قال الشيخ صالح ال الشيخ - أن قوله جل وعلا (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) فيها عموم يشمل أنواع الشرك جميعا، وهذه لا تُغفر، فيكون ذلك موجبا للخوف من الشرك، وإذا وقع وحصل الشرك في القلب، فإن العبد يطلب معرفة أنواعه حتى لا يشرك، ومعرفة أصنافه وأفراده حتى لا يقع فيها، وحتى يحذّر أحبابه ومن حوله منها.
لذلك كان أحب الخلق أو أحب الناس وخير الناس للناس من يحذِّرهم من هذا الأمر، ولو لم يشعروا ولو لم يعقلوا، قال جل وعلا ?كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ؛ لأنهم يدلُّون الخلق على ما ينجيهم, فالذي يحب للخلق النجاة هو الذي يحذِّرهم من الشرك بأنواعه، ويدعوهم إلى التوحيد بأنواعه؛ لأن هذا أعظم ما يُدعى إليه.
ولهذا لمّا حصل من بعض القرى في زمن إمام الدعوة تردد، وشك، ورجوع عن مناصرة الدعوة، وفهم ما جاء به الشيخ رحمه الله تعالى، وكتبوا للشيخ، وغلظوا، وقالوا: إنَّ ما جئت به ليس بصحيح وأنّك تريد كذا وكذا، قال في آخرها بعد أن شرح التوحيد وضده ورغّب ورهب, قال في آخرها رحمه الله: ولو كنتم تعقلون حقيقة ما دعوتكم إليه لكنتُ أغلى عندكم من آبائكم وأمهاتكم وأبنائكم ولكنكم قوم لا تعقلون.
وهذا صحيح، ولكن لا يعقله إلاَّ من عرف حق الله جل وعلا ..........
فالذي تميزت به هذه الدعوة؛ دعوة الإمام المصلح رحمه الله أنَّ الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلاَّ الله دعوة ليست إجمالية، أمَّا الإجمال فيدعوا إليه كثيرون؛ نهتم بالتوحيد ونبرأ من الشرك؛ لكن لا يذكرون تفاصيل ذلك، والذي ذكره الإمام رحمه الله في بعض رسائله أنه لما عَرَضَ هذا الأمر يعني الدعوة إلى التوحيد عرضه على علماء الأمصار قال: وافقوني على ما قلت وخالفوني في مسألتين في مسألة التكفير وفي مسألة القتال. وهاتان المسألتان سبب المخالفة مخالفة أولئك العلماء فيها أنهما فرعان ومتفرعتان عن البيان والدعوة إلى أفراد التوحيد والنهي عن أفراد الشرك.
إذن الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلاَّ الله هو الدعاء إلى ما دلَّت عليه من التوحيد، والدعاء إلى ما دلَّت عليه من نفي الشريك في العبادة وفي الربوبية وفي الأسماء والصفات عن الله جل وعلا.
وهذه الدعوة دعوة تفصيلية لا إجمالية، ولهذا فصَّل الإمام رحمه الله أنواع التوحيد وأفراد توحيد العبادة، وفصَّل الشرك الأكبر والأصغر وبين أفرادا من ذا وذاك.[كفاية المستزيد]