أزمة أخلاق



د. عبدالمنعم النمر


المجتمع كالبناء الكبير، لا يقوم إلا على قوة أعمدته، وسلامة كل جزء فيه، حتى يؤدي وظيفته متضامنا - من حيث لا يشعر - مع بقية الأجزاء. فسعادة المجتمع ونهضته متوقفتان على إحساس أفراده بمسؤوليتهم، وإخلاص كل واحد منهم في بذل أقصى طاقته في القيام بواجبه. وبمقدار هذا الإحساس والإخلاص تكون سعادة المجتمع، وبالتالي سعادتهم في حياتهم.

وبناء المجتمع لا يكون ولا يقوم إلا على أفراد لهم خلق ودين يدفعهم إلى الإخلاص لأمتهم ومجتمعهم في أعمالهم.. وإنه لا يكفي مطلقا أن نبني المصانع ونصدر القوانين، بل لابد أولا من بناء الرجال الذين يديرون المصانع وينفذون القوانين.. لابد من تربيتهم على الشعور بمسؤوليتهم وعلى مراقبة الله في أعمالهم.

إن الأزمة التي تمر بنا ليست في قلة المال أو الرجال أو المصانع أو نقص القوانين، لكن الأزمة الحقيقية هي أزمة الأخلاق الناشئة من جدب النفوس من الوازع الديني، ومن الشعور بالمسؤولية نحو الجماعة، وأن قوة الأمة الإسلامية لا تتحقق إلا على يد أبنائها الذين ينسون مصالحهم الشخصية، ويراقبون الله في أعمالهم، ويتقونه في أمتهم، ويتعاونون في إخلاص وحسن أخلاق ليردوا لها اعتبارها، ويعيدوا مجدا كان لها في سالف أيامها.. فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.