أختـــــاه..







فاطمة الرشودي

اشتد الهول واحمرت الحدق يوم حنين:
{ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين} [التوبة: 25].
وكان ممن ثبتوا أم سليم بنت ملحان، مع زوجها أبي طلحة الذي قتل عشرين من المشركين وأخذ سلبهم ذلك اليوم. وروى الإمام مسلم في كتاب الجهاد والسير "أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجراً فكان معها فرآها أبو طلحة، فقال: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر، فقال لها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ما هذا الخنجر؟ قالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك, قالت: يارسول الله، اقتل من بعدنا من الطلقاء انهزموا بك, فقال رسول الله: ياأم سليم، إن الله قد كفى وأحسن".
وبوب البخاري باباً جعل عنوانه "باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال" وقال ابن حجر: "ولم أر في شيء من ذلك التصريح بأنهن قاتلن". ووردت آثار عديدة في خدمة النساء المسلمات المقاتلين كحمل الماء لهم وتضميد جروحهم. وكانت قضية المرأة آنذاك عزة الإسلام وأهله، والحياة لمناصرة الرسالة والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى إنهن كن يتفاخرن بعدد من مات من أولادهن في سبيل الله.
وندرك الفرق الشاسع بين تلك المرأة الواعية المثقفة صاحبة الرسالة، والمتقدمة جداً على كل نساء العالمين بوعيها وشرف وسمو رسالتها، وبين المرأة التي انهزمت وأضاعت نفسها ودينها ومالها وأسرتها في سبيل مناصرة غير المسلمات من الكافرات والمشركات والشاذات، فهي تبذل جهدها في إنفاق مال أسرتها في إرضاء الشركات الأجنبية وبيوت الأزياء والزينة العالمية. ففي إحدى عواصم العالم الإسلامي تضاعف دخل شركة "كريستيانديور" خمس مئة ضعف خلال بضع سنوات!!
إن النساء في العالم الإسلامي يتجهن للتخلف والجهل والسذاجة مع تزايد الشهادات والدرجات اللاتي يحزن عليها، إذ تصبح قضايا إعزاز الشركات الأجنبية قضية المرأة الكبرى، ولا تدرك أنها تسعى في إفقار أسرتها وأمتها وإشغالها بالتافه والثانوي، وكلما كانت المرأة في العالم الإسلام بعيدة عن مراكز المدنية كان اهتمامها بتقليد الكافرات ومناصرة المنحرفات أكبر.
إن المرأة الغربية التي تقود نساء كثيرات في العالم الإسلامي تعتز بأمتها وثقافتها، وتاريخ نساء النصارى وأمجادهن التافهة. ولكنك لا تجد هذا الاهتمام والافتخار عند المرأة المسلمة المهزومة، فهي لا تفتخر بخديجة ولا بعائشة ولا بأم سليم ولا بحفصة ولا بفاطمة الزهراء ولا بالخنساء ولا بغيرهن من النساء اللاتي سجلن أعمالاً شهد بها كل المسلمين وغيرهم، وكتبن بأعمالهن تاريخاً مجيداً مليئاً بالعزة والكرامة، وساهمن بلا شك في فتح طريق المجد الإسلامي في عصره الأول.
أم سليم بنت ملحان رمز المرأة المثقفة المجاهدة المتقدمة. إنها إحدى الأمثلة الكثيرة والمتعددة من حياة الصحابيات رضي الله عنهن. إن سيرة هؤلاء الصحابيات جديرات بالتأمل في هذا الزمان الذي اختلطت فيه الكثير من المفاهيم والقيم الإسلامية.
أما التابعات لموضات الغرب فكراً وشكلاً، فإنهن يوقعن على أنفسهن كل أدلة التخلف والتبعية والجهل، مهما حملن من زينة وشهادات، ومهما لطخن من أصباغ تشبهاً بغير المسلمات، ولم يحرّم الله سبحانه وتعالى الزينة، وإنما نهى عن الإسراف، ونهى الإسلام عن التشبه بالكفار، واتباع غير سبيل المؤمنين.
وعلى الرغم من بداية اليقظة الإسلامية بين النساء، إلا أن أفكار التخلف والجهل والتشبه الزائف تنخر في مجتمعاتنا بالمراسلة من خلال المجلات، وعن طريق الإعلام اليهودي الذي يملك الوسائل الإعلامية، ويملك أدوات الزينة أيضاً، فيفرغ العقول بيدٍ وينتزع الأموال بالأخرى لتزيد جموع الرعاع الجاهل الفقير التابع.
آن للمسلمة الواعية أن تفكر بعقلها لا بعينها وأذنها، وأن تتأمل وتتدبر الرسالة الحقيقية للأمة المسلمة، والدور الذي ينبغي لها أن تقدمه لنصرة هذه الأمة وتقدمها، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً.