(انظر الْـمَعَانِي اللُّغَوِيَّة في : (لسان العرب 15/321)).
النساء اسم يدل على معان ، منها : (السَّكَنُ ، وَالْـمَوَدَةُ ، وَالرَّحْمَةُ) ، فإذا كان ترابُطُ ، وَوَحْدة الجماعة على التوحيد ، والإيمان ، والطَّاعة (أساسَ) رحمتِها وَصلاحِها ، فَالنساءُ ، وَاْلأَرْحامُ سببُ الْـمُصَاهَرةِ ، والتعارفِ ، والتقاربِ ، وَالِاجْتِمَاعِ عَادَةً ، قال ابن عاشور -رَحِمَهُ اللهُ-: (لَـمَّا تَقَرَّرَ أَمْرُ الْكِتَابُ الْـجَامِعُ ، وَهُوَ الطَّرِيقُ ، وثَبَتَ الْأَسَاسُ الْـحَامِلُ ، وَهُوَ التَّوْحِيدِ ، احْتِيجَ إِلَى الِاجْتِمَاعِ عَلَى ذَلِكَ ، فَجَاءَتْ هَذِهِ السُّورَةُ دَاعِيَةً إِلَى الِاجْتِمَاعِ ، وَالتَّوَاصُلِ ، وَالتَّعَاطُفِ ، وَالتَّرَاحُمِ ، فَابْتُدِأَتْ بِالنِّدَاءِ الْعَامِّ لِكُلِّ النَّاسِ) نظم الدرر 4/171-.
* (
يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمۡ وَيَهۡدِيَكُمۡ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَيَتُوبَ عَلَيۡكُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ ٢٦ وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡكُمۡ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيۡلًا عَظِيمٗا ٢٧ يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمۡۚ وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ ضَعِيفٗا ٢٨) -النساء-.
فَـ (شَرْعُ اللهِ فَقَطْ هُوَ الَّذِي يُحَقِّقُ الْعَدْلَ ، وَالرَّحْمَةَ لِلْفَرْدِ وَالْـمُجْتَمَع ِ (176)) –عون الكريم الشيخ محمد عبد الهادي المصري 8- ، فقررت السورةُ رحمة ذلك المجتمع التقي الآخذِ بشرع ربِّهِ ، فبيَّن الله تعالى وقرر في السورة الكريمة رحمةَ تلك الجماعةِ المؤمنةِ الموحدةِ في صورةِ الفرد ، وفي صُورَةِ الْجَمَاعَةِ سواءٌ كانت هي البيتَ ، أوالوطنَ ، أوالأمةَ ، وبالأخصِّ (الضعفاءَ ، والمستضعفينَ) ، وأخصَّ (النساءَ) ، فقد كانت المجتمعات الجاهلية المشركة تقوم على الجور ، والتَّعدي على الْحُقُوقِ خاصة حقوقَ الضعفاء ، وأخصَّ النساءَ ، فجاءت السورةُ الكريمةُ بالتشريعات الْـمُنْصِفَةِ للنِّساء ، والقرابات ، واليتامى ، وكل ضعيف ، فالمجتمعاتُ المؤمنةُ الموحدةُ لا يضيعُ فيها حقُّ الضعفاءِ : (9 - 10) ، (13 14) ، (6 18) ، (34) ، (97 - 99) ، (176).
* (وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةٗۚ فَإِن طِبۡنَ لَكُمۡ عَن شَيۡءٖ مِّنۡهُ نَفۡسٗا فَكُلُوهُ هَنِيٓ*ٔٗا مَّرِيٓ*ٔٗا ٤) -النساء-.
* (ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡۚ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٞ لِّلۡغَيۡبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُۚ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِي ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنۡ أَطَعۡنَكُمۡ فَلَا تَبۡغُواْ عَلَيۡهِنَّ سَبِيلًاۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّٗا كَبِيرٗا ٣٤) -النساء-.
ومن رحمته تعالى أنه لم يؤاخذِ الضعفاءَ والْـمُسْتَضْعَ فِينَ من الرِّجال ، والنِّسَاءِ ، وَالْوِلْدَانِ
بالعقوبة والإهلاك في الدنيا ، وبالعذاب في الآخرة ، بل أدخلهم في العفو والمغفرة ، وفي ذلك ما فيه من سماحةِ الشريعة ، ورحمتِها الشاملةِ لأهل الإيمان ، خاصةً عند الِاسْتضعاف ، والوقوعِ في حكم الظالمين كُرها لِعدم استطاعتهم الخروجَ والهجرةَ منه ، كما جاء في السورة الكريمة الإنكارُ على من لم يهاجرْ مع الاستطاعة ، وبيانُ عقوبته : (97 – 100) ؛ لأن المشاركة في إقرارِ عُنصرِ الرحمةِ في المجتمع المؤمن واجبٌ على كُلِّ أفراده ، فَمَنْ قَصَّر فيه وآثر سلامته هو –على ظَنِّه- ، دون النظر إلى الغاية الأكبرِ والأشملِ ، اسْتحق العقوبةَ ، وَقَرَّرَتْ رحمةَ اللهِ تَعَالَى ، وَمَغْفِرَتَهُ ، ورحمتَه ، وعفوَه عَنِ الْـجُرْمِ السَّابِقِ ، وَالتَّعَدِّي السَّالف ولو كان شِرْكًا ، طَالَـمَا أَنَّ الإنسانَ أخذ بأسباب المغفرةِ ، وَ الرحمة ، والعفوِ ، مِنَ (التَّوْبَةِ ، وَالتَّوْحِيدِ بَعْدَ الشِّرْكِ ، وَالْإِيمَانِ بَعْدَ النِّفَاقِ وَالْكُفْرِ ، وَالطَّاعَةِ بَعْدَ الْـمَعْصِيَةِ وَالذَّنْبِ) : (16 – 18).
* (إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ قَالُواْ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوٓاْ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۚ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا ٩٧ إِلَّا ٱلۡمُسۡتَضۡعَفِ ينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ لَا يَسۡتَطِيعُونَ حِيلَةٗ وَلَا يَهۡتَدُونَ سَبِيلٗا٩٨ فَأُوْلَٰٓئِكَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَعۡفُوَ عَنۡهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَفُوًّا غَفُورٗا ٩٩) -النساء-.
* (
وَٱلَّذَانِ يَأۡتِيَٰنِهَا مِنكُمۡ فَ*َٔاذُوهُمَاۖ فَإِن تَابَا وَأَصۡلَحَا فَأَعۡرِضُواْ عَنۡهُمَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّابٗا رَّحِيمًا ١٦ إِنَّمَا ٱلتَّوۡبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٖ فَأُوْلَٰٓئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ
عَلَيۡهِمۡۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا ١٧...) -النساء-.