هل الديموقراطية والعلمانية تقبلُ الدين والتدين ؟!
الْجَوَابُ بِاخْتِصَار :
أن العلمانية تستعمل الأديان لتحقيق مصالح"النخبة" المتسلطة ، التي تمتلك القوة والمال والإعلام والقانون والسلطة .
بمعنى أن "النخبة المسيطرة" تستثمر في الدين ، كما تستثمرُ في أي قطاع اقتصادي ، ثم تلغي المشروع أو تبيعه أو تغيرهُ إذا تعارض حكمٌ من أحكام الدين مع "مصالح" مستجدة !!!
فإنَّ الديموقراطية ، بواسطة آلتها القانونية والإعلامية الضخمة ، "َتَخلُقُ" –ومن الفراغ – جمهوراً من المرتزقة يُطالبونَ بــــ "إلغاء" ذلك الحكم الشرعي الذي لم يعد يُناسبُ مصالحها ، وهكذا ، يَخْرُجُ من الظلام "شاذٌّ" من الشواذ ، يطالبُ بحرية الشواذ ، وبمساواة الشواذَّ مع الناس الطبيعيين ! ثم لا تلبَثُ الآلاتُ الإعلامية الكاذبة الخاطئة ،أن تستضيفه ، ثم تقرعُ رؤوس الناس آناء الليل وأطراف النهار وعلى مدار سِنِينَ ، في البرامج التافهة ، التي تبدأ أول ما تبدأ بطرح الإشكال على نحو سؤال بريء ، كسؤال : هل الشاذُّ إنسان طبيعي !!!
ومع ما في هذا السؤال السخيف من التناقض ، فإن كثيرا من الناس لا ينتبهون ، وتأخذهم الحَمِيَّة ، ويجيبون بلا أو يغضب أحدهم ، ولا ينتبه إلى أن السؤال مدسوس وفاسدٌ من أساسه ، فإن كل ما هو طبيعي لا يكون شاذا ، لأنَّ الشذوذ خروج عن الطبيعة ! غيرَ أن الذي ينبغي أن يُفْطَنَ إليه أول مرة : هو أن هذا السؤال ما كان ينبغي أن يُطرح أصلا !!
ولا تزال وسائل الإعلام الفاجرة تقرع رؤوس الناس بهذا الوحي الشيطاني حتى يَظْهَرَ إلى السطح جمهور من الشواذ ، ثم على مدى السنين ، وبغسيل الأدمغة المستمر ، يتعاطفُ معهم السفهاء والسفلة والجهلة واللامبالين ، فَيُرْفَعُ الموضوع إلى مجالس التشريع التي تَخْرُجُ بقانون يبيحُ الشذوذ ، ويعتبرُ ذلك ممارسة شخصية ، ويصيرُ إنكارُ ذلك جريمة !
وبهذا تتقلَّصُ رُقْعَةُ الدين ، يوما بعد يومٍ في المجتمع، ليَحْتلَّها الدينُ العلماني ، فيُحَرَّمُ الإنكار على الشواذ ، ثم يُجَرَّم ، ثم يوصفُ ذلك بالعنصرية والإرهاب النفسي ، وبالرُّهاب ، وبما شئت من الأوصاف والكلمات التي تبرعُ في صياغتها و خُبْثِ توظيفها شياطينُ الإعلام !
وقلْ هذا في الحجاب ، والنقاب ، والمظاهر الإسلامية ، والزواج والطلاق ، والأطعمة والأشربة ، والكُتب ، والدراسات والعلوم وألأعياد وغيرها من الشعائر الدينية.
فإن العلمانية لا تتردَّدُ أبدا – إذا حانت الظروف - في سَحْبِ البساط من تحت الدين في كل جزئية من جزئيات الشريعة ، واستبدالها بأحكام الدين العلماني عبرَ خطوات شيطانية طويلة ومتوسطة الأمد لا يكاد يشعر بها أحد، حتى تُنْقَضَ كل عُرى الدِّين عُروة عروة ، وتمضي الأجيال ، فلا يشعرُ الجيل الحالي بشيءٍ مما مورسَ عليه من البغاء الإعلامي والتربوي والسياسي والفني والتشريعي حتَّى صارَ يَتَقَبَّلُ أنَّ الدين لا يزالُ غضا طريا ، وأنَّ من العقائد الدينية أن الإنسان الشاذَّ إنسان طبيعي ، وأن العري حرية شخصية ، لكنَّ الحجابَ تضييقٌ وتزمت ، والزواج تقييدٌ لحرية المرأة ، والعهر حرية وتفَتُّح ...
غيرَ أنَّ العجبَ الأكبر ، هو أنْ تجد شخصا – مغسولَ الدماغ - منتسبا إلى الإسلام و المسلمين يُصَدَّقُ أن العلمانية تَقْبَلُ الدين ولا تمنعُ التدين !!
فنعيدُ ونكرر :
العلمانية لا تقبلُ الدين ، ولكنها تستثمرُ فيه من أجل إبطال ما بقيَ من أحكامه وآدابه ، عبر الخطوات الآتية :
- 1-خلقُ " الظاهرة اللادينية " المضادة للدين : كالشذوذ مثلا .
- 2-رفعُ " الظاهرة اللادينية " إلى وسائل الإعلام .
- 3- إغراق المجتمع بالحديث عن " الظاهرة اللادينية " ، بمختلف الوسائل : المقروءة والمسموعة وصفحات التواصل الإجتماعي ، مع مراعاة التدرج .
- 4- خلق جمهور يتبنى " الظاهرة اللادينية " .
- 5- التحريض على المظاهرات للمطالبة بتقنين الظاهرة ، وإصدار التشريعات التي تحمي أصحابها .
- 6- تشريع القوانين لصالح الظاهرة اللادينية .
وبهذا يرجعُ الدين إلى الوراء في انتظار ضربات علمانية جديدة ! والله المستعان .