ماذا يريد منك؟!
أمل بنت محمد



ما أجمل أن يعيش المرء طاهر النفس، مرتاح البال والعقل، يعلم كل العلم أن كل ما عنده هو من عند الله تعالى..
فيخالط البشر محتسباً قوله - صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم". [صحيح سلسلة الألباني الصحيحة].
فيتخلق بالخلق الكريم، بفعل ما أمر الله به وترك ما نهى عنه، وخلق رسولنا الكريم، ويدفع الشر بالخير والسيئة بالحسنة؛ اتباعاً لقوله تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن السيئة...} [المؤمنون: 96]. فحقاً هذا خلق المسلم الصابر.
ولكن..لِمَ التخاذل عن هذه القيم عند مضض الحاسد؟ لِمَ التخاذل عن سمو الأخلاق والقيم الكريمة، فيدفع الشر بالشر، والسيئة بالسيئة. حتى تتناءى القلوب، وتشرئب النفوس بالحقد والكراهية، فتضيع عند ذلك سمة الخلق النبيل.
فهذا ربنا ـ عز وجل ـ يضرب أمثلة على صور الحسد في كتابه ومن ذلك: قصة بن آدم، عندما قتل الأخ أخاه حسداً لما تقبل القربان منه، وغير هذا من الأمثلة.
وصدق الشاعر حين قال:
اصبر على مضض الحسود فـــإن صبـــركقاتـــله
النــــــار تأكـــــل نفســـــها إن لم تجـــــد ما تأكـله
فالحسد داء عضال، لا يقابل إلا بدواء؛ لأن أصل دائه يرجع إلى تمني زوال النعمة والسعي إلى ضر المحسود.
فقد قال بعض السلف: "الحسد داء منصف، يعمل في الحاسد أكثر مما يعمل في المحسود".
وما أجمل ما كتبه الشيخ الدكتور عبدالله الجبرين، في كتاب "الحسد" وبخاصة ما ذكره ابن القيم، في اندفاع شر الحاسد عن المحسود بعشرة أسباب، وأختصرها في ثلاث نقاط:
· التعوذ بالله من شره، وتقوى الله، والإقبال عليه، والتوكل عليه ـ سبحانه ـ، والصبر على عداوته، فلا يقاتله ولا يشتكيه، فما نصر على حاسده بمثل الصبر عليه.
· فراغ القلب من الاشتغال به، والفكر فيه، فيمحوه من باله، ولا يلتفت إليه ولا يخافه، ولا يشغل قلبه بالفكر فيه، حتى يصون روحه عن الفكر والتعلق به، فإن خطر بباله بادر إلى محو ذلك الخاطر، والاشتغال بما هو أنفع.
· التوبة إلى الله، والصدق والإحسان؛ لأن لها تأثيراً عجيباً في دفع البلاء والإحسان إلى الحاسد، وتجريد التوحيد لله تعالى.
فالصبر سمة جميلة في المرء، والتحلم أجمل منه.
فكن على خلق الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يغررك كيد الحسود، فبه ترتفع درجاتك وتعلو في جنانك.
صن النفس واحملها على ما يزينها
تعش سالماً والقول فيك جميل ولا تواليــــن النـــــاس إلا تجمُّـــلاً
نبا بك دهــر أو جفـاك خليــل