قفي.. لنفكر قليلاً
سارة بنت عبدالمحسن بن عبدالله بن جلوي
إذا أراد المسلمون استعادة دورهم الحضاري، وقيادة العالم من جديد فبم يكون ذلك؟
إن لهذا المطلب شروطاً أساسية لابد من تحققها ليكون الأمل حقيقة، لا أحلام جميلة مجردة، تكتب حولها المقالات، وتؤلف الكتب، ويرويها الخطباء على المنابر، دون أن يكون لها في واقع الحياة رصيد من حقيقة يعين على وجودها.
وفي مقدمة هذه الشروط إعادة تشكيل العقل المسلم بالصورة التي كانت عليها عقول الصدر الأول لهذه الأمة، وإعادة صياغة الفرد المسلم ليكون مسلماً ربانياً، ذلك أن "العقل المسلم قد أصيب بكسور خطيرة في العصر الراهن. ولما كان الإسلام نفسه قد أولى العقل تلك الأهمية القصوى التي تكاد تكون من البدهيات.. فإن النتيجة الطبيعية، غير المفتعلة، أن يكون (التأكيد) على إعادة التشكيل العقلي في إطار إسلامي، ضرورة ملحة وأمراً محتوماً.
إن المسلم هو (نسيج وحده) عقلاً وروحاً وجسداً ووجداناً.. ولكن منطق الأولويات قد يقضي على هذا الجانب حيناً، وعلى ذلك حيناً آخر"[1].
ويأتي السؤال لماذا التأكيد على دور العقل بالذات؟
فتكون الإجابة: لما للعقل من دور مهم في قيام الحضارات.. ولنتحقق من هذا الدور، نعرض بإيجاز لتأريخ الحضارات.
إن المتتبع لحركة التأريخ الإنساني، يجد أن الحضارات القديمة من يونانية، ورومانية، وغيرها من الحضارات القديمة نمت وتطورت وبنت لها أمجاداً كبيرة في مجالات شتى، يوم أفادت من عقول مفكريها، وقدمت علماءها، وشجعت البحث، والعلم، والمعرفة، وأنشأت إمبراطوريات سادت عصرها، وأثرت في الإنسانية حتى وقتنا الحاضر.
لكنها حضارات ركزت على جوانب عديدة في الإنسان، واضطربت في الجانب المهم من حياته، إنه الجانب الروحي - لم تكن تلك الحضارات متوازنة في مقوماتها، وكذلك لم تستند إلى الوحي الإلهي في الجانب الروحي، واعتنت بالعقل الفلسفي، أو اللاهوتي، ونمت الغرائز المادية في الجسد.
وإذا تركنا الحضارات القديمة، وانتقلنا إلى أوروبا العصور الوسطى، فإن المستعرض لتأريخ أوروبا في تلك الحقبة من الزمن، يجده حافلاً بمظاهر الانحطاط الفكري، والجمود الديني، الذي يرجع بأسبابه إلى طغيان الكنيسة، وتحكم رجال الدين؛ مما أدى إلى الحجر على العقول، وتحريم التفكير الحر، ورفض القوانين العلمية كلها، التي تعارض رؤية الكنيسة؛ فاضطهد العلماء وقتلوا، واحتدم الصراع العنيف بين الدين من جهة، والعلم والفكر الحر من جهة أخرى.
فماذا كانت النتيجة؟
انهيار حضارة، وقروناً مظلمة عاشتها أوروبا، وأخيراً انخلاع من الدين، ورفض للإيمان ولما هو سماوي كله. فلا خلاص إلا بالقضاء على كل ما يعوق العقل عن عمله، ويحجر على الفكر الحر، ثم اعتماد كلي على العقل ومعطياته، والعلم ونتائجه في بناء حضارة مادية شامخة تصدر بها قيادة العالم وتسيطر عليه.
ومع هذا فقد بقيت حضارة بلا روح، فقد الإنسان فيها أهم مقومات وجوده.
وبين الحضارات القديمة، والحضارات الأوروبية الحديثة.. أين يقف المسلمون؟
بإلقاء نظرة سريعة على ماضي المسلمين وحاضرهم، نحد أن المسلمين الأوائل استطاعوا بفضل من الله، ثم بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبنوا لأنفسهم، وفي فترة قياسية مذهلة - إذا ما قيست بأعمار الأمم - حضارة رائعة استضاءت بنور الوحي، وأعملت ملكات العقل، فأضاءت بنورها العالم كله، ودانت بفضلها الشعوب والأمم، فهي حضارة شملت الحياة بمناحيها كلها، وقدمت للإنسان مناهل رائقة مازال العالم يستقي منها حتى وقتنا الحاضر[2].
فكان لها الفضل على الحضارات قبلها، وبعدها..
لكن ماذا حدث بعد ذلك؟
بدأت قرون القحط الفكري، والوهن العقلي، وأتت عصور عجاف هوت بالمسلمين من قمة المجد إلى هاوية الانحطاط، ومن قيادة الأمم إلى آخر ركب الحضارة.. تخلف شنيع ضيع مجدهم، وأذل عزهم، وشتت شملهم، وجعلهم رغم كثرتهم كغثاء السيل، ليصبحوا أخيراً عالة على الأمم.
فما السر في ذلك كله؟ وكتاب الله ما زال بين أيديهم، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مسطرة في كتبهم، وتأريخ أسلافهم تحفل به المكتبات ويتغنى به المغنون؟
أسباب ذلك كثيرة متعددة، لكنا سنركز هنا على أحد جوانبها المهمة ألا وهو:
الجمود الفكري، والتحجر العقلي.[3]
إذا جمد الفكر، وتحجر العقل، اختلت البنية الفكرية، وتزعزعت الطروحات العقدية التي بُني عليها، وحدث الشرخ الذي يفقد الحياة توازنها، وبدأ الخلل يظهر في جوانبها المختلفة: العقدية، والعملية، والاجتماعية، والسياسية، والأخلاقية، وبدا الاهتمام بالجزئيات، والتركيز على صغائر الأمور، والاشتغال بالقضايا الجانبية، مما يستهلك الجهد ويبدد الطاقة، فتتعثر حركة المسيرة الحضارية، لغياب الوعي الصحيح، وانطفاء الفاعلية، وتوقف القدرة على استيعاب الظروف المحيطة، وحسن التعامل معها "وتختلط الأمنيات بالإمكانات، وتتراجع المبادئ، ويتقدم الأشخاص، وتنقلب الأمة إلى مجموعة من القطاعات البشرية الحزبية، أو الطائفية تختفي معها الوحدة الجامعة.. وتهتز المشروعية العليا، والأهداف الكبرى التي يجب أن تلتزم بها الأمة وتعمل لها، ويصبح الماضي بالنسبة للكثير من الأفراد والجماعات هو المستقبل الذي يعيشون عليه، ويقتاتون به، كما يصبح التأريخ الذي يجب أن تستلهم حقائقه، وتستقرأ حوادثه لتحقيق الاعتبار وإغناء التصور بالرؤية الضرورية التي تمكن من الإبصار والحكم على الأشياء المستجدة في ضوء السنن التي تحكم الحياة، والأحياء، والتي تملأ شواهدها صفحات التأريخ تصبح مهرباً ومخدراً، بدل أن تكون دليلاً ومرشداً..
وتدخل الأمة [مرحلة القصعة] وتتداعى عليها الأمم،..
..وتبدأ سلسلة من الهزائم النفسية، العملية على مختلف الأصعدة.."[4].
آثار الجمود الفكري على الفكر الإسلامي:
للجمود الفكري آثار خطيرة تزعزع كيان أية أمة، لكننا سنقتصر هنا ـ لضيق المجال ـ على أهم هذه الآثار، والتي طغت على ما سواها، وظهرت واضحة جلية في واقع المسلمين المعاصر، وبخاصة على الصحوة الإسلامية التي كانت الأمل المنشود، مما بات يهددها بالخطر.
الأثر الأول: الغلو والتطرف:
الغلو: هو مجاوزة الحد في الأقوال، والأفعال، والاعتقادات، والأعمال.
لذا، فإن الغلو والتطرف في كل شيء مذموم شرعاً وعقلاً، وهو في الدين أشد؛ ذلك أنه من العلل المفزعة التي تعمل على تشويه صورة الدين في أعين العامة، وتدفعهم للابتعاد عنه وكراهية الداعين إليه. وتشجيع أعدائه على النيل منه؛ فهو صورة سلبية خطيرة، وعلامة على السقوط في علل التدين، التي سقطت بها الأمم السابقة؛ فكانت السبب في هلاكها، قال تعالى {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ}. [المائدة،77]. ولأضراره الكبيرة، ومفاسده الكثيرة، وأنه سبب في الهلاك فقد رفضه الشرع، ونهى عنه، قال صلى الله عليه وسلم "إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين"[5]. "هلك المتنطعون"[6].
فالغلو ينحرف بالدين عن وجهته الصحيحة، ويحمله ما ليس منه، ومن ثم يفقده أهم خصائصه ومميزاته. ألا وهي: التوازن، الوسطية، والاعتدال.
مظاهر الغلو والتطرف، وأسبابها:
للغلو والتطرف مظاهر كثيرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر[7].
المظهر الأول: التعصب للرأي:
وهو التعصب الذي لا يعترف بوجود الرأي الآخر، ولا يقبل المناقشة ولا الحوار؛ لأن كل رأي فيما عدا رأيه هو رأي خاطئ؛ فرأيه صواب لا يحتمل الخطأ، ورأي غيره خطأ لا يحتمل الصواب، وهو وحده على الحق، ومن عداه على ضلال. وصاحب هذا الاتجاه يجيز لنفسه ما يحرمه على غيره.
ويصل به تعصبه إلى الجمود على فهمه وإن كان قاصراً لا يعطي رؤية واضحة للمصالح، ومقاصد الشرع، وظروف العصر، وموازنة ما عنده بما عند الآخرين، من خلال الحوار البناء، الذي ينتهي إلى الوصول للبرهان الأوضح، والرأي الأرجح، والحجة الأقوى.
أسباب التعصب للرأي:
1. ضعف البصيرة بحقيقة الدين، وقلة البضاعة في الفقه، وضيق الأفق في التفكير، وخفة الموازين في العلم.. مما يجعل المتعصب يعتقد أنه حاز العلم بمقوماته كلها، حتى صار يظن نفسه من كبار العلماء العالمين، وهو لا يملك إلا شذرات متناثرة لا تسمن ولا تغني من جوع.
2. عدم تلقي العلم من مظانه على يد شيوخه وأهله من العلماء المختصين، وإنما أخذ من كتاب، أو شريط، دون مراجعة، أو مناقشة، أو أخذٍ وردٍ، لكنه قرأ شيئاً أو سمعه ثم استنبط منه، وقد يكون أساء الفهم، أو أساء الاستنباط، دون أن يدري، ودون أن يملك المقومات التي تجعله يدري.
فالعلوم الشرعية وفقهها لا تؤخذ مباشرة دون استيفاء شروط أخذها؛ فهي بحر زاخر لا يستطيع أن يخوضه الإنسان وحده، دون مرشد يأخذ بيده، ويدله على الطريق، فيفسر له الغامض، ويرد الفروع إلى أصولها، والنظائر إلى أشباهها.. وهكذا.
3. قلة الخبرة بواقع الحياة، والعلم بالتأريخ، وسنن الله في خلقه، فتفهم الوقائع على غير حقيقتها، وتفسر وفق أوهام وخيالات لا أساس لها.
4. الجهل بمراتب الأحكام الشرعية، وأنها ليست في درجة واحدة من حيث الثبوت، ومن ثم فالاختلاف فيها جائز، ولا خطر منه ولا ضرر فيه، إذا كان مبنياً على اجتهاد صحيح، مستوفياً لشروط الاجتهاد، بل هو رحمة للأمة، وإن ساحة ما يجوز الاختلاف فيه أوسع من ساحة مالا يجوز الاختلاف فيه.
والاختلاف في الفروع أمر لا يمكن إنكاره، وهذا لحكمة اقتضاها الباري جل شأنه، وإلا لجعل الأحكام قطعية الثبوت والدلالة كلها. وقد اختلف الصحابة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من المسائل الفرعية، والأحكام العملية، فلم يعب بعضهم على بعض؛ بل واختلفوا في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم فأقر اختلافهم، ولم يوجه اللوم لأحد منهم، وذلك في حرب بني قريضة حين قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريضة". فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيهم، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحداً منهم[8].
فالمتعصب لرأيه قد نسي أن رأيه ليس أكثر من رأي يحتمل الخطأ، كما يحتمل الصواب، وأن لا عصمة لبشر، وإن جمع شروط العلم والاجتهاد كلها. ولم يكن عدم وضوح الحق هو السبب في رفض الرأي الآخر لكنه الاستعلاء والكبر والتعصب الذي لا مسوغ له.
المظهر الثاني: التشدد، وإلزام الناس بما لم يلزمهم الله به:
فالمتشدد حين يختار لنفسه الرأي الأشد في بعض المسائل تورعاً واحتياطا، لا مانع في ذلك، ما لم يجعل هذا الطريق هو مسلكه الدائم، ويحاول إلزام الآخرين به، مع ما أتاحه الله من موجبات التيسير، مخالفاً بذلك إرادة الله في خلقه، ألم يقل الله تعالى {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}. [البقرة،185].
ومخالفاً أمر الرسول صلى الله عليه وسلم القائل لأبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما حين بعثهما إلى اليمن: "يسرا ولا تعسر، وبشرا ولا تنفرا"[9].
وقوله صلى الله عليه وسلم "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا"[10].
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته"[11].
وما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثماً.
هاهو ذا خير الخلق عليه أفضل الصلاة والتسليم يطيل الصلاة إذا صلى لنفسه حتى تتفطر قدماه، لكنه إذا صلى بالناس خفف، وأمر بذلك حين قال: "يا أيها الناس إنكم منفرون، فمن صلى بالناس فليخفف، فإن فيهم المريض، والضعيف، وذا الحاجة"[12].
ومن مظاهر التشديد على الناس وإلزامهم بما يلزمهم به الله، محاسبتهم على السنن والنوافل، وكأنها فرائض، وعلى المكروهات وكأنها محرمات؛ بل قد يصل الأمر إلى المحاسبة على الحلال والمباح، واتهام العلماء إذا ما أفتوا بما ييسر على الناس، ويرفع الحرج عنهم في ضوء مقاصد الشريعة، وأحكامها.
فالمسلمون ملزمون بما ألزمهم به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حسب الوسع والطاقة. أما ما دون ذلك فهم مخيرون فيه إن شاءوا فعلوا، وإن شاءوا تركوا ولا إثم عليهم. قال صلى الله عليه وسلم "فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم"[13].
أسباب التشدد:
1. التمسك بحرفية النصوص، دون تغلغل إلى فهم فحواها، ومعرفة مقاصدها، وإغفال علل الأحكام، ومراعاة المصالح.
2. الوقوف عند فهم شخصي للإسلام، وإمكاناتهم، وتفاوت طاقاتهم، وقدراتهم على التحمل، وتجاهلهم أيضاً لقوله تعالى.. {ولا تكلف نفس إلا وسعها} [البقرة: 233]، {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} [البقرة: 286]، {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج}. [المائدة: 6].
وإذا كان الخالق وهو الشارع قد يسر على عباده ورفع عنهم الحرج، فهل يحق لمخلوق كائناً من كان أن يشدد عليهم؟ أو يجلب عليهم الحرج في دينهم؟ والعنت في دنياهم؟
المظهر الثالث: الغلظة والخشونة:
الغلظة في التعامل والخشونة في الأسلوب، والفظاظة في الدعوة، لا تفريق في ذلك بين كبير أو صغير، ولا بين من له حرمة كالأب والأم، ومن لا يصل إلى هذا المستوى من الحرمه، ولا بين من له حق التوقير كالعالم الفقيه، المعلم المربي، ولا من هو ليس كذلك، ولا بين من له عذره من عامة المسلمين، ومن لا عذر له ممن يحارب الإسلام.
فخالفوا بذلك أمر الله تعالى، وهدي رسوله صلى الله وسلم، أليس الله تعالى هو القائل: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. [النحل: 125].
وقوله تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}. [آل عمران: 159].
ألم يأمر الله سبحانه وتعالى موسى وهارون عليهما السلام بالتلطف في دعوة فرعون فقال عز من قائل {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}؟!. [طه: 43،44]
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب الرفق في الأمر كله"[14].
وقوله: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه"[15].
وقوله: "من يحرم الرفق يحرم الخير كله"[16].
وقوله: "إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي عليه مالا يعطي على العنف"[17].
ولا يفسد العنف أمراً من الأمور مثلما يفسد الدعوة إلى الله أو المناصحة، فالغلظة أو الشدة فيهما تؤدي إلى رفضهما، والوقوف منها موقفاً معانداً مكابراً، حتى وإن كان الحق فيهما واضحاً.
فالحق إن لم يقدم بالأسلوب الحسن، فلن يجد له في النفوس قبولاً.
ودوافع الغلظة والخشونة:
1) الاستهانة بالناس، وبمشاعرهم وأحاسيسهم.
2) المبالغة في الاعتداد بالنفس، وحب الظهور.
3) ضعف الدليل والحجة،وتعويض ذلك بالعنف والشدة.
4) قلة الفقه بأمور الدين، وأساليب الدعوة وآدابها.
5) تأثير الظروف الشخصية والعائلية على النفس.
6) الاندفاع والحماس غير المتبصر، وافتقاد الحكمة.
يتبع