قصيدة قلتها لأساتذتي ومن علمني منذ حوالي 15 عاما
إلــــى مـــن علَّمنـــي بإخـــلاصٍ
من روح روحي وأعماقي وما فيهــــا
ومن سُويدا جَناني سوف أُزجيهـــــا

مع الـــــوداد لكــــــــم إني سأرسلها
مع الحُبارى بترنيمٍ تغنِّيهــــا

همى الوفاءُ لكم دمعاً فها هـــــــو ذا
هديةٌ لكـــمُ منِّي سأُهديهــــــــ ا

قصيدةٌ بحرُها من فيض أوردتــــــي
ومن سنا بدرِكم كانت قوافيهــــا

نظمتُها بدمائــــــــي لا بمِحبرتــــــــ ي
سلوا عيوني التي فاضت مآقيها

فطيفُكم في خيالي حين أَصقُلُهــــا
وذكركم في لساني حين أُلقيهـــا

وإن نظرتُ إلى الأسفار مُنْتَشِيــــــ ــــاً
بلذَّة العلم كنتم في حواشيهـــــا

لكم بقلبي قصورُ الحبِّ شامخـــــــةً
بنيتها ، ووفائي كـــــان بانيهــــــــا

رشَّفتموني كؤوسَ العلم صافيـــةً
والعلم يحوي من الأنهار صافيهــــــا

فكلُّ مقطوعةٍ مني مُدَبَّجـــــــ ـــــــةٍ
أُقِرُّ بالفضل – ما أحيا – لكم فيهــــا

أنتم أساتذتي ، دومـاً بذاكرتـــــــــ ي
وذي خطاكم – بعون الله –أمشيها

واحر قلباهُ ! لا شعري سينصفكـم
ولا مآثرُكم نثري سَيحصيهــــــا

أبقى خويدمَكم كم ذا يشرِّفنــــــي
وطفلَكم ما حدا بالعيس حاديهــا

وشعريَ اليوم يسمو حين أشكركم
فإنكم خير ذي الدنيا وما فيهــــــا

لأنَّ منهجَكُم في العلم منهج مــــــن
رقى السمواتِ حتى زادها تِيْهـــــــا

فطلُّكم إن أتى صحـراءَ مجدبـــــــــةً
لا نبعَ فيها غدت خُضْراً بواديهـا

سلوا عقولَ العطاشى كلما صَدِيَــــتْ
من الذي من فراتِ العلم يسقيها ؟!

زهوركم في بقاع الأرض قد نُشِــــــــــر َتْ
تدعو إلى الله ، مِسْكٌ ضاع من فيهـــــــا

رياضُ طلاَّبِكم أطيارُها صدحــــــتْ
أرى شذا فضلِكم غشَّى روابيهـــــــا

معلمِيَّ لكـــم في القلــــــــب منزلــــــــةٌ
في خافقي ، لا مرورُ الدَّهر يُبليهـــا

فبعضكم جاوز السَّبعين في جســــدٍ
لكنَّ همتَه ، روحُ الصِّبا فيهــــــــــــ ـــا

وبعضكُــــم في الليالي كم أسامُـرُه
وروحه الآن تسمـــــــــو عندَ باريهــــــــا

معلميْ دائمــــاً إن نابنــــــــا ظمأ
فماءُ جودك للألبــــــابِ يرويهــــــــا

معلميْ هـــــــادمٌ ظلمــــــــاءَ أمتنا
لكنه لصروح النُّــــــــــ ور بانيها

معلميْ كوكبٌ وضاءُ في خَلَدي
أرى الثُّريــــــا توشِّيــــــــه دراريها

معلميْ يا شعاعاً أنت مـــن قمــــــــــرٍ
تنير في ظلمة الدُّنيــا أراضيهــــــــا

أستاذَنا أنت دوماً كحلُ أعيننـــــــــا
فإن تواريت كاد الشَّوقُ يكويهـــــــــا

إن ماتَ حيُّ بداءِ الجهل كنت لــه
نعم الطبيبُ ، فنفسُ الميْتِ تُحييهــــا

ففيك يعلـو بنـــــــــا مجــــــدٌ لأمَّتنـــــــا
وفيــك تَرقى إلى أعلـــــــى أعاليهـــــــــ ا

ونبْعَةُ العلـــــم ، إن أفنانٌها ذبُلَــــــــــ ت
فأنت من أنهر الأخلاق تسقيهــــــا

وفيك صارت جبالُ العلمِ باسقـــــــــةً
فأنت بالصَّبر والإخلاصِ تُرسيهـــا

يا وارثَ المصطفى ، أجيالُ أمتنـــــــا
أمانةٌ ، درَّةٌ ، كن أنت راعيهــــــــــ ـــا

أطفالنا اليوم غرسٌ في خمائلكــــم
فأحسنوا الرِّيَّ تهذيباً وتوجيهـــا

معلمَ الخير لا تيئسْ وضع أمـــــــــلاً
أمانةُ العلم ، أنتم مَنْ يؤدِّيهــــــــ ـــــــــا

أمانة العلم ، بعضُ الناس ضيَّعهـا
فذي اليتامى ، بعلمٍ مَنْ يواسيهـــا؟!

فأدعياء العلوم اليوم قد كَثُـــــــروا
تُرى ، كلومُ الحيارى من يداويهـا؟!

شتَّان بين الذي يُقْـــري بخافقـــــــــه
طلابَه – فهْو من روحٍ يُغَذِّيهــــــ ــــا

وهـــــــــمُّ طلابــــــــهِ حُزْنٌ يهدهده
أنقى الوصايا لهم دوماً ينقِّيهـــــا

قراهُمُ من جنى عمرٍ مضى نَصبــاً
لكي يراهم بدوراً يزدهي فيهـــــــا

وبين من لا يبالي ، درسُـــــهُ عبث
وهمُّهُ ثــــــــررةٌ منهـــــــم سيجنيهـــــــــ ا

كم ضيَّع الوقتَ هذراً ثم سخريةً
يَغُشُّ أبنــــــــاءَه ، زوراً يغشِّيهــــــــ ا!!

ضميره مــاتَ ، لا نصحٌ يحركــــــــه
واحسرتا ! حالةٌ للنفس تُشْجِيهـــا

وذاك ينهى عن الفحشا ويأتيهـــــــا
يحذِّر الناس بئـــراً واقعــــاً فيهــــــا

و ذاك لا يتقن الفصحى ، يعلِّمهـا
فالضادُ تبكي ، ولا شيئ يُسَلِّيهــا

والنحو يهمى دموعاً قال : وا أسفـــي !
على الفصاحة من منكم سيرثيها؟!

لحنٌ قبيحٌ أداة الجرِّ قد نصَبتْ!!؟
جُنَّ ابنُ جني وسيبويهِ يَبْكيهـــــــا

جوامع الكَلِــــــمِ العظمى بسنَّتنـــــــا
وراثة المصطفى قد فاز جانيهــــــا

يبغون فصحى بغير الذِّكر قد خســـروا
آيـــاتُ قرآننـــــــا للضَّــــــادِ تحميهــــــــا

إن أنتَ لم تقرأ الآيــــــــاتِ معربة
تنح عنها و ( أعط القوس باريها )

أرى البلاغة ، (جرجانيُّ) يندبهــــــا
ويا ( خليلُ ) القوافي من يعزِّيها؟!

فقال قد كسَّروا للشعــر أعمـــــــدةً
دعائمُ الشعر يهتزُّ الأسى فيهــــــا

وغمَّضوا، أبهمـــوا،لاشيَ عندهمُ
و دبَّحوا الشِّعـــرَ تزييفاً وتمويهـــــــــ ا

إن قلتُ يا قومِ قولوا أين صورتُكــــــم ؟!
أجابَ شاعرهم: في القلب أخفيها!

الشعِّّر فـــردوسُ أخــــــلاقٍ تزيننا
لا لغوَ لا إثمَ يجري في مجاريهــا

رسائلُ الشعر لا الإبهــــام يكتبهـــــــا
ولا الطلاسِمُ _يا قومي _توشِّيهـــا

لا أنكر الشِّعر حراً طائـراً عبقا
مرفرفاً في سما الفصحى وواديهــا

يَحسُّ بالبائس المحـــروم يُسعِــــــــدُ ه
وذي الثَّكالي ينسيهــــا مآسيهــــــــــ ا

لا فحشَ يحوي ، نقيَّاً طاهراً سَلِســــــاً
عذباً نَميراً. رياضُ الطُّهرِ يسقيهـــــا

هذا هو الشِّعر في الإسلام فانتبهـــــــــ وا
وروحنــــــا شعـــــــــرُ حســــانٍ يغذيها

وفـي الختــــام لكــــم منــــــي أساتذتي
إضمامةٌ من جنانِ الودِّ أجنيهــــــــــ ـا

دروسكم من صميمِ القلــــب منبعُهـــــــا
إلى شغافِ قلوبٍ حبُّكـــــم فيها

هذا الــــذي أسعفتني فيـــــــــه قافيتـــــي
وإن قدِرت لكم روحـــــــي سأعطيها

قصيدةٌ موجُها من بحــــــرِ عاطفتي
فإن هفوتُ فقاضي العذر قاضيهـــــــا

مصطفى قاسم عباس (ديوان صور من مأساتنا)