الدلائل الخمسون على عظم قدر النبي صلى الله عليه وسلم


ماجد سليمان الرسي


لقد أنعم الله على نبينا محمد [ بنعم عظيمة، حتى صار أعظم الناس قدرا، والدلائل على عِـظم قدر النبي محمد [ خمسون، نكتفي في هذه الحلقة بذكر خمسة عشرة منها، وهذا أوان الشروع في ذكرها:

1. اصطفاء الله واختياره له ليقوم بأعباء الرسالة من بين سائر الناس: {الله أعلم حيث يجعل رسالته}.
2. أن الله تعالى جمع له بين النبوة والرسالة، والنبي هو الذي أوحى الله إليه، وعمل بشريعة رسول قبله بين قوم مؤمنين، بينما الرسول هو الذي ينبئه الله بشرع، ثم يأمره بتبليغه إلى قوم كافرين.
3. أنه من أولي العزم من الرسل، وأولو العزم من الرسل هم‏ محمد وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح وغيرهم، عليهم الصلاة والسلام، وقد ذكرهم الله تعالى في موضعين من القرآن، في سورة الأحزاب وفي سورة الشورى، في قوله: {‏وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ}، وكذا في قوله: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}.
4. ما اختصه الله به من آيات تفوق تلك التي آتاها الله غيره من الأنبياء، وآمن عليها أكثر ما آمن عليه البشر، وأعظمها القرآن الكريم، ومن المعلوم أن آيات الأنبياء انتهت بموتهم، أما القرآن فآية خالدة.
5. أن الله أنزل عليه أحسن كتبه وهو القرآن العظيم: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني}، كما أوحى إليه السنة التي هي أحسن الشرائع وأكملها وأيسرها، والسنة وحي من الله، وهي المشار إليها بالحكمة في قوله تعالى: {ويعلمهم الكتاب والحكمة}، قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية:
«والحكمة: يعني السنة، قاله الحسن وقتادة ومقاتل بن حيان وأبو مالك وغيرهم، وقيل الفهم في الدين، ولا منافاة».
6. ومن دلائل عظمته [ كون الله أتم به بنيان الأنبياء؛ ولهذا سمي بخاتم الأنبياء، فعن جابر رضي الله عنه قال: قال النبي [: إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا، فأحسنه وجمله إلا موضع لبنة من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون به، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين».
7. أن الله تعالى فضله على جميع الخلق أولهم وآخرهم، الأنبياء وغيرهم، فهو إمامهم وسيدهم، كما قال [: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة»، وأنه أتقى الناس وأعلمهم بالله تعالى، كما قال [ لصحابته: «أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له».
8. ومن دلائل عظم قدره [ أن الله تعالى اتخذه خليلاً، والخلة أعلى درجات المحبة، كما قال [: «وقد اتخذ الله عز وجل صاحبكم خليلا».
9. ما اختصه الله به من حادثة الإسراء والمعراج، وتكليمه فوق السموات، قال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير}، وقد جاء ذكر حادثة الإسراء والمعراج في حديث طويل رواه البخاري ومسلم.
10. أن الله تعالى جمع فيه – أي النبي محمد [ - ما تفرق في غيره من الأنبياء، وهو الخلة والكلام والنبوة والرسالة، والخلة هي أعظم المحبة، فهو خليل الله، والله خليله، وهو يشترك في هذا مع إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وكذلك الكلام؛ فقد كلمه الله كفاحا يوم عُرِج به إلى السماء وفرض عليه الصلوات الخمس.
كذلك فقد وصفه الله بالنبوة والرسالة في آيات كثيرة، كقوله تعالى: {يأيها النبي بلغ ما أنزل إليك من ربك}، وقوله: {وأرسلناك للناس رسولا}.
ولم تجتمع هذه الصفات الأربع في نبي قط إلا في نبينا محمد [.
11. أن الله جعله قدوة للناس ومثالا أعلى [: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}.
12. ومن دلائل عظم قدره [؛ حادثة شق صدره، واستخراج حظ الشيطان منه، وقد حصلت للنبي [ مرتين، الأولى وهو غلام قبل البعثة، والثانية قبيل العروج إلى السماء.
13. أن الله أرسله للناس كافة، إنسهم وجنهم، بينما أرسل غيره من إخوانه الأنبياء إلى أقوامهم خاصة، قال تعالى: {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً}، {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، وقال [: «بعثت إلى الأحمر والأسود».
14. أن الله تعالى أثنى على عِـظم خُـلُقه فقال: {وإنك لعلى خلق عظيم}.
15. أنّ الله رفع ذِكره رَفعا عظيما، قال تعالى: {ورفعنا لك ذكرك}(14)، فجعل اسمه جزءا من شهادة التوحيد: «أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله»، ولا يذكر الله تعالى إلا وذكر معه النبي [، في الأذان والإقامة والخطب وفي الصلاة – في التشهد والتحيات - وكثير من الأذكار والأدعية، فذكر النبي [ يدوي في كل مكان من الأرض، وليس بشر في الدنيا يُذكر ويُـثنى عليه كما يذكر النبي [ ويثنى عليه.
فذكره [ دائم لا ينقطع، فمنارات المساجد تهتف بذكره كل يوم خمس مرات في نداء الأذان والإقامة، كما قال الأول:

ألم تر أن الله أخلد ذكره

إذا قال في الخمس المؤذن أشهد

وشق له من اسمه ليجله
فذو العرش محمود وهذا محمد.