المعاكسات الهاتفية.. أحد أشكال قلة الأدب


هناء المداح



منذ عدة أيام حاولتُ الاتصال بإحدى قريباتي مرات عديدة ولكن كان هاتفها مغلقًا على غير العادة لدرجة أقلقتني عليها وجعلت خيالي يجول ويصول ويتصور أن خطرًا أو مكروهًا أصابها، إلا أنها هاتفتني بعد ذلك من خلال رقم جديد لأن رقمها الذي لديَّ أصبح رقم عالميًا بعدما وضعه أحد المعاكسين والمتحرشين على الشبكة العنكبوتية للتعارف عقابًا لها على رفضها الحديث معه ومجاراته فيما يقول ويعرض من أمور منحطة لا أخلاقية، هذا المعاكس الوضيع الذي ظل يلاحقها لفترة طويلة رغم أنها صدرت له زوجها ليرد عليه ويتصدى له، إلا أنه لم يبال بل تآمر عليها لا لشيء إلا لكونها أنثى وحسبنا الله ونعم الوكيل..

ظاهرة المعاكسات أو المغازلات الهاتفية تُعَد من أخطر الظواهر التى تفشت بشكل ملحوظ في العالم العربي خلال السنوات العشر الأخيرة خاصة بعد رخص ثمن أجهزة الهواتف النقالة وانخفاض سعر المكالمات وكثرة عروض الشركات المغرية التى تآمرت على العرب والمسلمين لإلهائهم وتضييع أوقاتهم فيما لا يجدي، ولأننا وللأسف الشديد شعوب مستهلكة للتكنولوجيا استهلاكًا سلبيًا في الغالب الأعم ولا ننتجها أو حتى نساهم في تطويرها وقع معظمنا تحت وطأة هذا الغزو والاستعمار الثقافي والفكري، خصوصًا مع غياب الوازع الدينيى وضعف الإيمان والانحطاط الأخلاقي إضافة إلى الفراغ والبطالة والعنوسة التى يعانيها الكثير من الإناث والذكور في الوطن العربي!!..

المثير للدهشة والألم في الوقت نفسه، أن المعاكسات لم تعد مقصورة على الذكور فحسب بل أصبحت الكثير من الإناث تقوم بمثل هذا الأمر الشائن المعيب دون الاكتراث بخطورة وعواقب ذلك عليها في الدنيا والآخرة!..
فكما يعاكس الذكور الإناث عبر الهاتف ويتحرشون بهن لفظيًا وينتهكون كرامتهن ويخدشون حياءهن ويسمعونهن عبارات وألفاظ جنسية قبيحة من شأنها مداعبة الشهوات وإثارة الغرائز وإقامة علاقات محرمة، تقوم أيضًا بهذا الأمر المخزي الفاضح العديد من الإناث ممن لم يتم نشأتهن وتربيتهن تربية إسلامية صحيحة على الالتزام بفضائل الأخلاق والبعد عن الفاحش من القول والفعل وعدم التبرج والتسكع في الشوارع والأسواق دون داعٍ، واللائي تربين على مشاهدة ما تقدمه كثير من القنوات الفضائية الهدامة من أفلام وأغاني داعرة مثيرة فضلًا عن متابعة المجلات والصفحات والمواقع الإباحية المنتشرة على الإنترنت انتشار النار في الهشيم!، وبالتالى يجدن – والعياذ بالله - في الهواتف طريقًا ميسورًا لإشباع شهواتهن التى أيقظنها عن طريق الوسائل المشبوهة سالفة الذكر قبل أوانها المناسب وهو الزواج الشرعي الصحيح، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى كوارث لا يعلم مداها سوى الله!..

وللتقليل من حدة هذه الظاهرة وعلاجها أقترح التالي:
أن يتقي الآباء والأمهات الله في أبناءهم وبناتهن ويحسنوا تربيتهم وتعريفهم أمور وتعاليم دينهم التي إذا تمسكوا بها واتبعوها لكان الفلاح والنجاح طريقهم في كل مراحل حياتهم.
- أن تتبنى المساجد والمدارس والجامعات وبرامج التلفاز الدينية والاجتماعية والتربوية هذه القضية وتقوم بإسداء النصائح للشباب وتحذيرهم من خطورتها على الطرفين، إضافة إلى الحديث عن قيمة الوقت التى يجهلها الكثيرون، ومطالبة أولي الأمر بضرورة حل مشكلة البطالة وتوظيف الشباب وحث الأسر على تيسير أسباب الزواج وعدم المغالاة في المهور والصداق ومسكن الزوجية والأثاث... الخ.

- معاقبة وتغريم شركات المحمول التى تبيع خطوطها بأبخس الأثمان بشكل عشوائي دون أن يتم تسجيل اسم المشتري للشريحة وتسجيل رقم بطاقته، لأن هذه العشوائية في بيع الخطوط أدت بدورها إلى ازدياد المعاكسات لثقة كل مَن يعاكس في أن ملاحقته في هذه الحالة ستكون صعبة بل مستحيلة.
- توقيع أقصى عقوبة على كل من يثبت تورطه في ارتكاب هذا الفعل غير الأخلاقي سواء بالحبس أو بالغرامة العالية لعله يرتدع بعد ذلك ويكون عبرة لغيره.