التعلم الذاتي .. واجب الوقت



علاء الدين عبد الفتاح




لم تعد لدينا حجة كي نهمل أنفسنا ونحرمها من العلم الذي هو نور.. جامعات عبر الألياف الضوئية والكيبلات البحرية..تخصصات في كل مجال.. وكتب مبسطة ومحاضرات عامة وأساتذة يبحثون عن متعلمين يعلمونهم ولا يريدون منهم جزاء ولا شكورا..
قديما كان التواصل مع المعلمين وأصحاب الخبرات مكلفا والآن صار شبه مشاع- على الأقل عبر الانترنت- وصار بوسعك كرب أسرة أن تلفت نظر أفراد أسرتك إلى تلك البوابات السحرية للمعرفة.. الطفل حيث متعة المعرفة واللعب التعليمي المفيد والمرأة لها بوابتها ومنتدياتها الخاصة قي أمور دينها ودنياها والبالغون لهم التثقيف المناسب الذي يحول- بإذن الله- بين المرء وقلبه في هذه السن الحرجة.. يمكنك أن تدرس اللغة وأن تتقنها عبر أكاديميات تعليم تفاعلي ظهرت حديثا مثل "ملتقى الدارين" ومجانا لوجه الله..يمكنك بدء مشوار الدراسات العليا بمصروفات بسيطة تبعاً لجامعة عريقة مثل جامعة القاهرة يمكنك ذلك إذا أخلصت النية لله وحده وضيعت الفرصة على الشيطان: فرشدت مشاهدة فضائيات اللهو واللعب والزينة والتفاخر، إلى أقصى حد. مع إ يجاد البديل الذي يشغل وقت فراغ الصغار بما هو مفيد من بوابات المعرفة والمتعة في آن واحد. أحد المعارف خاض هذه التجربة –قد تستحق لفت الانتباه- وقام بإيصال جهاز الكمبيوتر بشاشة تليفزيون منزله بعد أن فصل مستقبل القنوات نهائياً وصار ينتقي هو ويعود أولاده على انتقاء ما يريدون مشاهدته عبر "اليوتيوب" وبقية الملتقيات والصفحات التفاعلية.. نجحت التجربة وإن قابل في البداية امتعاض الزوجة والأولاد، ثم صار كل شيء على ما يرام بعد أيام.. يقول هذا الأخ: كل شيء أصبح متاحاً الآن وما علينا إلا حسن الاختيار، لا التلقي الأبله لكل ما يفرض علينا فرضا، لأننا إذا أردنا أن نتعلم ذاتياً فعلينا أولا أن نتخلص– ذاتيا أيضاً- مما يملأ أوقاتنا بالباطل.
إن "الوعي الإسلامي" عندما خصصت ملف هذا العدد لمحور التعلم الذاتي لتؤكد حرصها على نهضة الأمة عن طريق ملء الفراغ بالعلم النافع وتحسين المستوى العلمي المتحصل سلفا والمضي علي طريق النور دون انتظار لقطار التعليم الرسمي أو نظيره الخاص ودون جلد للذات لا يفيد قدر ما يبث اليأس، ودون استعجال لنتائج كبرى بعد بذل مجهودات صغرى، ومع مراعاة سنن الله في الكون، وتعرض "الوعي" في هذا الملف لتجارب واقعية لشباب علموا أنفسهم بأنفسهم في منازلهم حتى وصلوا إلى كليات مرموقة. ولا أحد ينكر أن كاتب العبقريات عباس محمود العقاد علم نفسه بنفسه حتي صار على ما هو عليه وهناك آخرون ساهموا بجهدهم في تعليم أبناء منطقة كبيرة في جنوب مصر اللغة الانجليزية والحاسب الآلي، كما لم ننس الربط بين التعلم الذاتي والعمل الذي يستتبعه. فلا قيمة للعلم إن لم ينتفع به.

ولا يخفى على أحد موقف الإسلام من التعلم الذاتي، فكما تقول الدكتورة أندي حجازي: قد شجع الإسلام على العلم من خلال البحث في علوم الدين والدنيا، بل والسفر لاكتسابها أحياناً.