كنت بلا هدف.. فأصبحت!!




ثناء مصلي

كان يوماً مزدحماً بالأعمال والحصص.. كان عليَّ بجانب تدريسي للمادة أن أقوم بأعمال المرشدة الطلابية، دخلت عليّ المراقبة وعلى وجهها علامات القلق والحزن والحيرة..
سألتها: ماذا حدث؟
قالت: لدي طالبة من الصف الثالث متوسط، من الحصة الأولى وهي تبكي وتصيح ولا تريد التحدث إلا معك..؟!
قلت لها: لا بأس، دعيها تدخل.. دخلت الطالبة وهي تكاد تنهار من شدة البكاء والخوف، نظراتها تؤكد أنها تعاني مشكلة كبيرة، ولكن لسانها يعجز عن وصفها، وحياؤها يمنعها من التحدث..
أحسنت استقبالها وهدأت من روعها وأجلستها.. وبعد أن شربت جرعات من الماء البارد بدأت أخمن ما تعانيه من مشكلات وهي تنفي.. حتى سألتها: من هو الشاب الذي خرجتِ معه؟
صعقت من سؤالي، وعادت إلى البكاء مرة أخرى وصاحت: لن ينقذني غيرك يا معلِّمتي بعد الله!!
تماسكت بقوة أمامها.. وطلبت منها الهدوء وأن تخبرني بكل شيء حتى أجد الحل المناسب. راحت تتحدث وهي شبه منهارة، وصفت لي مشكلتها وتأكدت أنها وقعت في أيدي أحد الذئاب البشرية.. وبفضل الله تصرفت بحكمة، وتقبلت اعتراف الطالبة بخطئها ورغبتها في التوبة، وقد تعاون معي أحد أقاربها، وانتهت المشكلة على خير، وتم استعادة الرسائل وصور الطالبة من ذلك الشاب..
بالنسبة لي لم تنته المشكلة، فبدأتُ معها الدعوة بالمراسلة.. رسالة كل أسبوع.. تجد فيها ما تبحث عنه، فكانت الرسالة الأولى (أريد أن أتوب ولكن؟) والرسالة الثانية (سمات المرأة المسلمة الصالحة) والرسالة الثالثة (إخلاص النية والعمل لله) وهكذا.. لاحظت حرصها على حضور حلقات الذكر في مصلى المدرسة، ثم بدأت معها المرحلة الثانية من العلاج وهي: تلخيص شريط إسلامي، ثم تلقي الملخص على صديقاتها في الصف.
كتب الله لهذه الطالبة الهداية والصلاح، وأصبحت من الطالبات المتميزات صاحبات الدور الفعال في المدرسة في الدعوة إلى الله..
وتخرجت الطالبة، ولكنها ما زالت مستمرة في طريق الدعوة، وما زالت تصلني رسائلها وهي في كل مرة تقول: لن أنساك يا من انتشلتني من الضياع.. كنت أعيش بلا هدف.. والآن أصبحت ـ بإذن الله تعالى ـ داعية واعية..