لما أتم الشيخ محمد بن عبد الوهاب إمام الدعوة إقراء كتاب التوحبد وبيان مسائله فأراد أن يعيد الكرة ثالثة أو رابعة.
قالوا له: يا شيخ نريد كتابا آخر، نريد الفقه أو الحديث.
قال: لم؟
قالوا: التوحيد فهمناه نريد علما آخر.
فقال لهم: أنظروني حتى أنظر في هذه المسألة.
فلما أتى بعد بضعة أيام سألهم، جلس في مجلس درسه وبدا على وجهه التكدر جدا.
قالوا له: ما به وجه الشيخ؟
قال: أبلغت بشيء كدرني.
فقالوا له: وما هو؟
قال: بلغني أن بيتا في الدرعية ذبح أصحابُه عند الباب ديكا لأجل نزولهم البيت، أرادوا أن ينزلوا البيت وعند النزول عند الباب ذبحوا ديكا وسال الدم على عتبة الباب، وأنا أرسلت من يتثبت في الأمر، ونقوم في ذلك بما يجب.
فلما أتى من غد قالوا له: ماذا حصل يا شيخ ما الذي صار في هذا الذي...؟
قال: وجد الأمر غير ذلك.
قالوا: ماذا وجدت؟
قال لهم: وجدت أن أهل البيت ما حصل منهم ذلك؛ ولكن فلان وقع على أمه.
قالوا: أعوذ بالله وقع على أمه!! أعوذ بالله وقع على أمه،،،،،،
فالشيخ قال هذه الكلمة منه تعلم أن قول الجاهل التوحيد فهمناه من أكبر الجهل ومكايد الشيطان؛ لأنهم استعظموا كبيرة من الكبائر، وأما الشرك الأكبر بالله المخرج من الملة ما أنكرته قلوبهم، لماذا ما أنكرت قلوبهم هذه الصورة وهو إسالة الدم عند عتبة الباب عند النزول نزول الدار؟ لأنهم لا يعلمون أن هذه الصورة لأجل التقرب إلى الجن لدفع شره أو لدفع شر أصحاب العين الذي هو تقرب بالذبح إلى غير الله الذي هو شرك أكبر بالحق جل وعلا، فاستعضموا كبيرة من الكبائر ولم يستعظموا الشرك الأكبر بالله جل وعلا، كما يحصل وترون ذلك من بعض الجهلة من أنهم إذا رأوا بعض الكبائر تغيضوا وقاموا وقعدوا، وأما إذا سمعوا بالشرك الأكبر بالله جل وعلا فلا يتحرك لهم ذلك، وتجد أنهم إذا تحرك أو سمعوا ببعض المنكرات في الأخلاق أو الزنا أو وسائل الزنا في بعض البلاد أو تبرّج النساء أو بعض الفجور أو بعض الظلم أو نحو ذلك قاموا وقعدوا وأصبحوا يتكلمون؛ لكن الشرك الأكبر بالله كونه يرى قبة تحتها معبود من دون الله جل وعلا أو يرى الناس يذبحون لغير الله جل وعلا أو يقرأ هذا في مجلة او يقرأ هذا في كتاب لا يحرك قلبه لحق الله الأعظم، وهذا دليل جهله، ودليل أنه لم يعرف مصلحة نفسه بأن هذا الجاهل إذا لم يتعلم التوحيد ويتغيض قلبه في حق الله جل وعلا بعبادته وحده دونما سواه فإنه على شر، فإن وجد في نفسه أنه إذا رأى منكرا تغيض وأما إذا رأى الشرك الأكبر بالله جل وعلا لا يتحرك قلبه، فليعلم أنه ما فهم التوحيد ولا عظمم الله جل وعلا حق تعظيمه، وهؤلاء الذين قالوا التوحيد فهمناه هؤلاء جهلة ودخل إليهم الشيطان من أكبر مكايده، كما قال الشيخ رحمه الله وأجزل له المثوبة (فتفيد التعلم والتحرز ومعرفة أن قول الجاهل: التوحيدَ فهمناه. أن هذا من أكبر الجهل ومكايد الشيطان).[شرح كشف الشبهات]