كتاب "سلم الوصول إلى طبقات الفحول"





الكتاب: سلم الوصول إلى طبقات الفحول

المؤلف: حاجي خليفة

الناشر: منظمة المؤتمر الإسلامي (مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية باستانبول).

سنة النشر: 2010 م عدد المجلدات: ستة مجلدات

تحقيق: محمود عبد القادر الأرناؤوط

تدقيق: صالح سعداوي صالح


كان من مجالات النشاط الأساسية التي عني بها مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا) التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي أعمال فهرسة المخطوطات المتعلقة بتاريخ الإسلام وثقافته، ثم العمل على حماية تلك المخطوطات ونشرها والتعريف بها.
قيمة الكتاب

كتاب "سلم الوصول إلى طبقات الفحول"، عمل مهم وضعه في تراجم الإعلام كاتب حلبي "حاجي خليفة" (ت 1657 م)، العالم العثماني الكبير، صاحب كتاب "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" الذي عاش في القرن السابع عشر الميلادي، وهو على رأس أهم الشخصيات التي ألفت في مجال التراجم العامة، وعلى الرغم من وفاته في سن مبكرة إلا أنه نجح في كتابة عديد من الكتب القيمة، من أهمها وأكبرها كتاب "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" في التعريف بالكتب وموضوعات العلوم، وكتاب "سلم الوصول إلى طبقات الفحول" في التراجم، ثم كتاب "فذلكة" في تاريخ الإسلام العام، وكتاب "جهاننما" أي: مظهر العالم في الجغرافيا، وقد طبع الكتابان الأول والأخير أكثر من مرة، أما "سلم الوصول" الذي لا يقل أهمية عن هذين الكتابين المنشورين، وكذلك "فذلكة" فلم يستطع أحد التصدي لنشرهما حتى الآن.

والجدير بالذكر أن "سلم الوصول" هو من أكبر الكتب التي ظهرت في التراجم العامة الإسلامية في تاريخ الأدبيات العثمانية، وقد تناول فيه المؤلف حياة رجال الدولة البارزين في تاريخ الإسلام، وحياة العلماء والشخصيات المهمة التي احتلت مكانتها في الأدبيات الإسلامية، رغم أنها عاشت قبل ظهور الإسلام، ثم عن أعمال ومؤلفات هؤلاء، مع ترتيب كل ذلك في مداخل الفبائية، كما قدم لنا في القسم الثاني من الكتاب (ج 4، 5) معلومات في الأنساب والكني والألقاب، وعرّف بعض الأماكن والفرق والمذاهب المختلفة.
وقد حرص المؤلف رحمه الله وهو يُعِدّ كتابه على الحديث في المقدمة عن المنهج الذي جرى عليه، مع تقديم شروح حول علم التاريخ وبعض الأنساب، أما الخاتمة فضم فيها معلومات إضافية مكملة للمعلومات الموجودة في نص الكتاب، ومن هنا فالكتاب ليس مقصوراً على التراجم وحدها، وإنما يعد أيضاً واحداً من كتب الأنساب.
مضمون الكتاب

إن كتاب "سلم الوصول إلى طبقات الفحول" معجم بيوغرافي شامل للأدبيات الإسلامية، يضم في مجمله نحو 8561 ترجمة، جرى ترتيبها في قسمه الأول بحسب أسماء الأشخاص، أما في القسم الثاني فإنه يتحدث عن كنى وأنساب وألقاب هؤلاء الأعلام وغيرهم بطريقة منهجية معينة.



مؤلف الكتاب

مصطفى بن عبد الله كاتب جلبي القسطنطيني، المشهور باسم حاجي خليفة أو الحاج خليفة، ويعرف بملا كاتب جلبي أو شلبي، رئيس كتبة أسرار السلطان مراد الرابع ووزير المالية في أيام سلطنته، ولد في القسطنطينية وأبوه من رجال الجند، ولما ترعرع استخدم كاتباً في نطارة الجيش والأناضول، ثم انتقل إلى بغداد وارتقى المناصب حتى صار من رؤساء الكتاب، وعاد إلى القسطنطينية واشتغل بالعلم، ثم أعيد إلى بغداد وهمدان وصحب الصدر الأعظم محمد باشا إلى حلب، ومنها إلى مكة، حيث قضى فريضة الحج وسمي من ذلك الحين حاجي، وتفرغ بعد ذلك للعلم، ولقب خليفة منذ كان معاوناً أو وكيلاً في إدارة المالية.
ولحاجي خليفة زهاء عشرين كتاباً في غاية الأهمية، منها "جهاننما" المطبوع سنة 1145 ه وفيه يصف قارة أمريكا، و"لوامع النور في ظلمة أطلس مينور". ألفه بمساعدة صديقه الراهب الفرنسي الذي اعتنق الإسلام وتسمى بـ"محمد إخلاصي"، وساعده في ترجمة طائفة من الكتب الأوروبية في تاريخ الفرنجة.
كان رحمه الله واحداً من أبرز الشخصيات التي عرفتها الأمة التركية وعرفتها الدولة العثمانية والعالم الإسلامي كله على الإطلاق، فانفتاحه في ذلك العهد المبكر على ثقافات مختلفة، ولا سيما على ثقافات وعلوم الغرب قد جعله يتبوأ مكانة تليق به بين الرواد الذين أقاموا أولى الاتصالات فيما بين الشرق والغرب.
توفي في سن التاسعة والأربعين، ومع ذلك فقد استطاع بكتبه التي أنجزها خلال تلك الحياة القصيرة مع كثيرة عددها وتنوع موضوعاتها، فضلاً عن محتواها وأصالتها أن يحتل مكانة متميزة في الأدبيات العثمانية والإسلامية، واستطاع كاتب جلبي بذهنه الوقاد وفكره النقاد وإحاطته الموسوعية وأعماله المنظمة التي تركها لنا أن يتحف دنيا العلم ومن خلال منهج علمي لم يدركه أحد في عصره بتراجم رجال برزوا في تاريخ الحضارة الإسلامية وأدبياتها، وقد حظيت تلك الأعمال باهتمام رجال العلم في الغرب منذ عهد مبكر، ولا يزال كل كاتب منها يحافظ على قيمته كمرجع لا يمكن الاستغناء عنه في بابه حتى اليوم.
كان كاتب جلبي يجيد التركية والعربية والفارسية، أي "الألسنة الثلاثة" بالمصطلح العثماني، ولهذا فقد استطاع بخبرته وبراعته العاليتين الاستفادة في تأليف أعماله من المصادر والمراجع المدونة بتلك اللغات الثلاث، فإلى جانب استخدامه الأوسع للغة التركية التي هي لغته الأم قد استفاد بكل يسر من اللغتين الأخريين عند الحاجة، ويدلنا اختياره للغة معينة منها في تأليفه أو ترجمته لأحد الكتب على ماهية الهدف الذي قصده من ذلك الكتاب وعلى كتلة القراء التي أرادها له.
منقول