خليك مكاني


د. عواطف العبيد


تعبيرٌ كثيراً ما نسمعه من الآخرين عند تبريرهم لما حصل منهم، فهذه تطلب منكِ أن تكوني مكانها عندما قصّرت في عملها وعوتبت على ذلك، وأخرى تريدك أن تحلي محلها إذا شعرت بالخطأ وأرادت التراجع مع حفظ ماء الوجه. وهو تعبير صحيح وتطبيقه على درجة كبيرة من الأهمية؛ فعندما تحلين مكان الآخرين تكونين أكثر تقبلاً لأعمالهم، وأكثر عذراً لهم إذا أخطؤوا، بل إنك تجدين لتصرفاتهم مبرراً - على الأقل من وجهة نظرهم- ولذلك نجد أن من أساليب البرمجة اللغوية العصبية أسلوب المواقع الثلاث:
* الذات
* الآخر
* المراقب
فإذا انتقلت من موقع الذات عند حدوث مشكلة ما وتعذر التفاهم بينك وبين الطرف الآخر، فإن رؤيتك للآخر من موقعه ستتغير وستعذرينه، أو على الأقل ستتقبلين منه تصرفه معك بعد أن كان هناك تنافر تام بينكما.
أما انتقالك إلى موقع المراقب فإنه يمكنك من رؤية الموقف من الأعلى نظرة مجردة من التعاطف مع أي من الطرفين (الذات والاخر) وهو ما يعطيك قدرة على الرؤية الصحيحة، ومن ثم الحكم السليم على الأمر، وما أحوجنا إلى استعمال هذه الطريقة للتجرد من ذاتنا حتى تكون أحكامنا الصادرة عنا أكثر منطقية فلا نندفع وراء الذات.
كما أن المداومة على استعمال هذه الأسلوب يجعلك أكثر قدرة على رؤية الحق عند حدوث مشكلة ما أو عند سماعك لقصة من طرف واحد، فأنت تضعين نفسك موضع المتحدث، وموضع الآخر الذي قد يكون الحق معه وفي نفس الوقت موضع المراقب المتجرد من الهوى والباحث عن الحق.
وهو أسلوب حكيم للتعامل مع الآخرين. وأحكم وأبلغ منه قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"(صحيح الجامع:7583). فالربط بين الإيمان وحب الخير للآخرين يجعل المرء يبتعد عن تفضيل نفسه حرصاً على كمال الإيمان.
فالبرمجة اللغوية العصبية تقدم الحل عند حدوث المشكلة. والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقطع السبل أمام حدوث المشكلة. فعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم!