القراءة تصنع المعجزات



حوار: رشا أحمد





" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ"-{العلق/1} أول آية أنزلت من القرآن..منهج الحياة ونبراس الدروب..وطريق الهداية والسعادة..

"الإنسان القارئ تصعب هزيمته" ، " قراءتي الحرة علمتني أكثر من تعليمي فـي المدرسة بألف مرة" ، "من أسباب نجاحي، وعبقريتي، أنني تعلمت كيف انتزع الكتاب من قلبه" مقولات عديدة لعلماء عظماء، أكدت على أهمية وجدوى القراءة .

فنسبة 80 إلى 90%من الثقافة، التى يحصل عليها الإنسان، يكتسبها من القراءة، وفق ما أكدته دراسة حديثة، أجريت مؤخرا ، لذا يعتبر تفعيل القراءة، هو المعيار الذي يحكم مدى تقدم الأمم، أو تخلفها ، فهي النافذة الأساسية للوصول إلى شتى أنواع المعرفة ، وبامتلاكها يستطيع الفرد أن يجول في المكان، والزمان، وهو في مكانه ، وهي الوسيلة الرئيسية، التي تساعد الطفل على اكتشاف البيئة من حوله، كما تساهم في تعزيز قدراته الإبداعية الذاتية ، وتطوير ملكاته استكمالاً للدور التعليمي للمدرسة، كما أنها تنمي ثقافته، لهذا يعد اختراع الإنسان للقراءة، والكتابة، هوالخطوة الأولى لتقدمه الحضاري، الذي يعيشه الآن .



أهمية القراءة:

والدليل على أهمية القراءة، أن الله سبحانه وتعالى حث عليها منذ الوهلة الأولى للتنزيل ، مخاطبا نبيه الكريم في سورة العلق "اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق" ، ومن هذا المنطلق، كان لا بد من العناية بغرس حب القراءة، والميل لها في نفس الطفل منذ الوهلة الأولى، والتعرف على ما يدور حوله منذ بداية معرفته للحروف، والكلمات، فعندما نحبب الأطفال في القراءة، نشجع في الوقت نفسه، الإيجابية في الطفل ، ونفتح الأبواب أمامه نحو الفضول والاستطلاع ، ونقلل بذلك مشاعر الوحدة، والملل لديه ، وبالتالي تعمل القراءة على تغيير أسلوب حياة الطفل، وتساعده على أن يكون مفكر، باحث، مبتكر، يبحث عن الحقائق، والمعرفة بنفسه، وهذا يجعله يدخل العالم، كمخترع، ومبدع ، لا كمحاكي، أو مقلد .



طفلك والقراءة:

ولأهمية القراءة، حث التربويون، وعلماء النفس، الآباء على غرس حب القراءة، والاطلاع في نفس الطفل، لتصبح عادة عنده، يحرص عليها، ويستمتع بها، لما لها من فوائد عظيمة، ستعود عليه بالنفع في المستقبل، فبالقراءة، يستطيع الفرد تحصيل العلم الشرعي من خلال تلاوة كتابة الله عز وجل، والقراءة في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والقراءة في كتب العلم الديني،كما أنها وسيلة لتوسيع المدارك، والقدرات، لأن المرء حين يقرأ في اللغة، والأدب، والتفسير، والفقه، والعقيدة، وكل ما ألف قديماً، تتسع مداركه، ويثرى عقله، بالإضافة إلى كونها وسيلة لاستثمار الوقت .



كيف تعودي طفلك على القراءة؟

وأشاروا إلى أن هذا لن يكون سهلا في عصر قد كثرت فيه عناصر الترفيه المشوقة، والألعاب الساحرة، التي جعلت الطفل يمارسها لساعات طويلة، إلا من خلال تقديم الكتب له من وقت مبكر جداً، بما يتلاءم مع مرحلته العمرية،(كلعبة ثم كقصة ،ثم كتاب)، ويكون الشرح له مصحوباً بكتاب مصور ،وربط القراءة بجلسة محببة، ويمكن أن تكون أحياناً جماعية،اصطحابه للمكتبة العامة للاطلاع، والاستعارة، كما أن زيارة المكتبة، ستجعله يرى أناساً يقرءون، ويلمح استمتاعهم بذلك،اصطحابه لشراء الكتب لتعويده على اختيارها، والمحافظة عليها، ووضعها في رف خاص به في غرفته، أو في مكتبة الأسرة، إشعاره بحب الكبار للكتاب، وتقديرهم له، لأنه يقلد الكبار، ويريد أن يصبح مثلهم،فتح حوارات، ومناقشات مع الطفل حول ما يقرأ ،مكافأته إذا رأينا إقبالاً منه على الكتب، لدعم هذا السلوك، ليدرك أنه سلوك محبب فيستمرفيه ،أما بالنسبة للكبير، الذي لم يتعود على القراءة، نقدم له الذي يحبه أيا كان المضمون، والفائدة ثم نقدم له ما يفهمه، ويجيد قراءته .



أم طه وهيلين:

وهناك العديد من النماذج التى لعبت القراءة والكتابة دورا مهما وحيويا في حياتهم، مثل أم طه، امرأة في السبعين من عمرها، والتي كانت لا تجيد القراءة والكتابة، والتي تمنت ذات يوم أن تكتب بيدها اسم الله، حتى لا تموت وهي لا تعرف كتابة كلمة الله، وأصرت على تعلم الكتابة، والقراءة،ثم قررت أن تحفظ كتاب الله، وبالفعل استطاعت أم طه خلال سنتين، حفظ كتاب الله عز وجل كاملاً.

وهناك "هيلين كيلر"الأمريكية، التي كانت صماء، عمياء، بكماء، منذ طفولتها المبكرة، والتي أكدت في كتابها "قصة حياتي"، الذي كان يحوي العديد من رسائلها، أن العميان لا يرون فقط أكثر من المبصرين، بل هم يستطيعون أيضا، أن يفعلوا ما لا يستطيعه كثير من المبصرين، حيث استطاعت أن تجتاز كل المصاعب، وتتغلب على اعاقتها بالقراءة، والكتابة، واستطاعت الحصول على العديد من الشهادات الجامعية، واستحقت بجدارة لقب "صانعة المعجزة"، وساعدتها على تخطي المصاعب، معلمتها" آني سوليفان" التى عايشت ظروفا أسوا من تلميذتها، فهى كانت طفلة يتيمة، فقيرة، تتقاذفها أيدى المحسنين، وجمعيات البر، وكان بصرها يقل حتى كاد يصل إلى العمى التام، ولكنها أصرت على تعلم القراءة بطريقة برايل، وشاء الله سبحانه وتعالى أن يعيد إلى إحدى عينيها بصيصا من النور، فما كان منها إلا أن أقبلت بشراهة على قراءة الكتب، وكونت لديها ذخيرة لا تنتهي من المعرفة ساعدتها على صناعة المعجزة "هيلين كيلر" .

وهناك الصبي الفرنسي الأعمى«لويس برايل»، الذي استطاع بحب القراءة، ونهمه الشديد للاطلاع على الكتب ابتكار أبجدية خاصة من النقط البارزة، صارت تطبع بها الكتب، منذ ما يقرب من مائتي عام، ليقرأها ملايين العميان في أنحاء الأرض جميعها، بأطراف أصابعهم، وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره.
نماذج عديدة ربما لا نستطيع حصرها، ولكنها في النهاية، أكدت لنا على أهمية وجدوى القراءة، لتحثنا على ضرورة تعلم القراءة، والحرص على اقتناء الكتب، بل وغرس حبها في نفوس أبنائنا.