.............................. ..............
( كُلَّ مَنْ أَقَرَّ بِاَللَّهِ فَعِنْدَهُ مِنْ الْإِيمَانِ بِحَسَبِ ذَلِكَ ثُمَّ مَنْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ بِمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ: لَمْ يَكْفُرْ بِجَحْدِهِ. وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ عَامَّةَ أَهْلِ الصَّلَاةِ مُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ اعْتِقَادَاتهم فِي مَعْبُودِهِمْ وَصِفَاتِهِ؛ إلَّا مَنْ كَانَ مُنَافِقًا يُظْهِرُ الْإِيمَانَ بِلِسَانِهِ وَيُبْطِنُ الْكُفْرَ بِالرَّسُولِ؛ فَهَذَا لَيْسَ بِمُؤْمِنِ. وَكُلُّ مَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَلَمْ يَكُنْ مُنَافِقًا فَهُوَ مُؤْمِنٌ. لَهُ مِنْ الْإِيمَانِ بِحَسَبِ مَا أُوتِيَهُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ وَلَوْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ الْإِيمَانِ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا جَمِيعُ الْمُتَنَازِعين فِي الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ عَلَى اخْتِلَافِ عَقَائِدِهِمْ؛ وَلَوْ كَانَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا مَنْ يَعْرِفُ اللَّهَ كَمَا يَعْرِفُهُ نَبِيُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَدْخُلْ أُمَّتُهُ الْجَنَّةَ؛ فَإِنَّهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ هَذِهِ الْمَعْرِفَةَ؛ بَلْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَتَكُونُ مَنَازِلُهُمْ مُتَفَاضِلَةً بِحَسَبِ إيمَانِهِمْ وَمَعْرِفَتِهِم ْ.
وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ قَدْ حَصَلَ لَهُ إيمَانٌ يَعْبُدُ اللَّهَ بِهِ وَأُتِيَ آخَرُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ عَجَزَ عَنْهُ الْأَوَّلُ لَمْ يَحْمِلْ مَا لَا يُطِيقُ وَإِنْ يَحْصُلُ لَهُ بِذَلِكَ فِتْنَةٌ: لَمْ يُحَدِّثْ بِحَدِيثِ يَكُونُ لَهُ فِيهِ فِتْنَةٌ.
فَهَذَا " أَصْلٌ عَظِيمٌ " فِي تَعْلِيمِ النَّاسِ وَمُخَاطَبَتِهِ مْ وَالْخِطَابُ الْعَامُّ بِالنُّصُوصِ الَّتِي اشْتَرَكُوا فِي سَمَاعِهَا؛ كَالْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ )
الفتاوى لابن تيمية