"هدايات الكتاب العزيز"
"الهداية القرآنية هي: ثمرة فهم المعنى".
كتبه/ عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.
للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +996500906424
{وَلَقَد جِئتُمونا فُرَادَى كَما خَلَقناكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكتُم ما خَوَّلناكُم وَراءَ ظُهورِكُم وَما نَرى مَعَكُم شُفَعاءَكُمُ الَّذينَ زَعَمتُم أَنَّهُم فيكُم شُرَكاءُ لَقَد تَقَطَّعَ بَينَكُم وَضَلَّ عَنكُم ما كُنتُم تَزعُمونَ} [الأنعام: 94]:
١- تفيد: التأكيد على الإيمان باليوم الآخر، والبعث بعد الموت؛ لقوله: {وَلَقَد جِئتُمونا}، فأكَّد بثلاث مؤكدات: الأول: لام القسم في "لقد"؛ يعني: والله لقد. الثاني: "قد" الدالة التحقيق. الثالث: حديثه عن المستقبل بصيغة الماضي؛ لقوله: {جِئتُمونا}؛ فعبر عنه بالماضي لأنه واقع لا محالة.
٢- تفيد: أن الإنسان يبعث يوم القيامة فريدا وحيدا لا شيء معه؛ لقوله: {فُرَادَى}، وتصديقه: ﴿وَكُلُّهُم آتيهِ يَومَ القِيامَةِ فَردًا﴾ [مريم: 95]؛ لا ناصر له ولا مال.
٤- فيها: إشارة إلى هول المحشر وشدته؛ لقوله: {كَما خَلَقناكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ} عراةً غرلا؛ فلو كان يشغلهم ذلك، لسترهم ربهم؛ لأن الله حيي كريم، يحب الستر والتستر؛ فدل على أن الأمر شديد؛ وفي الحديث: "الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض". رواه مسلم.
٥- فيها: تذكير بفقر الإنسان، وأن ما يملكه طارئ ودخيل عليه؛ لقوله: {كَما خَلَقناكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ}: بلا مال؛ فالأصل أنه معدوم؛ وتصديقة: ﴿ذَرني وَمَن خَلَقتُ وَحيدًا﴾ [المدثر: 11]: يعني: اتركني - أيها الرسول - ومن خلقته وحيدًا في بطن أمه دون مال أو ولد.
٦- فيها: أن المال يفنى، ولا يبقى منه إلا ما ابتغي به وجه الله؛ لقوله: {وَتَرَكتُم مَا خَوَّلناكُم}؛ تركتموه كليا وليس معكم منه شيء؛ وفي الحديث: "وهل لك، يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت". رواه مسلم.
٧- فيها: تعظيم الله؛ لقوله: {خَوَّلناكُم}، والجمع للتعظيم، والنون للعظمة.
٨- فيها: أن المال مال الله، وأنه - سبحانه - المعطي على الحقيقة؛ لقوله: {خَوَّلناكُم}، أي أعطيناكم. وعليه: فليس لعبد أن يحسد أخاه بحال.
٩- تفيد: تعييرا للمشركين القائلين: ﴿نَحنُ أَكثَرُ أَموالًا وَأَولادًا وَما نَحنُ بِمُعَذَّبينَ﴾ [سبأ: 35].
قال الطبري في قوله تعالى: {وَتَرَكتُم ما خَوَّلناكُم وَراءَ ظُهورِكُم}: وهذا تعيير من الله جل ثناؤه لهؤلاء المشركين بمباهاتهم التي كانوا يتباهون بها في الدنيا بأموالهم.
١٠- فيها: أن الله يرى ويبصر، لقوله: {وَما نَرى مَعَكُم شُفَعاءَكُم}، وتصديقه: ﴿أَلَم يَعلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرى﴾ [العلق: 14].
١١- تفيد: الكف عن الشرك وتعظيم غير الله، واتخاذ الوسائط والأولياء والشفعاء من دون الله؛ قال ابن عطية في المحرر: وقوله تعالى: {وَما نَرى مَعَكُم شُفَعاءَكُمُ} الآية، توقيف على الخطأ في عبادة الأصنام وتعظيمها.
١٢- فيها: توبيخ وتقريع لمن أشرك مع الله، بأن هذا الشريك سيتبرأ من تابعه ويتخلى عنه يوم القيامة؛ لقوله: {وَما نَرى مَعَكُم شُفَعاءَكُمُ الَّذينَ زَعَمتُم أَنَّهُم فيكُم شُرَكاء}؛ وتصديقه: ﴿إِذ تَبَرَّأَ الَّذينَ اتُّبِعوا مِنَ الَّذينَ اتَّبَعوا وَرَأَوُا العَذابَ وَتَقَطَّعَت بِهِمُ الأَسبابُ﴾ [البقرة: 166].
١٣- تفيد: أن الله لا يتخلى عن عبده الموحد يوم القيامة؛ كما تخلت هذه المعبودات عن أتباعهم؛ لقوله: {لَقَد تَقَطَّعَ بَينَكُم}: بسبب الشرك.
فعلى العبد أن يحسن الظن بربه؛ قال الله: ﴿وَكانَ يَومًا عَلَى الكافِرينَ عَسيرًا﴾ [الفرقان: 26]، ولم يقل على المؤمنين.
١٤- تفيد: أن الله لا يغيب عن عباده؛ لقوله: {وَضَلَّ عَنكُم}: أي غاب عنكم؛ ومفهومه: أن الله لا يغيب عن أحد؛ قال الله: ﴿وَهُوَ مَعَكُم أَينَ ما كُنتُم وَاللَّهُ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ﴾ [الحديد: 4].
١٥- تفيد: أن دين الكفار زعم وافتراض لا حقيقة له؛ لقوله: {زَعَمتُم}، و {تَزعُمونَ}؛ فلا تجد كافرا إلا ويزعم ويكذب ويفترض في دينه.