يخسرون بعدم نطقهم بها

محمد رشيد العويد

بعد أن ألقى أحمد عليهم السلام سألهم: كيف حالكم؟ رد عليه نبيل قائلاً: "زين"، بينما قال سمير: "عال العال"، وأجاب هشام: "في أحسن حال"، غير أن مازناً قال: "مش ولابد".
نظر أحمد في وجوههم جميعاً ينقّل عينيه بينهم، وقد ظهر أنه غير راضٍ عن إجاباتهم.
صار بعضهم ينظر في وجه بعض متسائلاً مستغرباً: ما به أحمد؟ لماذا يبدو غير راضٍ عن إجاباتنا؟ أيريدنا أن نتحدث بالفصحى؟ لم تعجبه إجابة كل منا بلهجة بلده المحلية؟
رأى أحمد وجوه صحبه وقد علتها الدهشة فقال لهم: هل تعلمون أن كلاً منكم أضاع عليه صدقة كانت ستسجل له في رصيد حسناته؟
تسمرت عيون الصحب في وجه أحمد الذي أثار اهتمامهم وفضولهم لمعرفة كيف أضاع كل منهم صدقةّ.
واصل أحمد حديثه قائلاً: لقد سألتكم عن حالكم فأجبتم إجابات مختلفة ليس بينها الإجابة التي تكسب من يقولها صدقة تسجل له في حساب حسناته.. وهي: الحمد لله.
ولعلكم تسألون: وأين الصدقة التي أضاعها كل منا؟ لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث شريف له: "وكل تحميدة صدقة" (رواه مسلم)، وأنتم تعلمون أن التحميدة هي قول: "الحمد لله".
ثم إن قول "الحمد لله" إثقال لميزان حسناتكم يوم القيامة، ففي حديث آخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "والحمد لله تملأ الميزان" (رواه الترمذي).
وقولكم "الحمد لله" أداء لشكر نعمة الله عليكم، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الحاكم والبيهقي عن جابر رضي الله عنه: "ما أنعم الله على عبدٍ نعمة فقال الحمد لله إلا أدى شكرها، فإن قالها الثانية جدّد الله ثوابها، فإن قالها الثالثة غفر الله ذنوبه".
أرأيتم كيف فقدتم وخسرتم حين أجاب كل منكم عن سؤالي: كيف حالكم.. بغير حمد الله تعالى؟
سأل نبيل: ومتى نقول الحمد لله أيضاً؟
قال أحمد: بعد كل أكلة تأكلونها، وشربة تشربونها، وبعد كل نجاح توفقون إليه، وإنجاز تعانون عليه، وبعد كل فرج من الله لكم من همومكم، وشفائه سبحانه لكم من مرض من أمراضكم.
بل حتى بعد ابتلائه سبحانه لكم، فحمده سبحانه على البلاء فيه أجر لكم، كما قال صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن، فإن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن" (رواه مسلم) .
قال مشعل: لقد حببت إلينا عبارة "الحمد لله"، وسنجعل ألسنتنا تكررها في كل حين، نؤكد بها شكرنا لله تعالى على ما أنعم به علينا، ونزيد في رصيد حسناتنا، فجزاك الله عنا كل خير.