الشجرة قبل الثمرة
فيصل يوسف العلي


الكل يتطلع إلى الثمرة قبل الشجرة، فلم يعد للناس جَلَدٌ على درس، أو صبر على كدح، فقد استولت على النفوس الاستهانة بالمثل العليا، والمتعة اليسيرة العاجلة، وإذا تأملنا واقعنا وما نمر به من المحن والابتلاء، لاحظنا أن هناك مفاهيم غائبة عن فهم كثيرين، والتاريخ بين أيدينا حفظ لنا طرق النجاح ووسائله، وطرق الخراب ومعاوله، والواقع يعود لغياب هذه الحقائق، منها الاستعجال والتنازل، واليأس والقنوط، والخلط بين انتصار الأشخاص، وبين انتصار الأمة وظهور الحق والحقيقة، فعلينا الاعتدال في كل الأمور، فإن الزيادة عيب، والنقصان عجز، فإن خير الأمور أوسطها، وكما قال علي "رضي الله عنه" : «خير الأمور النمط الأوسط، إليه يرجع العالي وبه يلحق التالي».

وقال الشاعر:
لا تذهبن في الأمور فــرطا
لا تسألن إن سألت شططا
وكن مع الناس جميعًا وسطا
وعلماؤنا قد قعَّدوا قاعدة: «من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه» وقضت حكمة الله في خلقه وأمره أنه «لكل أجل كتاب» وأن سنة الله تعالى لا تبديل لها، فمن أراد خرق هذه السنن، كانت نتائجها وخيمة، وآثارها أليمة، بل ربما أدت عجلته إلى هلكته وسوء خاتمته.
وقد وصف الله الإنسان بأنه عجول، لقصور علمه، وقلة حلمه، فأين العقول والطاقات في هذه الأمة، تساهم في كل ميدان، وتحبط محاولة كل شيطان؟ فالأمور بحاجة إلى دراسة متأنية، وتخطيط ورفق، وصبر وثبات، حتى تهدأ الثائرة وتسكن العجاجة.
ألم تـر أن العقــل زيــن لأهله
وأن تمام العقل طول التجارب
صدق رسول الله " صلى الله عليه وسلم" «ولكنكم تستعجلون».
الشجرة قبل الثمرة