يقول شارح الطحاوية نقلا عن بن القيم رحمه الله-اعلم أن التوحيد أول دعوة الرسل ، وأول منازل الطريق ، وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله عز وجل . قال تعالى : لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره[شرح الطحاوية] ----------------------------------- ويقول بن القيم رحمه الله- وكلمة التوحيد -هي التي ورثها إمام الحنفاء لأتباعه إلى يوم القيامة وهي الكلمة التي قامت بها الأرض والسموات وفطر الله عليها جميع المخلوقات وعليها أسست الملة ونصبت القبلة وجردت سيوف الجهاد وهي محض حق الله علي جميع العباد وهي الكلمة العاصمة للدم والمال والذرية في هذه الدار والمنجية من عذاب القبر وعذاب النار وهي المنشور الذي لا تدخل الجنة إلاّ به والحبل الذي لا يصل إلى الله من لم يتعلق بسببه وهي كلمة الإسلام ومفتاح دار الطريق وبها إنقسم الناس إلى شقي وسعيد ومقبول وطريد وبها انفصلت دار الكفر من دار الإسلام وتميزت دار النعيم من دار الشقاء والهوان وهي العمود الحامل للفرض والسنة"-----------------------------------ويقول الشيخ ابا بطين فى كتابه الانتصار لحزب الله الموحدين-كل رسول اول ما يقرع به اسماع قومه اعبدوا الله ما لكم من اله غيره --------------------------------------------ويقول الامام بن باز رحمه الله-فلما كان توحيد الله عز وجل والإيمان به وبرسله عليهم الصلاة والسلام، أهم الواجبات وأعظم الفرائض، والعلم بذلك أشرف العلوم وأفضلها،-بعث الله نبيه محمداً عليه الصلاة والسلام، وكانت بداية دعوته بالتوحيد، كالرسل السابقين سواء، فقال لقريش:يا قوم قولوا لا اله الا الله تفلحوا هكذا بدأهم، ما أمرهم بالصلاة أو الزكاة أولا أو ترك الخمر أو الزنا أو شبه ذلك. لا، بل بدأهم بالتوحيد لأنه الأساس، فإذا صلح الأساس جاء غيره بعد ذلك. فبدأهم بالأساس العظيم وهو توحيد الله والإخلاص له، والإيمان به وبرسله.
فأساس الملة وأساس الدين في شريعة كل رسول توحيد الله والإخلاص له، فتوحيد الله والإخلاص هو دين جميع المرسلين، وهو محل دعوتهم جميعاً، وزبدة رسالتهم عليهم الصلاة والسلام ، ولما قال الرسول عليه الصلاة والسلام لقومه: ((قولوا لا إله إلا الله)) استنكروا ذلك، واستغربوه، لأنه خلاف ما هم عليه وآباؤهم،------------------ ويقول الامام محمد بن ابراهيم ال الشيخ- الدعوة إلى التوحيد قبل الدعوة إلى الفروع - إلى كافة المسلمين ...رجاء أن يتنبهوا من غفلتهم ويستيقظوا من رقدتهم ، ويصير أكبر همهم وجل بحوثهم وعامة كتاباتهم وإرشاداتهم حول تحقيق معرفة ما هم إليه أشد شيء ضرورة من بيان حقيقة ما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ، بل ضرورتهم إلى ذلك أعظم من ضرورتهم إلى الطعام والشراب ، بل أعظم وأكبر من ضرورتهم إلى النفس ، فإن المتكلمين من الكتاب والمرشدين وسواهم ممن يلم بجنس هذه الأمور قد اختلفت وجهتهم وافترقت مغازيهم في كتاباتهم وإرشاداتهم ، وذلك بحسب اختلاف وافتراق ما يدور في أفكارهم ، ويستقر في تصوراتهم ، ويحسن في أنظارهم من المهمات والأهميات ، لا فرق في ذلك بين المتكلم والمرشد الديني والمتكلم خلافه . وأجد من يتكلم عن الأمور الدينية أكثرهم أو كلهم إلا من شاء الله لا يكتبون ولا يرشدون إلا في أمور هي في الحقيقة من الفروع والمكملات ، فتجد الكاتب وتجد المرشد لا يتكلم إلا حول فرضية الصلاة مثلا ووجوب فعلها في جماعة ، أو الحج ، أو صيام رمضان ، أو الزكاة وأشباه ذلك . أو في أشياء من المحرمات كالربا والتعدي على الأنفس والأموال والأعراض وغير ذلك من المعاصي والمخالفات ، ونعم ما فعلوا ، وحسن طريقًا ما سلكوا ولكنهم كانوا عن أهم الأهم في بعد إلى الغاية ، فقد كان خير الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول بعثته ومبدأ دعوته يبدأ بالأهم فالأهم ، وأقام صلى الله عليه وسلم . بمكة عشر سنوات من بعثته قبل فرض الصلاة التي هي عمود الإسلام وما بعدها من الأركان كل ذلك في بيان التوحيد والدعوة إليه ، وبيان الشرك وتهجينه والتحذير منه . وأول سورة أنزلت عليه صلى الله عليه وسلم في رسالته سورة: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ------------ وكان صلى الله عليه وسلم يسلك في الإنذار عن الشرك والدعوة إلى التوحيد شتى الطرق ويسعى في حثه الناس لإبلاغهم ذلك بكل ما يمكنه ، حتى إنه مرة صعد على الصفا صلى الله عليه وسلم رافعًا صوته واصباحاه فلما اجتمعوا إليه قال: يا أيها الناس إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد . فحقيق بالمسلمين ولا سيما العلماء أن يجعلوا كبير عنايتهم ومزيد اهتمامهم بمعرفة حقيقة ما بعث الله به الرسل من أولهم إلى آخرهم وخاتمهم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين ، وتعليمهم ذلك ، والعمل به ظاهرًا وباطنًا ، والموالاة والمحبة والتناصح فيه ، والتواصي به ، من توحيد الله تبارك وتعالى في ربوبيته وفي ذاته تبارك وتعالى ، وأسمائه وصفاته وأفعاله ، وفي إلهيته وما يستحق من عبادته وحده لا شريك له ، وأنه ما في العالم علويه وسفليه من ذات أو صفة أو حركة أو سكون إلا الله خالقه لا خالق غيره ولا رب سواه ، وأن يوحد سبحانه وتعالى في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله ، بأن يؤمن أنه تعالى واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفْوًا أحد ، وأنه حي قيوم ، على كل شيء قدير ، وبكل شيء عليم ، وأنه تبارك وتعالى سميع بصير ، يرضى ، ويسخط ، ويحب ، ويحب ، إلى غير ذلك مما ورد في الكتاب والسنة من أسمائه وصفاته تبارك وتعالى ، فنثبت كل ما ورد في الكتاب والسنة من هذا الباب إثباتًا بريئًا من تشبيه المشبهين ، كما ننزهه تبارك وتعالى عن جميع ما لا يليق بجلاله وعظمته تنزيهًا بريئًا من تعطيل المعطلين . وأن يوحد تبارك وتعالى في ألوهيته بأن يفرد بجميع أنواع العبادة فلا يعبد إلا إياه ولا يدعى أحد سواه ، ولا يسجد إلا له ولا يتوكل إلا عليه ، ولا يرغب إلا إليه ، ولا يستعان ولا يستغاث إلا به ، ولا ينحر ولا ينذر إلا له ، ولا يخشى ولا يخاف أحد سواه ، ولا يرجى إلا إياه ، حتى يكون سبحانه وتعالى هو المفزع في المهمات ، والملجأ في الضرورات ، ومحط رحل أرباب الحاجات في الرغبات والرهبات وفي جميع الحالات ، فهذا هو مضمون أصل الدين وأساسه المتين ، شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأصله الثاني: شهادة أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم نطقًا واعتقادًا وعملاً ، وهو طاعته فيما أمر ، وتصديقه في جميع ما أخبر ، واجتناب ما نهى عنه وزجر ، وأن لا يعبد الرب تبارك وتعالى إلا بما شرعه رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن تقدم محبته صلى الله عليه وسلم على النفس والولد والناس أجمعين ، وأن يحكم صلى الله عليه وسلم في القليل والكثير والنقير والقطمير ، كما قال تعالى:
فَلا وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا