أولا: المتن:
· نزلنا على حصن سنان بأرض الروم، مع عبد الله بن عبد الملك، فضيق الناس المنازل، وقطعوا الطريق، فقال معاذ: أيها الناس إنا غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة كذا وكذا فضيق الناس الطريق، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم مناديًا فنادى: "من ضيق منزلا، أو قطع طريقا، فلا جهاد له".
· غزوت مع نبي الله صلى الله عليه وسلم غزوة كذا وكذا فضيق الناس المنازل وقطعوا الطريق، فبعث نبي الله صلى الله عليه وسلم مناديا ينادي في الناس أن من ضيق منزلا أو قطع طريقا فلا جهاد له.
· غزونا مع النبي عليه السلام، فضيق الناس المنازل، وقطعوا الطرق، فبلغ ذلك النبي عليه السلام، فقال: "ألا من قطع طريقا، أو ضيق منزلا فلا جهاد له".
· "من ضيق منزلا أو قطع طريقا أو آذى مؤمنا فلا جهاد له".
· "من ضيق منزلا أو قطع طريقا فلا جهاد له".
ثانيا: تخريج الحديث ودراسته:
ومداره على أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، وقد رواه عنه كلا من :
1- إسماعيل بن عياش: أخرجه سعيد بن منصور في "السنن" (2468) – وعنه أبي داود في "السنن" (2629)، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (18458) – ، وأحمد بن حنبل في "مسنده" (15888)، وأبي يعلى الموصلي في "مسنده" (1483)، وفي "المفاريد" (1)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (45)، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/194/ رقم 434)، وابن عساكر في "تاريخه" (48/274).
كلهم من طريق إسماعيل بن عياش، عن أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، عن فروة بن مجاهد اللخمي، عن سهل بن معاذ الجهني، عن أبيه.
2- الأوزاعي: واختلف عليه، فرواه عنه كل من :
أ*- بقية بن الوليد: أخرجه أبو داود في "السنن" (2630) – ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (18460)– ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (3/27)، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/194/ رقم 435)، ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال (3/244).
كلهم من طريق بقية، عن الأوزاعي، عن أسيد بن عبد الرحمن، عن فروة بن مجاهد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه قال: غزونا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم بمعناه .
ب*- الهقل بن زياد: أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (44): حدثنا فهد، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الهقل، عن الأوزاعي، عن أسيد بن عبد الرحمن، عن فروة بن مجاهد، عن سهل بن معاذ ، عن أبيه، قال: غزونا مع النبي عليه السلام، فضيق الناس المنازل، وقطعوا الطرق، فبلغ ذلك النبي عليه السلام، فقال: "ألا من قطع طريقا، أو ضيق منزلا فلا جهاد له".
قلت: عبد الله بن صالح كاتب الليث، ضعيف الحديث .
ت*- عبادة بن جويرية: ذكر روايته الدارقطني في "العلل" (6/91)، وهي مثل رواية بقية .
### وخالفهم كل من :
أ*- أبو اسحاق الفزاري: أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (رقم 630 – زوائده)، ومن طريقه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (6/3101): حدثنا معاوية بن عمرو، ثنا أبو إسحاق، عن الأوزاعي، عن أسيد بن عبد الرحمن، عن رجل من جهينة، عن رجل، قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلنا منزلا فيه ضيق فضيق الناس فقطعوا الطريق فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ضيق منزلا أو قطع طريقا فلا جهاد له".
ب*- أبو المغيرة: أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (6/3101)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (18459)، كلهم من طريق أبي المغيرة، ثنا الأوزاعي، حدثني أسيد بن عبد الرحمن، عن رجل من جهينة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
وأبو المغيرة هو: عبد القدوس بن الحجاج الخولاني الشامي الحمصي وهو ثقة .
3- المغيرة بن المغيرة الرملي: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (60/86) : أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو الحسين بن عوف، أنا أبو العباس محمد بن موسى بن السمسار، أنا محمد بن خريم، حدثنا هشام بن عمار، نا المغيرة بن المغيرة الرملي، أنا أسيد بن عبد الرحمن، عن سهل بن معاذ، عن أنس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من ضيق منزلا أو قطع طريقا أو آذى مؤمنا فلا جهاد له".
قلت: الصواب أنه مسند معاذ بن أنس، وليس عن أنس بن مالك، ربما غلط فيه هشام بن عمار فأنه كبر فصار يتلقن، أو هو تصحيف وتحريف في تاريخ ابن عساكر، فطبعته تجارية، والله أعلم .
كلام الدارقطني :
قال البرقاني: "وسئل – أي الدارقطني – عن حديث معاذ بن أنس الجهضمي، عن النبي صلى الله عليه وسلم: من ضيق منزلا أو قطع طريقا، فلا جهاد له .
فقال: يرويه أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، واختلف عنه؛
فرواه الأوزاعي، عن أسيد بن عبد الرحمن، عن فروة بن مجاهد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ذلك : بقية بن الوليد ، وعبادة بن جويرية، عن الأوزاعي.
وتابعه إسماعيل بن عياش، عن أسيد.
ورواه أبو إسحاق الفزاري ، عن الأوزاعي، عن أسيد، عن رجل من جهينة لم يسم، عن رجل آخر لم يسم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لم يحفظ الفزاري إسناده، وحفظه بقية"[1].
قلت : أبو إسحاق الفزاري إمام حافظ، وقد تابعه أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني وهو ثقة، فالأشبه أن الأوزاعي حدثهما في غير وقت منشطه!
حال سهل بن معاذ بن أنس:
قال ابن أبي خيثمة : "سئل يحيى بن معين: عن ابن معاذ بن أنس، عن أبيه، عن النبي عليه السلام؟ فقال: ضعيف"[2].
وقال العجلي : "سهل بن معَاذ بن أنس الْجُهَنِيّ مصري تَابِعِيّ ثِقَة"[3].
قال ابن حبان: "سهل بن معاذ بن أنس : يروي عن أبيه ، روى عنه زبان بن فائد ، منكر الحديث جدا فلست أدري أوقع التخليط في حديثه منه أو من زبان بن فايد ، فإن كان من أحدهما، فالأخبار التي رواها أحدهما ساقطة وإنما اشتبه هذا ، لأن راويها عن سهل بن معاذ زبان بن فائد إلا الشيء بعد الشيء "[4].
وقال أيضًا: "سهل بن معاذ بن أنس الجهني يروي عن أبيه روى عنه يزيد بن أبي حبيب وزبان بن فائد عداده في أهل مصر لا يعتبر حديثه ما كان من رواية زبان بن فائد عنه"[5].
ثم جزم أخيرًا، فقال: "سهل بن معاذ بن أنس الجهني، من خيار أهل مصر، وكان ثبتا، وانما وقعت المناكير في أخباره من جهة زبان بن فائد"[6].
وقال ابن عبد البر" معاذ بن أنس الجهني، معدود في أهل مصر، وهو والد سهل بن معاذ، وسهل بن معاذ لين الحديث، إلا أن أحاديثه حسان في الرغائب والفضائل"[7]
خلاصة حاله: ضعيف، يعتبر به .
ثالثا: الحكم النهائي:
الحديث ضعيف، لأجل سهل بن معاذ بن أنس، وقد تفرد به، وهو ضعيف الحديث .
[1] "علل الدارقطني" (1002).
[2] "التاريخ الكبير – السفر الثاني" (1/542).
[3] "الثقات" (1/440).
[4] "المجروحين" (1/347).
[5] "الثقات" (4/321).
[6] "المشاهير" (934).
[7] "الاستيعاب" (3/1402).