الداعيات وتحطيم القدرات





د. زيد الروماني


إن للمرأة دوراً عظيماً ووظيفة جليلة في ممارسة العمل الدعوي، بمختلف صوره وأشكاله، وذلك بما تمتاز به من قدرات وإمكانات وسمات شخصية ونفسية وعاطفية.
وأهم ما تتميز به المرأة ويمكن استثماره في العمل الدعوي هو قدرتها العاطفية وسرعة استجابتها، فقد أثبتت البحوث العلمية والملاحظات الفردية أن القدرة العاطفية هي السمة الأساسية التي تتسم بها المرأة.
ويمكن توظيف واستثمار هذه السمة في مجال العمل الدعوي بين بنات جنسها، لقدرتها على التأثير والإقناع واستثارة ميولهن وعواطفهن.
ونذكر في هذا المقام بفخر واعتزاز ما قامت به أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها من دور دعوي وتحفيز ومساندة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي بحق تعد الداعية الأولى في الإسلام، ولا غرو فهي أول من أسلم من النساء. وأمهات المؤمنين ونساء الصحابة التابعين نماذج رائعة للداعيات في مختلف العصور والدهور.
ونظراً لما تواجه بعض الداعيات من مشكلات وعقبات أثناء عملهن الدعوي، فإننا نقدم إليهن هذه النصيحة ليكون لهن في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة والأسوة الصالحة، فقد مورست سياسات تحطيم القدرات تجاهه صلى الله عليه وسلم، من خلال الغمز واللمز والتهكم والاتهام والتحقير والأذى والملاحقة والتشهير والحصار والتجويع، ألم يوضع سلا الجزور على ظهره الشريف؟ ألم يقل سلا الجزور على ظهره الشريف؟ ألم يقل له عمه تباً لك، ألهذا جمعتنا؟ ألم يوضع في طريقه الشوك؟ ألم يحاصر هو وأصحابه في الشعب؟، وهكذا كان أصحابه، فقد عانوا من تحطيم القدرات، تعذيباً وتكذيباً وتشهيراً وتحقيراً وإحباطاً وإهانة.
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبروا وكانت نيتهم خالصة لوجهه الكريم، وكان هدف الدعوة إلى دين الله بالتي هي أحسن وتحمل الأذى في سبيل ذلك الغاية والمقصد.
ولقد ورد في الحديث (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أعظم أجراً من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" (صححه الألباني).
والنصوص الهادية والدلائل البينة والعلامات المميزة لمسيرة العمل الدعوي كثيرة، منها على سبيل المثال قوله تعالى (ويَمْكُرُونَ ويَمْكُرُ اللَّهُ واللَّهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ) (الأنفال:30) وقوله (ولا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إلاَّ بِأَهْلِهِ) (فاطر:43) وقوله (وقُلْ جَاءَ الحَقُّ وزَهَقَ البَاطِلُ إنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) (الإسراء:81) ذلك أن الحق أحق أن يتبع. ثم لتتذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنها هي أخته الداعية المباركة التي تحملت الصفعة والكلام الغليظ والتهديد من أخيها ودعت إلى دين الله بالتي هي أحسن، فكانت سبباً بحمد الله لإسلام عمر الفاروق رضي الله عنه.
ومن هنا فإنني أقترح إنشاء جمعية تحمل اسم جمعية الدعوة النسائية (الدور النسائية، مدارس تحفيظ القرآن، المكاتب التعاونية، الجاليات، مكاتب الدعوة، جمعيات البر، جمعيات تحفيظ القرآن، الندوة العالمية للشاب الإسلامي)، وذلك من أجل تحفيز همم الداعيات وتبادل الخبرات والمساهمة الفاعلة. وهنا أمر مهم ينبغي التنبه والتنبيه إليه، ويتمثل في أهمية وضرورة مراعاة خصوصية كل أسرة في المجتمع من حيث تقبل بعض أولياء الأمور مشاركة ابنته أو زوجته أو أخته في العمل الدعوي، إذ لدى بعض الأسر والمجتمعات عادات وطباع وسلوكيات وتقاليد وثقافة قد تمنعهم من المشاركة والمساهمة الفاعلة، ويبقى دورنا في تبيان الأسس الصحيحة والأهداف الرشيدة والآثار الحميدة لأولئك بالتي هي أحسن، ودعوتهم شخصياً للاطلاع عن كثب على الأنشطة الدعوية النسائية، وتزويدهم بالخطابات الخاصة وشكرهم وتحفيزهم لمزيد من المساهمة والمشاركة.


أما أبرز الوسائل والآليات المعينة للداعية على الاستمرار في دعوتها بنجاح فأهمها:
وضع الهدف وسلامة النية والإخلاص.
تحديد البرنامج الدعوي والتخطيط له بإحكام.
العمل تحت مظلة رسمية.
لاهتمام بفقه الأولويات.
القيام بالواجبات الأسرية والدعوة الأسرية.
التفقه وزيادة الوعي والفهم وتطوير الذات.
الالتحاق ببعض البرامج التدريبية الدعوية.
حضور بعض المحاضرات والملتقيات النسائية.

المشاركة الفاعلة بين الزوجين في مجالات العمل الدعوي.
التقويم المستمر لبرامج المرأة وعملها الدعوي.
ختاماً أقول: إننا في مؤسساتنا ومحاضننا الدعوية أولى بتشجيع التحفيز المرأة الداعية على العمل الدعوي وتوفير ما تحتاج إليه من دعم مادي ومعنوي، وإطلاق قدراتها وطاقاتها الفكرية والاجتماعية والإبداعية، مع توفير المناخ العفيف للمرأة الداعية.
إن العمل الدعوي النسائي في بلادنا يحتاج إلى جهود وقدرات وطاقات الجميع.