(السر المكتوم) عند القبوريين واصحاب الطرق الصوفية معناه (التصرف في الكون) و(علم الغيب) ونحو ذلك من صفات الربوبية والألوهية، ويقولون: الله جعل سرّه في فلان، ويسمونهم: أهل الأسرار، ويقولون عن وليّهم صاحب السر المكتوم، وأن الله جعل لخواص الخلق عنده منْزلة- وان هذا الولى صاحب السر له القدرة على النفع والضر، وكونه يصلح أن يُدعى ويُرجى ويُخاف ويُتوكل عليه ------------------------ قال الامام محمد بن عبد الوهاب اعلم أن هذه الألوهية هي التي تسميها العامة في زماننا: السِّرَّ، والولاية.
والإله معناه: الولي الذي فيه السِّرُّ، وهو الذي يسمونه: الفقير، والشيخ. وتُسَمِّيه العامة: السيد. وأشباه هذا؛ وذلك أنهم يظنون أن الله جعل لِخَوَاصِّ الخلق عنده منزلة، يرضى أن يلتجئ الإنسان إليهم، ويرجوهم، ويستغيث بهم، ويجعلهم واسطة بينه وبين الله، فالذين يزعم أهل الشرك في زماننا أنهم وسائطهم، الذين يسميهم الأولون: الآلهة، والواسطة: هو الإله - الدرر السنية" (2/ 117):------ يقول الشيخ عبدالله بن جبرين رحمه الله على قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب - اعلم أن هذه الألوهية هي التي تسميها العامة في زماننا السر، والولاية.
فيقولون: إن هذا القبر يَقْبَلُ السر. كيف؟! يعني: أنك إذا دعوته، وأسررت إليه؛ فإنه يجيبك، وكأن أحدهم يُسِرُّ بينه وبين ذلك الْوَلِيِّ، أو ذلك الْمَيِّتِ، يُسِرُّ كلاما، ثم يَدَّعِي أَنَّهُ يعلم السر.
فالسر الذي يدعوه خُفْيَةً.. هو حقيقة التأله يعني: هذا السر الذي تدعون أنه يستحقه صاحب هذه البقعة، أو هذه الشجرة، أو ما أشبه ذلك، سميتموه سرا، وهو في الحقيقة تأله، سميتم هذا الصاحب: صاحب السر، وهو في الحقيقة إله.
فما أخلصتم في قولكم: لا إله إلا الله؛ حيث جعلتم هذا إلها؛ ولكن سميتموه صاحبَ سِرٍّ، ولا يضركم، ولا يغركم، ولا يُنْجِيكُمْ أن سميتموه، وقلبتم الاسم.
وكذلك تسميتهم له: الولاية. تُسَمِّيها العامة: السر والولاية، يدعون: أن هناك أولياءَ في زعمهم، وأن هذه الولاية يستحق من حصلت له أن يُصْرَفَ له شيء من حق الله تعالى؛ كالعبادة التي هي خالص حقه؛ ففي هذه الحال.. لا شك أنكم أشركتم--
قال ابن باز رحمه الله «المنكر هو أن يدعو غائبا أو ميتا، أو إنسانا حيا لكن يعتقد فيه السر، أمورا ما يقدر عليها بطبيعته يعتقد أنه سر، وأنه إذا دعي مع الله، إذا سئل أن يغفر الذنوب، أو سئل أن يدخل الجنة، أنه يستطيع هذه الأمور لسر فيه، هذا هو المنكر ولو كان حيا»-"فتاوى نور على الدرب" (2/ 93):-------- ويقول الشيخ صالح ال الشيخ -وهذا هو الذي كان يزعمه أهل الجاهلية للأحجار والأشجار التي يعبدونها، وبالقبور التي يتبركون بها، يعتقدون أنهم إذا عكفوا عندها وتمسحوا بها وبالقبور أو تثروا التراب عليها فإن هذه البقعة أو صاحب هذه البقعة أو الرَّوحانية؛ الروح التي تخدم هذه البقعة أنه يتوسط له عند الله جل وعلا، فهذا راجع إلى اتخاذ أنداد مع الله جل وعلا وقال-وإذا تأملت ما يصنعه عباد القبور والخرافيون في الأزمنة المتأخرة وفي زماننا هذا : وجدت أنهم يصنعون مثل ما كان المشركون الأولون يصنعون عند اللات ، وعند العزى ، وعند ذات أنواط ، ويعتقدون في القبر ، بل يعتقدون في الحديد الذي يسيج به القبر ، فترى الناس في البلاد التي يفشو فيها الشرك يعتقدون في الحائط الذي على القبر ، أو في الشباك الحديدي الذي يحيط بالقبر ، فإذا تمسحوا به فكأنهم تمسحوا بالمقبور ، واتصلت روحهم به ، واعتقدوا أنه سيتوسط لهم ؛ لأنهم عظموه ، فهذا شرك أكبر بالله - جل وعلا - ؛ لأن فعلهم هذا : راجع إلى تعلق القلب في جلب النفع ، وفي دفع الضر بغير الله - جل وعلا - وجعله وسيلة إلى الله - جل وعلا - كفعل الأولين الذين قال الله فيهم : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } .[التمهيد شرح كتاب التوحيد] ----
كيف بدأ هذا الاعتقاد فى القبور والاضرحة وكيف ينتهي بهم يبدأ اهذا الاعتقاد بأن هذه الأماكن (مباركة)، ولأن الملائكة و (الأرواح) تنتشر حولها كما يزعمون، ، كما أن البركة (تفيض) على كل شيء حول القبر، فمن أراد التزود منها فليلمس، ويقبّل، ويتمسح، فإذا تقرر ذلك انتقل الى : اتخاذه (واسطة) و(وسيلة) للاستشفاع به عند الله؛ فصاحب الضريح طاهر مكرم مقرب له جاه عند الله، بينما صاحب الذنب أو الحاجة يتلطخ في أوحال خطيئته، غير مؤهل لدعاء الله، فإذا تقرر ذلك هبط إلى درجة أخرى : فما دام هذا المقبور مكرماً فليس بممتنع أن يعطيه الله القدرة على التصرف في بعض الأمور التي لا يقدر عليها طالب الحاجة، فيُدعى صاحب القبر، يُرجى ويُخشى، يستغاث به، ويطلب المدد منه، ولِمَ لا ؟ !؛ فهو صاحب (السر المكتوم) الذي توجل منه النفوس، وترتجف له القلوب، وتتحير فيه العقول !، فإذا تقرر ذلك هبط درجة حيث (يتخذ قبره وثناً، يعكف عليه، يخافه ويرجوه ويطلب منه ويدعوه - ويوقد عليه القنديل، ويعلق عليه الستور، ويبني عليه المسجد، ويعبده بالسجود له، والطواف به، وتقبيله، واستلامه، والحج إليه، والذبح عنده، ثم ينقله الشيطان درجة أخرى : إلى دعاء الناس إلى عبادته، واتخاذه عيداً ومنسكاً، وأن ذلك أنفع لهم في دنياهم وآخرتهم )
هذا هو الواقع : ليست المسألة مظاهر وطقوساً مجردة، بل هي أعمال جوارح، متعلقة بأعمال قلوب، تحركها تصورات واعتقادات رسخت في النفوس فإنها توجب تصورات، والتصورات تدعو إلى الإرادات، والإرادات تقتضي وقوع الفعل،
فالحقيقة أن : (من يدعو الأموات ويهتف بهم عند الشدائد ويطوف بقبورهم ويطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه، لا يصدر منه ذلك إلا عن اعتقاد كاعتقاد أهل الجاهلية في أصنامهم، هذا إن أراد من الميت الذي يعتقده ما كان تطلبه الجاهلية من أصنامها من تقربهم إلى الله، فلا فرق بين الأمرين . وإن أراد استقلال من يدعوه من الأموات بأن يطلبه ما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، فهذا أمر لم تبلغ إليه الجاهلية )-ولقد شاهد الشيخ محمد رشيد رضا بعض الرجال والنساء من العامة في مسجد (الحسين) بالقاهرة (يطوفون بعمود من الرخام، ويتمسحون به التماساً للبركة وتقرباً إلى (السيد البدوي) ! معتقدين بأنه يجلس بجانب هذا العمود عند زيارة جده الحسين، ومنهم من يزعم أن روح السيد ترفرف دائماً هناك-[محمد رشيد رضا، إصلاحاته الاجتماعة والدينية، لمحمد أحمد درنيقة، ص222 .]-ثم يأتى فى آخر الزمان بعض الطغام يدَّعون ان عباد القبور الجهال وعابد الصنم الجاهل - من اهل الاسلام - خابوا وخسروا----قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ