وقفات مع الكاتبة نورة بنت عبد العزيز الخريجي
للشيخ الدكتور عبد الرحمن بن صالح محي الدين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد
فقد طالعتنا جريدة الوطن بعددها 2817 وتاريخ 12 / 6 / 1429 هـ يوم الأثنين الموافق 16 / يونيو/ 2008 م بمقال للكاتبة نورة بنت عبد العزيز الخريجي تحت عنوان ( ما نتمناه لإمامة المسجد النبوي الشريف ) وحملت فيه الكاتبة حملة عشواء على فضيلة الدكتور حسين بن عبد العزيز آل الشيخ إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف هذه الحملة من هذه الكاتبة هداها الله وصمت فيها الشيخ ( بأنه يخيل إليه أنه عجمي ) ( لا يفصح بعض الحروف لعيب خلقي في حنجرته ) ( النحنحة والسعال ) إلى غير ذلك من أسلوب الاستعلاء وكأنها مهيمنة على العباد وكأن الله جعلها رقيباً على ذلك ولي معها وقفات :
الأولى : هذا الأسلوب والعمل هكذا على صفحات الجرائد ليس أسلوب الناصح الأمين لا سيما وأن هذا الإمام نصبه ولي الأمر في هذه البلاد حفظه الله ورعاه فكأنما تشنع على ولي الأمر في تعيينه وتعترض بشدة على ولي الأمر علانية ، وهذا أسلوب الخوارج في التشنيع على ولاة الأمور علانية وهو خروج بالكلمة ، والنصيحة بصفة عامة لا تكون إلا في السر لا تكون إلا في السر لا تكون علانية وإلا فهي فضيحة ، ورحم الله الإمام الشافعي فقد ورد أنه قال :
تعمدني بنصحك في انفراد ** وجنبني النصيحة في الجماعة
فان النصح بين الناس نوع ** من التوبيخ لا أرضى سماعه
فإن خالفتني وعصيت أمري ** فلا تجزع إذا لم تعط طاعة
فما بالك بولي الأمر الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : من أهان السلطان أهانه الله ، وقوله من يطع الأمير فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله ومن يعص الأمير فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله ، النصيحة يا أمة يا أيتها النورة هداك الله لا يغل عليها قلب المؤمن فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ثلاث لا يغل عليها قلب المؤمن إخلاص العمل لله والنصيحة لولي الأمر ولزوم جماعة المسجد فإن دعوتهم تحيط بمن ولاتهم ، فعملك هذا يا أختاه عمل الخوارج يجب أن تقلعي عنه وتتوبي إلى الله عنه .
ثانياً : هذا الإمام المبارك الرجل الصالح ولا نزكي على الله أحداً ولكن كما قال الله تعالى وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين ، له الآن أكثر من عشر سنوات وهو إمام وخطيب للمسجد النبوي الشريف ، والحمد لله ننعم بصوته وصلاته وقراءته ودعائه وقنوته الخاشع المؤثر في شهر رمضان ، والذي نخشاه عليك دعوة منه حيث أنك تناصبيه العداء لا لشيء إلا لأن صوته لا يعجبك ومخارج الحروف لا يخرجها على الوجه الأكمل التي لا تناسبك إلى غير ذلك من الأهواء وقد قال الله تعالى ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) ، وفي رواية ( فقد بارزني بالمحاربة ) ، وأذكرك بحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما شكا بعض أهل العراق إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بأنه لا يحسن الصلاة وهو من هو فقد صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم وامتثل أمره صلوا كما رأيتموني أصلي فأتى هذا العراقي وزعم أنه لا يحسن الصلاة فدعى عليه سعد بثلاث دعوات واستجاب الله له ذلك لأنه وليه فهو ينصر أولياءه فأحذرك أيتها المؤمنة من التمادي وقد قال علماء السلف رضوان الله عليهم أن من أطلق لسانه على العلماء بالسب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب ولحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة ، لقد أيقظت فتنة ، والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ، وإياك ثم إياك أن يأتي يوم القيامة فيأخذ من حسناتك وأنت في حاجة إلى حسنة واحدة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ،.
ثالثاً : الحمد لله نحن بين ظهراني أهل العلم ولم نسمع من أهل العلم فضلاً عن القراء المنصفين أنه انتقد الشيخ حسين بذلك ( يخيل إليك أنه أعجمي ) أو أن صلاته غير صحيحة أو أنها باطلة وقد قال أهل العلم : ( من صحت صلاته صحت إمامته ) وأما السعال فلا يملك العبد ذلك من نفسه وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذته سعلة فركع ثم هب أن الشيخ الفاضل كذلك فكيف تكون النصيحة يا أختاه إنك يا أختاه أسأت على نفسك وأسأت إلى المصلين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يصلون خلف هذا الإمام المبارك وفيهم العلماء وفيهم الفقهاء وفيهم الأمراء وفيهم القراء والصالحون من جميع أنحاء المعمورة فجهلتيهم كلهم ليسلم لك رأيك وهواك اتق الله أيتها المؤمنة وسارعي للتوبة فإن الله يحب التائبين .
رابعاً : لا خلاف بين العلماء أن إمامة المفضول تجوز مع وجود الفاضل وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فالحمد لله صلاة الشيخ حسين وفقه الله يرتاح لها أكثر أهل المسجد من الفضلاء وكذا خطبه الهادفة فلا داعي للتشنيع في الصحف والجرائد بأنه لا يحسن القراءة أو أن هناك أحسن منه أو أقرأ منه ، وأما قول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ) فنعم وذلك يشمل جودة القراءة مع صحة العقيدة وسلامة المنهج وقوة الفقه وأما جودة القراءة فقط مع ضلال العقيدة واضطراب المنهج فلا وألف لا وإلا فقد يأتي بعض الفرق الضالة وما أكثرهم ويقول نحن أحسن قراءة فلنؤم في المسجد النبوي الشريف لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله لننظر يا أختاه كيف فهم العلماء هذا الحديث فلا بد من صحة المعتقد على نهج السلف الصالح رضوان الله عليهم وكذا قوة الفقه والعلم وحسن الخلق والسماحة والاستقامة ، والشيخ حسين وفقه الله نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً ولكن كما قال الله جل وعلا ( وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين ) وأهل البدع لا يرضيهم شيء لكن غايتنا إرضاء الله جل وعلا وقد قال السلف الصالح علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر فالله الله أيتها النورة بنت الخريجي في التوبة إلى الله وإلا فإن الله بالمرصاد ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) والله المحاسب ، والشيخ حسين حفظه الله ما أساء إليك ولا نهش عرضك فلم هذا التجني في الصحف والمجلات والتهكم به ( يخيل إليه أنه أعجمي ) ولو شاء الشيخ أن يدعي عليك ويحاكمك لفعل ولكن حسن خلقه واحتسابه على الله يقول كما قال الأنبياء والرسل حسبنا الله ونعم الوكيل ، نسأل الله أن يصلح قلوبنا وألسنتنا وأن يوفق ولاة أمرنا لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين والله ولي التوفيق .

كتبه عبد الرحمن بن صالح محي الدين
المدينة النبوية في 17 / 6 / 1429 هـ