ينفون عن الله صفات ذكرها لنفسه من باب تنزيه الله -عز وجل-، والله -عز وجل- يقول: {أأنتم أعلم أم الله}، و{والله يعلم وأنتم لا تعلمون}؛ وذلك أنهم استخدموا عقولهم، وحكموا فهمهم في صفات الله، فلما لم يستطيعوا فهمها، نفوها، ولو أنهم قالوا: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}، لقبلوا الحق واتبعوه، وهنا ينبغي الانتباه إلى قاعدة بديهية، وهي أن تشابه الألفاظ لا يقتضي اتحاد الصفات، فأنت تصف الأسد أنه قوي، والرجل أنه قوي، ولكن قوة الأسد، تختلف عن قوة الرجل، وتصف الغزال أنه سريع والرجل أنه سريع، ولا يقتضي تشابه السرعتين، وتصف الجمل أن له وجهاً، ولله المثل الأعلى، صفات الله -عز وجل- {ليس كمثله شيء}، لا تقاس على صفات المخلوقين، كما أن ذات الله لا تقاس على ذوات الخلق، كذلك صفاته -سبحانه-، وإن اتحدت الألفاظ، بل ومن أسمائه الحسنى -سبحانه- (العظيم)، ومن صفاته (العظمة)، (عظمة الله)، تليق به -سبحانه- وليس كعظمة المخلوقين، والفرق بين الصفة والصفة، كالفرق بين الذات والذات، تعالى الله -سبحانه- علوا كبيرا.

    كنت أحدث صاحبي بحماس وجدية ولم ألاحظ توافد معظم أفراد الديوان.

    – أراك تأخذ الموضوع بجدية.


    قالها مبتسما.

    – نعم قضية الأسماء والصفات من الأمور التي أستمتع بتعلمها وتعليمها، بل هي القضية الأولى التي تدور حولها القضايا الأخرى كافة في العقيدة، التي أرجو أن تكون سبب نجاتي عند لقاء ربي.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: صفات الله -عز وجل


    صفات الله -عز وجل (2)


    د.أمير الحداد




    كنا في طريق عودتنا إلى منازلنا مشيا؛ لقرب المسافة، فقد كان الديوان في الجهة الأخرى من الحي الذي نسكنه.
    – لنكمل حديثنا عن القواعد في صفات الله -عز جل.
    – أين كنا قبل انقطاع حديثنا؟
    – ذكرت أن صفات الله -عز وجل- تليق به -سبحانه- ولا تشبه شيئا من صفات المخلوقين وإن اتحد اللفظ أحيانا، فـ(العليم) في حق الله ليس كـ(العليم) في حق البشر، و(العظيم) في حق الله ليس كـ(العظيم) في حق المخلوقات، وأيضا ذكرت أن أسماء الله تدل على صفات الله -سبحانه-، فيمكن اشتقاق صفة من كل اسم من الأسماء الحسنى، أما صفات الله فلا يشتق منها أسماء لله -عز وجل-، مثل قول الله -تعالى-: {إن الله يفعل ما يريد} (الحج:14)، أو قوله -تعالى-: {ولكن الله يفعل ما يريد} (البقرة:253)، لا نشتق من هذه الصفة اسم (المريد) لله -عز وجل.

    أعجبني فهم صاحبي، وحفظه للموضوع.
    – أراك حفظت الموضوع من المرة الأولى.
    – نعم؛ فهو موضوع أثار اهتمامي، وكما قلت ليس هناك أشرف ولا أقدس من أن يتعلم المرء أسماء الله وصفاته، ويتعرف على ربه بطريقة صحيحة، فيعبده على بينة، ويدعوه على بصيرة، ويملأ قلبه باليقين تجاه الله -عز وجل.
    – أحسنت يا (أبا مهند)، لنكمل حديثنا حتى نبلغ منازلنا.
    – جميع صفات الله -عز وجل- لا يشركه فيها أحد ولا يشبهه فيها شيء: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (الشورى:11)، والحديث عن صفات الله -سبحانه- مثل الحديث عن ذات الله -عز وجل-، تنزيها وتقديسا وإيمانا ويقينا، ولا يحتاج المرء إلى علم الكلام ولا الفلسفة ولا المنطق ليعرف صفات الله كما يريد الله، ويؤمن بهذه الصفات كما يحب الله -عز وجل-؛ فقد أنزل القرآن على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وكان يتلوه على صحابته، وأغلبهم (أميّ) لا يقرأ ولا يكتب، وإنما يسمع ويفهم ويؤمن دون حاجة إلى فلسفة المتكلمين، ولا كلام المتفلسفين، فكان يقرأ عليهم -صلى الله عليه وسلم -: {الرحمن على العرش استوى} (طه:20)، ولم يسأله أحد عن المراد بهذه الآية، ولا عن معناها؛ لأنهم فهمهوها، ولو كانت بحاجة إلى بيان، لفعل ذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم -؛ لأن من مهماته أن يتلو ويعلم ويبين -صلى الله عليه وسلم – فما فعل شيئا من ذلك، وإنما فهم الجميع مراد الله وآمنوا بما أنزل من عند الله، وعندما أتى بعد عهد الصحابة، من أراد أن يغير مراد الله، ويتدخل في هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم – أجاب عليهم الإمام مالك بن أنس: «الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والسؤال عن ذلك بدعة والإيمان به واجب»، وكان -صلى الله عليه وسلم – يطرد عن مجلسه من يتحدث عن صفاته الله -عز وجل- بهواه.
    استوقفني صاحبي.
    – هل نستطيع أن نطبق قول الإمام مالك على جميع صفات الله -عز وجل؟
    – نعم في جميع الصفات الثابتة في القرآن أو السنة الصحيحة، نقول: إن «الصفة معلومة والكيفية مجهولة والسؤال عن ذلك بدعة والإيمان به واجب»، مثلا صفة المجيء الله -عز وجل- يوم القيامة، كما قال -سبحانه-: {وجاء ربك والملك صفا صفا} (الفجر:22)، نقول: «المجيء معلوم والكيفية مجهولة، والسؤال عنه بدعة والإيمان به واجب»، وهكذا في جميع الصفات، لا نقول (كيف؟)، «كيف استوى على العرش؟»، «كيف ينزل ربنا كل ليلة؟»، «كيف يكون لله يد؟»، «كيف يسمع ربنا؟» «كيف يرى ربنا؟» «كيف يكون لله وجه؟»، «كيف يحب ربنا؟»، «كيف يغضب ربنا؟»، وهكذا لا نسأل (كيف) في الصفات تسلم!
    – قاعدة جميلة ومنطقية، فقد أمر الله الجميع أن يؤمنوا بما أنزل في كتابه، ولا شك أن في الناس من لا يعرف شيئا عن الفلسفة، ولا عن علم الكلام، فلا يمكن أن يتوقف معرفة صفات الله -عز وجل- على العلماء والمتخصصين، وماذا بعد من قواعد؟



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •