احلَم واستعد للتّحليق !



دلال عبد العزيز الضبيب







تطلّع يسبق واقعك، تشبّث تام وإصرار حقيقيّ للوصول. عندَ النّظرإليه يتباهى أمام عينيك سحابة كبيرة من الأمل، من الرغبة في أن تحقّقه بفخر يوماًما

هُو ما تصبُو إليه، ما تريد أن تختبر معه الإحساس بالتجربة، لمس نقطة أخيرة فيالسطر تمثّل البداية. ببساطة، رسم لحدود مستقبل مترامي الأحلام، ممتلئ بالفُرصوالعمل والأهداف.

وعندما تكتمل الصورة لديك، ستعلم أنّ أمامك حلماً وتريد أن تحقّقه.

إذا كان صدرك يمتلئ بأسرار حلم، بخطوط عريضة له، بأحلام تغلّف أمانيه، فأولىالخطوات قد أُنجزت، وهي العزم على أن يكون لديكَ هدف تسعى إلى تحقيقه، إلى ضمّه إلىصدرك، إلى رعايته كما ترعى الأم وليدها الرّضيع.

خذ قلماً من الإصرار.. وأوراقاً من العزيمة، وابدأ بملء السطور بأحرف الثقة،والرغبة حتى في حفر المستحيل إن تطلّب الأمر ذلك. وابدأ بسرد سطور حلمك، وتفاصيلهالصغيرة، تلك المُحلّقة في أجواء نفسِك. تشبّث بأصغر الأمور واهدها إلى تلكالأوراق، استسقِ من الشّجر روح النّماء وغذّ جملك، ومن العصافير جمال زقزقتهاوابعث الأصوات إلى أوراقك، ومنَ البحر امتداده، حتى يلامس أفق السماء فيكملاتساعه. ومِن الورد ألوان التفاؤل، والتّراب عجائب تكوينه، وَ الجبال قوّة رسوخها.

أكمل رَسمَ حلمك، واملأ صفحاته بتفاصيله، واستعن بالله على تحقيقه. وبعد أن تغلقكتابك ابدأ بالتخطيط الجادّ للوصول إليه. خطّط كلّ الطرق المؤدّية إليه، وابن فوقالطّوب.. طوباً، وبين الطرق جسُوراً، بتأنّ ادرس كافة الاحتمالات، وبهدوء حدّد مسارك.إن تطلّب منك الأمر أن تقدّم شيئاً في سبيل البلوغ إليه،

فاعلم أنّ الدنيا أخذٌ وعطاء، وأنّ كلّ شيء فيها بثمن. وأنّ وصل بك العطاء لشيء لايمكنك تقديمه، فلا تفعل، فالذي يذهب لا يعودُ إليك مجدّداً. استغلّ كلّ الخياراتالمتاحة أمامك واعتبر من أخطاءِ من سبقوك، فالمؤمنُ لا يُلدغُ من جرحٍ مرّتين.

والنّبيه هو من يقتنصُ الفُرص اقتناصاً، ويعلّقها في دفتر حُلمه كقلادةفخريّة لفطنته. أمّا النّاس فهم في النهاية أدوات خيرٍ ورزق، فاجتنابهم قمّةالخطأ، قال تعالى: (وجعلناكم شعوباُ وقبائل لتعارفوا[1] ). فاحرص على أن تستعينبالأشخاص الجيّدين، وفي الوقتِ الصحيح، لأنّ الخدمات كالعدّاد، تُحسب عليكَ ولاتستبدل بخطوات رجوع أبداً.

كلّ شيء يُمكن أن يُستنزَف في سبيلِ بلوغ هدفك. وقتك هُو الضحية الأولى، وهُو منأهمّ الأمور التي يجب أن لا يتغاضى عنها أحد، فقالوا في الأمثال إنّه كالسيف في عقابهلك، لذلك فالاستثمار الأمثل للوقت يوفّر عليك الكثير من العناء.

ثمّ العُمر، فهو يمضي معك على وتيرة واحدة، وأنت معهُ كلّ الوقت في خطٍ متواز،لا يمكن أن يغفل عنك أو يغضّ الطرف، وما ذهب من العمر لا يمكن استجداء أيّامه أو حتّىأنفاسه. فاستغل سنوات الشباب للعمل المضني والقاسي، فالنشاط في سنّ الشباب لا يمكنأن يُدفع في الكِبر.

الأنفس في خضم سيرك، لا تنسَ أنّ حولك أنفاساً قد تخبو وتذهب إلى خالقها، فلاتفرّط بأرحامك، أصدقائك، علاقاتك وأنت في التهاء بأمورِ حياتك.

قد يعدّ البعض المال من الأمور المهمّة، هذا أكيد، ولا يُختلف على أهميّته؛ ولكنّه فيالنهاية مادّة يمكن أن تُعوّض، وإن ذهبت يُمكن أن ترجع، وفقدانها ليسّ نهاية العالم.الاستثمار الناجح والصحيح يبني من هذه المادّة فائدة تطغى على الأفق فتحيله نسمة.

يبدو أنّ الحلم بانت ملامحه وأنّك أوشكتَ على الوصول، أو ربّما لامست أطرافه، فلاتنسَ شكر الله وحمده الذي أمدّك بكلّ ما تحتاجه في رحلتك. ولا تنسَ أيضاً أن تكافئنفسك وتفرح، فأنت أبدعتَ في خطواتك.

تمنياتي لكم بأحلام سعيدة.





[1] ) سورة الحجرات ، آية ( 13 ) .