تحاسد الأقران

مرفت كامل

المتأمل في حال الساحة الدعوية قديماً وحديثاً يدرك أن الكثير من الخلافات والتصدعات في البناء الأخوي بين الدعاة مرده إلى تحاسد الأقران ونيل بعضهم من بعض، الأمر الذي يؤدي بهم إلى الوقوع في الظلم والبهتان والنزاع والشقاق والفرقة مما يجعلهمن أشد معوقات الدعوة خطورة على الفرد والجماعة.

ومن أبرز علامات الحاسد: فرحه بخطأ قرينه، وفرحه إذا ذكر عنده بسوء، وتعريضه بغيبته إذا سئل عنه، والتضايق عند تحدثه أو توجيه سؤال له، والتقليل من شأن كلامه، وتخطئته إذا تكلم، وتجاهله وعدم عزو الفضل إليه في أفعاله وأقواله، والفرح بغيابه.
لذلك أدرك السلف الصالح خطورة هذا الداء على الأمة، فأوصدوا دونه الأبواب، فعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: "خذوا العلم حيث وجدتم، ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم في بعض، فإنهم يتغايرون تغاير التيوس في الزريبة".
وقال مالك بن دينار – رحمه الله –: "يؤخذ بقول العلماء والقراء في كل شيء إلا قول بعضهم في بعض فإنهم أشد تحاسداً من التيوس".
وقال الإمام الذهبي – رحمه الله –: "كلام الأقران لا يُعبأ به، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد. وما ينجو منه إلا من عصمه الله. وما علمت أن عصراً من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين، ولو شئت لسردت من ذلك كراريس".
فلله در سلفنا الصالح؛ لمّا شخصوا الداء وصفوا له الدواء الناجع، الذي يتلخص في أن "كلام الأقران بعضهم في بعض يطوى ولا يروى".
فما أحوجنا إلى السير على خطى هذا المنهج الصحيح.