سُئلَ شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (عن قومٍ مُسلمينَ مُجاورِي النصارَى: فهل يجوزُ للمسلمِ إذا مَرِضَ النصرانيُّ أن يَعُودَهُ؟ وإذا ماتَ أن يَتْبَعَ جنازتهُ؟
وهل على مَن فَعَلَ ذلكَ من المسلمينَ وِزْرٌ أم لا؟.
فأجابَ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، لا يَتبَعُ جنازتهُ.
وأمَّا عيادتُهُ فلا بأسَ بها، فإنهُ قد يكُونُ في ذلكَ مصلحةٌ لتأليفهِ على الإسلامِ، فإذا ماتَ كافراً فقد وجَبَتْ لهُ النَّارُ، ولهذا لا يُصلَّى عليهِ، واللهُ أعلمُ)[1].
وقالت اللجنة الدائمة للإفتاء: (لا يجوزُ للمسلم تشييع جنازة النصراني ولا غيره من الكفرة، ولا حضور دفنه، لأن الله حرَّمَ موالاة الكفار، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [ المائدة: 51]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 84]، فدلَّ ذلك على أن الحكم يَعمُّ جميع الكفرة، من اليهود، والنصارى، والمجوس، والوثنيين، والمنافقين، وتشييع جنائزهم من موالاتهم)[2].
وقالت أيضاً: (لا يجوز للمسلم أن يُشيِّعَ جنازةَ الكافرِ ويحضر دفنها، لأنَّ الله سبحانه نهانا عن موالاةِ الكفار)[3].
وَ(الصلاةُ على الكافرِ والدُّعاء له بالمغفرةِ والرَّحمةِ حَرامٌ بنصِّ القرآنِ والإجماعِ)[4].
قال تعالى: ﴿ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 84].
قال القرطبي: (قال علماؤنا: هذا نصٌّ في الامتناع من الصلاةِ على الكُفَّارِ)[5].
وقال تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [التوبة: 113].
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: (زارَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قبرَ أُمِّهِ فبكَى وأبكَى مَنْ حولَهُ، فقال: استأذنتُ ربِّي في أنْ أستغفرَ لها فلَم يُؤذن لي، واستأذنتهُ في أنْ أزورَ قبرَها فأذنَ لي، فزُورُوا القبُورَ فإنهَا تُذكِّرُ الموتَ)[6].
والله تعالى أعلم، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وآله وصحبه.
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ
[1] مجموع الفتاوى 24 /265.
[2] فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 7 /395 فتوى رقم 18795 من المجموعة الثانية. برئاسة شيخنا ابن باز رحمه الله.
[3] المصدر السابق 7 /411 فتوى رقم 19584 من المجموعة الثانية . برئاسة شيخنا ابن باز.
[4] المجموع 5 /87.
[5] تفسير القرطبي 8 /221.
[6] رواه مسلم 2 /671 ح105-976 (بابُ استئذانِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ربَّهُ عزَّ وجلَّ في زيارةِ قبرِ أُمِّهِ).

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/131345/#ixzz5Zm0PmdRM